الفرعون شيشنق الأول
حر-خبر-رع ستبن رع | مري آمون شيشنق |
(١) مقدمة
تحدثنا في الفصل السابق عن دولة الكهنة العظام في عهد الأسرة الثانية والعشرين وما كان لها من شأن في تاريخ البلاد وعلاقتها بملوك مصر الذين اتخذوا مقرهم في الدلتا، غير أننا لم نتحدث عن الملوك إلا بقدر محدود، مُرجئين ذلك للتحدث عنهم بالتفصيل بقدر ما وصل إلينا من معلومات، وبخاصة ما كُشف من مقابرهم أخيرًا في «تانيس»؛ مما مهد لنا السبيل إلى معرفة ما كانت عليه البلاد من الوجهة الدينية والمادية بعض الشيء.
وتاريخ تولية «شيشنق» الملك لا يمكن معرفته على وجه التأكيد، ولكنه لا بد قد وقع بعد عام ٩٤٥ق.م.
وقد كَشَفَتْ لنا اللوحة التي دوَّن عليها «حور باسن» تاريخ أحد عجول أبيس عن تاريخ أسرة «شيشنق» ورسوخ قدمها في مصر منذ زمن طويل، وقد عرفنا منها ومن غيرها من النقوش ما كان لهذه الأسرة اللوبية من نفوذ في أنحاء البلاد، وبخاصة من الوجهة الحربية والوجهة الدينية.
وقد رأينا فيما سبق (في الجزء الثامن من مصر القديمة) أن «شيشنق» أمير «أهناسيا المدينة» قد دفن ابنه «نمروت» في معبد «العرابة»، وأنه لجأ إلى قرار الوحي الإلهي عندما اعتُدِيَ على هذا القبر، كما كان يفعل المصريون القدامى في كل عصور تاريخهم، ومع ذلك نجد أن هؤلاء «المشوش» أو اللوبيين كانوا يحتفظون بأسمائهم اللوبية، وكذلك كانوا يحتفظون بعادة وضع ريشتين في شَعرهم المستعار وهي عادة لوبية. ولا غرابة في ذلك فقد كان يُطلَق عليهم القوم الذين يلبسون الريشتين.
وتدل ظواهر الأمور على أن أسرة «شيشنق» كان لها شأن خاص إذا ما قُرنت بالأسر اللوبية الأخرى المنتشرة في أنحاء البلاد؛ فقد كانوا أصحاب النفوذ والسلطان في «أهناسيا المدينة» منذ زمن بعيد؛ إذ إن جدهم «ماواساتا» كان يعمل في بادئ الأمر بوصفه الكاهن والد الإله في هذه المدينة، وعلى الرغم من أن أخلافه كانوا يحملون نفس هذا اللقب فإنَّا نجد فيما بعد أنهم قد أصبحوا ذوي نفوذ في هذه المقاطعة وكذلك في مصر الوسطى، فنجد أن «شيشنق» قد أفلح في بسط سلطانه الحربي بوصفه الرئيس الأعلى الحربي لهذه المستعمرة اللوبية التي كان مقرها «أهناسيا المدينة»، وكان كما ذكرنا من قبل يحمل بجانب هذا اللقب الوراثي (الرئيس الأعظم لقَوْمِ «مي») وهو اللقب الذي كان يحمله ابنه (نمروت) و«شيشنق» نفسه قبل توليته عرش الملك. وقد ذكر لنا «مانيتون» أن هذه الأسرة من أصل بوباسطي لا من أصل أهناسي، وتدل الأحوال على أن ابن «نمروت» قد أفلح في بسط نفوذه في أواخر عهد آخر ملك في «تانيس» حتى مدينة «بوباسطة»؛ وذلك لأنه قد عثر في أثناء الحفائر التي قامت في تلك الجهة على قاعدة تمثال كُتب عليها (الرئيس العظيم لقوم «مي» «شيشنق»). وهذا الأثر يدل على أنه قد عُمِلَ قبل تولي هذا العاهل ملك مصر. وبدهي أن هذا الفرعون لم يَعْتَلِ عرش الملك إلا بعد موت الملك بسوسنس آخر ملوك الأسرة الواحدة والعشرين، وليس لدينا أي دليل على أن شيشنق قد اغتصب الملك قسرًا، أو ما يشير إلى قيام أي ثورة للاستيلاء على العرش، بل على العكس نرى أن هذا الفرعون كان يمجد آثار من سبقه من ملوك الأسرة الواحدة والعشرين، والظاهر أنه قد عمل على أن تكون توليته الملك بصفة شرعية، ويدل على ذلك أنه زوَّج ابنه أوسركون الذي أصبح فيما بعد الفرعون أوسركون الأول من ابنة الملك «بسوسنس» التي تُدْعى ماعت كارع.
ويظن بعض المؤرخين بحق أن تولية شيشنق ملكًا على البلاد وتنصيب ابنه أوبوت كاهنًا أكبر على طيبة قد أحفظ معظم كهنة آمون وجعلهم يتركون البلاد ويلجئون إلى أعالي بلاد النوبة في إقليم «نباتا» القريبة من الشلال الرابع، ومن هؤلاء الكهنة كان أصل ملوك أثيوبيا الذين فتحوا البلاد المصرية، وأسسوا فيها الأسرة الخامسة والعشرين كما سنرى بعد.
ولا غرابة في ذلك؛ فقد كان كهنة آمون هم المسيطرون على شئون الوجه القبلي خلال الأسرة الواحدة والعشرين، وكانوا يُعَدُّون بمثابة ملوك لهذا الجزء من البلاد كما تحدثنا عن ذلك من قبل، فكان غضب بعضهم وتركه للبلاد أمرًا لا يدعو للدهشة.
وأقدمُ أثر لدينا يدل على تولية أوبوت وظيفة الكاهن الأكبر في «طيبة» من قبل والده شيشنق يرجع إلى السنة الخامسة من عهد هذا الفرعون؛ فقد عُثر باسمه واسم والده على لفافة من نسيج الكتان مهداة إلى الكاهن الثاني زد بتاحف عنخ الذي كان يلقب ابن الملك لرعمسيس، وقد وجدت لفائف أخرى مؤرخة بالسنة الحادية عشرة والسنة العاشرة.
(٢) مباني «شيشنق» في الكرنك
ترك لنا «شيشنق» آثارًا عدة من الأهمية بمكان في تلك الفترة من تاريخ البلاد التي قلَّت فيها الآثار.
ويدل ما بقي لدينا من نقوش في «طيبة» على أن ملوك الأسرة الواحدة والعشرين وكهنتها العظام لم يقوموا بأعمال جليلة في نفس معبد «الكرنك» الكبير، وأنهم وجهوا عنايتهم لمعبد «خنسو» كما فصلنا القول في ذلك في الجزء الثامن من مصر القديمة، ولكن لمَّا تولى «شيشنق» مقاليد الحكم أخذ أولًا في توطيد أركان السلام والأمن في ربوع البلاد، وبعد ذلك عزم على أن يقوم لآلهته الذين نصروه وعززوه بتجميل معابدهم، وبخاصة معبد الكرنك الذي كان مقر ملك الإله آمون رع بما يليق بأسرته؛ ولذلك صمم على أن يقيم أثرًا شاهقًا بارزًا يسترعي الأنظار بعظمته على غرار ما أقامه الملوك العظام في عهد الدولة الحديثة، فأقام بوابة النصر التي تقع بين معبد رعمسيس الثالث الصغير الذي أقامه للإله «آمون رع» (راجع مصر القديمة الجزء السابع) والبوابة الثانية التي كانت تعد وقتئذ واجهة معبد الكرنك العظيم، وتؤلِّف بوابة شيشنق جزءًا من امتداد الجدار الجنوبي لقاعة العمد العظيمة، وقد غطت هذه البوابةَ نقوشٌ تاريخية لرعمسيس الثاني واقعة في الطرف الغربي للجدار، وكذلك على الطرف الجنوبي للبوابة الثانية، وهذه البوابة تدعى عادة بوابة «بوباسطة»، وقد نقش عليها سجلات أسرة «بوباسطة» في «طيبة»، وسنرى بعد أنه قد نُقش عليها مناظر النصر التي خلدت غزوة شيشنق على فلسطين، كما نَقَشَ عليها الكهنةُ العظام أبناء هذه الأسرة تواريخهم.
(٢-١) متن لوحة السلسلة٢
ترك لنا رئيس البعث الذي أرسله «شيشنق» لقطع أحجار البوابة المعروفة ببوابة «بوباسطة» في محاجر السلسلة لوحة ذكر عليها أعماله والغرض منها، وهذا المبعوث يدعى «حور مساف»، وفي حين نجد أن الفرعون «شيشنق» هو الذي فكر في هذا العمل نلحظ من جهة أخرى أن ابنه الكاهن الأكبر لآمون المسمى «أوبوت» قد اتخذ مكانة بارزة في منظر اللوحة ونقوشها تعادل مكانة الفرعون نفسه، ومن ألقابه الكثيرة يشعر القارئ أنه كان يتمتع بسلطان كأنه حاكم شبه مستقل في الوجه القبلي.
ويشاهَد في أعلى اللوحة الملك تقوده الإلهة (موت) إلى حضرة كل من الآلهة «آمون» و«حوراختي» و«بتاح»، وخلف الفرعون يظهر ابن الملك الكاهن الأكبر «أوبوت» ممثَّلًا بنفس الحجم الذي مُثِّلَ به الفرعون مقدِّمًا البخور. ويلاحَظ أن ألقابه على العُمُد الجانبية تمثل مكانةً تُعادل مكانة ألقاب والده.
وأسفل هذا المنظر نقش يعزو فتح هذا الجزء من المحاجر للملك، وكذلك يعزوه بنفس الكلمات للكاهن الأكبر «أوبوت»، وتحت هذا النقش نشاهد «حورمساف» رئيس البعث ممثَّلًا راكعًا وأمامه نقش سُجِّل فيه الغرض من بعثه وتنفيذه، وهاك النص:
وتحتوي هذه القائمة على عشرة صفوف من الأسماء الموضوعة في طغراءات يصحب كلًّا منها أسير يدل على اسم المكان الذي أُسر منه، ويحتوي كل من الصفوف العليا من ١–٥ على ثلاثة عشر اسمًا في طغراءات يقودها الملك للإله آمون، أما الأسماء التي في الصفوف من ٦–٩ وهي التي يحتوي كلٌّ منها على سبعة عشر اسمًا فتقودها الإلهة «واست» (أي طيبة).
والصف الأسفل؛ أي الصف العاشر من الأسماء الموضوعة في طغراءات وهو الذي يمتد أسفل المنظر؛ فقد كَشَفَ عنه الأثري «مولر» سنة ١٩٠٤، وكان يحتوي في الأصل على أقل من خمسين اسمًا مقسمة مجموعتين؛ فالمجموعة التي على اليسار وُجدت مهشَّمة وبخاصة في البداية، في حين أن المجموعة التي على اليمين لم يبقَ منها إلا الأسماء الخمسة الأخيرة، ولا بد أن المجموع الأصلي لأسماء هذه القائمة العظيمة كان لا يقل عن نحو مائة وثمانين اسمًا، ولكن عدد الأسماء التي بقيت فعلًا أقل بكثير. ويلاحَظ أن الأجزاء التي أصابها التلف لا تقتصر على الصف الأسفل، بل كذلك في الأجزاء العليا، وبخاصة الصفَّان الرابع والخامس.
- أولًا: في كتاب «الملوك الأول» الإصحاح ١٤ سطر ٢٥: «وفي السنة الخامسة للملك «رحبعام» صعد «شيشق» ملك مصر إلى «أورشليم» وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك، وأخذ كل شيء، وأخذ جميع طروس الذهب التي عملها «سليمان».»
- ثانيًا: كتاب «أخبار الأيام الثاني» الإصحاح ١٢ سطر ٢–٤: «وفي السنة الخامسة للملك «رحبعام» صعد «شيشق» ملك مصر على أورشليم؛ لأنهم خانوا الرب، بألف ومائتي مركبة وستين ألف فارس، ولم يكن عدد للشعب الذين جاءوا معه من مصر لوبيين وسيكيين وكوشيين، وأخذ المدن المحصنة التي ليهودا وأتى إلى «أورشليم».»
وهذه الحقيقة تتفق مع الرأي القائل بأن حملة «شيشنق» كانت جغرافيًّا أوسع مما كان يُظَن، وإن كان هذا المصدر لا يعد برهانًا قاطعًا.
