الفصل السابع والستون
قال قائل الناس:
إن الطريق [… الطاو]،
الذي تحدَّثت عنه،
ليس إلا محض عماء،
مديد الأرجاء؛
فليس له في شاهد الوجود نظيرٌ،
متعين بالحس المادي الملموس،
[… وبالطبع]، فهو محض امتداد
بغير مدى،
لأنه غير متعين
بجرم ماديٍّ محسوس،
أما لو كان متجسدًا،
حاضر الهيئة،
مشهود القناع الحسي الماثل،
لَجرى عليه جريان المقادير
واستهلكته الأوقات،
وصار أضأل من أحقر خردلةٍ؛
ما اكتنزت سوى ثلاثة كنوزٍ باقياتٍ:
أولها: الشفقة في قلب رحيم.
وثانيها: الكفُّ عن الإسراف.
وثالثها: الخشية من استباق الخطى،
[= التنائي عن جموح الوثبة إلى مقدم الصفوف]،
فالرحمة مستهل الشجاعة،
والاقتصاد أول الكرم،
والخشية من استباق الناس،
مبتدأ التسيد والزعامة؛
أما وقد صار الطالب يطلب الشجاعة دون الرحمة،
والتوفير دون السخاء،
والسيادة دون الإيثار،
فما أسوأ العاقبة؛
وقد دنا داني الموت،
وأحدق الهلاك؛
ثم إن وارد الرحمة،
مدد بالنصر في ساحات
الحرب الهجومية،
وأمد بتحصين قلاع الدفاع الراسخة،
وإذا قُيضت السماء،
لذي الشقاء نجاته،
أسدلت عليه ستر الرحمة والوقاية،
وأرخت له عنان البقاء.