الفصل الحادي والستون
على الممالك الكبرى ذات القوة والسيادة،
وبهاء الملك والسطوة والسلطان،
أن تتواضع حتى تحاذي أدنى مقام،
بين البلدان؛
فهي بمثابة البحر الكبير الواسع،
فكأن البلاد تعاريج أنهار تركض،
نحو أدنى مصابها؛
وكأن الممالك شطآن بحر،
تراجعت فتدنَّت حتى استوت،
عند أسافل مصبِّ الأنهار؛
فلا بأس من ضعة تذل لديها الذرى،
ولا خير من تدنٍّ تبوء إليه العوالي،
[حرفيًّا = ولطالما استكانت الأنثى وخضعت
لامتلاك سطوة آجلة]
ومن ثَم، فوقوف الممالك العظمى،
موقف التواضع إزاء البلدان الصغيرة،
برهان للثقة،
ثم إن التقدير بذات المعيار،
بإظهار وافر الاعتبار،
نحو طواويس المجد العالي،
أباطرة التاج وسادة الممالك،
خليق بعقد مواثيق الأمن والاستقرار؛
فلذلك، يصير ما بين الطرفين
مساجلة في تباين الثقة؛
فهذا متوسِّلٌ بخفيض جناح العزة،
وبطلبه آخذ؛
وذاك مستوثق بجناح التوقير،
ولشرف عزته مقيم؛
ثم إن الممالك ما فتئت تسعى لمَن يمشي في ركابها،
والنصرة مبتغاها في كل حالٍ؛
وصغار البلدان ما برحت تتطلع لمَن يحميها،
والأمن رجاؤها في حينٍ بعد حين؛
[… وباستدامة الاحترام المتبادل بينهما]،
فكلٌّ بالغٌ مبتغاه،
غير أن الوقوف موقف التواضع،
هو أجدر ما ينبغي
ألا تحيد عنه الممالك كلها.