الجمهورية المُثلى
«إن الدولة جملةُ تجاربَ إنسانيةٍ تجلَّت فيها صورةُ الأمة المثلى تجلِّيًا تدعو به مَن تمثَّلت فيهم إلى الإفصاح عنها، مع ما تستلزم هذه الدعوة من عملٍ لرفعِ العثرات في سبيل هذا الإفصاح.»
شَغلت فكرةُ الدولة التجمُّعاتِ الإنسانية منذ أزمنة بعيدة؛ فمع تشابُك العلاقات وتداخُل المعامَلات، أصبحت فكرة التنظيم والإدارة أمرًا مُلحًّا للمجتمعات الناشئة، تساوت في ذلك المجتمعاتُ الزراعية والصناعية والساحلية والبدوية. سَعَت هذه المجتمعات إلى المِثالية أغلبَ وقتها، وتبلوَر هذا السعي في الوقوف على أُطُر الدولة الأخلاقية؛ الحق، والعدالة، والشريعة، وعلى مُثُل الدولة العُليا التي تتبنَّاها، مثل الأُخوَّة، والمساواة، والحُرية. وبالرغم من أن مؤلِّف الكتاب ينطلق من طبيعته القومية العروبية، فإنه جاء بسِفرٍ تَغلِب عليه الفلسفة؛ فحين أراد أن يكتُب عمَّا ينشده العرب من إقامةِ دولةٍ تُعيد مجدهم التليد، ودولتَهم المفقودة، أتى بما يجب أن تكون عليه الدولة المنشودة، مُستقيًا من وجدان العرب القدماء ما يبعث على استفزاز الشعوب للسعي نحوَ المِثالية المفقودة، قبل الدولة المفقودة.