(١) آثار سيآمون
خلف «أمنمأبت» على عرش «تانيس» الملك «سيآمون» محبوب «آمون»، وقد ترك لنا آثارًا
عدة في «تانيس»؛ ففي معبد «عنتا» أعاد بناء البوابة والسور، وفي المعبد الكبير أتم
إصلاح المحراب الذي قد بدأ إصلاحه الفرعون «بسوسنس»، وقد سلك مسلك خلفه في استعمال
أحجار خرائب «أواريس» و«بررعمسيس» القريبة منه (قنتير الحالية)؛ فأخذ منهما
المسلات، والنقوش الغائرة من الجرانيت، واللوحات، والتماثيل، ولكن عندما تمت هذه
الأعمال في معبد «تانيس» ظهرت كالثوب الخَلَقِ الذي رُقِّع، ولكن بعض تماثيل الدولة
الوسطى التي أخطأتها يد التهشيم في الحروب الأهلية، وكذلك تماثيل «رعمسيس الثاني»
الضخمة التي لم يكن لدى المخربين الوقت لإتلافها قد أضفت على المعبد شيئًا من
العظمة؛ مما جعله يحتل المنزلة الأولى بين معابد مصر السفلى. ومن المحتمل جدًّا
أن
«سيآمون» قد دُفن في «تانيس» كباقي أفراد أسرته بالقرب من آبائه، ولم يُعثَر على
قبره بعد، غير أنه عُثر في جنوب المعبد الكبير على أحجار كثيرة هامة تدل شواهد
الأحوال على أنها إما أن تكون ضمن أحجار قصره، أو ضمن أحجار معبده الجنازي؛ فقد
وُجد له تمثال من الجرانيت المحَبَّب نُقش عليه اسم «أوزيرسيآمون»، كما وُجد نَقْش
غائر عليه مسحة من الجمال مُثِّلَ فيه هذا الفرعون يقضي على عدو بمقمعته (راجع
La. Drame D’Avaris fig. 58).
على أن موضع هذا الرسم ليس جديدًا، غير أنه يوجد فيه تفاصيل تسترعي التفاتنا؛ إذ
نجد أن المصريين قد وضعوا في يد الأسير السلاح الخاص الذي يعد رمزًا لبلاده من هذه
الوجهة؛ فنجد في الصورة أن المنهزم يحمل بلطة ذات حدين، وهذا السلاح لا يؤلِّف
جزءًا من مُعَدَّات الحرب السامية، بل هو سلاح من أصل إيجي، وأقوام البحار في
«سوريا» قد ظلوا على ولاء له. والواقع أننا نعرف من كتاب «الملوك» أن «جيزر» قد
فتحها فرعون بانتصاره على الفلسطينيين قبل أن تُمنَح مهرًا للأميرة التي تزوجها
«سليمان».
٤
وفي الحق نجد أن «سيآمون» كان معاصرًا «لداود» لا «لسليمان»، غير أن التوراة لا
تحدثنا عن المدة التي كانت فيها «جيزر» في قبضة الفرعون عندما نزل عنها لملك
إسرائيل، وعلى ذلك فمن المحتمل أن «سيآمون» قد أعلن حربًا على الفلسطينيين، وأن
قطعة الحجر التي وجد مرسومًا عليها وهو يقضي على أسير تُنْسَبُ إلى انتصاره على
هؤلاء الأعداء، ومن المحتمل إذن أن «بسوسنس» كان كذلك ملكًا حربيًّا إذا حكمنا عليه
بما وُجد معه من أسلحة جميلة وجدت في قبره، وأنه يفتخر بالقضاء على أعدائه.
٥
معبد الإلهة «عنتا»
وُجِدَ في الجزء الجنوبي الغربي لمعبد «صان الحجر» الكبير سهلٌ طويل يبلغ
امتداده حوالي ثلثمائة متر، وقد أحيط بتلال، وفي وسط هذا السهل وجدت بعض آثار
تدل على بقايا معبد، وبخاصة بقايا عُمُدٍ من الجرانيت، وكذلك مجموعة من
التماثيل من الجرانيت تمثل هذه الإلهة الكنعانية جالسة بجانب «رعمسيس الثاني»،
وكذلك وُجِدَ تمثال من الجرانيت الأسود لكاهن الإله «خنسو الطفل».