والقطعة التي تحتوي على خمسة أسماء، التي في نهاية القائمة، صغيرة جدًّا لا تحقق نظرية الأستاذ «موللر» عن وجود مجموعة من البلاد الفلسطينية، وبخاصة رقم واحد مكرر (شردد) وخمسة مكرر (هام) يظهر أنهما لا يقعان في هذا الجزء من بلاد فلسطين.
والواقع أن دراسة هذه القائمة من الوجهة الطوبوغرافية تدل على أنها تختلف من بعض الوجوه عن باقي القوائم الأخرى التي نجدها في تواريخ الملوك الآخرين في العهد الفرعوني؛ وذلك أنه على الرغم من الرأي المتَّفَق عليه عادة الذي يخالف ما ذكرناه، فإن شواهد الأحوال لا تدل على أن محتويات هذه القائمة على وجه عام ليست بأقل من سابقتها في أصليتها، ولقد كرر كثير من المؤرخين القول بأن قائمة «شيشنق» لا تخرج عن كونها ضم بعض قوائم قديمة معًا، وبذلك تكون مجردة عن كل قيمة تاريخية. غير أن المصادر التي أخذ عنها «شيشنق» إذا كان ذلك صحيحًا لم يُكشف عنها بعد، على أن ذلك لا يمنع أن بعض المصادر القديمة استُعملت في تأليفها، غير أن تحريم استعمال مصادر أخرى في تكوين هذه القائمة ليس بالحقيقة المؤكدة كما هي الحال في بعض القوائم الخاصة «بسيتي الأول» و«رعمسيس الثاني» و«رعمسيس الثالث». وأخيرًا يمكن أن ننفي نفيًا قاطعًا أن قائمة «شيشنق» ليس فيها شيء أصلي، وأن نحو خمسين اسمًا قد ذكرت فيها لم تذكر في قوائم أخرى أقدم منها.
والآن بعد أن استعرضنا وصف هذه الأماكن الطوبوغرافية وما لها من أهمية في تاريخ «شيشنق الأول» نعود الآن إلى ذكر الأسماء الجغرافية التي بقيت من هذه القائمة، ونبتدئ أولًا بلمحة صغيرة عن أقوام الأقواس التسعة التي جاءت في أول هذه القائمة فنقول:
وعلى ذلك؛ فإنه عند تحليل المتون القديمة نجد أن ذلك يقودنا إلى التفرقة بين عبارة الأقواس التسعة الدالة على تسعة الأجناس البشرية التي كان يعتقد في وجودها في أول العهد الفرعوني، وأنها منفصلة عن الجنس المسيطر عليها وبين القائمة المفصلة للأقواس التسعة الأجانب عن مصر كما وصلت إلينا من وثائق الأسرة الثامنة عشرة. غير أن فحص هذه القائمة قد أظهر لنا أن عهدها يرجع إلى ما قبل الدولة الحديثة بزمن بعيد، وأن فكرتها لا تكاد تكون حديثة عن الفكرة القديمة.
- (١)
قوائم الأقواس التسعة بصفة مبهمة؛ أي القوائم التي لا تحتوي إلا لفظة الأقواس دون ذكر أسماء أخرى.
- (٢)
قوائم بأسماء أقوام منوعة يسبقها تعداد الأقواس التسعة، وفي بعض الأحوال تجد أن في قائمة الأقواس التسعة قِسمًا يتخلله أسماء أقوام مختلفة بين الاسمين الأولين من القائمة.
- (٣)
نجد قوائمَ أقوامٍ مقهورين يتخللها أسماء أقوام من أقوام الأقواس التسعة.
- (٤) وفي عهد البطالمة نجد أن المؤرخين والكتَّاب قد استعملوا القائمة البسيطة، ولكن كانوا يشفعونها بتعليق يختلف في مقدار تفاصيله. والواقع أننا حتى الآن لم نرَ قائمة لأقوام الأقواس التسعة مفصلة إلا في عهد «أمنحتب الثالث» (راجع Wresz. Atlas. I. PI 203; Davies. Bull. metr. Mus. New York Egyp. Expedition, 1914-15, Vol. X (1915). p. 233; A. S. T. XLII (1943) p. 462, PI. XXXIX).
وقد مُثِّل كل واحد من هذه الأقواس التسعة بأسيرٍ ذراعاه مقيدتان خلفه، وجذع هذا الأخير يعلو شكلًا بيضيًّا أو طغراء كتب فيه الاسم، ويميَّز قومُ كلِّ قوس بالصورة التي تمثَّل فوقه. وهذه الأقوام هي: (١) حاو-نبوت (أقوام بحر إيجه). (٢) شات. (٣) تاشمع (الوجه القبلي). (٤) سخت يام (الواحة). (٥) تامحو (الوجه البحري). (٦) بزت شو. (٧) تحنو (لوبيا). (٨) أوتيو-سبتي (النوبة). (٩) منتيو-نو-ستت (آسيا).
وهذا الترتيب الذي يظهر فيه هذه الأسماء لم يكن وليد الصدفة؛ بل وُجد في كثير من مقابر هذا العصر على هذا النظام، أما قائمة «شيشنق الأول» للأقواس التسعة، فإنها قد وُجدت في معبد الكرنك تسبق أسماء الأقوام التي أخضعها هذا الفرعون كما هي العادة، غير أن نظام ترتيبها يختلف عن القوائم الأخرى وهي: (٣) تاشمع. (٥) تامحو. (٦) بزت شو. (٤) سحت يام. (٩) منتيو-نو-ستت. (٧) ربو (لوبيا). (٢) شات. (١) حاو-نبو.
ويلاحَظ هنا أن ترتيب الأسماء مختلف، غير أن أسماء الأقواس التسعة ليست مختلفة إلا الاسم القديم للوبيين «تحنو»، فقد وُضع بدلًا منه اسم «ربو» الحديث، وهو يميز قومًا من الناس يسكنون هذه الجهة اشتق منه اسم «لوبيا».
ويلاحَظ منذ الأسرة الثامنة عشرة حتى نهاية العصر الإغريقي أن الأسماء التي يتألف منها أقوام الأقواس التسعة لم تتغير، اللهم إلا كتابة هذه الأسماء؛ فقد حُدِّدت في عهد البطالمة مع عدم تغييرها. وهذا الاستمرار في عدم تغيير الأسماء ملحوظ جدًّا؛ لأنه على الرغم من تغير ترتيب الأسماء يدل على أن القائمة كانت تقليدًا متبَعًا.
وقد ذكرنا في «متون الأهرام» أن تعبد «الأقواس التسعة» يعني مجموع رعايا الملك، وعلى ذلك يظهر من الجائز جدًّا أن قائمة «الأقواس التسعة» ترجع في قِدَمِها في الواقع إلى عهد الدولة الحديثة، بل يجوز إلى عهد ما قبل الأسرات؛ وذلك لأن وجود لفظَي «الوجه القبلي» و«الوجه البحري» في القائمة لا يمكن تفسيرهما إلا على هذا الوجه.
والواقع أن قوائم «الأقواس التسعة» كانت تُفهَم بمعنًى مختلف في خلال العصور التاريخية، وعلى ذلك فإنه على حسب التقليد العتيق كان قوم «تاشمع» و«تامحو» يُرسمان على هيئة مصريين في قوائم الأسرة الثامنة عشرة، ولكن منذ الأسرة التاسعة عشرة كان قوم «تامحو» يعدون آسيويين، وقوم «تاشمع» يعدون نوبيين، وعلى ذلك فإن الاسم وإن لم يتغير كتابةً فإنه يمكن أن يتغير في المعنى. ولدينا متن منقوش على سور معبد «إدفو» من عهد البطالمة غاية في الأهمية لدرس الأقوام التسعة من الوجهة الجغرافية في هذا العهد، وهذا المتن يتضمن معناه ضمان ملك العالم الدنيوي للملك، فنجد فيه أن حمل محاصيل الأرض للإله قد رُمز له بتسعة أشخاص يتبعون الملك حاملين قربانًا، وهؤلاء الأشخاص قد مثِّل كل منهم في هيئة الإله «حعبي» (الفيضان).
الملك يخاطب الإله
-
وخلف الإله الثاني: الذي يشرف على المحراب الجديد (اسم معبد إدفو):
إنه يحمل إليك الأقواس التسعة «أونتيو» ومعنى ذلك السودان النوبيون لهذا الإقليم الجبلي الواقع شرقي النوبة وهم الذين يعيشون من ماء الآبار.
-
وخلف الإله الثالث: الذي يشرف على «تاور-خبشت» (مكان في المقاطعة الثالثة من مقاطعات
الوجه البحري (؟) أو المقاطعة الخامسة عشرة من الوجه البحري):
إنه يحمل إليك الأقواس التسعة «منتيو»، ومعنى ذلك بلاد «إشرو» (البلاد السورية المسوبوتامية) التي تعيش من ماء «حعبي»٤ في الشرق، ومن ماء المطر في الغرب …
-
وخلف الإله الرابع: الذي يشرف على نخن (الكاب؟):
إنه يحمل إليك الأقواس التسعة «تحنو»، ويعني بذلك بلاد «نابيت» (اللوبيون أو يحتمل سرنيقا) التي تعيش من ماء المطر …
-
خلف الإله الخامس: الذي يشرف على تست (اسم لإدفو):
إنه يحمل إليك الأقواس التسعة «سخت-يام»، ويعني بذلك البلاد الجبلية (أي الصحراوية) للواحات التي توجد في غربي حدود «تا-إهت» (واحة الفرافره) التي تعيش من ماء «حعبي» في الغرب، ومن ماء الآبار في الشرق. (أي إن البلاد التي في غربه تعيش من ماء الفيضان، والتي في شرقه تعيش من ماء المطر).
-
خلف الإله السادس: الذي يشرف على «أو-بجا» (مكان له علاقة بالعرابة):
إنه يحمل إليك الأقواس التسعة «شو» (أيزت شو)، ويُعنَى بذلك الأقواس التسعة البدويون، والمقصود من ذلك بلاد موتيب (بلاد مديا) التي تعيش من ماء الفيضان (حعبي = الفرات) وكذلك من ماء النهر.
-
وخلف الإله السابع: الذي يشرف على بوصير (؟):
إنه يحمل إليك الأقواس التسعة «شات»، والمعني بذلك بلاد «هكرو» (عرب الشمال) الذين يعيشون من ماء الغدران ومن ماء الآبار …
-
وخلف الإله الثامن: الذي يشرف على «ست ورت» (إدفو، كوم امبو، قوص أو هرمويوليس):
إنه يحمل إليك الأقواس التسعة «حاو-نبوت»، والمقصود من ذلك جزر البحر وبلاد عدة شمالية تعيش من ماء الغدران.
هذه لمحة عن أقوام الأقواس التسعة التي تحتل الأرقام من واحد إلى تسعة في القوائم الجغرافية للبلاد التي فتحها الفراعنة العظام.
وبعد ذكر أقوام الأقواس التسعة في قائمة «شيشنق» تأتي العبارة التالية: (١٠) صورة من أسماء الآسيويين الذين غزاهم «شيشنق».
وهكذا نجد (بعد دراسة هذه القائمة) أن معظم بلادها لا تتفق مع البلاد الأخرى التي ذكرت في قوائم الفراعنة العظام، ومن المحتمل أن معظمها قد فتحها «شيشنق الأول».
(٢-٢) المتون التي نقشت مع المناظر التي تركها لنا «شيشنق»
ضرب رؤساء النوبيين وكل البلاد الوعرة المسالك وكل أراضي الفنخو والممالك.
- وأمام الملك نقش: «إن «شيشنق الأول» ملك عظيم الشهرة ضارب الممالك التي تهاجم والمنفذ بسيفه؛ لتعلم الأرضان أنه أخضع رؤساء كل الممالك.»
- ونقش مع «آمون» ما يأتي: «مرحبًا بابني المحبوب «شيشنق» … الجبار في قوته، لقد أخضعت البلاد والممالك، وحطمت بدو النوبة، وكان سيفك جبارًا بين الآسيويين، وقد مُزقوا إربًا إربًا في كل لحظة، وشهرة انتصاراتك … كل البلاد (٣) وإنك تخرج بالنصر وتعود بالقوة، وإنك جمعت … وإني … لأجلك البلاد التي لم تعرف مصر، والتي بدأت تغزو حدودك لتقطع رءوسهم (٤) وإن النصر قد أعطى يديك، وكل البلاد وكل الممالك قد اتحدت … والخوف منك قد امتد حتى عمد السماء الأربعة، والرعب من جلالتك بين الأقواس التسعة، وإنك قد … قلوب الممالك، وإنك حور (الملك) على الأرضين (٥) وإنك … على الأعداء عندما تخضع القرن، خذ سيفي المنتصر (مشيرًا إلى السيف الذي يقدمه في الصورة إلى الملك) أنت يا من أخضعتْ مقمعته رؤساء الممالك.»
