من بركاتٍ إلى سلامة
قال الراوي …
بعد أن تغلَّب بركاتٌ على رزق وتمكَّن من أَسْره، وغلَبَته المفاجأة على أمره.
قال «بنو هلال»: كنا نظنُّ أنَّ رزقًا أفرسُ بني هلال، ولكنَّ بركات تغلَّب عليه … وبانت له علامة؛ فليكن اسمه من الآن بين الرجال … «سلامة»!
قال الراوي …
وهكذا أصبح «بركات» … «سلامة»!
فمتى يُصبح من «بني هلال»، ومتى يصير «أبو زيد»؟ متى يصير «الهلالي»؟!
ثم أنشد يقول:
قال الراوي …
أمَّا ما كان من أمْر الأمير رزق؛ فقد حمَلَه ولدُه أمامه على الحصان أسيرًا.
ومضى به كالبرق حتى صار أمام خيمة أمِّه فأنزله … ودفَعَه إلى الأمام. وحين شاهدتْه أمُّه يدفع والده نهرتْه قائلة: عاملْ أباك باحترامٍ يا ولد.
وأسكتَتْه حين حاول الكلام فسكَتَ في كمد. وهنا جثا رزقٌ على ركبتَيه أمام «خضرة» وقال: سامحيني يا ابنة «الشريف» … ظلمتُك وظلمتُ ولدي … بل ظلمتُ نفسي أكثر.
بكتْ «خضرة» ومدَّت يدها إليه … لترفعه من كبوته واقفًا على قدمَيه.
ونظرتْ بقوة في عينَيه … وقالت: الظُّلم يا رزق ساعة … والحقُّ والصدق أقوى إلى يوم الساعة.
وهنا بكى رزقٌ وحاول أن يحتضن بركات؛ لكنه امتنع عليه … ودفَعَه بعيدًا بذراعه.
قالت خضرة: رفقًا بأبيك يا بركات … واستجبْ لنداء الدم في عروقك.
ساعتها أخفي بركاتٌ ضعفه بغضبٍ شديد. مُخفيًا بصعوبة، الدموعَ التي تساقطت من عينَيه … وجذَبَ رزقًا بقسوة ودفعه أمامه … وهو يصيح: ليس هذا أبي … فأنا لم أكُن له ابنًا في يوم من الأيام … أبي هو الملك الزحلان … الذي لم أرَ منه يومًا أيَّ فعلٍ قبيح.
ووقفتْ «خضرة» تراقبه في صمت وهو يدفع أمامه بأبيه الأسير … نحو خيمة أبيه الراقد جريحًا جرحَ الموت فوقَ السرير!