ومما يجدر ذكره بهذه المناسبة أنه يوجد في متحف «شرليز» ﺑ «لاهاي» لوحة من
العصر المتأخر أهداها شخص يدعى «بتيموتيس» للإلهتين: «موت» و«عنتا» سيدة موطن
«عنتا»، ولكن مما يؤسَف له جد الأسف أننا لا نعرف المكان الذي عُثر فيه على هذه
اللوحة! فإذا جادت الصُّدف بكشف يدل على أنها وجدت في «صان الحجر»، فإن ذلك
يكون برهانًا على أن هذا المبنى الذي يحتوي على تمثال «عنتا» الذي ذُكر على
لوحة «بتيموتيس»، وكذلك تمثال كاهن «خنسو» هو معبد «عنتا» الذي ذُكر على لوحة
«بتيموتيس»، وهذا من الجائز جدًّا؛ لقلة ما لهذه الإلهة من آثار.
السور والبوابة اللذان أقامهما «سيآمون»
ومعبد الإلهة «عنتا» مَثَله كمَثَل المعابد المصرية كلِّها مُحَوَّطٌ بسور
قوي من اللبنات يبلغ عرضه ٧٫٥ مترًا، وجانباه (الشمالي والجنوبي) صغيران يبلغ
طول كل منهما ٨٥ مترًا، والشرقي والغربي يبلغ طول كل منهما ١١٠ مترًا، وهذا
السور يدخله الإنسان من الشمال من باب كان مصنوعًا من الحجر الجيري الأبيض، غير
أنه لم يبقَ منه حجر واحد في مكانه تقريبًا؛ إذ أُخِذَتِ أحجاره واستُعملت في
أماكن أخرى.
وعلى أية حال، فقد كان عرض المدخل حوالي أربعة أمتار؛ ولذلك كان من الصعب
علينا تحديد عصر بناء هذا المعبد لولا أنه — لحسن الحظ — وجد في الرمال في أربع
جهات متقابلة أربع ودائع أساس أمكننا بوساطتها معرفة من أقام هذا المعبد، وقد
عرفنا منها أنه الملك «سيآمون» الذي نحن بصدده الآن، وهو الذي أتم في المعبد
الكبير المحراب الذي بدأه الفرعون «بسوسنس» (انظر صورة رقم
٧).
والواقع أنه لم يوجد في وديعة الأساس التي في الركن الشمالي الغربي إلا بعض
لوحات من الخزف؛ وذلك لتهشم ما كان فيها من آثار، ولكن ودائع الأساس الثلاث
الأخرى وجدت سليمة، ومُحتَوَيَاتُ كلٍّ منها مماثلة للأخرى على وجه التقريب،
وتشمل لوحة صغيرة من الذهب، ولوحة أو لوحتين من الفضة، ولوحة أو ثلاث لوحات من
البرنز أقل حجمًا من بطاقة الزيارة، وقد نقش على كل من هذه الآثار أحد طغراءي
الفرعون أو طغراءاه معًا، وكذلك وُجدت ألواح من الخزف الأخضر نُقش عليها إما
طغراءا الفرعون أو رموز كانت تُنْقَش علامة على الحظ السعيد.
٦
وأخيرًا وُجدت أشياء صغيرة جدًّا من المرمر، والكرنالين، واللازورد،
والفيروزج، وهي عينات من الأحجار نصف الكريمة ترمز للقربان والمأكولات، وكذلك
أشياء صغيرة خاصة بالعبادة، وقد وُجد مع هذه الأشياء بعض عظام طير ولبنة، ويوجد
من هذه الأشياء وديعتان من ودائع الأساس، وكذلك ثالثة، وما تبقَّى من الوديعة
التي وجدت في الجهة الشمالية الغربية محفوظ بمتحف «اللوفر» بباريس (راجع
Tanis, I. p. 187ff).
وقد كُتب اسمه على تمثال ضخم من الجرانيت الوردي مهشم، كما كتب عليه أسماء
بعض ملوك آخرين: رب الأرضين «سيآمون» محبوب «آمون رع» ملك الآلهة. ويلاحظ أنه
كتب اسمه على اسم الفرعون «مرنبتاح» (راجع Rec. Trav. IX, p.
15).
وتدل شواهد الأحوال على أن هذا الفرعون كان مهتمًّا بكتابة اسمه على أسماء
الرعامسة في هذه الجهة.
