أول بداية القول
الحمد لله …
الذي جعَلَ سيرة الآباء وتاريخ الأجداد … عبرةً تنير طريق الأولاد، وخبرة يتوارثها الأحفاد. ولمَّا كانت سيرة «بني هلال» من أجمل ما رواه الرُّواة، ومن أحلى ما تغنَّى به الشعراء في الأفراح وليالي السهر وأمسيات السَّمر، وتناقلتْها الأجيال عبر السنين، وحفظتْها ذاكرةُ المصريين وغير المصريين؛ لذا وجدنا أنَّه واجبٌ لا غِنَى عنه أن نُعيد روايةَ أجملِ ما جاء فيها من حكاياتٍ إنسانية وصورٍ ونماذجَ بشريَّة في أكثر مناطقها وأحداثها درامية … في صياغةٍ جديدة تناسب مزاجَ الأجيال الجديدة وبطريقةٍ ممتعة ومفيدة، محاولين الاحتفاظَ لها بطبيعتها القديمة الفريدة.
لكيلا نَتُوه في تفاصيلها العديدة ودروبها المتعددة المديدة … باختيار المناسب من بين تلك التفاصيل، ما له معنًى إنسانيٌّ خالِد ودائم، وما يحمل من سِماتِ الصِّراع الدرامي بين الخير والشرِّ وبين الموهبة والغباء … وما بين نزعات العُدوان وأحلام العيش في سلام، وما بين حبِّ الوطن وآلام الغربة … بشرط ألَّا يُغفِل هذا طرافَتَها وسِحْرها وغرابتها … ولا نُهمِل ما بها من متعةٍ وإثارة … وغير ذلك من السمات والصفات التي جعلتْ منها سيرةً متفرِّدة بين غيرها من السير الشعبية التي حفظتْها لنا ذاكرةُ الشَّعب، وبحيث يَقرَؤها الصِّغار والكِّبار، فلا يملُّون ما احتوتْ عليه في شكلها القديم، من تفصيلٍ وتكرار، ولا يفقدون مع الصياغة الجديدة ما كان لها من سِحرٍ ولا ما احتوتْه من أسرار، ولا ما ذخرت به من قِيَم وأفكار … وما حوتْه من إثارة وتشويق، وبطولاتٍ وشخصياتٍ حيَّة مؤثِّرة … لنُنعِشَ بها ذاكرة الأجيال الجديدة، ونضَعَ في عقولها بصيصًا ولو خافتًا من الاستنارة … والإيمان بإنسان هذا الوطن على مرِّ الأزمان.
سائلين اللهَ أن يمدَّنا بالصبر على تحمُّل الجهد الذي تحتاجه المهمَّة، وبالقدرة على حَمْل الأمانة وما تتطلَّبه من صِدقٍ وهمَّة.