- ما نطق به «آمون رع»: (يأتي بعد ذلك لقب الإله): (٧) إن قلبي لفرح جدًّا عندما أرى انتصاراتك يا بني محبوب آمون «شيشنق» يا محبوبي الذي خرج مني ليكون بطلي، وإني رأيت امتياز تصميماتك التي نفذتها واﻟ … لمعبدي الذي مكنته لي في طيبة، العرش العظيم الذي يميل إليه قلبي، وإنك قد بدأت إقامة آثار في هليوبوليس الجنوبية (طيبة) وهليوبوليس الشمالية (عين شمس)، وفي كل مدينة … هناك لإلهها الفريد بمقاطعته، وإنك أقمت معبدي ملايين السنين من الشام حيث أنا (١٣) … وإن قلبك مرتاح من «…» … وإنك … (١٤) أكثر من أي ملك منهم كلهم، وإنك أخضعت كل أرض، وإن سيفي الجبار كان مصدر الانتصارات التي منحتها … كل الآسيويين، وإن النار قد اندلعت كاللهيب خلفهم، وقد حاربت كل أرض وقد جمعتها معًا، وهي التي أعطاها جلالتك بوصفك منتو الجبار هازم أعدائه، وإن مقمعتك قد أسقطت أعداءك وهم آسيويو البلاد النائية وصل جبينك كان جبارًا بينهم.
ولقد جعلت حدودك تصل إلى ما ترغب فيه، وجعلت أهل الجنوب يأتون طائعين لك، وأهل الشمال يفدون لعظمة شهرتك، وإنك أوقعت مذبحة عظيمة بينهم يخطئها العد، فسقطت أقوام مهزومون في وديانهم، وقد حاق بهم الهلاك فيما بعد كالذين لم يكونوا قد ولدوا قط، وكل البلاد التي … (١٩) فإن جلالتك قد أهلكتها في لحظة، وإني قد دست لك أولئك الذين عصوك، وأخضعت لك الآسيويين التابعين لجيش «متن» (٢٠) وقد أذللتهم تحت قدميك، وإني والدك سيد الآلهة «آمون رع» رب طيبة والقائد الفريد الذي لا تهرب فلوله (أي فلول الجيش الذي هزمه هو) حتى أجعل شجاعتك تذكر في المستقبل في آباد كل السرمدية.
السنة … في عهد جلالة الملك «شيشنق» (يأتي بعد ذلك ألقاب الفرعون) في بيت ملايين السنين للملك «حز خبر رع-ستبن رع» محبوب آمون «شيشنق الأول» الذي في منف (حكبتاح) … يأمون يا صانع أرض السود … جزية أرض سوريا … إني أحضرها لك من أرض السود … مواشي حمر وهي باكورتك وغزلانك وجلود فهودك.
وقد لاحظنا أن العلاقات الخارجية بين مصر والبلاد المجاورة تكاد تكون معدومة، اللهم إلا بعض اتصالات مع بلاد النوبة التي كانت في غالب الأزمان على وئام مع «مصر» وكذلك مع «فلسطين»، ومن جهة أخرى لا نعرف إلا النَّزْر اليسير عن هذه البلاد المتاخمة لمصر وبخاصة «فلسطين»، وقد انتهز «شيشنق» الفرصة لإعادة بعض ما كان لمصر من مجد وسلطان في آسيا وبلاد النوبة. والمعلومات الوحيدة التي وصلت إلينا عن مملكة «إسرائيل» التي كانت في فلسطين وقتئذ وعلاقتها بمصر؛ قد جاءت إلينا عن طريق الكتاب المقدس، فنعلم مثلًا أنه في عهد الملك داود (رجل الحرب) المؤسس الحقيقي للمملكة العبرانية (١٠٠٤–٩٦٠ق.م) بدأت سلسلة حملات كان من نتائجها رفع نِيرِ الاستعباد عن عاتق العبرانيين، وكذلك أخضع أدوم ومئواب وبلاد عمون لسلطانه.
وأهم ما يلفت النظر بالنسبة لمصر أنه في عهد «داود» هرب «هدد» أمير «أدوم» إلى بلاط الفرعون ومعه بعض حاشيته لينجو من المذبحة التي أوقعها القائد اليهودي «بواب» فيهم، وقد استقبل فرعون مصر هذا الأمير ومن معه استقبالًا حسنًا وآواهم وحمى ذمارهم، (ويحتمل أن الفرعون الذي كان يحكم مصر وقتئذ هو بسوسنس الثاني)، ويقال: إنه كذلك تزوج من أخت ملكة مصر «تاشبنس» (راجع «سفر الملوك» الأول الإصحاح ١١ الأسطر ١٤–٢٢).
وهاك النص: «وأقام الرب خصمًا لسليمان «هدد» الأدومي، كان من نسل الملك في أدوم، وحدَث — لما كان داود في «أدوم» عند صعود «يوآب» رئيس الجيش لدفن القتلى وضرب كل ذكر في «أدوم»؛ لأن «يوآب» وكل إسرائيل أقاموا هناك ستة أشهر حتى أفنوا كل ذكر في «أدوم» (١٧) إنَّ «هدد» هرب هو ورجال أدوميون من عبيد أبيه معه ليأتوا إلى مصر، وكان «هدد» غلامًا صغيرًا، وقاموا من «مديان» وأتوا إلى «فاران» وأخذوا معهم رجالًا من «فاران» وأتوا إلى مصر إلى فرعون ملك مصر فأعطاه بيتًا وعيَّن له طعامًا وأعطاه أرضًا (١٩) فوجد «هدد» نعمة في عيني فرعون جدًّا وزوجه أخت امرأته أخت نحفنيس الملكة، فولدت له أخت نحفنيس جنوبث ابنه وفطمته نحفنيس في وسط بيت فرعون وكان جنوبث في بيت فرعون بين بني فرعون (٢١) فسمع «هدد» في مصر بأن داود قد اضطجع مع آبائه، وبأن «يوآب» رئيس الجيش قد مات، فقال «هدد» لفرعون: أطلقني؛ فأنطلق إلى أرضي. (٢٣) فقال له فرعون: ما أعوزك عندي حتى إنك تطلب الذهاب إلى أرضك، فقال: لا شيء، ولكن أطلقني.»
وبعد ذلك العهد بزمن قصير نجد أن ملكًا — ويحتمل أنه نفس «بسوسنس» السالف الذكر — قد ولى وجهه شطر «كنعان» في أحوال ليست معلومة لنا، واستولى على مدينة «جازر» وأحرقها كما جاء في التوراة؛ حيث نقرأ (راجع كتاب «الملوك الأول» الإصحاح التاسع سطر ١٦): «صعد فرعون ملك مصر وأخذ «جازر» وأحرقها بالنار، وقتل الكنعانيين الساكنين في المدينة، وأعطاها مهرًا لابنته امرأة سليمان.» وهذا يبرهن لنا على أن فرعون كان قد حاول التقرب لجارته «فلسطين».
وفي نهاية عهد «سليمان» كان «شيشنق الأول» على ملك مصر وقتئذ وهرب «يربعام» بن «نباط» الأفرامي من «صرده» عبد «سليمان» إلى مصر، وهو الذي قد وعده الله — على لسان «أخيا الشليوني» النبي — مملكةَ إسرائيل، وقد كان «سليمان» يهدده بالموت (راجع سفر الملوك الأول الإصحاح الحادي عشر من سطر ٢٦)، وهاك النص: «ويربعام بن ناباط أفرامي من «صردة» عبد «لسليمان»، واسم أمه «صروعه» وهي امرأة أرملة، رفع يده على الملك (٢٧) وهذا هو سبب رفعه يده على الملك، إن سليمان بنى القلعة وسد شقوق مدينة داود أبيه (٢٨) وكان الرجل يربعام جبارَ بأسٍ، فلما رأى سليمان الغلام أنه عاملٌ شغلًا أقامه على كل أعمال بيت يوسف (٢٩) وكان في ذلك الزمان لما خرج يربعام من أورشليم أنه لاقاه «أخيا الشليوني» النبي في الطريق وهو لابس رداءً جديدًا وهما وحدهما في الحقل، فقبض «أخيا» على الرداء الجديد الذي عليه ومزقه اثنتي عشرة قطعة (٣١) وقال ليربعام: خذ لنفسك عشر قطع؛ لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل ها أنا أمزق المملكة من يدي سليمان وأعطيك عشرة أسباط، ويكون له سبط واحد من أجل عبدي داود، ومن أجل أورشليم المدينة التي اخترتها من كل أسباط إسرائيل (٣٣) لأنهم تركوني وسجدوا «لعشتروت» إلهة الصيدونيين و«لكموش» إله الموآبيين و«لملكوم» إله بني عمون، ولم يسلكوا في طريقي ليعملوا المستقيم في عيني وفرائضي وأحكامي كداود أبيه، ولا آخذ كل المملكة من يده بل أصيره رئيسًا كل أيام حياته لأجل داود عبدي الذي اخترته الذي حفظ وصاياي وفرائضي (٣٥) وآخذ المملكة من يد ابنه وأعطيك إياها الأسباط العشرة، وأعطي ابنه سبطًا واحدًا؛ ليكون سراج لداود عبدي كل الأيام أمامي في أورشليم المدينة التي اخترتها لنفسي لأضع اسمي فيها (٣٧) وآخذك فتملك حسب كل ما تشتهي نفسك، وتكون ملكًا على إسرائيل (٣٨) فإذا سمعت كل ما أوصيك به، وسلكت في طريقي، وفعلت ما هو مستقيم في عيني، وحفظت فرائضي ووصاياي كما فعل داود عبدي، أكون معك وأبني لك بيتًا آمنًا كما بنيت لداود، وأعطيك إسرائيل (٣٩) وأذل نسل داود من أجل هذا، ولكن لا كل الأيام. (٤٠) وطلب سليمان قتل يربعام، فقام يربعام وهرب إلى مصر إلى «شيشنق» ملك مصر، وكان في مصر إلى وفاة سليمان … إلخ.»
والواقع أن السياسة المصرية على ما يظهر كانت في ظاهرها تدل على المصافاة والود مع ملوك «إسرائيل»، غير أن الفراعنة لم يتركوا وقتئذ أية فرصة لإضعافهم؛ وذلك بانتهاز كل وسيلة لبث الخلاف بينهم، وبذلك كان يأمل الفراعنة في التدخل يومًا في أمور بلاد «فلسطين» الداخلية وتسترد لمصر نفوذها الذي كان عظيمًا فيما مضى في تلك البقاع، وهو ذلك النفوذ الذي كسبته الفراعنة بحد السيف. ولم يمضِ طويل زمن حتى حانت تلك الفرصة؛ وذلك أنه على إثر موت «سليمان» حدث التمزق الذي تنبأ به النبي «آخيا» في «فلسطين»؛ وذلك أنه بعد أن عاد «يربعام» من مصر إلى «فلسطين» أسس دولة «إسرائيل» التي كانت تشمل الاثنتي عشرة قبيلة، في حين أن «رحبام بن سليمان» أسس دولة يهودا الصغيرة التي كانت تتألف من القبيلتين الصغيرتين؛ «يهودا» و«بنيامين»، وقد حدث ذلك حوالي عام ٩٣٥ق.م، وبعد هذا التاريخ بخمس سنين قام «شيشنق» بحملة على «فلسطين»، ومن ثم نعلم أنه قد انتصر انتصارًا عظيمًا، وقد ذكرنا ما قالته النصوص المصرية في هذا الصدد غير أنه مبهم، والظاهر أن الفرعون في هذه الحملة لم يتعدَّ الحدود الشمالية لجليلي (بيت أنات).
وعلى أية حال؛ فإن حملة «شيشنق» لا بد كان لها نتائج حسنة في انتشار النفوذ المصري في تلك الأصقاع الآسيوية، كما أنها زادت في خزائن مصر، وخاصة عندما نعلم أن «داود» و«سليمان» بوجه خاص قد جمعا أموالًا طائلة في بلادهما، ولا نشك في أن «أورشليم» كانت من أغنى البلاد في هذا العهد. وقد علمنا أن «شيشنق» — على حسب ما جاء في التوارة — استولى على كل ما له قيمة هناك واستعمله في بلاده، والواقع يدل على ذلك؛ لأن مصر قد عاشت قرنين من الزمان على الغنائم التي حملها «شيشنق» من «فلسطين»، ولا أدل على ذلك من العمائر التي أخذ في إقامتها ملوك هذه الأسرة؛ مما يدل على بسطة في المال وسعة في الرزق، وهذه الآثار لا تزال باقية حتى الآن بمعبد «الكرنك»، وهي التي فصلنا القول فيها فيما سبق.