وفي «تانيس» عُثر له على تمثال من البرنز مرصَّع في صورة «بولهول» عليه اسم
هذا الفرعون، وهو محفوظ الآن بمتحف «باريس».
٧
ووُجد له كذلك في «تانيس» قاعدة عمود عليها اسمه، وقد وَجَدَ «بتري» عدة آثار
عليها اسم هذا الفرعون،
٨ وبخاصة لوحات صغيرة من الخزف المطلي، وكذلك من البرنز ومن الذهب
كما ذكرنا سابقًا.
٩
منف
عَتَبُ بابٍ للملك سيآمون: يوجد على شمال هذا العتب طغراء الفرعون «نتر خبر
رع» مختار آمون وتحته: «محبوب بتاح جميل الوجه.» وطغراؤه الثاني: «سيآمون محبوب
آمون.» وتحته: «محبوب آمون سيد اللازورد الحقيقي.» ونشاهد خلف الإله «آمون»
إلهة وأمامها النقش التالي: «في معبد «بتاح» سيدة السماء وربة اللازورد
الحقيقي.» وأمام «آمون» نقش: «آمون رع رب اللازورد الحقيقي، لقد أعطيتك كل
الثبات والحياة والقوة أمامي.» وأمام الملك نقش: «تقديم قربان من البخور والماء
البارد لوالده لأجل أن يمنح الحياة.» (راجع Palace of Apries,
Memphis II, PI. XIX). وقد وُجد ست عتبات وكثير من عوارض
الأبواب في «منف» باسم هذا الفرعون، وهي الآن في لندن، وكوبنهاجن، ومانشستر،
وفلولدلفيا، وبترزبرج، وأكبر هذه العتبات العتبة الموجودة في «كوبنهاجن» (راجع
Ibid. PI. XXIV).
ونشاهد على يسار العتبة «سيآمون» يتعبد للإله «بتاح» والإلهة «حتحور»، ويلاحظ
عليها حول وجه الإله «بتاح» أن الأرض قد انخفضت في صورة مربع كأنه قد ثُبِّت
عليه لوح رقيق من المعدن، وخلف الملك نشاهد صورة كاهن أكبر لابسٍ قُرْطًا يتدلى
منه أربع كرات، ويحمل نباتًا في يده، وعلى كتفه جلد فهد، وهو رمز الكهانة. وقد
لُقِّبَ الأمير الوراثي، والكاهن والد الإله، والمشرف على أسرار السماء والأرض،
والعالم السفلي ذاهبًا إلى عالم أوزير، والكاهن، والرئيس الأعلى لعمال بتاح (أي
الكاهن الأكبر) «نتر-خبر-رع مرنبتاح» وهو الذي يسمى «بوبي»، ويلاحظ أن اسمه
الأول هو اسم الفرعون الحاكم.
وعلى يمين اللوحة يشاهَد الملك يقرب قربانًا للإله «بتاح» والإلهة «سخمت»
التي تحمل علم ابنها «نفرتم»، ويتبع الملك «عنخف نموت» الذي أقام كل العتبات
الأخرى، وهو ابن «أي» كاتب معبد «بتاح» وحساب ماشية «بتاح»، وهذه العتبة كما
قلنا وعارضة الباب كلها وكذلك نصف عارضة أخرى في متحف «ني كالرسبرج بمدينة
كوبنهاجن».
ويشاهَد أسفلها عتبة أخرى من نفس الطراز، وكذلك نقوش من ثلاث عتبات مماثلة
وهي موجودة الآن كما قلنا في المتحف البريطاني، و«منشستر» و«فلدلفيا»
و«بترزبرج»، هذا إلى جزء من عارضة باب كتب عليها إهداء للإله «بتاح» والإلهة
«حتحور» من مقيمها «عنخف نموت» (راجع
Ibid).
ووُجدت كذلك قطعة من عمود حجر في «منف» باسم «سيآمون»،
١٠ وقد كُتب تحت اسم هذا الفرعون اسم كاهن للإلهة «عشتارت» واسم الملك
«سحورع» أحد ملوك الأسرة الخامسة.
