الفصل الثامن والخمسون
إذا كان الحاكم طيبًا متسامحًا،
صار الناس أغبياء ساذجين؛
فإذا كان فظًّا قاسيًا،
ألفيت الناس خبثاء مُحتالين،
[… فتأمل ذلك]؛
إنها لا تأتي النكبات،
إلا وفي أذيالها بشائر الفرج؛
ولا يرد وارد السعادة
إلا جالبًا، طي أكمامه، علقم الشقاء؛
[… هي دائرةٌ أزليةٌ دائمة الدوران]
فمَن ذا يعرف حدَّ النهاية؟
مَن ذا يملك معيارًا،
نعرف به تبدلات حظوظ النفس من تلك الأشياء؟!
[… فافهم ذلك!]،
الاستقامة وصف لا يتسرمد؛
فإن مديد الاستقامة يتبدَّل يومًا،
عوجًا شائهًا؛
والصلاح، لا بد منقلب يومًا،
إلى شر الفساد؛
وقد طال على الناس أمد الحيرة،
وغاب الفهم في غياهب الغفلة؛
لذلك، فالحكيم العاقل
هو مَن استقامت وجهته بغير تزمُّت،
واحتدَّت نصال إرادته؛
شحذًا للعزم،
لا جزرًا للرقاب؛
قد تنزه نعته [… عن كل حدٍّ أقصى]،
فلا هو حائز أتم السجايا،
ولا هو موصوم بأخسِّ الخصال؛
ساطع أنواره ضياء مشرق،
في جلاء البصيرة،
وليس وهجًا باهرًا،
يخطف الأبصار.