حرف اللام
لبنى بنت الحباب الكعبية
كانت أحسن نساء زمانها وجهًا، وأرقهنَّ شمائلَ، وأعذبهن منطقًا، وألطفهن إشارة، ذات فصاحة وأدب ومعرفة بأشعار العرب، وهي صاحبة قيس بن ذريح العذري، رضيع الحسين بن علي بن أبي طالب.
وكانت سبب علاقته بها أنه ذهب لبعض حاجاته فمرَّ ببني كعب وقد احتدم الحر، فاستقى الماء من خيمة منهم، فبرزت إليه امرأة مديدة القامة، بهية الطلعة، عذبة الكلام، سهلة المنطق، فناولته إداوة ماء، فلما صدر قالت له: ألا تبرد الحر عندنا؟! وقد تمكنت من فؤاده، فقال: نعم، فمهدت له وطاء، واستحضرت ما يحتاج إليه، وجاء أبوها، فلما وجده رحب به ونحر له جزورًا، وأقام عندهم ضياء اليوم.
ثم انصرف وهو أشغف الناس بها، فجعل يكتم ذلك إلى أن غلب عليه، فنطق فيها بالأشعار، وشاع ذلك عنه، ومر بها ثانيًا، فنزل عندهم، وشكا إليها حين تخاليا ما نزل به من حبِّها، فوجد عندها أضعاف ذلك، فانصرف وقد علم كل واحد ما عند الآخر، فمضى إلى أبيه فشكا إليه ذلك، فقال له: دع هذه وتزوج بإحدى بنات عمك، فغمَّ منه، وجاء إلى أمه فكان منها ما كان من أبيه، فتركها وجاء إلى الحسين بن علي بن أبي طالب وأخبره بالقضية، فرثى له والتزم أن يكفيه هذا الشأن، فمضى معه إلى أبي لبنى، فسأله في ذلك فأجاب فقال: يا ابن رسول الله، لو أرسلت لكفيت، بَيْدَ أن هذا من أبيه أليق، كما هو عند العرب.
فشكره ومضى إلى أبي قيس حافيًا على حر الرمل، فقام ذريح ومرغ وجهه على أقدامه، ومشى مع الحسين حتى زوَّج قيسًا بلبنى، وأدى الحسين المهر من عنده، ولما تزوجها أقاما مدة مديدة على أرفع ما يكون من أحسن الأحوال، ومراتب الإقبال، وفنون المحبة، ولكن لم تلد لُبنَى، فساء ذلك أبويه، فعرضا على قيس أنه يتزوج بمن تجيء بولد؛ وذلك أحفظ لنفسه، وأبقى لماله، فامتنع امتناعًا يُؤذن باستحالة ذلك وقال: لا أسُوؤُها قط! وقام يدافعهما عشر سنين إلى أن أقسم أبوه أن لا يكنه سقف إلا أن يطلق قيس لبنى، فكان إذا اشتد الحر يجيئه فيُظلُّه بردائه، ويصلي هو بحرِّ الشمس، حتى يجيء الفيء فيدخل إلى لبنى فيتعانقان ويتباكيان، وهي تقول له: لا تفعل فتهلك، إلى أن قدَّر الله وطلَّقها.
فلما أزمعت الرحيل بعد العدة جاء وقد سأل الجارية عن أمرهم فقالت: سلْ لُبنى، فأتى إليها فمنعه أهلها وأخبروه أنها ترتحل الليلة أو غدًا، فسقط مغشيًّا عليه، فلما أفاق أنشد:
فلما حُملت إلى المدينة يئس قيس واشتد شوقه، وزاد عزمه، وأفضى به الحال إلى مرض ألزمه الوساد، واختلال العقل، واشتغال البال، فلام الناس أباه على سوء فعله، فجزع وندم وجعل يتلطف به، فلما أيس منه استشار قومه في دائه، فاتفقت آراؤهم على أن يأمروه يتصفح أحياء العرب، فلعل أن تقع عينه على مَن تسليه عن حب لبنى، ففعل حتى نزل بحيٍّ من فزارة، فرأى جارية قد حسرت عن وجهها برقع خزٍّ وهي كالبدر حسنًا، فسألها عن اسمها، فقالت: لبنى! فسقط مغشيًّا عليه، فارتاعت وقالت: إن لم تكن قيسًا فمجنون، ونضحت على وجهه الماء.
فلما أفاق استنسبته فإذا هو قيس لبنى — وكان أمرهما اشتهر في العرب — وجاء أخوها فأخبرته، فركب حتى استردَّه وأقسم عليه أن يقيم عنده شهرًا، فقال له: لقد شققت عليَّ، وأجاب. فكان الفزاري يعجب به ويعرض عليه المصاهرة، حتى لامته العرب وقالوا: نخشى أن يصير فعلك هذا سنة في العرب! فقال: دعوني؛ ففي مثل هذا فليرغب الكرام! وألح عليه وزوَّجه بأُخته، فلما بلغ لبنى قالت: إنه لغدَّار، وإني طالما خطبت فأبيت والآن أجيب.