وَكَتَبَ هذا الفرعون اسمه على مسلتين كانتا في الإسكندرية؛ واحدة منهما الآن
في «لندن»، والأخرى في «نيويورك»؛ حيث نجد «سيآمون» نقش اسمه على الهوامش وفي
أسفل النقوش الأصلية. وهاتان المسلتان قد أقام إحداهما «تحتمس الثالث» والثانية
من عمل «رعمسيس الثاني»، ولكنهما نُقلتا من هليوبوليس إلى الإسكندرية في العهد
الإغريقي (راجع L. R. III p. 296).
الخطعنة
وفي بلدة «الخطعنة» القريبة من «فاقوس» عَثر «نافيل» على قطعة من الحجر عليها
طغراء الفرعون «سيآمون» (راجع
Naville, Goshen, p. 21 &
PI, 9 E & Bubastes, p. 46) ووجد لهذا الفرعون عدة
جعارين باسمه.
١١
ويقول الأستاذ «فيدمان»: إنه يوجد في «متحف القاهرة» صدرية من الذهب باسم هذا الفرعون.
١٢
الفسطاط
عقد شراء أطيان من عهد سيآمون: وقد عُثر على لوحة في خرائب مدينة «الفسطاط»، والظاهر أنها كانت في الأصل
في «منف»، وهي محفوظة الآن في مجموعة كلية «سنت جوزف» بالقاهرة.
ويشاهد في وسط هذه اللوحة على اليمين صورة شخص — لا بد أنه هو الفرعون —
يقدم قربانًا من الخمر كتب أمامه اسمه، وتحته: «تقديم نبيذ.» وأمام الملك
يقف الإله «بتاح» في صورة مومية وفي يده صولجان، وخلف «بتاح» تقف زوجه
الإلهة «سخمت» بجسم امرأة ورأس لبؤة، وعلى رأسها قرص الشمس والصل الملكي،
وكتب أمامها: «سخمت العظيمة محبوبة «بتاح».» ويأتي بعد ذلك في اللوحة المتن
التالي: «السنة السادسة عشرة، الشهر الثالث من فصل الفيضان في عهد جلالة
ملك الوجه القبلي والوجه البحري «نتر-خبر-رع-مري آمون» بن رع
«سيآمون».»
في هذا اليوم دفعت دفعة من الفضة من محصل مالية «بتاح» (؟) المسمى «أتي»
للكاهن المظهر «بتاح عنخفن خنسو» ابن الحارس الأول للكتب التي في مخزن غلال
«بتاح» «باسبني» ثمنًا لحقل مساحته أزوران يقع على حافة «القنال» «بعحت» في
«منف» غربي حديقة «تايت»، وقد دفعت له دبنًا وقدتين من الفضة، وذلك بمثابة
ثمن لأرض توجد في «بعحت» «بمنف» نزل عنها الكاهن المطهَّر التابع للإله
«بتاح» «سخمت عاحور»، وهو عبارة عن حقل مساحته أزوران، وقد دفعت ثمنه دبنًا
من الفضة.
تعليق: تدل الكشوف الحديثة على وجود عدة
لوحات نعلم من متونها أن الأفراد كانوا يَقِفُونَ للآلهة أو للأموات أراضيَ
ليصرف من ريعها على معبد الإله أو مزار المتوفى الذي وُقِفَتْ عليه.
١٣
وهذه اللوحات قد أُلِّفت على نسق واحد، وتحتوي كل منها في نهايتها عادة
على تهديد لكل من لم ينفذ ما جاء فيها.
والوثيقة التي نحن بصددها تنحصر في أنها عقد شراء حقيقي لشخص من عامة
الشعب أصبح بها مالكًا عقارين صغيرين.
وهذا التعاقد حدث في عهد الملك «سيآمون» الذي نتحدث عنه.
ويتلخص في أن صائغًا اشترى من شخصين من عامة الشعب قطعتين من الأرض في
جهة تقع بالقرب من قناة معروفة تمامًا في «منف» (راجع
Brugsch. Die, Geogr. p. 633). ولم
يذكر في هذا الوثيقة مقدار الضرائب على العقارات، ولا الضمانات إلخ …
وبالاختصار لا نجد في هذه الوثيقة شيئًا من الشروط الإجبارية التي نجدها في
الأوراق الديموطيقية واليونانية.
وثمن هاتين القطعتين واحد تقريبًا، وهو على وجه التقريب دبن من الفضة لكل
أرورين، ولكن نجد أنه في نفس الأسرة في عهد «بينوزم الثاني» كان نفس الثمن
يُدفع لشراء عشرة أرورات من أرض العرابة، حيث كانت الأرض أقل إنتاجًا (راجع
Br. A. R., IV. & 681).
