يعتقد الأثري «دارسي» (Rec. Trav. XXXV p. 137. note
3) أن الملك «بامي» كان ابن الملك «شيشنق الثالث»، وأنه لا ينبغي
أن يعتلي عرش الملك، ولكن المدة الطويلة التي حكمها والده — وهي ٥٢ سنة تقريبًا —
قد
جعلته الوارث للملك بعد موت إخوته، وهذا احتمال يرتكز على ما جاء على المجموعة الصغيرة
من التماثيل الموجودة بالمتحف المصري، وهي التي عُثر عليها في «سايس» حيث نقرأ: الرئيس
الأكبر لقوم «مي» (المشوش) «بامي» ابن رب الأرضين «شيشنق محبوب آمون.» (راجع
Rec. Trav. XVI. p. 48). غير أن قراءة الطغراء فيها
شك كبير.
وعلى ذلك لا يمكن أن نقبل قراءة دارسي لهذه الطغراء، هذا إلى أننا لم نجده مذكورًا
بين أبناء الملك «شيشنق الثالث» قط، وأكبر مدة حكمها كما وُجِدَ على الآثار ست سنوات
مع
احتمال الشك كما سنتحدث عن ذلك بعد.
ذكرنا فيما سبق أن «بدي إزيس» قد أقام لوحة عند دفن أحد عجول «أبيس» في السنة الثامنة
والعشرين من عهد الملك «شيشنق الثالث» [راجع الأسرة الثانية والعشرين «الملك» شيشنق
الثالث]، وقد ذكر لنا بحثه المُجْديَ للعثور على عجل آخر في نفس السنة وموت هذا العجل
في السنة السادسة والعشرين فيما بعد؛ أي في السنة الثانية من حكم الملك «بامي»، وفي
تلك
الفترة أصبح «بدي إزيس» الكاهن الأكبر للإله «بتاح»، وقد قام بحكم وظيفته بدفن هذا
العجل ودوَّن كل ذلك في اللوحة الثانية التي سنورد ترجمتها هنا بعدُ، ومدة حياة هذا
العجل وهي ست وعشرون سنة ساعدتنا على تحديد مدة حكم الفرعون «شيشنق الثالث» كما
يأتي:
(١)
ولد العجل «أبيس» في السنة الثامنة والعشرين من حكم «شيشنق الثالث»، ومات
هذا العجل في السنة الثانية من حكم الملك «بامي».
(٢)
عاش هذا العجل ستًّا وعشرين سنة.
فتكون إذن مدة حكم «شيشنق الثالث» هي اثنتان وخمسون سنة.
ويشاهَد في أعلى اللوحة منظرٌ صُوِّرَ فيه العجل أبيس في هيئة إنسان برأس ثور تصحبه
إلهة الغرب، وأمامه ثلاثة أشخاص يتعبدون إليه وقد لقبوا كما يأتي:
(١)
الرئيس الأعظم لقوم «مي» المسمى «بدي إزيس» المنتصر ابن الرئيس الأعظم
لقوم «المشوش» «تاكيلوت» المنتصر.
(٢)
الكاهن سم للإله «بتاح» «حورسا إزيس».
(٣)
…
وأسفل هذا المنظر نقرأ المتن التالي:
السنة الثانية، الشهر الثاني من الفصل الثاني، في عهد جلالة ملك الوجه القبلي
والوجه البحري رب الأرضين «وسر ماعت رع ستبن آمون» معطي الحياة ابن رع رب
التيجان «مري آمون» «بامي» معطي الحياة والثبات والرضا مثل رع سرمديًّا، محبوب
«أبيس» ابن أول أهل الغرب (أوزير) الإله العظيم، في هذا اليوم اقتيد الإله في
سلام إلى الغرب الجميل لمكان دفنه في الجبانة ليثوي في المأوى الأبدي في مقعده
السرمدي، والآن لقد ولد في السنة الثامنة والعشرين في عهد جلالة الملك «شيشنق
الثالث» المنتصر، ولقد بحثوا عن جماله في كل مكان في الأرض الشمالية، وقد عُثر
عليه في معبد «شدبد» (مكان غير معروف) بعد ثلاثة أشهر عندما جالوا في أقطار
الدلتا وكل مركز من مراكز الأرض الشمالية.
وقد اقتيد إلى «منف» إلى والده «بتاح» القاطن جنوبي جداره على يد الكاهن
الأكبر للإله «بتاح»، والكاهن سم لبيت «بتاح»، ورئيس المشوش الأعظم «بدي إزيس»
ابن الكاهن الأكبر لبتاح، والكاهن سم الرئيس العظيم للمشوش «تاكيلوت» الذي
ولدته ابنة الملك من ظهره محبوبته «تسبر باست» في السنة الثامنة والعشرين من
الشهر الثاني من الفصل الأول، وكانت حياة هذا الإله الجميلة ستًّا وعشرين
سنة.
هذا، وقد عُثر على لوحتين موحدتين باللوحة السابقة في ألفاظها (راجع ترجمة هذه
اللوحات Brugsch, Geschichte Aegypten p. 672ff.; & English.
Translation, p. 382–384 L. R III p. 370-371).
ووجدت لوحة باسم «خنوم خنسو» الشاب في السربيوم مؤرخة بالسنة الثانية أول أمشير (راجع
Res. Trav., T XXI. R. 58)، وهذه اللوحة هي الوحيدة
من مجموعة آثار السرابيوم المؤرخة بالسنة الثانية من حكم «بامي» التي حفظت لنا تاريخًا
سليمًا من عهد هذا الفرعون وكذلك ألقابه، ويرجع الفضل إلى هذه اللوحة في أنها مكنتنا
من
أن نكمل التاريخ والألقاب في لوحات أخرى له.
ويوجد في متحف اللوفر لوحة باسم شخص يدعى «باتقب» (راجع Gazette des
Beaux arts (1908) p. 316-317)، وقد أُرِّخَتْ بالسنة السادسة من
عهد ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «وسرماعت رع ستبن رع» بن رع رب التيجان
«بامي محبوب آمون معطي الحياة».
وتاريخ هذه اللوحة يؤكد بصورة موفقة النظرية القائلة بأن «بامي» حكم أكثر من ست سنين
كما جاء على اللوحات الأخرى التي وجدت باسمه في معبد «السرابيوم».
ولا نعرف مِن أسرة هذا الفرعون إلا اسم ابنه الملك «شيشنق» كما جاء على لوحة للعجل
السادس من عهد الأسرة الثانية والعشرين لشخص يدعى «حور»، ومؤرخة بالسنة الحادية عشرة
من
عصر «شيشنق الخامس» (؟) (راجع L. R. III. p.
375).