(٣) آثار الفرعون شيشنق الأول
ترك لنا «شيشنق الأول» عدة آثار هامة في أنحاء مصر، نخص بالذكر منها ما يأتي:
(٣-١) لوحة الكرنك
… فقال جلالته للبلاط … الأشياء الشريرة التي فعلوها، فقالوا … خيله خلفه، في حين أنهم لم يعرفوها، تأمل … وقد عمل جلالته مذبحة عظيمة بينهم وهو على جسر شاطئ كمور (البحيرات المرة)، وأنه هو الذي كان …
(٣-٢) لوحة الواحة الداخلة
واللوحة تنقسم قسمين: الأعلى ويحتوي على منظر غريب في بابه؛ ففي وسطه نشاهد مبنًى غامضًا في كنهه يظهر لأول وهلة أنه محراب يخرج منه عمود مزين بإكليل يحمل ما يسمى «الشعر المستعار لأوزير»، وهذا الشعر هو رمز عبادة بلدة «العرابة المدفونة»، ويزين جدران هذا المحراب صورتان للإلهة «حتحور»، غير أنه لا توجد أية علاقة على ما يظهر بالإله «أوزير» والنقوش التي تتبع هذا المنظر تُشْعِر بأن هذا المبنى يعد بمثابة محراب للإله «ستخ» (أوست) نفسه، وإن كان من المستحيل علينا أن نجد العلاقة بين الصورة التي تتوسط المحراب وبين صورة الإلهة «حتحور».
وعلى يمين هذا المحراب نشاهد أميرًا ممسكًا بيده مصباحًا، واسم هذا الأمير «وايهيست» صاحب «أرض الواحة»، ويُرَى خلفه كاهن يتعبد واقفًا ويُلقب كاهن «ستخ» «نسوباست» المرحوم بن «باتي»، وعلى يسار المحراب نشاهد امرأة لم يُذكر اسمها، والمحتمل أنها أم «نسوباست» التي تسمى «توحنوت»، وخلفها امرأة أخرى تُلقب زوج كاهن «ستخ» «بيتباست» بن «باتي»، ويحتمل أن الاسم الأخير هو تحريف لاسم «نسوباست»، غير أن ذلك ليس مؤكدًا؛ إذ من المحتمل أن يكون اسمَ أخي صاحب البئر التي عليها النزاع كما سنرى بعد.
وفي أسفل المنظر السابق من جهة اليمين نشاهد امرأتين تضربان على الدف، وقد كان اسماهما ولقباهما مدونين في النقش الذي يصحبهما، غير أنه لم يبقَ إلا بعض كلمات هي: «الزوجة ربة البيت المغنية … المرحومة مغنية «ستخ» … المرحوم.»
والظاهر أن الأم والأخت كانتا قد رُسِمَتَا هنا، ويحتمل أن الابنة كانت زوج «نسوباست»، وعلى ذلك لا يمكن أن تكون الصورة التي في النصف الأعلى هي صورة زوج نفس الرجل إلا إذا كان هذا الرجل له زوجان؛ إحداهما على قيد الحياة، والأخرى توفيت، أو أن كلتيهما عائشة أو متوفاة، وإن كان هذا احتمالًا يصعب قبوله.
(أ) متن اللوحة
(١) السنة الخامسة، الشهر الرابع من فصل الشتاء، اليوم السادس عشر من عهد الفرعون «شيشنق» محبوب «آمون»، في هذا اليوم أتى (؟) ابن أمير «مي».
(٢) ورئيس مستخدمي الأراضي، وكاهن «حتحور» صاحبة «ديوسبوليس»، وكاهن حوروسخمت (؟) صاحبة برزازه، وكاهن (ستخ) رب الواحة والمشرف على الأراضي التي يغمرها الفيضان والمشرف على المزارع (؟) وأمير الأرضين صاحب الواحة «وايهيست» القاطن ببلدة «ساواحيت» بعد أن أرسله الفرعون لإعادة النظام في أراضي الواحة.
(٤) وذلك بعد أن وجدها في حالة حرب واضطراب (؟) وفي هذا اليوم عندما ذهب ليفحص الآبار التي تفيض والآبار الأخرى التي في بلدة «سواحيت» سواء أكانت آبارًا مسدودة أم آبارًا للري وصل ليرى بئر العين الجارية المسماة «وبن رع».
(٦) وذلك بعد أن تكلم أمامه كاهن «ستخ» «ناسوباست» قائلًا: تأمل أن عين ماء جارية قد انفجرت وهي هنا بجوار هذه البئر الفائضة المسماة «وبن رع»، فافحصها؛ أي هذه البئر ملك «وبن رع» التي أنت بجوارها؛ لأنها بئر خاصة وهي ملك والدتي «توحونوت» بنت «حنتنتري». وعندئذ قال له الكاهن والأمير «وايهيست»: قف في حضرة الإله «ستخ» وادعيها لنفسك.
في السنة الخامسة، الشهر الرابع من فصل الشتاء، اليوم الخامس والعشرين؛ أي في هذا اليوم عندما طلع هذا الإله الشريف «ستخ» العظيم القوة بن «نوت» في عيده المسمى «جمال النهار»؛ وقف الأمير «وايهيست» في حضرته (٩) وعندئذ قال «ستخ» الإله العظيم: إن «نسوباست» بن «باتي» على حق، إن ماء الفيضان هذا الذي في الشمال الغربي من البئر ذات الماء الجاري الخاص «بوبن رع»، هذه البئر التابعة «لبيرع» التي تقع في «سواحيت» هي ملك والدته المسماة «توحنوت» (١٠) ثبتها له هذا اليوم. وعندئذ قال الإله العظيم: لا توجد بئران «جاريتان» تابعتان «لوبن رع»، وهذه البئر ملك «بيرع» التي في «سواحيت»، غير أنه وجدت بئر واحدة في سجل المساحات الخاصة بالآبار والبساتين التابعة «لبيرع»، وهو؛ أي «السجل» الذي أصدره المراقب «عنخف» بن «ستنخت» بمثابة نسخة من سجل الفرعون «بسوسنس العظيم» في السنة التاسعة عشرة. وعندئذ قال «ستخ» (١٢) الإله العظيم: أما عن كل عين جارية في هذا الإقليم فإن التي تقع منها غربي «سواحيت»، فإنها فروع انطلقت من عيون «حوى» الجارية كما يطلق عليها.
وهذه مياه خاصة وليس من بينها مياه ملك الفرعون، وهي ملك للفرد الذي سيديرها هذا اليوم. ثم قال الإله: أما عن العيون الجارية التي ادَّعاها لنفسه «نسوباست» ابن «باتي» فإنه سيديرها حتى يمكن … (؟) الخصب، هذا بالإضافة للعين الجارية ملك والدته «توحنوت»، فثبتوها له، وإنها ثابتة لابن ابنه (١٥) ووارث وارثه ولزوجه ولأولاده؛ ولن يكون هناك ولد آخر حر منسوب إلى «توحنوت» له نصيب فيها إلا «نسوباست» بن «باتي».
قائمة بأسمائهم
- (١)
كاهن «ستخ» صاحب الواحة، والأمير والرئيس «وايهيست».
- (٢)
ماتواهر (وظيفة) «باورود».
- (٣)
ماتواهر (وظيفة) «وايكسهر».
- (٤)
ماتواهر (وظيفة) «تن» …؟ (١٨).
- (٥)
ماتواهر (وظيفة) «كايهام».
- (٦)
ضابط حملة الدروع «بتي …»
- (٧)
المزارع «عنخف» بن «تفنيونخت».
- (٨)
الكاهن والد الإله وكاتب الختم «باتي» بن «كانا».
- (٩)
الكاهن والد الإله وكاتب المعبد «تيرستخ» بن «سرتحوت».
- (١٠)
الكاتب «بكوم».
- (١١)
… ابن «باتي».
- (١٢)
الكاهن والد الإله …
- (١٣)
الكاهن والد الإله … «قرستخ» بن «عنخف».
- (١٤)
كاهن امنآبي (؟) «بنآمون» بن «باتي».
- (١٥)
حارس الباب «بعنخ» بن «بنجبج».
- (١٦)
حارس الباب «بونيش».
أما العيون المتفجرة فهي التي كانت تعيش على مائها السكان في الواحات، وهي عيون في غالب الأحوال صناعية؛ أي إما آبار كان يحفِرها الأهلون على عمق بعيد إلى أن تصادف تيارات مائية تنساب في جوف الأراضي المنخفضة وهي منحدرة من النيل، وعند بلوغها كانت تتفجر من خلالها العيون الصافية الماء فيُزرع بها أنواع الحبوب والفاكهة، ولكن في حالات أخرى كانت لا تصل هذه المياه إلى مستوى الخصب، وكان يحدث أحيانًا أن بعض الآبار يفيض ماؤها بسبب تجمع الرواسب والأقذار على فوهتها. ولا نزاع في أن ملكية الآبار كانت ولا تزال تعد من الأهمية بمكان، والواقع أنها كانت موحدة بملكية الأراضي، وإن كان في أيامنا يوجد أفراد يملكون عيون ماء ولا يملكون أرضًا، في حين أنه يوجد أشخاص آخرون يملكون أرضًا ولا يملكون عيون ماء! ونفهم من المتن الذي أوردناه هنا أنه في عهد الأسرة الثانية والعشرين كان لمالك البئر الحق في ملكية الأراضي التي تغمرها مياه هذه البئر. والواقع أن هذه هي الحالة التي نفهمها من المتن، وسنستعرض بعد هذه الإيضاحات البسيطة مضمون المتن الذي نحن بصدده على ضوء الترجمة التي أوردناها من قبل.
والظاهر أنه في نهاية الأسرة الواحدة والعشرين قامت بعض اضطرابات في الواحة الداخلية، كما كانت الحال في معظم جهات القطر، وهذا ما دلت عليه شواهد الأحوال عند تغير الملك من أسرة لأسرة؛ ولذلك نجد أن الملك «شيشنق الأول» اللوبي المَنْبت قد اضطر إلى إرسال ابنه «وايهيست» إلى هذه الواحة حاكمًا، ولا نزاع في أنه في عهد قيام الاضطرابات وانتشار سوء النظام الداخلي تكون الملكيات عرضة للضياع والاغتصاب على يدي الأقوياء، كما كانت الادعاءات بملكيتها زورًا وبهتانًا متفشية، وعلى ذلك نجد أنه كان من أولى الأعمال التي قام بها الحاكم الجديد «وايهيست» فحص الآبار وعيون الماء التي كان يتوقف عليها حياة سكان هذه الواحة، واتفق أنه عندما كان هذا الأمير في بلده «ساواحيت» طلب إليه أحد كهنة الإله «ستخ» الذي يدعى «نسوباست» أن يفحص ملكية أرض بجوار عين ماء «وبنرع»، وكان قد ادعى أن هذه العين كانت ملكًا لأمه، وبنى ادعاءه أولًا على أن عينًا جديدة من المياه الفائضة قد ظهرت بجوار هذه العين، وقد احتج «نسوباست» بأن المساحة التي تغمرها هذه العين كانت تأخذ ماءها من ماء عين «وبنرع» لا من عين غيرها، وقد كانت الأحكام في هذه الفترة من تاريخ البلاد تصدر عن لسان الوحي كما فصلنا القول في ذلك من قبل في مواضع شتى، وعلى ذلك فإن «وايهيست» دعا الكاهن «نسوباست» للمثول أمام الإله «ستخ» إله الواحة، وذلك في وقت الاحتفال بِعِيد هذا الإله الذي كان وشيك الانعقاد، وفي اليوم المعلوم وضع الأمير نفسه الأسئلة الخاصة بهذه القضية للإله «ستخ» الذي أجاب بدوره عنها بإشارات خاصة ظاهرة لكل الشهود الذين حضروا المحاكمة، وهم الذين ذُيلت بأسمائهم هذه الوثيقة.