وكان أبوها قد اشتكى قيسًا إلى معاوية وقال: إنه يشبب بابنته، فكتب إلى مروان يهدر دمه، وأمره أن يزوج ابنته بخالد بن خلدة الغطفاني، ففعل، وأجابت حين علمت بزواج قيس، فجعل النساء يُغنِّينها ليلة الزفاف:
ولما بلغ ذلك قيسًا اشتد به الغرام، فركب حتى أتى محل قومها، فقالت له النساء: ما تصنع بهذا وقد رحلت مع زوجها؟! فلم يلتفت حتى أتَى محل خبائها فتمرغ به وأنشد:
وحجت لبنى في تلك السنة، فاتفق خروج قيس أيضًا فتلاقيا، فبُهت، وأرسلت إليه مع امرأة تستخبر عن حاله وتُسلِّم عليه، فأعاد السلام والسؤال وأنشد:
وحين انقضى الحج مرض مرضًا شديدًا فأنهكه، فأكثر الناس من عيادته، فجعل يتفكر لبنى وعدم رؤيته لها، فأنشد:
فحين بلغتها الأبيات جزعت جزعًا شديدًا، وخرجت إليه خفية على ميعاد، فاعتذرت عن الانقطاع، وأعلمته أنها إنما تترك زيارته؛ خوفًا عليه أن يهلك، وإلا فعندها ما عنده، ولكنها جلدة.
وجاء قيس إلى المدينة بناقة من إبله ليبيعها؛ فاشتراها زوج لبنى وهو لا يعرفه، ثم قال له: ائتني غدًا في دار كثير بن الصلت أقبضك الثمن، فجاء وطرق الباب، فأدخله وقد صنع له طعامًا، وقام لبعض حاجاته فقالت لبنى لخادمتها: سليه ما بال وجهه متغيرًا شاحبًا؟! فتنفس الصعداء ثم قال: هكذا حال من فارق الأحبة، فقالت: استخبريه عن قصته؟ فاستخبرته، فشرع يحكي أمره، فرفعت الحجاب وقالت: حسبُك قد عرفنا حالك، فبُهت حين عرفها ساعة لا ينطق بلفظ!
ثم خرج لوجهه فاعترضه الرجل وقال: ما لك؟! عُدْ لتقبض مالك! وإن شِئتَ زدناك! فلم يُكلِّمه ومضى، فدخل على لبنى، فقالت له: ما هذا؟! إنه لقيس! فحلف أنه لا يعرفه. وأنشد قيس معاتبًا لنفسه:
وقصد قيسٌ معاويةَ فمدَحه فرقَّ له، وكان قد أهدر دمه، فقال له: إن شئت كتبت إلى زوجها بطلاقها! فقال: لا، ولكن ائذن لي أن أقيم ببلدها! ففعل، فنزل حين زال هدر دمه بحيها، وتضافرت مدائحه فيها حتى غنَّى بها معبد والغريض وأضرابهما، وقد قصد قيسٌ ابنَ أبي عتيق — وكان أكثر أهل زمانه مروءة — فجاء ابن أبي عتيق إلى الحسن والحسين وأعلمهما أن له حاجة عند زوج لبنى، وطلب أن يُنجداه عليه، فمضيا معه حتى اجتمعوا به وكلَّموه في طلب ابن أبي عتيق — وهم لم يعلموا الغرض — قال: سلوا ما شئتم، فقال ابن أبي عتيق: أهلًا كان أو مالًا؟! قال: نعم، فقال: أريد أن تُطلِّق لُبنى ولك ما شئتَ عندي، فقال: أشهدكم أنها طالق، فاستحيوا منه، وعوَّضه الحسن مائة ألف درهم وقال له: لو علمتُ الحاجة ما جئتُ. ونقلت إلى العدة، وعاتبت لُبنى قيسًا على تزويجه الفزارية، فحلف لها أن عينيه لم تكتحل برؤيتها، ولم يكلمها لفظة واحدة، وأنه لو رآها لم يعرفها! وأخبرته أنها كارهة زوجها، وأعلمته أنها لم تتزوج به رغبةً فيه، بل شفقة على قيس حين أُهدر دمه؛ ليخلى عنها. وتوفيت لبنى في العدة سنة ٣٣ﻫ! وإن قيسًا حين بلغه ذلك خرج حتى وقف على قبرها وأنشد:
ثم بكى حتى أغمي عليه، فحمل ومات بعد ثلاث، ودفن إلى جانبها، وله فيها أشعار كثيرة؛ منها:
وقال أيضًا:
وقال وقد سأله الطبيب: مُذْ كم وجدت بهذه المرأة ما وجدت؟! فأنشد:
لبانة ابنة ريطة بن علي بن عبد الله طاهر
كانت من أحسن نساء زمانها، وأوفرهن عقلًا، وأعظمهن أدبًا، فصيحة المنطق، عذبة اللسان، شاعرة، وشعرها مقبول، ولها علم بضروب الغناء. تزوجها محمد الأمين بن هارون الرشيد، فقتل ولم يبنِ بها، فقالت ترثيه:
ولما قتل الأمير رجعت إلى منزل والدها، ولم تتمالك أن تبقى مع السيدة زبيدة بنت جعفر أم الأمين؛ لأنها تشاءمت منها، فخشيت على نفسها من الإهانة والاحتقار.
