الفصل السابع والخمسون
في الطاو صفوة التدابير وأدقُّ المعايير النافعة،
في سياسة شئون الممالك؛
وفي فنون الحرب، طرائق متنوعة للقتال،
تضمن تحقيق النصر؛
وفي [… فلسفة] العمل بمقتضى أحكام الطبيعة،
ما يصلح لإدارة شئون الدنيا بأسرها،
فما السبيل لبلوغ تلك الغايات؟
فانظر الآتي تبلغ غايتك:
[… اعلم أنه] كلما زادت النواهي والتحريمات،
في مملكة من الممالك،
ازداد الناس بؤسًا وفقرًا؛
وكلما حرص الناس على اقتناء أسلحة حادَّة النصال،
تفشَّت الفوضى والجريمة،
وكلما ازداد الناس فطنةً وذكاء،
تعدَّدت ألاعيب الدهاء والغش والحِيَل الشيطانية؛
وكلما صارت اللوائح القانونية أكثر صرامة،
وتغليظًا للعقوبات،
استفحلت الجريمة وتعددت وقائع الجنايات؛
فلذلك يقول العاقل:
«لن تنزع بي إرادة نحو أي شيءٍ»،
[… بل سأدع الأمور لمواقيتها]،
فالناس هم الذين ستتبدل بهم الأحوال حتمًا،
ولئن لبثت بمقام السكينة
[فلعلها تخمد ثائرة كل اضطراب]،
فستستقيم أحوال الناس عن عوجٍ،
ويرجع إلى جادَّة الصواب كل مَيْل؛
ولئن أحجمت عن التدخل فيما يناقض مساق طبع
الطبائع،
فسيطيب العيش،
وتزدهر الحياة لكل حيٍّ؛
ثم إني سأحفظ أهواء نفسي،
عن أن تسنح فيها غوايات اشتهاء؛
وحينئذٍ، تصير كل نفسٍ،
نقيةً نقاء طهرٍ،
طاهرةً، طهارة قبسٍ من نور.