الفصل الثالث والستون
اغلل يدك
عن أن تفعل ما أنت فاعل،
ففعلك، لا فعل.
احفظ خاطر قلبك،
أن يسنح فيه شاغل يشغلك،
فمبلغ همك، ألا تهتم.
انزع من فمك،
مستساغ اللَّذة،
وقابض المُر،
فمذاقك، لا مذاق.
أرأيت
لو جعلت القليل كثيرًا،
والصغير كبيرًا،
وجازيت المسيء إحسانًا،
[… أما كان ذلك يزيدك استبصارًا؟]؛
إنما تُجتث الصعاب في بدء نبتها،
وتبدأ صروح الهمم والآمال الكبرى،
بوثبةٍ من وثبات الخاطر؛
إنه ما صار الصعب صعبًا،
إلا لأن السهل كان أول مبتدا إنشائه؛
فذلك، لا تبلغ عظام الأمور،
غاية المرتقى،
إلا بما ابتدرت من أدنى خطى،
في مبتدا تعينها،
ثم إنك تجد العاقل،
في حال التواضع أبدًا،
بينما حظوظ المجد،
تسلك إليه كل سبيلٍ؛
[…]
الوعد السهل،
مشقة عند الوفاء،
مَن رأى الأمور في مرايا اليسر،
باغته العسر في أنكد خبايا المقادير؛
فلذلك، ينظر العاقل مليًّا في وجه الصعاب،
ثم إذا احتدَّ منه البصر،
انجلت الحيرة وسقط القناع؛
فزال كل كدر،
وانفرج كل كرب.