إن هذا الفرعون الذي جاء ذكره على الآثار باسم «حور باسب خعنوت» وأسماه جوتيه «بسوسنس
الثاني» L. R. III p. 299) لم يذكره «دارسي» في مقاله
الذي كتبه عن الملوك الذين تسَمَّوْا بهذا الاسم (راجع Rec. Trav. XXI
p. 9-10)، وقد ذكره «بتري» في تاريخه عن مصر (راجع
Petrie Hist. III p. 225-6)، وفي ملاحظة أخرى (راجع
Proc, S. B. A. XXVI (1904) p. 283). ويقول
«جوتيه»: «إنه من الحزم أن نشك شكًّا كبيرًا في وجود هذا الملك إلى أن تظهر آثار
تؤكد
حقيقته.»
ويقول «بتري»: «إن طغراءي هذا الفرعون قد رآهما «ولكنسون» في مقبرة في طيبة.» (راجع
Petrie, Ibid. p. 225).
وقد وجد اسم هذا الفرعون على تمثال للنيل محفوظ الآن بالمتحف البريطاني
(p. 254; & Guide, Sculpture p. 211 No. 76)
وBudge, Guide (1909) غير أن «برج» قد قرأ الطغراء
قراءة خاطئة.
ومن النقش الذي جاء على هذا التمثال نعلم أن امرأة «أوسركون الأول» ثاني ملوك الأسرة
الثانية والعشرين كانت بنت الملك «حور باسب خعنوت» هذا، وهذا الملك يجب إذن أن يوضع
في
نهاية أسرة «تانيس»؛ أي الأسرة الواحدة والعشرين. ومن المدهش أن «لجران» عثر على
تمثال
في خبيئة الكرنك (رقم ٢٢١) يؤكد كل الحقائق التي جاءت على تمثال النيل (راجع
Legrain, Rec. Trav. XXX (1908) p. 89-90). غير أن
طغراء «حور باسب خعنوت» قد وجد مهشَّمًا كما سنرى بعد.
ولدينا قطعة من تواريخ كهنة «آمون» العظام بالكرنك (رقم ١٧) (راجع
Legrain, Rec. Trav. XXII (1900) p. 58 ef. Petrie Ibid P.
219) يَرْجع تاريخها إلى عهد الملك «أوسركون الأوَّل» ثاني ملوك
الأسرة الثانية والعشرين، وقد جاء عليها ذكر أحد أحفاد (؟) الملك «باسب خعنوت الثاني»
يُدعى «نس باوت تاوي» ويحمل لقب: «الكاهن والد الإله لآمون»، غير أنه يجب أن نذكر
هنا
أن الملك لم يُدْعَ في هذا النقش «حور باسب خعنوت» ولكن سُمِّيَ «باسب خعنوت» وحسب،
ومن
المحتمل أن المقصود هنا هو الملك «بسوسنس الثالث» (؟) كما سنرى بعد.
وتوجد في مجموعة «بتري» خرزة كُتِبَ عليها اسم الفرعون «حور باسب خعنوت» (راجع
Petrie, Hist. III p. 226 Fig. 93).
ذكرنا أنه قد جاء اسم «ماعت كارع الثانية» بنت الملك «حور باسب خعنوت» على تمثال
للنيل، ويجب ألا نخلط هنا بين هذه الأميرة وسَمِيَّتِها «ماعت كارع الأولى» التي
وجد
اسمها منقوشًا على معبد «خنسو»، وعلى الورقة الجنازية المحفوظة بالمتحف المصري؛ إذ
إن
الأخيرة كانت بنت «باسب خعنوت» الأول، وكانت الزوجة الإلهية لآمون بطيبة في عهد تولي
«بينوزم الأول» رياسة كهنة آمون (راجع L. R. III 252)،
وهذا الخلط بين هاتين الملكتين اللتين تحملان نفس الاسم، بما كتبه «لبسيوس» (راجع
A. Z. XX. p. 115 PI. II). وقد تزوجت الأميرة «ماعت
كارع» الثانية هذه الملك «أوسركون» الأول ثاني ملوك الأسرة الثانية والعشرين، وقد
أنجبا
«شيشنق مري آمون» الذي أصبح فيما بعد الكاهن الأكبر لآمون، كما جاء على تمثال وَجَدَه
«لجران» في خبيئة الكرنك، وقد اعتَبَرَ كلٌّ من «بتري» (Petrie Ibid
237-238) ومس «بتلز» خطأً (راجع Miss Buttles, The
Queens of Egypt. p. 191ff). هذه الأميرة أنها زوج الفرعون «شيشنق
الأول» ووالدة «أوسركون الأول» (راجع Rec. Trav. XXX (1908) p. 89-90 L.
R. III 300 Note 3)، وما جاء على هذا التمثال يؤكد ما جاء من سلسلة
النسب على تمثال النيل السالف الذكر، ونعرف مما جاء عليه فضلًا عن ذلك أن «ماعت كارع»
الثانية بنت «حور باسب خعنوت» الثاني وزوج «أوسركون الأول»، وأم الكاهن الأكبر «شيشنق»
كانت في الوقت نفسه كاهنة الإلهة «حتحور» صاحبة «دندرة»، وكذلك الأم الإلهية «لحور
سماتوي».