وبعد أن استتب الأمر إلى المأمون جعل لها إدرارات ورواتب تنفق منها، ولم يتركها تذهب إلى حيث شاءت، بل جعلها كأنها من حرم دار الخلافة، وبقيت على ذلك إلى أن ماتت بآخر خلافته.
لطيفة الحدانية
توفي أبوها وتركها صغيرة، فكفَلها عمُّها، وكانت على أرفع ما يكون من مراتب الجمال، ومحاسن الأخلاق والخصال، فرُبِّيت في بيت عمها حتى بلغت. وكان لعمها ولدٌ شاب يدعى واصفًا، وكان كامل الحسن والظرف واللطف والعفة، فكانت لطيفة تنظر إليه فيعجبها إلى أن تمكن حبُّه منها.
فمرضت وهي تكتم أمرها، وكانت امرأة عمها فطنة مجربة للأمور، فامتحنتها، فوجدتها تغيب عن حسها أحيانًا، فإذا دخل الغلام أفاقت والتمست تأكل، فأخبرت أباه، فقال: يا لها نعمة! ثم زوَّجه بها، فأوقع الله حبها في قلبه، فأقاما على أحسن حال مدة وهو يأمرها أن تكون دائمًا متزينة مطيبة، ويقول لها: لا أحب أن أراك إلا كذا، فلم يزالا على ذلك، فضعف الشاب فمات، فوجدت به وجدًا شديدًا، فكانت تتزين بأنواع زينتها كما كانت وتمضي، فتمكث على قبره باكية إلى الغروب! قال الأصمعي: مررت أنا وصاحب لي بالجبانة، فرأيتها على تلك الحالة فقلنا لها: علام ذا الحزن الطويل؟! فأنشأت:
فعجبنا منها، ثم انحزنا فجلسنا بحيث لا ترانا؛ لننظر ما تصنع، فأنشأت:
ثم انصرفت فتبعناها حتى عرفنا مكانها، فلما جئنا إلى الرشيد قال: حدثني بأعجب ما رأيته، فأخبرته بأمر لطيفة، فكتب إلى عامله على البصرة أن يمهرها عشرة آلاف درهم، ففعل ووجه بها إليه وقد أنهكها السقم، فتوفيت بالمدائن.
قال الأصمعي: فلم يذكرها الرشيد مرة إلا ذرفت عيناه.
لويزا ماري كارولين
«لويزا» كونتة «أليني» زوجة آخر رجل من عائلة «ستورت». ولدت في «منس» من بلجيكا سنة ١٧٥٣م، وتوفيت في فلورنسا سنة ١٨٢٤م، وهي ابنة البرنس «غستاقوس أدولغوس». تزوجت سنة ١٧٧٢م ﺑ «شارل إدوارد ستورت» حفيد «جمس الثاني»، وكان يدَّعي بحق الجلوس على تخت ملك بريطانيا، ويعرف بكونت «أليني».
وسنة ١٧٨٣م، تمكنت من فسخ زواجها بتوسط «غستاقوس الثالث»، ملك أسوج، وسعى لها «غستاقوس» المذكور بمُرتَّب عينته لها الحكومة الفرنساوية، غير أنه قُطع عنها عند حدوث الثورة، ويقال: إنها بعد نحو سنتين من وفاة زوجها سنة ١٧٨٨م، تزوجت «الغياري» سرًّا، وكان لها في فلورنسا سطوة عظيمة جدًّا في المصالح السياسية، ونفوذ بين أكابر رجال الدولة، فكان «نابوليون» يخافها، وبعد وفاة «الغياري» المذكور كانت تصرف معظم وقتها في فلورنسا، ويقال: إنه جرى لها هنا مع «فرنسوا كرافيه فاقر» — وهو مصور فرنساوي — علائق ودادية متينة. ولما توفيت دفنت في كنيسة «سنتا كروتشا» في فلورنسا، في نفس القبر الذي دفن فيه الغياري، وأقام لها «كانوقا» فوقه قبة جميلة.
