الفصل الخامس والستون
لم يكن العالمون الحكماء
شيوخ الطريق [… الطاو]،
فيما سلف من الزمان،
يتخذون الطاو
سبيلًا لإيقاظ الفهم،
وتهييج كوامن الفطنة لدى الناس،
بل كانوا يحجبون به الأفهام،
فيصدُّون عن خبث القرائح،
اتقاءً لصولات الذكاء،
وشرور العقل النابِه،
إنه ما استعصى إخضاع شعبٍ،
إلا بما حاز من عبقريةٍ ودهاء ونبوغ؛
فلهذا، لا يتسلَّط سلطان الحكمة،
إلا ابتُليت الأوطان بالمحن والكوارث،
ولا يسلك السالك
ببراءة ساحة الوجدان،
وساذج القلب الغُفل،
إلا فاضت على البلاد حظوظ الرخاء؛
فتأمل هاتين الدلالتين،
تجد فيهما حدَّ المعيار،
فالزم ذلك الحد،
فهناك أسمى الفضائل،
وأخفى خزائن المعنى،
في خبايا كنز أسرار.
فإذا السر تجلَّى:
لاح طريق لا يطرقه السائرون،
طريق، غير الطريق،
رجوع إلى المبتدا؛
فكل طريقٍ واصلٌ،
وكل خطوٍ عابر،
وكل دربٍ بالِغ
قصد المنى.