وكان المحراب الذي فيه تمثال الإله كما هو معلوم محمولًا على أعناق الكهنة من حُجرة قدس الأقداس حتى قاعة العمد، وهناك كان يُحرَّك تمثال الإله على حسب الطرق والنظم الموضوعة لذلك للإجابة بالقبول أو بالرفض، ولسنا في حاجة إلى القول بأن الأمير هو الذي كان يقرر نتيجة الحكم، ولا نزاع في أن كل الكهنة دون استثناء يعلمون هذه الحقيقة، ومع ذلك فإن الحكم كان يُقبَل على أنه صادر عن الإله نفسه.
ومن المحتمل أن «نسوباست» قد قدم ادعاءه في عدة خطابات منفصلة، ولكن بعد إلقاء كلماته التي اختصرت لم يدون فيها إلا إجابات الوحي، وتدل شواهد الأحوال على أن بعض الوثائق قد فُحصت قبل المحاكمة، والقرار النهائي قد جاء في أربع إجابات للوحي مميزة؛ فالقرار الأول يعلن أن ادعاء «نسوباست» كان حقًّا، وأن الأرض المغمورة بالمياه الواقعة في الشمال الغربي لعين «وبنرع» كانت في الواقع ملك والدته «توحنوت» بنت «حنتنترو». أما إجابة الوحي الثانية فقد بينت لنا سبب هذه المحاكمة، وهو أنه توجد عين واحدة جارية كانت لها علاقة بالعين المسماة «وبنرع» في قطعة الأرض المعروفة باسم «بيرع»، وقد وجد أن البئر الوحيدة المسجلة باسم «توحنوت» في السجلات الرسمية التي نسخت من سجلات أخرى كانت قد دُونت في السنة التاسعة عشرة باسم ملك يدعى «بسوسنس» ونشرها المراقب «عنخف» بن «ستنخت» بوصفها معتمدة. وقد أجاب الوحي الإلهي بجواب ثالث منح به «نسوباست» حقوقًا أخرى؛ إذ الظاهر أن كل العيون الجارية غربي بلدة «ساواحيت» — بما في ذلك بطبيعة الحال عين «وبنرع» — كانت تستمد مياهها من الآبار المعروفة بأنها ملك «حوى»، وهي التي لم تكن ملك «التاج»، ويمكن أن تكون على ذلك ملك أفراد خاصين، ومن أجل هذا كانت تحت تصرف أي مواطن يمكنه أن يتصرف في مائها. والنطق الرابع والأخير الذي أدلى به الوحي نجد فيه أن «نسوباست» قد منح فيه تصريحًا بيِّنًا بتملك كل هذه الآبار بالإضافة إلى بئر «وبنرع»، وقد أعلن أن أية ملكية قد اكتسبت بهذه الطريقة ستثبت «لنسوباست» وأخلافه من بعده سرمديًّا دون أن يكون لأي ابن من أبناء «تحنوت» أَخْذُ نصيب منها.
(٣-٣) لوحة شيشنق الخاصة بالضرائب الدينية التصاعدية
ويلاحظ أن سمك هذا الأثر قد نُقش من كل جوانبه ولم يبقَ منه واحد دون نقش، فعلى وجهين نجد سلسلة من التفاصيل حُفر فيها ثماني حفر ربما كانت لوضع أحجار الضامة فيها، وقد نقش على وجه آخر أربعة أحواض ربما كانت خاصة بوضع القربان فيها ويرجع عهدها للعصر القبطي، ونقش على الوجهين الباقيين المتن المصري القديم.
(١) … السكتيو، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين (خبرحزت-رع-ستبن رع) ابن رع رب التيجان (مري آمون شيشنق)، (٢) عندما كان جلالته له الحياة والفلاح والصحة يبحث (في نفسه) عن كل أنواع الأشياء المفيدة ليخبرها لوالده الإله «حرشف» ملك مصر وسيد «أهناسية المدينة»، وهو شيء كان على أية حال يحفظه في قلبه منذ توليه (٣) العرش، وجاء إليه الأمر الملكي رئيس الجيش «نمروت» في حضرته وقال له: حقًّا، إن معبد الإله «حرشف» سيد مصر يتوق بشدة إلى ثور القربان اليومي؛ (أي الثور الذي كان يقدم قربانًا يوميًّا إلى هذا الإله)، وقد وجدت أن توريد هذا الثور قد تُغُوضِيَ عنه تقريبًا، مع أنه كان موجودًا منذ زمن بعيد قبلي في عهد (٥) الأجداد، وإذا أعدنا تقريره ثانية كان ذلك شيئًا ممتازًا. فأجاب الملك: إني أهنئك يا ولدي الذي أنجبته؛ (٦) فإن قلبك يشبه قلب من أنجبك وكأنه هو في شبابه، وإن والدي «حرشف» سيد مصر ورب أهناسية المدينة الذي جعل كل ما يخرج من فمك نافذًا أبديًّا في معبده، فليُعمل مرسوم في القصر (له الحياة والصحة والقوة) خاص بتموين معبد «حرشف» ملك مصر وسيد أهناسية المدينة؛ ليستمر توريد ثور القربان هذا يوميًّا كما كان يحدث في عهد الأجداد.
وقد صدر على ذلك المرسوم الخاص بتموين المحراب، وقد ضربت الضرائب من أجل الثور اليومي، ووضح تمامًا بألا يكون هناك أية مخالفة (١٠) من الضياع والأماكن والمستعمرات (الإقطاعات) التابعة لأهناسية المدينة، وأن يستمر توريد هذا الحيوان دائمًا طوال الأبد السرمدي — ملك الوجه القبلي والوجه البحري — رب الأرضين (خبر-حزت رع-ستبن رع) ابن رع رب التيجان (مري آمون شيشنق) معطي الحياة مثل رع سرمديًّا.
مقدار الضرائب التي تساوي «٣٦٥ ثورًا»، وهي الضرورية لحاجيات السنة حتى نهاية الأبدية:
(١٢) رئيس جيش أهناسية المدينة نصيبه … لشَهْرَيْ؛ توت وبابه | ٦٠ ثورًا |
السيدة الرئيسة العامة لحريم الإله «حرشف» ملك الأرضين وبنت الرئيس العظيم للجيش (التي تسمى) «استنخب» … | ١٠ ثيران |
(١٣) رئيس «توهارو»* الخاص بأوزير «ماعت رع» … | ١٠ ثيران |
رئيس توهارو «أهناسية المدينة» … | ١٠ ثيران |
كاهن الإله «ست» سيد «سسو» (؟) وهذا لشهر «هاتور» | ١٠ ثيران |
(١٤) رئيس مُسَمِّنِي الثيران لمعبد الإله حرشف ملك الأرضين … | ١٠ ثيران |
رئيس «أمي-باح» … | ٦ثيران |
الأمين العام لمعبد مأوى الإله «حرشف» ملك مصر … | ١٠ ثيران |
مدير المعبد … | ١ ثور |
… | ٣ ثيران |
كاهن الإله «حرشف» ملك الأرضين … | ٧ ثيران |
مدير مخزن هذا المثوى … | ١ ثور |
رئيس فرقة الحرس لمخازن هذا المثوى … | ١ ثور |
(١٦) … | … |
… لمخزن … | ٤ ثيران |
… القائد … | ٨ ثيران |
رئيس مخازن القائد … | ٨ ثيران |
… | ١٠ ثيران |
رئيس رماة أسطول الحرب للقائد … | ١٠ ثيران |
مدير بيت القائد … | ٥ ثيران |
(١٨) … | … |
رئيس كتبة الحامية التابعة للمكان المحصن «مري أم شعف» | ٥ ثيران |
عظماء … «مري أم شعف» … | ٦ ثيران |
كاتب الجنود … | … |
(١٩) … «أهناسية المدينة» … | ٢ ثَور |
مدير اﻟ … العاصمة للقائد … | ٥ ثيران |
الخادم الأول لبيت جرسافيس … | ١ ثور |
(٢٠) … مدينة «باسجري-ني حانتيت» ومدينة «تاعت-باقن-بامشع» | ٢ ثور |
مدينة بوصير … | ٢ ثور |
مدينة تاوحيت-سسو ومدينة … ومدينة باسيج نفر … | ١ ثور |
مدينة بابخن-ني-بانحسي … | ٢ ثور |
مدينة بابخن | … |
ومدينة بابخن-ني-نفررنبت … | ١ ثور |
مدينة تا إت-با … بست … | ١ ثور |
مدينة بر … تف … | ١ ثور |
مدينة بروازو … | ١ ثور |
مدينة تا-شات راسا … | ١ ثور |
… (٢٣) مدينة إت-شات حرآس … | ٢ ثور |
مدينة برنبت … | ١ ثور |
مدينة حات-نبت-منتو … | ٣ ثيران |
مدينة سا واحت-كنت … | ١ ثور |
… (٢٤) … | ١ ثور |
مدينة تا أت تات … | ١ ثور |
مدينة آت نيت وعب … | ١ ثور |
مدينة حات تيت نبس … | ٢ ثور |
مدينة حات نزست … | ١ ثور |
مدينة تا-وحت إوا … | ١ ثور |
… (٢٥) … مدينة: نكر … | ١ ثور |
قرية با-ا ﻫ-ني-شد-سوخنسو … | ١ ثور |
قرية با-ا ﻫ-ني-نب-سمن … | ١ ثور |
قرية-با-ا ﻫ-ني-بن-رع … | ١ ثور |
… (٢٦) رئيس خدم حجرة القائد … | ٢ ثور |
صناع رأس … | ١ ثور |
مدير مخزن سجلات القائد … | ٢ ثور |
مدير … | … |
(٢٧) … رئيس ماعز بيت الإله «حرشف» … | ١ ثور |
السباكون وصانعو الحلوى … | ١ ثور |
البستانيون والعسالون … | ١ ثور |
رئيس الفلاحين (؟) … | ١ ثور |
(٢٨) | ١ ثور |
العمال صانعو عربات الحرب … | ١ ثور |
كاهن آمون … | ١ ثور |
الحفارون … | ١ ثور |
صانعو الفخار … | ١ ثور |
البناءون | ١ ثور |
مدينة | ٤ ثيران |
كاهن معبد الإله «حرشف» التابع «لرعمسيس» … | ١ ثور |
وهذه لأيام النسيئ.
- (١) على الرغم من أن الاشتقاق اللغوي لاسم «نمروت» غير معروف فإنه يجب أن يُلحظ الصعوبة التي تعترضنا عندما نريد أن نقرب هذا الاسم من الكلمة العبرانية «نمرود». والواقع أن هذه الصعوبة ليست بأقل من الصعوبة التي تصادفنا عندما نريد أن نُرجع اسمي؛ «أوسركون» و«تاكيلوت» إلى الاسمين البابليين «سرجون» و«تجلات» (راجع Maspero, Hist. Anc. II. p. 769 note1). وعلى أية حال؛ فليس مدهشًا أن نجد أعضاء أسرة أصلها لوبي صريح ينسب اسم من أسمائها إلى أصل أجنبي تمامًا بدلًا من أن نبحث عن أصله في لغة السلالة نفسها.
- (٢) يجب أن نفرق بين اسم «نمروت» الذي ورد في السطر الثالث من اللوحة التي نحن بصددها الآن، وبين اسم الموظف الأهناسي الكبير الذي جاء ذكره في السطر الثاني عشر بنفس النطق والرسم، وذلك خلافًا لما ذكره «مسبرو» في ملاحظته عن هذا المتن (راجع Rec. Trav. XXXI. p. 38)؛ إذ يقول: «وهنا كان أحد أبناء الملك «نمروت»، وهو الذي كان قد عينه والده قائدًا حربيًّا في مقاطعة أهناسية المدينة العظيمة، وهو الذي على ما يظهر قد فكر أولًا واقترح بعد ذلك في عمل الإصلاحات.» والواقع أننا أمام شخصين مختلفين كان يقوم كل منهما بعمل مميز عن الآخر؛ فأحدهما — وهو الذي ذُكر في السطر الثاني عشر — قد عُين قائدًا لجنود أهناسية المدينة، في حين أن «نمروت» الآخر الذي ذكره في السطر الثالث كان يقوم بإدارة جيش مصر كلها كما يؤكد ذلك ما جاء على تمثال ليونتوبوليس (تل المقدام) (راجع L. R. III. p. 323-324).
