الفصل السادس والستون
ما صار البحر مصبَّ أنهار شتَّى،
إلا بما احتشد لديه من دفق الجريان،
وهو في أدنى مقامٍ،
[… فهكذا]، لا يتسيَّد العاقل،
ولا يتقلد سطوة الحكم في الممالك،
إلا بما استنزل نفسه منازل الهوان،
ونطق عنه لسان التواضع والخذلان.
اعلم أنه لا يقود الحشود
إلا مَن سار خلف صفوفها؛
وأن العاقل من إذا
وقف، حتى، فوق الأعناق،
لم تستشعر الرءوس عبء ثقله،
فإذا تقدم الصفوف،
تواثبت في إثره جحافل التأييد؛
فلا معترض ولا ساخط،
فلذلك، تمجده الجموع،
عن طيب نفس،
فلا يسأم منه البقاء،
ولا يبتذله طول الأبد؛
ثم إن العاقل،
لا يطأ ساحة نزاعٍ،
ولا ينزل منزل مشاحنة،
فلهذا، لا تجد له على وجه الأرض خصيمًا.