ليلى الأخيلية
هي ليلى بنت عبد الله بنت الرحال بن شداد بن كعب بن معاوية، وهو الأخيل من بني عامر بن صعصعة، وهي من النساء المتقدمات في الشعر من شعراء الإسلام، وكان توبة بن الحمير بن عقيل الخفاجي يهواها، ويقول فيها الشعر، فخطبها إلى أبيها، فأبى أن يزوجه إياها، وزوجها في بني الأدلع، فجاء يومًا كما يجيء لزيارتها فإذا هي سافرة، ولم ير منها إليه بشاشة، فعلم أن ذلك لأمر ما كان، فرجع إلى راحلته فركبها ومضى، وبلغ بني الأدلع أنه أتاها فتبعوه، فقال توبة في ذلك قصيدته المشهورة؛ هي:
قيل: وكان توبة إذا أتى ليلى الأخيلية خرجت إليه في برقع، فلما شهر أمره شكوه إلى السلطان، فأباحهم دمه إن أتاهم، فكمنوا له في الموضع الذي كان يلتقيها فيه، فلما علمت به خرجت سافرة حتى جلست في طريقه، فلما رآها سافرة فطن لما أرادت، وعلم أنه قد رصد، وأنها أسفرت لذلك تحذره، فركض فرسه فنجا؛ وذلك قوله:
البيت المتقدم ضمن القصيدة. وقيل أيضًا: إنه كان يكثر زيارتها، فعاتبه أخوها وقومها، فلم يعتب، وشكوه إلى قومه فلم يقلع، فتظلموا منه إلى السلطان فأهدر دمه إن أتاهم، وعلمت ليلى بذلك، وجاءها زوجها — وكان غيورًا — فحلف لئن لم تُعلِمْه بمجيئه ليَقتلنَّها، ولئن أنذرته بذلك ليقتلنها، قالت ليلى: وكنت أعرف الوجه الذي يجيئني منه، فرصدوه بموضع، ورصدته بآخر، فلما أقبل لم أقدر على كلامه لليمين؛ فسفرت وألقيت البرقع عن رأسي، فلما رأى ذلك أنكره، فركب راحلته ومضى، ففاتهم.
وخرج يومًا شخص من بني كلاب ثم من بني الصحمة يبتغي إبلًا له حتى أوحش وأرمل، ثم أمسى بأرض فنظر إلى بيت براز فأقبل حتى نزل حيث ينزل الضيف، فأبصر امرأة وصبيانًا يدورون بالخباء، فلم يكلمه أحد، فلما كان بعد هدأة من الليل سمع جرجرة إبل رائحة، وسمع فيها صوت رجل، حتى جاء بها فأناخها على البيت، ثم تقدم فسمع الرجل يناجي المرأة ويقول: ما هذا السواد حذاءك؟ قالت: راكب أناخ بنا حين غابت الشمس ولم أكلمه.
فقال لها: كذبت، ما هو إلا بعض خلانك! ونهض يضربها وهي تناشده، قال الرجل: فسمعته يقول: والله لا أترك ضربك حتى يأتيَ ضيفك هذا فيُغيثَكِ! فلما عِيلَ صبرُها قالت: يا صاحب البعير، يا رجل! وأخذ الصحمي هراوته ثم أقبل يحضر حتى أتاها وهو يضربها، فضربه ثلاث ضربات أو أربعًا، ثم أدركته المرأة فقالت: يا عبد الله، ما لك ولنا؟! نَحِّ عنا نفسَكَ!
فانصرف فجلس على راحلته وأدلج ليلته كلها، وقد ظن أنه قتل الرجل وهو لا يدري من الحي بعدُ حتى أصبح في أخبية من الناس، ورأى غنمًا فيها أمة مولدة، فسألها عن أشياء حتى بلغ بها الذكر، فقال: أخبريني عن أناس وجدتهم بشعب كذا وكذا.
