الفصل الحادي والأربعون
[… الناس في فهم الطاو ثلاثة أصناف:]،
العبقري، الذي
تفتحت مداركه
على دقائق أسرار الطاو،
فصار وعيه،
هاديًا لأفعاله.
[… والثاني:]،
النجيب، الذي
أنصتَ، فتيسَّر له من الفهم شيء،
وانغلقت عنه أشياء.
[… والثالث:]،
الساذج، الذي
احتجبت عنه المقاصد،
فتسفهت أحلامه؛
فهو لا يذكر الطاو إلا هازئًا ساخرًا،
لكنها السخرية التي استصفت للطاو مشربه،
فأزالت عنه كدر شوائبه،
فمن ثَم جرى القول القديم،
من الأزل؛١
بأن أوضح سبل الطاو،
هي أخفى سراديبه،
وساطع أنواره،
هو أحلَك دفائن أسراره،
مسعى الرجاء في تطلعات آماله،
هو مسرى الخذلان في ذلِّ نكوصه،
أسهل دروبه هي أوعر المسالك إليه،
وأعلى مقامات نعوته،
هي أدنى ينابيع خصاله،
أكرم صفاته لا تفي بأدنى حد الكفاية،
وأصلب عزائمه إرادة مهزولة،
دبَّ في أوصالها الوهن،
صادِق إخلاصه هو أخبث سرائره،
وأطهر أثوابه هو أردأ أسماله،
أقْوَم أركانه ركامٌ مائلٌ،
وأعدل أحكامه ظلمٌ جائرٌ،
أثمَن طاقاته هي أقصى مبلغ جهده،
أجهر أصواته هو أخفت رجع أصدائه،
أعظم دلائله إشارات زائلة بغير أثرٍ،
[… ذلك هو شأن الطاو دائمًا:]،
فهو مستورٌ بأبطن بواطن الخفاء،
محجوب الاسم، خفي الإشارة،
ليس سوى الطاو [… الذي بهذا المعني]،
هو الذي أبدع الأشياء كافة،
ثم أتمَّ كل شيءٍ على وجه الإحكام.
١
أخطأت إحدى الترجمات الإنجليزية في نقل هذه
العبارة؛ ذلك أن المترجم لم يفهم المعنى الكلاسيكي
لكلمة chien
yen التي يُقصد بها معنى «قيل
قديمًا …» ونقلها بوصفها اسم علم، هكذا … «وحسبما
جاء على لسان تشيان يان …» وهذا خطأ جسيم،
والصحيح ما أوردتُه في الترجمة العربية التي بين
يديك. راجع النسخة الإنجليزية: D.C. LAU TZU TAO TEI,
Penguin Books: 1963,
p. 102. (المترجم)