وهذه الوثيقة دليل آخر — غير ما ذكرنا عند الكلام على ورقة فلبور — على
أنه كانت هناك ملكيات شخصية يتصرف فيها الفرد كما يشاء.
١٤
(١-١) مقبرة نسبا نفرحر
ذكر كل من الأستاذ «جاردنر» و«ويجول» في كتابهما عن مقابر «طيبة» وتواريخها
١٥ أن القبر رقم ٦٨ مِلك كاهن «آمون» ورئيس الكتاب للمعبد الخاص
بمَأوى آمون «نسبا نفرحر»، وأنه عاش في عهد الملك «حريحور» بصورة مؤكدة،
ولكن عندما فحص الأستاذ «شرني» نقوش هذا القبر، اتضح له أن «نسبا نفرحر»
هذا لم يكن المالك الأصلي لهذا القبر، ولكنه اغتصبه في عهد الفرعون
«سيآمون» الذي نحن بصدده الآن. ومن المحتمل أن نسبة هذا القبر لعهد الفرعون
«حريحور» ترجع إلى أن هذا الملك كان يُدْعى «سيآمون حريحور»؛ ولذلك خلط بعض
المؤرخين اسمي هذين الفرعونين، وظنوا أنهما واحد، وقد ظلت الحال كذلك إلى
أن برهن «دارسي» بجلاءٍ على أنهما ملكان منفصلان،
١٦ وكذلك لاحظ الأستاذ «شرني».
عند فحصه لنقوش هذه المقبرة أن الرسوم الأصلية قد غُيِّرَتْ ووُضعت عليها
طبقة جديدة من الألوان، جعلت الوصول إلى كنهها أمرًا يكاد يكون مستحيلًا،
وكل ما أمكن قراءته هو جزء من اسم صاحب المقبرة الأصلي وبعض علامات أخرى،
وقد أمكنه بموازنة الكتابة أن يحكم بأنها ترجع على أكثر تقدير لعصر الأسرة
العشرين.
أما ألقاب واسم المغتصب وزوجه وابنه، فإن النقوش التي نشاهدها في المنظر
بالقرب من المنظر (١) تقدم لنا معلومات تامة؛ ففي هذا المنظر نرى المتوفى
وزوجه قد رُسِمَا جالسين وأمامهما رجلان واقفان؛ يرتدي أولهما جلد الفهد
ويقدم قربانًا، وألقاب الرجل وزوجه هي:
- الزوج: أوزير كاهن آمون رع ملك الآلهة، ورئيس كهنة معبد مقام
«آمون»، ورئيس كتبة مائدة معبد آمون «نسبا نفرحر»
المرحوم.
- ألقاب الزوجة: أخته وزوجه مغنية آمون، ومغنية الإلهة «موت» «باكنموت»
المرحومة. والنقوش التالية تتبع الرجلين الواقفين أمام
المتوفى وزوجه، وهي: (١٠) «ابنه» الذي يقدم الماء البارد.
«أوزير» (الكاهن) والد الإله لآمون قاطن الكرنك، وكاتم
السر في السماء والأرض، وفي العالم السفلي، وفاتح باب
السماء (المحراب) في الكرنك، والكاتب الملكي لمائدة رب
الأرضين في معبد «آمون». «حور» المرحوم ابن كاهن آمون
«نسبا نفرحر» المرحوم.
تقديم قربان ملكي أمام أوزير الكاهن المطهَّر لآمون رع ملك الآلهة،
والكاهن والد الإله لموت العظيمة سيدة «أشرو»، وكاتب معبد آمون «نسعاشفيت»
المرحوم، ويوجد سطران من النقوش طويلان تحت السقف الذي فوق هذا المنظر،
وفيه تُقرأ من بين كتابته ألقاب المتوفى وابنه:
إطلاق البخور (؟) وتقديم الماء البارد لأوزير الكاهن والد الإله
لآمون رع ملك الآلهة، والكاهن والد الإله للإلهة «موت» العظيمة
سيدة «أشرو»، والكاتب الملكي لمائدة بيت آمون «حور» المرحوم ابن
كاهن آمون رع ملك الآلهة، وكاتب معبد بيت آمون، وكاتب مائدة بيت
آمون «نسبا نفرحر» المرحوم.