فضحكت وقالت: إنك تسألني عن شيء وأنت به عالم! فقال: وما ذاك — لله بلادك؟! فوالله ما أنا به عالم! قالت: ذاك ليلى الأخيلية، وهي أحسن الناس وجهًا، وزوجها رجل غيور، فهو يعزب بها عن الناس فلا يحل بها معهم، والله ما يقربها أحد ولا يضيفها؛ فكيف نزلت أنت بها؟! قال: إنما مررت فنظرت إلى الخباء ولم أقربه، وكتمها الأمر، وتحدث الناس عن رجل نزل بها فضربها زوجها، فضربه الرجل ولم يدرِ من هو، فلما أُخبِر باسم المرأة وأقرَّ على نفسه تغنَّى بشعر دلَّ فيه على نفسه فقال:
وكان الحجاج يقول لليلى الأخيلية: إن شبابك قد ذهب واضمحل أمرك وأمر توبة، فأقسم عليك إلا صدقتني: هل كانت بينكما ريبة قط، أو خاطبك في ذلك قط؟ فقالت: لا والله أيها الأمير، إلا أنه قال لي ليلة وقد خلونا كلمة ظننت أنه قد خضع فيها لبعض الأمر، فقلت له:
فلا والله ما سمعت منه ريبة بعدها حتى فرَّق بيننا الموت، قال لها الحجاج: فما كان منه بعد ذلك؟ قالت: وجه صاحبًا له إلى حضرنا فقال: إذا أتيت الحاضر من بني عبادة بن عقيل؛ فَاعلُ شرفًا ثم اهتف بهذا البيت:
فلما فعل الرجل ذلك عرفتُ المعنى فقلتُ له:
ولم يزل على ذلك حتى فرق بينهما الموت، ومات توبة في بعض الغزوات؛ قتله بنو عوف بن عقيل، في خبر يطول شرحه. وكان ذلك سنة ٨٥ هجرية، و٦٩٥ مسيحية، فلما بلغ خبرُ قتلِه ليلى الأخيلية رثته بمراثٍ كثيرة؛ منها:
وقالت ترثيه أيضًا:
وقالت ترثيه:
ويروى:
وقالت ترثيه:
وقالت ترثيه:
وقالت ترثيه:
وقالت لقابض وتعزي عبد الله أخا توبة:
وسأل معاوية بن أبي سفيان يومًا ليلى الأخيلية عن توبة بن الحمير فقال: ويحك يا ليلى! أكما يقول الناس كان توبة؟! قالت: يا أمير المؤمنين، ليس كل ما يقول الناس حقًّا، والناس شجرة بغي يحسدون أهل النعم حيث كانت، وعلى من كانت، ولقد كان يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجًا للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر، وهو يا أمير المؤمنين كما قلت له، قال: وما قلت له؟ قالت: قلتُ — ولم أتعدَّ الحق وعلمي فيه:
فقال لها معاوية: ويحك، يزعم الناس أنه كان عاهرًا خاربًا؟! فقالت من ساعتها ارتجالًا:
فقال لها معاوية: ويحك يا ليلى، لقد جزت بتوبة قدره! فقالت: والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته، وأني لا أبلغ كنه ما هو أهله! فقال لها معاوية: من أي الرجال كان؟ فقالت:
فأمر لها بجائزة عظيمة وقال لها: خبريني بأجود ما قلت فيه من الشعر، قالت: يا أمير المؤمنين، ما قلت فيه شيئًا إلا والذي فيه من خصال الخير أكثر منه، ولقد أجدت حين قلت:
قيل: وكان الحجاج جالسًا؛ إذ استؤذن لليلى، فقال الحجاج: وأي ليلى؟! قيل: الأخيلية، قال: أدخلوها، فدخلت امرأة طويلة، دعجاء العينين، حسنة المشية، فسلمت، فرد الحجاج عليها ورحب بها، وأمر الغلام فوضع لها وسادة فجلست، فقال: ما أقدمك؟! قالت: السلام على الأمير، والقضاء لحقِّه، والتعرض لمعروفه، قال: وكيف خلفت قومك؟ قالت: تركتهم في حال خصب وأمن ودعة. أما الخصب ففي الأموال، وأما الأمن فقد أمنهم الله — عز وجل — بك، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم! ثم قالت: ألا أنشدك؟ قال: إن شئت، فقالت:
فقال الحجاج ليحيى بن منقذ: لله بلادها! ما أشعرها! ثم أقبل على جلسائه فقال لهم: أتدرون من هذه؟ قالوا: لا، والله ما رأينا امرأة أفصح ولا أبلغ منها، ولا أحسن إنشادًا، قال: هذه ليلى صاحبة توبة، ثم قال لها: أي النساء تختارين أن تنزلي عندها؟ قالت: سمِّهنَّ لي، فسمَّاهن، فاختارت هند بنت أسماء، فدخلت عليها فصبَّت هند حليها عليها حتى أثقلتها لاختيارها إياها، ودخولها عليها دون سواها، ولما كان الصباح قال الحجاج لعبيد بن موهب — حاجبه: مُرْ لها بخمسمائة درهم، واكسها خمسة أثواب؛ أحدها خزٌّ، ثم قالت: أصلح الله الأمير، قد أضرَّ بنا العريف في الصدقة، وقد خربت بلادنا، وانكسرت قلوبنا، فأخذ خيار المال، فقال الحجاج: اكتبوا إلى صاحب اليمامة بعزل العريف الذي شكته.