والاسم الثالث الهام الذي يصادفنا في السطر الثاني عشر هو اسم السيدة «استنخب»، وهو بلا شك اسم امرأة ذات نسب عريق، ولا ريب في أنها من الأسرة المالكة، وهذا ما يوحي به لقبها: ابنة الرئيس الأعظم «للمشوش»، وكذلك توحي بذلك وظيفتها الرئيسية العامة لحريم الإله «حرشف» … ويمكن تقريب هذه الوظيفة من وظيفة «كبيرة الحريم لآمون رع ملك الآلهة» أو الرئيسة العظيمة الأولى لحريم «آمون رع ملك الآلهة»، وهذا اللقب كانت تحمله الملكات والأميرات في عهد الأسرة الواحدة والعشرين. ومن الأمور الهامة التي ينبغي الوصول إليها هو أن نتعرف على شخصية هذه الأميرة، وبخاصة أن ذلك يمكِّننا من تحديد تاريخ الحاشية التي جاءت في السطر الثاني عشر من هذا المتن، غير أن الوصول إلى حل هذا الموضوع يكاد يكون ضربًا من المستحيل، كما يؤكد لنا ذلك عدم إمكان إيجاد الروابط التي بين ثمانية الأميرات اللائي تحدث عنهن الأثري «جوتييه» في الجزءين؛ الثالث والرابع من كتاب «الملوك» وقد لُقِّبن بهذا اللقب، وكذلك كانت الحالة مع ابنة الملك «شبكا» (في الأسرة الخامسة والعشرين)؛ فقد ذُكرت كذلك باسم «استنخب»، ومن أجل ذلك نتساءل — على عكس ما قرره «مسبرو» وقد رأى أن هذه السيدة إما أن تكون أم الرئيس الحربي لمدينة أهناسية المدينة أو زوجه، إذا لم تكن هناك امرأة تُدعى «استنخب» ليست معروفة حتى هذا العهد، وأنها عاشت في عهد كان فيه سلطان «المشوش» مزدهرًا، وأنها قد أرادت أن تفخر به؛ أي إنها كانت على قيد الحياة في عهد الأسرة الثانية والعشرين، ويحتمل أن ذلك كان في السنين التي أعقبت موت الملك «أوسركون الثاني» حوالي عام ٨٥٠ق.م، وربما كان السبب في ذلك أن هذا الفرعون الذي نعرف نشاطه مدةَ حكمه الذي امتد نحو ثلاثين سنة والفرعون «شيشنق الأول» الذي كان يعد حارسًا غيورًا على الامتيازات الفرعونية، كان لا يسمح واحد منهما لأحد رعاياه — حتى ولو كان قد وصل إلى أعلى الرتب الاجتماعية — بأن يقوم بعمل أية إضافة في وثيقة رسمية يمزق وحدتها، وكان لا بد لأجل ارتكاب مثل هذه الجرأة أن تكون السلطة المركزية في البلاد قد أصبحت في أيدٍ ضعيفة تخضع لأية قوة. والواقع أن هذه كانت الحالة في عهد الفراعنة الخمسة الذين خُتمت بهم الأسرة الثانية والعشرون، وهؤلاء هم الذين تركوا «طيبة» بين عامي: ٨٥٠–٧٢٥ق.م؛ لتعلن من جديد استقلالها عن بيت الملك كما سنرى بعد، وبذلك سادت الفوضى في مصر الوسطى والدلتا. ولا نزاع في أننا نعترف هنا بأن هذا التفسير بعيد عن أن يحتل المكانة الأولى وأن يعد تفسيرًا مقنعًا تمامًا، ولكن من جهة أخرى يسمح لنا أن نستعرض النظرية القائلة: إن «استنخب» التي جاء ذكرها في هذا المتن لا بد كانت قد عاشت على ما يُظن ما بين عامي ٨٥٠ و٨٠٠ق.م، وأنها في هذه الفترة نَقَشَتِ الإضافة التي نراها في اللوحة بارزةً، وأنها عملت من طريق الزهو والفخر كما يحدث الآن، فينسب شخص نفسه لأسرة عظيمة قد يكون يحمل اسمها عن طريق الصدفة.
ومما يلاحَظ في نقوش هذه اللوحة كذلك أنه قد جاء في السطر الثالث عشر ذكر الإله «ست»، غير أن الحيوان الدال على صورة هذا الإله وُجد مهشمًا، والواقع أن وجود اسم هذا الإله في وثيقة رسمية من الأسرة الثانية والعشرين يسترعي النظر؛ وذلك لأنه يبرهن على تقديس هذا الإله واحترامه في عهد ملوك «بوبسطة»، وقد يؤكد ذلك المكانة الخاصة التي كان يحتلها كاهن هذا الإله بين أهم الشخصيات في مقاطعة أهناسية المدينة؛ إذ نلحظ أنه كان بمفرده يورد عشرة ثيران، وقد استمر ذلك حتى نهاية عهد الأسرة الخامسة والعشرين. يضاف إلى ذلك أننا وجدنا هذا الإله يوحي بالأحكام بين المتخاصمين في الواحة الداخلة كما ذكرنا ذلك من قبل. هذا على الرغم من أن نجم هذا الإله قد أخذ في الأفول في عهد الأسرة الواحدة والعشرين على رأي «مونتيه» (راجع مصر القديمة الجزء الثامن). وتدل شواهد الأحوال على أن هذا الإله لم يكن مكروهًا في عهد هذه الأسرة، ولكن قد بدأ كرهه يشتد في العصور التي تلت هذه الأسرة، ويحتمل أنه قد ازداد من أول الأسرة السادسة والعشرين فما بعد.
(أ) الضرائب وتوزيعها كما جاءت في متن هذه اللوحة
قد لا نخطئ إذا قررنا أن جزء المتن من سطر ٩ إلى ٢٩ يعد نموذجًا لوثيقة رسمية عن الضرائب؛ فقد دوِّن بدقة مبتدئًا بأنواع الأقسام الثلاثة التي تَنْقَسِمُها مقاطعة أهناسية المدينة من الوجهة المالية، وأعني بذلك أنه ذُكر فيها المدن والقرى ثم الإقطاعات الصغيرة. وجاء في المتن بعد ذلك ذكر عدد الثيران التي كانت تجمع سنويًّا لتقدم قربانًا لمعبد الإله «حرشف»، وينتهي المتن بعد ذلك بقائمة طويلة ذُكر فيها الموظفون الحربيون والدينيون وأصحاب الوظائف العالية، ثم ذكرت الأماكن مبتدئة بالمدن بمعناها الصحيح، ثم القرى والضِّياع، ثم التجار والصناع وأصحاب الحرف.
وقد قسمت الضرائب التي جمعت من ذلك على الاثني عشر شهرًا التي تحتويها السنة المصرية، ثم شُفع اسم كل دافع ضرائب من الذين تحتويهم هذه الفئات بالرقم الذي كان يجب عليه دفعه ضريبة، وكانت تورد ثيرانًا كلٌّ على حسب المركز الذي يشغله في الحياة الإقطاعية. ويلاحَظ أنه قد روعي في الدفع ذكر العناصر الثلاثة التي كانت تتألف منها الأقسام الثلاثة التي ذكرناها، وعلى ذلك نجد أن المدن قد احتلت المكانة الأولى، ثم تلاها في المنزلة القرى التي كانت أقل من المدن مساحة، وأخيرًا الضِّياع أو المستعمرات أو العِزب الصغيرة، ويأتي بعد ذلك أصحاب الحرف والصناعات. أما الأمر الذي لم يمكننا الوقوف على كنهه من نفس الوثيقة فهو: هل كانت هذه الضرائب تُجْبَى على رءوس الأموال أو على الدخل السنوي الذي يَحصل عليه كل فرد من هؤلاء الأفراد الذين جاء ذكرهم في الوثيقة؟ وكذلك لم تُشِرِ الوثيقة فيما إذا كانت هذه هي الضريبة الوحيدة التي كانت تُجْبَى من هؤلاء الأفراد أو كانت تجبى منهم ضرائب أخرى؟
والمرجح أن هذه الضريبة كانت على الدخل السنوي؛ لأننا نجد من بين دافعي الضرائب صُنَّاعًا وموظفين، ومن ثم نفهم أنه كانت توجد في البلاد وقتئذ طائفة من رجال الدين كانوا أصحاب يسار، ثم طائفةُ فلاحين قاطنين القرى والضِّياعَ، وأخيرًا طبقة صناع وأصحاب حرف كانوا على ما يظهر يسكنون المدن، وكان كل هؤلاء يدفعون ضرائب للحكومة التي كانت على الأرجح تتولى منها الإنفاق على معابد الحكومة وغيرها، هذا فضلًا عن وجود طبقة رجال الجيش الذين كان لهم سلطان عظيم وثروة ضخمة، كما يدل على ذلك مقدار ما كانوا يدفعونه من ضرائب لإمداد معبد الإله «حرشف».
(٣-٤) السجلات التي دوَّنها «شيشنق الأول» على لفائف الكاهن الثاني لآمون المسمى «زد بتاحف عنخ» الملقب ابن الملك رعمسيس
الكتان الجميل الذي عمله ملك الوجه القبلي والوجه البحري سيد الأرضين «خبر-حز رع-ستبن رع» بن رع سيد التيجان «محبوب آمون شيشنق» لوالده «آمون رع في السنة العاشرة»، الكتان الجميل الذي عمله الكاهن الأكبر لآمون رع والقائد الأعلى للجيش (المسمى) «أوبوت» المنتصر ابن الملك رب الأرضين «شيشنق الأول» لوالده «آمون» في السنة العاشرة.
ولدينا لفافة أخرى تحمل نفس النص، ولكنها مؤرخة بالسنة الحادية عشرة، وأخرى مؤرخة بالسنة الخامسة غير أن اسم الكاهن الأكبر قد فُقد.
(أ) ابن الملك لرعمسيس (أو حاكم مدينة رعمسيس أو «بررعمسيس»)
الابن الملكي لرعمسيس نمروت
على ظهر التمثال:
قائد كل جنود المشاة «نمروت» صادق القول وابن الملك لرب الأرضين …
وعلى الجانب الأيسر من المحراب الذي يحمله التمثال — ويشتمل على صورة الإله «أنخور».
المتن الثاني:
القائد لكل جنود المشاة والرئيس العظيم للمشوش (؟) «نمروت» صادق القول، وابن الملك لرب الأرضين «شيشنق»، وأمه هي الابنة الملكية … والرئيس العظيم للمشوش المسماة «بانوراشناس».
ويوجد على الجانب الأيمن لنفس المحراب متن مشابه للسابق.
ومما سبق يمكننا أن نوحد صاحب تمثال «مرامار» وصاحب السوارين بصاحب التمثال المحفوظ بالمتحف المصري. وتدل الأحوال على أن الملك «شيشنق» المذكور هنا هو الذي يحمل لقب «محبوب آمون» وهو «شيشنق» الأول مؤسس الأسرة الثانية والعشرين، وفي هذه الحالة يكون «نمروت» الذي نحن بصدده الآن يحمل اسم جده لوالده، وهذا ليس بالأمر الغريب؛ لأنه على حسب ما قررناه سابقًا كانت القاعدة المتبعة تقريبًا في مصر القديمة أن يسمى الأولاد باسم جدهم عندما يكون المولود ذكرًا، وباسم الجدة عندما تكون المولودة أنثى.
ابن الملك لرعمسيس المسمى «زدحور أف عنخ»
ويمكننا القول بأن الأميرة «زد-أننوب-أسعنخ» كانت أم ابن الملك لرعمسيس المسمى «زدحور أف عنخ»، وبهذا يكون من حق الأخير أن يرث اللقب الذي يصله بأسرة الرعامسة القديمة كما يقول البعض.
أما اللوحة نفسها فمن الجائز أنها كانت هدية منحها الفرعون «شيشنق الأول» للقائد الحربي «زدحور أف عنخ» مكافأة على عمل لامع قام به، أو لخدمة قدمها لسيده الفرعون. ومن ثم يمكننا القول بدون تردد: إن نظرية «بروكش» القائلة: إن «زدحور أف عنخ» كان يعد ابن أحد ملوك رعامسة الأسرة العشرين لا ترتكز على أساس، وإنه أصبح من المستحيل الأخذ بهذا الرأي؛ وذلك لأنه في عهد «شيشنق الأول» كان الرعامسة قد حرموا الملك منذ عدة أجيال، وكان آخر فرعون منهم يفصل بينه وبين «شيشنق الأول» مؤسس الأسرة البوباسطية سلسلة ملوك الكهنة الذين كان بعضهم يحكم في «طيبة» فقط وبعضهم الآخر في «طيبة» «وتانيس» في وقت واحد، والظاهر أن اللوحة المصنوعة من الخزف المطلي الأزرق هي التي حَفِظت لنا اسم «زدحور أف عنخ» واسم أمه الأميرة «زد أننوب أسعنخ».