أما اسم والد «نسبا نفرحر» فلم يُحْفَظْ إلا في مكان واحد في رسوم
المقبرة (٣) «أوزير» كاهن «آمون رع» ملك الآلهة، وكاتب مائدة بيت آمون
«نسبا نفرحر» المرحوم بن «أفنآمون» المرحوم.
ومما سبق نعرف أن الشخصيات الثلاثة التي نجدها مدوَّنة على جدران المقبرة
هم: «أفنآمون» و«نسبا نفرحر» و«حور»، وهؤلاء معروفون لنا من وثائق أخرى من
نقوش هذا العصر، وبين هذه الوثائق واحدة يمكننا بها أن نحدد على وجه
التأكيد العصر الذي اغتُصبت فيه هذه المقبرة (رقم ٦٨)، وهذا النقش هو قطعة
من عمود مربع نُحِتَ في الحجر الرملي عَثَرَ عليه «لجران» في الكرنك، وقد
نَقَشَ عليه كاهنٌ من عهد الأسرة الثانية والعشرين بعض مقتطفات من تاريخ
أسرته خاصة بأجداده في عهد الأسرة الواحدة والعشرين.
١٧
•••
وهاك ترجمة هذه الوثيقة:
(١) السنة الثانية، الشهر الأول من فصل الفيضان، اليوم العشرون،
في عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري، سيد القطرين
«عاخبررع» بن رع «باسبخعنوت» … (٢)، يوم تنصيب الكاهن والد الإله
التابع لآمون رع ملك الآلهة، وكاتب معبد الإلهة «موت» العظيمة سيدة
أشرو، ورئيس كهنة مائدة قربان بيت آمون … «نسبا نفرحر» المرحوم ابن
«أفنآمون» في المكان العظيم، والممتاز «لآمون رع» ملك الآلهة على
حسب كل القواعد الخاصة بالكهنة.
السنة السابعة عشرة، الشهر الأول من فصل الفيضان في عهد جلالة
ملك الوجه القبلي والوجه البحري، سيد الأرضين، الفرعون «سيآمون»،
وهو يوم تنصيب الكاهن والد الإله التابع لآمون رع ملك الآلهة،
وكاتب معبد الإلهة «موت» سيدة «أشرو» العظيمة، ورئيس كتاب موائد
قربان بيت آمون «حور» المرحوم ابن كاهن «آمون رع» ملك الآلهة، رئيس
كتبة معبد بيت آمون، والمشرف على معابد الآلهة كلهم والإلهات كذلك
في الشمال والجنوب «نسبانفرحر» المرحوم في المكان العظيم الفاخر
لآمون رع ملك الآلهة …
ومما سبق نعلم أن ألقاب «نسبانفرحر» في متن الكرنك، وفي المقبرة رقم ٦٨
موحدة، وهذا كافٍ لإثبات أنهما لشخص واحد. أما من جهة ابنه فنجد في متن
الكرنك أنه يحمل ألقابًا كان يحملها والده كما ذكرناها فيما سبق، ولم يحمل
منها في القبر إلا الأول منها، في حين أن الألقاب الأخرى: الكاهن والد
الإله، محبوب آمون في الكرنك، ورئيس أسرار بيت آمون في السماء والأرض،
والعالم السفلي، وفاتح أبواب السماء (المحراب) في الكرنك، والكاتب الملكي
لقربان رب الأرضين في بيت آمون. واللقب الأخير يمكن تقريبه من اللقب: رئيس
كتاب بيت آمون، على أن الفرق بينهما ليس بذي أهمية تُذكَر.
ولما كان «حور» هذا يحمل لقبًا في القبر هو لقب: «الكاهن. والد الإله
لآمون رع» — وهو اللقب الذي كان يحمله من قبل في السنة السابعة عشرة من عهد
الفرعون «سيآمون» — فإنه يُستَنْبَط من ذلك أن اغتصاب «نسبانفرحر» للمقبرة
كان قبل هذا التاريخ.
وخلاصة القول أن المقبرة (٦٨) في طيبة كانت قد جهزها كاهن لآمون في «أبت»
وكاهن لموت يدعى …
وهذا القبر قد اغتصبه «نسبانفرحر» أو ابنه «حور».
وأخيرًا حدث هذا الاغتصاب بعد السنة السابعة عشرة من عهد الملك سيآمون.
١٨