وقيل: إن ليلى لما دخلت على الحجاج فلما قالت: غلام إذا هز القناة سقاها، قال لها: لا تقولي «غلام» وقولي «همام»، فأمر لها بمائتين فقالت: زدني! فقال: اجعلوها ثلاثمائة، فقال بعض جلسائه: إنها غنم، قالت: الأمير أكرم من ذلك وأعظم قدرًا من أن يأمر لي إلا بالإبل! قال: فاستحى وأمر لها بثلاثمائة بعير، وإنما كان أمر لها بغنم لا إبل!
وبينما الحجاج بن يوسف جالس يومًا دخل عليه الآذن فقال: أصلح الله الأمير، بالباب امرأة تهدر كما يهدر البعير، قال: أدخلها، فلما دخلت استنسبها فانتسبت له، فقال: ما أتى بك يا ليلى؟ قالت: إخلاف النجوم، وكلب البرد، وشدة الجهد، وكنت لنا بعد الله المردَّ! قال: فأخبريني عن الأرض، قالت: الأرض مقشعرة، والفجاج مغبرة، وذو الغنى مختل، وذو الحد منفل! قال: وما سبب ذلك؟! قالت: أصابتنا سنون مجحفة مظلمة لم تدع لنا فصيلًا ولا ربعًا، ولم تبقِ عافطة ولا نافطة، فقد أهلكت الرجال، ومزَّقت العيال، وأفسدت الأموال! ثم أنشدته الأبيات التي ذكرناها متقدمًا، وقال في الخبر: قال الحجاج: هذه التي يقال فيها:
ثم قال لها: يا ليلى، أنشدينا بعض شعرك في توبة، فأنشدته قولها: لعمرك ما بالموت عارٌ على الفتى — القصيدة — فقال الحجاج لحاجبه: اذهب فاقطع لسانها! فدعا لها بالحجام ليقطع لسانها! فقالت: ويلك! إنما قال لك الأمير: اقطع لسانها بالصلة والعطاء! فارجع إليه واستأذنه، فرجع إليه فاستأمره، فاستشاط عليه وهمَّ بقطع لسانه، ثم أمر بها فدخلت عليه فقالت: كاد — وعهد الله — يقطع مقولي، وأنشدته:
ودخل عبد الملك بن مروان على زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية، فرأى عندها امرأة بدوية أنكرها، فقال لها: مَن أنت؟! قالت له: أنا الوالهة الحري ليلى الأخيلية، قال: أنت التي تقولين:
قالت: أنا التي أقول ذلك، قال: فما أبقيت لنا؟! قالت: الذي أبقاه الله لك! قال: وما ذاك؟! قالت: نسبًا قرشيًّا، وعيشًا رخيًّا، وامرأة مطاعة! قال: أفردته بالكرم! قالت: أفردته بما أفرده الله به.
قالت عاتكة: إنما جاءت تستعين بنا عليك في عين تسقيها وتحميها لها، ولست ليزيد إن شفعتها في شتى من حاجاتها؛ لتقديمها أعرابيًّا جلفًا على أمير المؤمنين! فوثبت ليلى على رجلها واندفعت تقول:
فقيل لها: أي الكعبين عنيت؟ قالت: ما إخال كعبًا ككعبي.
وقيل: إن ليلى الأخيلية دخلت على عبد الملك بن مروان وقد أسنَّت وعجزت فقال لها: ما رأى توبة فيك حين هويك؟! قالت: ما رآه الناس فيك حين ولُّوك، فضحك عبد الملك حتى بدت له سن سوداء كان يخفيها. وكانت دخلت على مروان بن الحكم يومًا فقال لها: ويحك يا ليلى! بالغت في نعت توبة! فقالت: أصلح الله الأمير، والله ما قلتُ إلا حقًّا، ولقد قصَّرت وما رأيت رجلًا قط كان أربط منه على الموت جأشًا، ولا أقلَّ إيحاشًا يحتدم حين يرى الحرب، ويحمى الوطيس بالضرب، فكان وعهد الله كما قلت:
فقال لها مروان: كيف يكون توبة على ما تقولين وقد كان خاربًا — والخارب سارق الإبل خاصة؟! فقالت: والله ما كان خاربًا، ولا للموت هائبًا، ولكنه فتى له جاهلية! ولو طال عمره وأنسأه لارعوى قلبه، ولقضى في حب الله نحبه، وأقصر عن لهوه، ولكنه كما قال عمه مسلم بن الوليد:
فقال لها مروان: يا ليلى، أعوذ بالله من درك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، فوالله لقد مات توبة وإن كان لمن فتيان العرب وأشدائهم، ولكنه أدركه الشقاء، فهلك على أحوال الجاهلية.
