الفصل الخمسون
الناس في خطِّ البقاء على ظهر الحياة
ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: المعمرون.
الصنف الثاني: قصيرو العمر.
وثالثهم: الحريصون على البقاء،
الذين أذهلهم الحرص على الحياة،
فتأرقت خواطرهم، فماتوا قبل الأوان.
لكن لماذا يدركهم الموت،
وهم الحريصون على الحياة؟
لأنهم تجاوزوا الحدَّ، حتى أسرفوا في اختراع أساليب
النجاة،
وكنت سمعت القائل يقول:
إن المنعَّمين بطول البقاء [… الحريصون
الأذكياء]،
لا يهابون أن يلاقوا في طريقهم، إذا مشوا،
نمورًا ولا أسودًا [= نمرًا أو وحيد القرن]
ولا تمسهم الحِراب، إذا حاربوا، بأدنى أذى؛
فلا النمور تتنمر بهم،
ولا الأسود تنشب فيهم الأظفار،
ولا الحراب تنوشهم بقاطع نصالها،
فكيف؟ ولماذا لا تفتك بهم كل تلك المهالك؟
لأنهم جبنوا عن اقتحام مواطن الهلاك،
وجردوا نوازعهم عن ملاقاة وجه الخطر.