زد بتاحف عنخ ابن الملك لرعمسيس
ابن الملك لرعمسيس «أوسركون» (؟)
والواقع أن «أوسركون» هو الولد الوحيد المعروف لنا بصفة قاطعة للملك تاكيلوت وزوجه. هذا، ولا نعرف من أي آبائه الأقدمين قد ورث لقبه الفخري «ابن الملك لرعمسيس»، هذا على فرض أنه لقب موروث.
ابن الملك لرعمسيس أوبوت
ولا نعرف شيئًا آخر عن هذه الشخصية، ولكن الاسم الذي كان يحمله موحد مع اسم الكاهن الأكبر لآمون ابن «شيشنق الأول». وهذا يحدو بنا إلى التفكير في احتمال أنه عاش في أوائل الأسرة الثانية والعشرين البوبسطية.
ابن الملك لرعمسيس «باشد-باستت»
والواقع أن الأستاذ «ريزنر» قد وجد خلال الحفائر التي قام بها في منطقة جبال نوري بالسودان نقشًا باسم «باشد نباستت» ابن الملك «شيشنق الثالث»، والمفروض أن يكون نفسَ الشخص الذي وَجَدَ له «لجران» نقشًا على البوابة العاشرة بالكرنك وإن اختلفت الكتابة بعض الشيء. ويلقب «باشد نباستت» في هذا النقش: «القائد الأعظم للجيش» (كما وجد في نقش الكرنك على ما يُظَنُّ).
ويرى الأستاذ «ريزنر» أن هذا القائد الأعلى لجنود والده «شيشنق الثالث» في بلاد «إثيوبيا» قد قام بفتح مستقلٍّ بصورة ما عن سلطان والده الذي كان مقره «بوبسطة» بالدلتا، وأنه كان في الواقع حاكمًا حقيقيًّا لبلاد «كوش»، ولا يبعد أن يكون قد أعلن استقلاله عن بلاد «إثيوبيا» ولكن الملك «كاشتا» — الذي يَظن «ريزنر» أنه ابن «باشد نباستت» وخليفته — قد استولى على لقب الملك وطرد الملك «أوسركون الثالث» البوبسطي من «طيبة» وأقصاه إلى الدلتا، وأجبره أن تكون ابنته «أمنردس» خَلَفَ ابنة «أوسركون» المسماة «شابنأبت» التي كانت تحمل لقب «الزوجة الإلهية»؛ أي الكاهنة العظمى «لآمون رع».
ابن الملك لرعمسيس «استمخب»
ومن المهم هنا أن نلحظ أن اللوحة التي وجد عليها هذا اللقب، وكذلك اللوحة التي في متحف «جيميه» بباريس السالفة الذكر، ولوحة «برلين» أيضًا كلها هبات قام بها الملك «أوسركون» الأول للكاهن مرتل الإلهة «حتحور»، ونحن لا نعرف شيئًا عن المكان الذي وجدت فيه اللوحة، ولكن لا يبعد أن يكون قد عُثر عليها في دندرة؛ إذ كانت هذه البلدة أهم مركز لعبادة الإلهة «حتحور».
هذا، وقد طلعت علينا الكشوف الحديثة بأشخاص آخرين يحملون هذا اللقب: (٩) «أوندباوندد» القائد الحربي وابن الملك (حاكم) رعمسيس [راجع فراعنة الأسرة الواحدة والعشرين في تانيس الفرعون «بسوسنس» (باسب خعنوت)].
(١٠) الأمير «حور نخت» ابن الملك (حاكم) رعمسيس. وسنتحدث عنه فيما بعد.
(٨) القائد الأول لجيش جلالة («الملك بسوسنس الأول» والمدير العظيم لبيت آمون رع ملك الآلهة) وابن الملك لرعمسيس المسمى «عنخفتموت» والرئيس الأعلى للخيل لآمون ملك الآلهة … إلخ [انظر فراعنة الأسرة الواحدة والعشرين في تانيس الفرعون «بسوسنس» (باسب خعنوت)].
والواقع أنه لا يوجد واحد من بين هؤلاء العشرة الذين يحملون لقب «ابن الملك لرعمسيس» كان والده يدعى «رعمسيس».
وهؤلاء الأشخاص لم يكونوا — كما اعتقد الأثري «فيدمان» — أبناء الملك «رعمسيس» كذا أو الأمير «رعمسيس» كذا؛ سواء أكان «رعمسيس الثالث» أم آخِر «رعمسيس» حكَمَ مصر أم «رعمسيس السادس عشر» المزعوم الذي يقول عنه «بروكش» إنه استمر في الحكم في الواحة الكبرى بعد تولية «حريحور»، أو أمير يدعى «رعمسيس» من الأسرة الواحدة والعشرين. وعلى ذلك فهؤلاء الشخصيات الذين كانوا يحملون هذا اللقب لم يكونوا إخوة، يبرهن على ذلك اختلاف العصور التي نجدهم ظهروا فيها منذ «شيشنق الأول» حتى عهد الملك «بادو باست» محبوب آمون. ومن ثم ينبغي أن يكون لقبهم هذا واسعًا في معناه؛ أي إنه أصبح يعني أن حامله كان من نسل الفراعنة دون أن يحدَّد «رعمسيس» الذي كان على رأس هذا الفرع من الأسرة.
وهذا النسب قد جاء على وجه التأكيد — إذا أخذنا به — عن طريق النسوة؛ وذلك لأن الأبناء الملكيين «لرعمسيس» إذا لم يكونوا منتسبين إلى ملك يحكم فعلًا فإنهم يذكرون دائمًا أمهاتهم ولم يذكروا قط والدهم، وقد يحدث في كثير من الأحيان أن يُنسبوا للرعامسة عن طريق أمهاتهم، ومع ذلك فإنهم في الوقت نفسه أبناء ملوك حاكمين (مثل «شيشنق الأول» و«شيشنق الثالث»)، وليس في ذلك ما يدهش؛ لأن أوائل ملوك الأسرة الثانية والعشرين كانوا حريصين أكثر من ملوك الأسرة الواحدة والعشرين على تعزيز شرعيتهم للملك الذي اغتصبوه بواسطة الزواج من نساء انتسبن إلى أواخر نسل أسرة الرعامسة التي أنجبت للبلاد فراعنة عظام في الأسرتين التاسعة عشرة، والعشرين.
وقد نتج من التزاوج من هؤلاء النسوة اللائي كان يجري في عروقهن دم هؤلاء الرعامسة أن ادَّعى اللوبيون المحدثون الغرباء — وهم الذين تناسلوا من أسرة رئيس مغمور الذكر من قبائل لوبيا (المشوش وغيرها) — أن لهم الحقَّ في أن يحملوا لقب الفراعنة الذين خلعوهم من عروشهم، وأصبحوا يدَّعون لأنفسهم أنهم أولاد «رع»، وأصبح لهم الشرف في أن يحكموا على مملكة هذا الإله.
ومن المهم أن نلحظ هنا أن بقاء هذا التقليد الدال على بهاء وعظمة الرعامسة في نسلهم البعيد، قد استمر ما لا يقل عن ثلاثة قرون تقريبًا، غير أنه استمر آخذًا في الضعف شيئًا فشيئًا مدة خمسة عشر جيلًا. هذا، ولا نظن أنه من الضروري أن نرجع بأصل هذا اللقب وحامليه إلى أخلاف «رعمسيس الثاني» العديدين كما يظن بعض المؤرخين، بل من الجائز أن ذلك يرجع إلى نسل «رعمسيس الثالث» مباشرة؛ وذلك لأنه كان يُعَدُّ أعظم ملوك الأسرة العشرين، كما أنه لا يبعد حكمه عن آخر الرعامسة أكثر من جيلين أو ثلاثة.
وقد لاحظ كل من الأثري «برج مان» والمؤرخ «بتري» بحقٍّ أن أبناء الملوك «لرعمسيس» قد انخفضت منزلتهم في الأجيال الأولى إلى وظائف حربية (قُواد كل الجنود المشاة)، أو رجال شرطة (قواد الشرطة)، ومن الجائز أن هذه الألقاب والوظائف لم تكن إلا ألقاب شرف وحسب، وفيما بعد نجد أن الذين كانوا يحملون لقب «ابن الملك لرعمسيس» كانوا يحملون ألقابًا دينية مثل: الكاهن الرابع، والكاهن الثالث، والكاهن الثاني لآمون، وقد وجدنا واحدًا منهم يحمل لقب الكاهن الأول «لآمون رع» ملك الآلهة، غير أننا لا نعرف إلى أي حد كان مقدار سلطان الكاهن الأكبر «لآمون» بالنسبة للقب «ابن الملك لرعمسيس» «أوسركون» الذي كان له سلطان محَسٌّ على جميع رجال كهنة «آمون» الطيبيين.
والحقيقة أن وظيفة رئيس كهنة «آمون» كانت تعد — كما نعلم — أهم وظيفة بعد الفرعون في الدولة المصرية، وبخاصة في العهد الذي كان فيه الملوك لا يتخذون مقرهم على وجه عام في «طيبة» بل في شمال البلاد، فكان الكاهن الأكبر «لآمون» في «طيبة» يعد نائبَ الملك في الوجه القبلي. يضاف إلى ذلك أن كل ملوك «تانيس» و«بوباسطة» كانوا لا يَكِلُون أمر هذه الوظيفة إلا إلى شخصية معروفة بالإخلاص؛ ولذلك كانوا ينتخبونها من بين أفراد أسرتهم، فكان يُنتخب أخو الملك أو الابن الأكبر له أو ابن الأخ، والفرد الوحيد الذي لم تجتمع فيه هذه الشروط، وكان يحمل لقب الكاهن الأكبر «لآمون» كان في عهد «شيشنق الثالث». ويمكن أن نفسر ذلك بأحد أمرين؛ فإما أن الملك ليس له في نسله المباشر ولا في نسله من الأقربين شخص يمكن أن يقوم بأعباء رياسة كهنة «آمون»، وإما أن يكون «أوسركون» الذي شغل هذا المنصب هو من نسل الرعامسة البعيدين، وكان أقرب فرد في متناول الفرعون لشغل هذه الوظيفة وقتئذ، هذا بالإضافة إلى أنه شخصيًّا كان قد فقد كل سلطان سياسي بالنسبة لأجداده الأبعدين من الرعامسة؛ ولذلك كان في مقدور الفرعون أن يسند إليه شغل هذه الوظيفة دون أن يكون هناك أي خطر منه على عرش ملوك «بوباسطة».
وخلاصة القول أن القليل الذي نعرفه عن أبناء الملك «لرعمسيس» يشير بوجه خاص إلى أن هؤلاء الشخصيات كانوا يعيشون في البلاط متمتعين بحظوة الفرعون الذي كان يتخذ منهم سُمَّارًا، ومن المحتمل كذلك أنه كان يختار منهم مستشارين مقربين، وقد كان يغدق عليهم بسخاء اعترافًا بنصائحهم واحترامًا لأصلهم العريق، فكان يمنحهم الألقاب والرتب العالية، غير أن كل هذه الإنعامات كانت ميزات شرف وحسب، وليس لها سلطة عملية.
(٤) آثار أخرى لشيشنق الأول
- تانيس: نَقَشَ «شيشنق الأول» اسمه على قاعدتي تمثالين لبلهول يرجع عهدهما للأسرة الثانية عشرة (راجع Petrie, Tanis I p. 15).
- تل المسخوطة: عثر «بتري» في «تل المسخوطة» على قطعة من لوحة، ويدل الحجر الذي قطعت منه وصناعتها على أنها غاية في الدقة، وقد رُسم على الجزء الباقي آلهتان تُمثِّلان الوجه القبلي والوجه البحري وتَعِدَان المَلِكَ حياة طويلة سعيدة، والملك المذكور هنا هو «شيشنق الأول»، ولا بد أن ملوك «بوباسطة» وبخاصة «شيشنق الأول» قد استعملوا مخازن «بتوم» (تل المسخوطة) لتموين جيوشهم الذاهبة إلى بلاد سوريا (راجع Naville, the City of Pethom. p. 13).
- تل بسطة: لما كانت مدينة «تل بوباسطة» هي موطن «شيشنق الأول» كما هو المفروض؛ فقد كان المنتظر أن يزين جدران آثارها ويحيلها بالنقوش التي تتحدث عن انتصاراته ومفاخره، ولكن ما حدث هو العكس؛ إذ لم يُعثَر على أية نقوش للفرعون «شيشنق الأول» في هذه البلدة إلا قطعة صغيرة من الحجر الجيري عليها جزء من طغرائه، ومن المحتمل أن «شيشنق» عندما احتل عرش الملك قد لاقى مقاومة في «طيبة» وفي الوجه القبلي عامة، فرأى تثبيتًا لسلطانه بصورة واضحة أن يقيم الجزء الأعظم من آثاره في الوجه القبلي تاركًا الوجه البحري؛ لأنه كان مقر ملكه (راجع Naville Bubastis. p. 46-47).
- منف: كَشَفَ الأثري «بروكش» بالقرب من تمثال «رعمسيس الثاني» ﺑ «ميت رهينة» عن قطعة ضخمة من المرمر يحتمل أنها كانت قاعدة مائدة قربان طولها ١٫٩٠ مترًا، وارتفاعها ٥٠سم، وعرضها ١٫٠٥ متر، وعليها نقوش تدل على أنها من عهد الملك «شيشنق الأول»، فنجد على وجهها الأمامي سطرًا من النقوش جاء فيه: «أوزير حابي» — «آتوم حورنسبي». وهذا يدل على أن هذا النقش كان للعجل أبيس المتوفى. وعلى يمين ويسار هذا النقش كُتِبَ اسم الفرعون ولقبه في طغراءين، ونجد كذلك على يسار طغراء الملك صورة الإله «أنوبيس» وفي يده إناء طهور يسيل منه الماء على طغراء الفرعون الذي مُحِيَ وكتب مع هذا المنظر: تقديم القربان «لأوزير أبيس» (أربع مرات)، وعلى اليمين من طغراء لقب الملك نشاهد الكاهن الأعظم للإله «بتاح» حاملًا في يده اليسرى الصولجان الخاص بهذا الإله، وفي يده اليمنى آلة لفتح الفم كانت تستعمل في احتفال فتح الفم الخاص (راجع مصر القديمة الجزء الرابع). وقد كُتِبَ مع هذا الكاهن النقش التالي: «إجراء عملية فتح الفم لوالده «أوزير أبيس» على يد الكاهن الملقب عمود أمه وتطهيره في البيت العظيم …»
-
وفوق الكاهن نُقِشَ ما يأتي: «الكاهن الأعظم للإله «بتاح» المسمى «شدس نفرتم» ابن الكاهن الأعظم
«عنختف-سخمت» المرحوم.» ومن هذا نعلم الدور الذي كان يقوم به كل من
هذين الكاهنين العظيمين للإله «بتاح»، وبخاصة من الجزء التالي من
النقوش الذي يوضح الأعمال التي كان قد كُلف بها هذا الكاهن، ومعناه:
(المرسوم الذي كلف به الكاهن الأكبر للإله «بتاح» المسمى «شدس نفرتم»
من قبل جلالته، وهو تحضير مكان تطهير والده «أوزير أبيس» وذلك بشغل
فاخر). ومما هو جدير بالذكر هنا أنه توجد في متحف اللوفر لوحة للعجل
أبيس قد ذكر عليها قائمة أسماء جاء فيها اسْمَا هذين الكاهنين
العظيمين، وقد أورد الأثري «ليبلين» سلسلة نسب هذين الكاهنين مدلِّلًا
على أن هذه الوظيفة كانت وراثية فيها. (راجع A. Z. 16.
p. 37–43).
وكُشف كذلك في «ميت رهينة» قطعتان من عامود من الجرانيت الأسود عليهما طغراء هذا الفرعون (راجع Rec. Trav. XXII p. 143)، وقد عثر لهذا الفرعون على آثار صغيرة محفوظة في مختلف متاحف العالم منها لوحة صغيرة من الفخار، وقطعة جلد، وقمة صاجات، وصندوق من الفخار، وكبش مصنوع من العجينة الزرقاء، ولوحة مطلية بالأخضر وعليها صورة، وجعارين عادية نُقِشَ عليها اسم هذا الفرعون بصور مختلفة، وكذلك جعران من الذهب (راجع Petrie, Hist. of Egypt III p. 233).وكذلك توجد صورة لهذا الفرعون نقلها لبسيوس عن آثاره (راجع L. D. III, 300, 78).
(٥) أسرة الفرعون شيشنق الأول
- زوجه «كارمعمع»: ذُكر اسمُ زوجِه «كارمعمع» على لوحة «حور باسن» [انظر الأسرة
الثانية والعشرين فراعنة الأسرة الثانية والعشرين]، وكذلك جاء
اسمها على تمثال مجيب في متحف برلين، وقد لُقِّبت عليه «أوزير
المتعبدة الإلهية لآمون الأم المحبوبة كارمعمع» (L.
D. III 256 f, ausfu-hrliches Verseichniss (1899) p.
240)، وكذلك ذكر اسمها على تمثال مجيب آخر
يحمل نفس اللقب (راجع L. D. III 266
g.)، ويوجد لها تمثال مجيب محفوظ بمتحف
اللوفر، وآخر في مجموعة خاصة بمدينة «فلادلفيا».
وفي متحف برلين آنية أحشاء نُقِشَ عليها: «زوج الإله رب الأرضين (المتعبدة الإلهية لآمون) ربة التيجان الأم المحبوبة «كارمعمع».» (راجع L. D. III p. 256 b).ويلاحَظ أن «بتري» قد وحَّد هذه الملكة بابنة الملك «بسوسنس الثاني» المسماة «ماعت كارع»، وهي أم الملك «أوسركون الأول»، وقد ذُكرت على تمثال النيل المحفوظ بالمتحف المصري، غير أن هذا التوحيد يظهر مستحيلًا؛ لأن «ماعت كارع» (الثانية) كانت زوجة «لأوسركون» لا أمه، وقد اعترف «بتري» نفسه بهذه الحقيقة فيما بعد (راجع Petrie. Hist. III p. 237).وقبر هذه الملكة — الذي جاءت منه أواني الأحشاء والتماثيل المجيبة السالفة الذكر — ليس معروفًا، ويحتمل أنه في «طيبة»، والظاهر أن «مسبرو» (راجع Momies Royales p. 749-750) يَنْسُبُ أوانيَ الأحشاء هذه وكذلك التماثيل المجيبة التي تحمل اسم «موت مريكارع مع» إلى ملكة أخرى تدعى «كارع مع» (الثانية) زوج «أوسركون الثاني» وجدة «كارمعمع» التي تزوجت الملك «تاكيلوت الثاني»، فإذا كان هذا النسب صحيحًا فإنه لم يتبقَّ «لكارع مع» الأولى زوج «شيشنق الأول» ذكر إلا ما جاء على لوحة «حور باسن»؛ حيث تُلَقَّبُ «الأم الإلهية» ولم يوضَّح اسمُها في طغراء.
وقد كُشِفَ حديثًا في الكرنك بالقرب من السور الشرقي عن مبنيين؛ أولهما عليه طغراء الملك «أوسركون» مُزَيَّن من الداخل بمناظر دينية، أهم ما يلفت النظر فيها ضاربات على الدف يمثلن الإلهة «حتحور».
وواجهة المقصورة تحتوي على عمد أوزيرية الشكل. أما من جهة الزينة الخارجية فقد عملت بالطوب المحروق، وكذلك رقعة المقصورة، وهذا يدلنا على أن الطوب المحروق كان يستعمل في مصر في أزمان أقدم مما كنا نظن (راجع A. S. Tome LI. p. 554. Pl. II, I). والمقصورة الثانية في الجهة الغربية على بعد قليل من الثانية ورقعتها كذلك مرتفعة عنها بعض الشيء.وقد وُجد فيه حجرة نُقش عليها طغراءا الملكة (ماعت كارع) (ابنة الملك وسيدة الأرضين).
وقد زينت هذه الحجرة بزينة مفرغة، وفي أعلاها نجد اسم الملكة السابق في طغراءين يحميهما إلهان بأجنحتهما (راجع Ibid. Pl. II 2). - «أوسركون» الابن الأكبر لشيشنق (؟): خلف أوسركون هذا والده على عرش الملك، وليس لدينا أية معلومات أكيدة تثبت أنه كان بِكرَ أولاده، وقد زوجه والده من «ماعت كارع» ابنة آخر ملوك الأسرة التانيسية المسمى «بسوسنس».
- أوبوت الابن الأصغر: يضم «أوبوت» هذا كما ذكرنا من قبل إلى لقبه «رئيس المشوش»
الوراثي في أسرته لقبي: الكاهن الأول «لآمون»، وقائد المشاة، ولا
نعلم إذا كان «أوبوت» هذا قد خلف «بينوزم الثاني» مباشرة بمثابة
كاهن أكبر «لآمون»، كما نجهل كيف تولى رياسة الكهنة.
ويظن «مسبرو» (راجع Maspero, Histoire II p. 770.) أنه وصل إلى ذلك بالزواج من إحدى بنات «بينوزم الثاني» أو إحدى بنات أخت له.وقد حدثنا فيما سبق عن الأعمال التي قام بها في معبد الكرنك، كما جاء في لوحة السلسلة في السنة الواحدة والعشرين من حكم والده، وعلى ذلك كان «أوبوت» لا يزال يشغل وظيفة الكاهن الأكبر في عهد والده، ولمَّا كان «شيشنق الأول» لم يَعِشْ بعد ذلك التاريخ مدة طويلة فإنه من المحتمل أن «أوبوت» كان لا يزال يشغل وظيفة الكاهن الأكبر في عهد أخيه الأصغر «أوسركون» الأول (راجع Maspero Momies Royales p. 735–737)، غير أن هذا ليس رأي «بتري» الذي يقول: إن «أوبوت» قد مات قبل والده (راجع Petrie. Hist. III p. 239).وقد عثر الأثري «أمليونو» على مقصورة جنازية لهذا الكاهن الأكبر في «العرابة المدفونة» كتب عليها: «الكاهن الأول «لآمون رع» ملك الآلهة والقائد الأعظم للجنود «أوبوت» صادق القول ابن رب الأرضين «شيشنق» محبوب «آمون».» (راجع Les Nouvelles fouilles D’abydos (1899). p. 14 et 53 cf Daressy I p. 85).ووُجد اسم «أوبوت» كذلك على ذراع تمثال من المرمر في معبد الإلهة «موت» بالكرنك في عام ١٨٩٧ (راجع Benson and Gourlay, The Temple of Mut in Asher p. 349-350).أما تابوت «أوبوت» هذا فقد عَثَرَ عليه «كويبل» في معبد الرمسيوم (The Ramesseum p. 21 Pl. XXXA. Note 2).
- «نسخنسو-با-خرد» حفيدة «شيشنق» وبنت «أوبوت»: وُجد اسم هذه السيدة على قطعة من لوحة للكاهن الرابع المسمى
«نختفموت» عُثر عليها في الرامسيوم (راجع Ibid. p.
21 Pl. XXXA. Note 3)، وصاحب اللوحة هو ابن
هذه السيدة، وقد جاء عليها: «… أمه» «نسخنسو باخرد» ابنة «أوبوت»
المشرف على المدينة الجنوبية (طيبة)، صادق القول ابن الملك رب
الأرضين «شيشنق» محبوب آمون معطي الحياة. وقد ظن «بتري» خطأً أن
السيدة «نسخنسو باخرد» اسم رجل؛ ولذلك حسبه ابنَ «أوبوت» (راجع
Petrie Hist. III p. 233) غير
أنه فيما بعد صحح خطأه (راجع Ibid. p.
239).
وجاء ذكر «نسخنسو باخرد» — فضلًا عن ذكرها على لوحة «الرامسيوم» — على ثلاثة تماثيل عُثر عليها في خبيئة الدير البحري لابنها «نختفموت» وهو حفيد الملك «شيشنق الأول»، وقد عاش هذا الكاهن في عهد «أوسركون الثاني» والملك «حورسا أزيس»، كما سنرى بعد (راجع L. D. III p. 323, Legrain. Rec. Trav. XXVII p. 76).وهذا الكاهن يدعى «زد تحوتف عنخ» أيضًا كما يسمى «نختفتموت»، وقد جاء ذكر ابنها «زد موت سعنح» على تمثال كاهن «آمون» المسمى «باكنخنسو» (راجع Legrain Cat. Gen. III No. 42213 & Pl. XXII).
«نمروت» الابن الثالث للملك «شيشنق» [راجع الأسرة الثانية والعشرين الفرعون شيشنق الأول].
«تاشبتن-باستت» ابنة «شيشنق الأول» وقد وُجد لها تمثال عثر عليه في خبيئة الكرنك (راجع Rec. Trav. XXX p. 85–87).