وكان بينها وبين الجعدي مهاجاة؛ وذلك أن رجلًا من قشير يقال له: ابن الحيا — وهي أمه — واسمه سوار بن أوفى بن سبرة، هجاه وسب أخواله من أزد، في أمر كان بين قشير وبين بني جعدة وهم بأصبهان، فأجابه النابغة بقصيدته التي يقال لها: الفاضحة — سميت بذلك لأنه ذكر فيها مساوئ قشير وعقيل وكل ما كانوا يُسبون به، وفخر بمآثر قومه، وبما كان من بطون بني عامر سوى هذين الحيين من قشير وعقيل — فقال:
وقال أيضًا في هذه القصة قصيدته التي أولها:
وهي طويلة يقول فيها:
يعني عبد الله بن جعدة بن كعب:
يعني بهذا البيت أن ابن الحيا فخر عليه بأنهم سقوا رجلًا من جعدة أدركوه في سفر — وقد جهد عطشًا — لبنًا وماءً فعاش، فلما ذكر النابغة ذلك وفخر بما له، وغضَّ مما لهم، دخلت ليلى الأخيلية بينهما فقالت:
فلما بلغ النابغة قولها قال:
فردت عليه ليلى فقالت:
فغلبته، فلما أتى بني جعدة قولها هذا اجتمع ناس منهم فقالوا: والله لنأتين صاحب المدينة وأمير المؤمنين فليأخذن لنا بحقنا من هذه الخبيثة؛ فإنها قد شتمت أعراضنا وافترت علينا! فتهيئوا لذلك، وبلغها أنهم يريدون أن يستعدوا عليها فقالت:
وأخبر بعض الرواة قال: بينما معاوية يسير يومًا إذ رأى راكبًا فقال لبعض شرطه: ائتني به وإياك أن تروعه، فأتاه فقال: أجب أمير المؤمنين، فقال: إيَّاه أردتُ، فلما دنا الراكب حدر لثامه؛ فإذا هي ليلة الأخيلية، ثم أنشأت تقول:
فقال: ما حاجتك؟! فقالت: ليس لمثلي أن يطلب إلى مثلك حاجة! فأعطاها خمسين من الإبل ثم قال: أخبريني عن مضر، فقالت: فاخر بمضر، وحارب بقيس، وكاثر بتميم، وناظر بأسد. ومن جيد أشعارها ما مدحت به آل مطرف قولها:
وذكر الأصمعي أن ليلى حينما كانت عند الحجاج أمر لها بعشرة آلاف درهم وقال لها: هل لك من حاجة؟ قالت: نعم أصلح الله الأمير؛ تحملني إلى ابن عمي قتيبة بن مسلم — وهو على خراسان يومئذٍ — فحمَلها إليه فأجازها، وأقبلت راجعة تريد البادية، فلما كانت بالري ماتت، فقبرت هناك. هكذا ذكر الأصمعي.
وقيل: إنها حينما كانت عند الحجاج فقال لها: هل لك من حاجة؟ قالت: نعم، تدفع إلي النابغة أحكم فيه بما أرى! فلما سمع النابغة بذلك هرب إلى الشأم فتبعته، ثم استأذنت عبد الملك فيه فأذن لها، ولم تزل في طلبه حتى توفيت بقومس — بلدة من أعمال بغداد على جانب الفرات، وقيل: بحلوان، والمدى بينهما قريب.
وفي رواية أخرى أن ليلى الأخيلية أقبلت من سفرة، فمرت بقبر توبة — ومعها زوجها — وهي في هودج لها فقالت: والله لا أبرح حتى أسلم على توبة! فجعل زوجها يمنعها من ذلك وتأبى إلا أن تُلمَّ به، فلما كثر ذلك منها ترَكها، فصعدت أكمة عليها قبر توبة فقالت: السلام عليك يا توبة، ثم حوَّلت وجهها إلى القوم فقالت: ما عرَفت له كذبًا قط قبل هذا، قالوا: كيف؟! قالت: أليس القائل:
فما باله لم يسلم علي كما قال؟! وكانت إلى جانب القبر بومة كامنة، فلما رأت الهودج واضطرابه فزعت وطارت في وجه الجمل فنفر، فرمى ليلى على رأسها فماتت من وقتها ودُفنت إلى جانبه! وهذا هو الصحيح من خبر وفاتها!
ليلى العامرية بنت مهدي بن سعد
صاحبة قيس بن الملوح بن مزاحم الشهير بالمجنون، ولم يكن مجنونًا إلا من العشق؛ بدليل قوله:
وكان سبب عشقه لها أنه مرَّ على ناقة وعليه حلتان من حلل الملوك بزمرة من قومه وعندها نسوة يتحدثن فأعجبهن، فاستنزلنه للمنادمة، فنزل وعقر لهن ناقته! وأقام معهن بياض اليوم. وكانت ليلى مع من حضر، وحين وقعت عينه عليها لم يصرف عنها طرفًا، وشاغلته فلم يشتغل، فلما نحَر الناقة جاءت لتُمسك معه اللحم فجعل يجزُّ بالمدية في كفِّه وهو شاخص فيها حتى أعرق كفَّه، فجذبتها من يده ولم يدرِ! ثم قال لها: أتأكلين الشواء؟ قالت: نعم، فطرح من اللحم شيئًا على الغضى وأقبل يُحادثها، فقالت له: انظر إلى اللحم هل استوى أم لا؟ فمدَّ يده إلى الجمر وجعل يقلب بها اللحم فاحترقت ولم يشعر! فلما علمت ما داخله صرفت عن ذلك، ثم شدت يده بهدب قناعها، ثم ذهب وقد تحكَّم عشقها من قلبه.