وقد تركت لنا هذه الملكة مرسومًا وضعه الإله «آمون» في صالح «ماعت كارع» خاصًّا
بميراثها، وقد نُقش هذا المنشور بحروف كبيرة على الجدار الشمالي من جدار البوابة
الثالثة الواقعة في الجنوب من معبد آمون بالكرنك، ويلاحظ أن النصف الأعلى من هذا
الجدار
قد هُدِمَ تمامًا، وفي هذه الحالة نجد أن الأسطر الأولى من النقش — وهي التي كانت
تحتوي
على اسم الملك وتاريخه — قد ضاعت بكل أسف! غير أنه من سياق الكلام نعرف أنه كان لها.
على أن ضياع هذه الأسطر قد جعل «بركش» يخلط في نسب هذه الملكة (راجع
Egypt, under the Pharoahs p. 373).
وسنضع هنا ترجمة حرفية لِمَا تبقَّى من هذه الوثيقة؛ لِمَا لها من أهمية تاريخية:
وهكذا تحدث «آمون رع» ملك الآلهة، والإله العظيم أول كل المخلوقات، و«موت»
و«خنسو»، والآلهة العظام: أما عن أي شيء من أي نوع قد أَحْضَرَتْه معها «ماعت
كارع» بنت ملك الوجه القبلي «مري آمون باسب خعنوت»، وهو المتاع الموروث الذي
ورثته من الإقليم الجنوبي للبلاد، وكذلك عن أي شيء من أي نوع مهما كان قد أهداه
إياها أهل البلاد، وكانوا قد أخذوه في أي وقت من السيدة الملكية فإنَّا نعيده
لها.
وأي شيء من أي نوع يكون ملكًا لأولادها بمثابة ميراث للأطفال فإنَّا نعيده
هنا لأولاده أبديًّا. وهكذا تكلم آمون رع ملك الآلهة والملك العظيم الأول لكل
الموجودات، و«موت» و«خنسو»، والآلهة العظام: وكل ملك، وكل كاهن أكبر لآمون، وكل
قائد، وكل ضابط، والناس من كل رتبة سواء أكانوا ذكورًا أم إناثًا لهم مشاريع
عظيمة، والذين ينفذون مشاريعهم فيما بعد فعليهم أن يعيدوا المتاع من كل
الأنواع، وهو الذي أَحْضَرَتْه معها «ماعت كارع» بنت ملك الوجه القبلي «مري
آمون باسب خعنوت» بمثابة ضيعة موروثة في الإقليم الجنوبي من البلاد، وكذلك كل
الممتلكات من كل نوع التي منحها إياها سكان البلاد، وكل ما أخذوه من هذه السيدة
في أي وقت فإنه سيُرَدُّ إلى يدها، وإنَّا سنرده إلى يد ابنها وحفيدها،
ولابنتها ولحفيدتها، ولابن ابن بنتها، وسيُحفظ إلى آخر الأزمان. وتَحَدَّث
ثانيةً «آمون رع» ملك الآلهة والإله العظيم بداية كل الموجودات، و«موت» و«خنسو»
والآلهة العظام: سيُذْبَحُ كل أناس من أية مرتبة في الأرض جميعًا سواء أكانوا
ذكورًا أم إناثًا، يَدَّعُون ملكية أي شيء من أي نوع مهما كان قد أَحْضَرَتْه
معها «ماعت كارع» بنت الملك وسيد الأرضين مري آمون «باسب خعنوت» بمثابة ضيعة
موروثة من أرض الجنوب، وأي شيء من أي نوع مهما كان قد منحه إياها الأهلون وقد
استولوا عليه في أي وقت من السيدة بمثابة ملكية، وأن الذين سيَحْجِزُون أي شيء
من هذه الأشياء ضحوة بعد ضحوة، فإن روحنا ستنزل عليهم بثقل، ولن نكون مساعدين
لهم، (؟) وإنهم سيكونون مملوئين مملوئين (بالمكايد؟) من جهة الإله العظيم،
و«موت» و«خنسو»، والآلهة العظام. ثم تكلم «آمون رع» ملك الآلهة والإله العظيم
بداية الكائنات، و«موت» و«خنسو»، والآلهة العظام: «إنَّا سنذبح كل ساكن من أي
مرتبة في الأرض جميعًا، سواء أكان ذكرًا أم أنثى سيَدَّعي ملكية أي شيء من أي
نوع مما كان قد أَحْضَرَتْه «ماعت كارع» بنت ملك الوجه القبلي ورب الأرضين «مري
آمون باسب خعنوت» بمثابة ضيعة موروثة من الأرض الجنوبية، وأي شيء من أي نوع مما
كان قد منحه إياها سكان البلاد، وكانوا قد استولوا عليه في أي وقت من السيدة
بمثابة ملكية لهم، وإن من يحتجز أي شيء منها ضحوة بعد ضحوة، فإن أرواحنا
العظيمة ستكون ثقيلة عليهم، ولن نمد لهم يد أي مساعدة، وستُرغم أنوفهم في الأرض
وسا …» (راجع Brugsch, Ibid. p. 373).
وهكذا نرى أن الشك والإبهام والغموض تحيط بنهاية هذه الأسرة، حتى إنه أصبح من المتعذر
علينا معرفة ترتيب أواخر ملوكها.