التحنيط في عهد الأسرة الثانية والعشرين
وفي عهد الأسرة الثانية والعشرين استمر التحنيط كما كان عليه من تجديد وإتقان في عهد
الأسرة الواحدة والعشرين، ولكن على إثر نهاية هذه الأسرة أخذ التحنيط يتدهور بسرعة،
وكما قلنا كان محنطو الأسرة الواحدة والعشرين يرمون إلى جعل المومية تمثل صاحبها
قبل
الموت بقدر المستطاع، ولكن على مر الأيام وجدنا أن العناية بالمومية نفسها أخذ يقل
شيئًا فشيئًا، وتحولت هذه العناية إلى اللفائف الخارجية التي كانت تحيط بالجسم، وبعبارة
أخرى كان يُكتفَى بأن تظهر المومية من الخارج في صورة حسنة؛ ولذلك لم يكن من المهم
لدى
المحنط أن يعتني بالجسم الذي في هذه اللفائف.
ومن المدهش أننا نجد في متاحف العالم موميات عدة من العصر المتأخر، غير أن معظمها
ليس
له أية فائدة علمية، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه لم تفك أكفان إلا القليل منها أو
يصور
بأشعة X إكس، أما في متاحف القاهرة فإن معلوماتنا كذلك
قليلة؛ ولذلك فإن معلوماتنا عن هذا العصر تنحصر فيما فُحِصَ من موميات كُشِفَ عنها
في
بلاد النوبة (راجع Bulletins and Reports of the Archeological survey
of Nubia Vol. II 1907-1908).
وفي متحف القاهرة نموذج طيب لمومية رجل حُنط في عهد الفرعون «شيشنق الأول» كُشِفَ
عنها بين الموميات الملكية في الدير البحري، وهي لكاهن يدعى «زد بتاحفعنخ» (راجع
Momies Royales, p. 572 Guide du Viseteur fourth Ed. p. 40; Elliot
Smith, The Royal Mumies pp. 112–114 & P1,
KXXXIX-XC).
ويلاحَظ أن طراز تحنيطها كان على نمط تحنيط الأسرة الواحدة والعشرين؛ إذ نجد أن
اليدين موضوعتان على عضو التذكير، وحفرة البطن محشوة بنبات أشنة المجفف Parmelia furfuracea، كما نجد الأحشاء ملفوفة في
حُزَم من الكتان وموضوعة في الجسم. هذا، وقد استمرت عادة حشو الجسم ولكن بصورة أقل
مهارة عما كانت عليه في عهد الأسرة الواحدة والعشرين، ومن ثم يمكننا أن نرى بداية
الانحطاط الذي أخذ يبدو على عملية التحنيط كلها، فيلاحَظ أن أظفار الأصابع قد ثُبِّتَتْ
على الأصابع بحلقات مصنوعة من سلوك من الذهب، ووُجِدَ على الذراع اليسرى للمومية
تعاويذ
هامة، كما نشاهد أن المخ قد استُخْرِجَ من الجمجمة بوساطة طاقة الأنف اليمنى.
هذا، وليس لدينا وصف أي مومية وصفًا دقيقًا منذ هذا العهد حتى الاحتلال
الفارسي.