وقد استدعته بعد هذا المجلس للمحادثة وقد داخلها الحب فقالت له: هل لك في محادثة مَن لا يصرفه عنك صارف؟ قال: ومَن لي بذلك؟! فقالت له: اجلس، فجلس، وجعلا يتحادثان حتى مضى الوقت، ولم يزالا على ذلك حتى حجبها أبوها عنه وزوَّجها من غيره — كما هو مشهور في قصتها — ومن رقيق شعر ليلى:
وقال له رجل من قومه: إني قاصد حيَّ ليلى؛ فهل عندك شيء تقوله لها؟ قال: نعم، أنشدها — إذا وقفتَ بحيث تسمعُك — هذه الأبيات:
قال الرجل: فمضيت حتى وقفت بخيامها، فلما أمكنتني الفرصة أنشدت بحيث تسمع الأبيات، فبكت حتى غشي عليها، ثم قالت: أبلغه عني السلام، وأنشدت:
وقال رباح بن عامر: دخلت من نجد أريد الشام فأصابني مطر عظيم، فقصدت خيمة رفعت لي؛ فإذا بامرأة فسألتها التظليل، فأشارت إلى ناحية فدخلتُ، ثم قالت للعبيد: سَلُوه مِن أين الرجل؟ فقلت: من نجد، فتنفست الصعداء ثم قالت: نزلت بمن فيها؟ قلت: ببني الحريش، فرفعت ستارة كانت بيننا، وإذا بامرأة كأنها القمر، ثم قالت: أتعرف رجلًا فيهم يقال له: قيس، ويلقب بالمجنون؟ قلت: إي والله سرتُ مع أبيه حتى أوقفني عليه وهو مع الوحش لا يعقل إلا إن ذكرت له ليلى! فبكت حتى أغمي عليها، فقلت: مما تبكين ولم أقل إلا خيرًا؟! فقالت: أنا والله ليلى المشئومة عليه، غير المساعدة له، ثم أنشدت:
وكان آخر مجلس للمجنون من ليلى أنه لما اختلط عقله وتوحش؛ جاءت أمه إليها فأخبرتها وسألتها أن تزوره؛ فعساها أن تخفف ما به، فقالت: أما نهارًا فلا؛ خيفة من أهلي، وسآتيه ليلًا، فلما جنَّ الليل جاءت فسلمت عليه ثم قالت:
فرفع رأسه إليها وأنشد:
وقد امتحنته يومًا لتنظر ما عنده من المحبة لها، فدعت شخصًا بحضرته فسارَّته، ثم نظرته قد تغيَّر حتى كاد ينفطر، فأنشدت:
فسر بذلك حتى كاد أن يذهب عقله، فانصرف وهو يقول:
ليلى بنت طريف
وقيل: الفارعة، وقيل: فاطمة، والأول أشهر. أخت الوليد بن طريف الشيباني الخارجي الذي خلع ربقة الطاعة في خلافة الرشيد، فأرسل إليه يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني، فظهر عليه وقتله سنة ١٧٩ هجرية/٧٩٥ ميلادية. وكانت أخته من شواعر العرب، تجيد الشعر، وكانت من الفروسية على جانب عظيم. ولما قُتل أخوها صبَّحت القوم وعلى جسدها الدرع ولامة الحرب، وجعلت تحمل على الناس! ومن شجاعتها وفروسيتها قال القوم: إن الوليد قد قتل، وليست هذه إلا أخته ليلى؛ لأنها تشابهه بالفروسية! وبالتحقيق عرفت أنها ليلى. وكان يزيد بن مزيد قريبًا للوليد بن طريف؛ لكونهما جميعًا من شيبان، فقال يزيد: اتركوها، ثم خرج إليها وضرب بالرمح قطاة فرسها، وقال: اعزبي، عزب الله عليك؛ قد فضحت العشيرة. فاستحيت وانصرفت، ورثت أخاها بمراثٍ كثيرة لم يبق منها إلا القليل، وكانت تسلك سبيل الخنساء في مراثيها لأخيها صخر. ومن جملة ما أنشدت فيه قولها:
وقولها فيه أيضًا: