ستار
١
عيناكِ، والنورُ الضئيـ
ـلُ من الشموعِ الخابياتِ
والكأسُ، والليلُ المُطِلُّ
مِن النوافذ، بالنجومِ
يبحَثْنَ في عينيَّ عن
قلبٍ وعن حُبٍّ قديمِ
عن حاضرٍ خاوٍ، وما
ضٍ في ضباب الذكرياتِ
ينأى، ويصغُر، ثم يَفْـ
ـنَى، إنه الصمتُ العميقْ
والبابُ تُوصِدُه وَرَا
ءَكِ في الظلام يدا صديقْ!
٢
كالشاطئ المهجور قلْـ
ـبِي، لا وميضَ ولا شِراعْ
في ليلةٍ ظلماءَ بلَّ
فضاءَها المطرُ الثقيلْ
لا صرخةَ اللُّقْيَا تُطيـ
ـفُ به ولا صمتُ الرَّحيلْ
يُمناكَ والنورُ الضئيـ
ـلُ أكان ذاك هو الوداعْ؟!
بابٌ وظِلُّ يدين تفْـ
ـتَرِقانِ ثم هوى الستارْ
ووقفتُ أنظرُ، في الظلا
مِ، وسِرتِ أنتِ إلى النهار!
٣
في ناظرَيكِ الحالمَيْـ
ـنِ رأيتُ أشباحَ الدموعْ
أنأَى من النَّجمِ البعيـ
ـدِ، تمرُّ في ضوءِ الشموعْ
واليأسُ مدَّ على شِفا
هِكِ، وهي تهمسُ في اكتئابْ
ظِلًّا كما تُلقي جبا
لٌ نائياتٌ من جليدْ
أطيافَهن على غديـ
ـرٍ تحت أستار الضبابْ
لا تسألي: ماذا تُريـ
ـدُ؟ — فلستُ أَملِكُ ما أريدْ!
٤
بابٌ وظلُّ يدَين تفْـ
ـتَرِقانِ — ليتكِ تعلمينْ
أن الشموع سيَنطفِيـ
ـنَ، وأن أمطار الشتاءْ
بيني وبينكِ سوف تَهْـ
ـوِي كالستار فتصرخينْ
الريحُ تُعوِلُ عند با
بي، لستُ أسمعُ من نداءْ
إلَّا بقايا من حديـ
ـثٍ ردَّدَتْه الذكرياتْ
وسنانَ هوَّم كالسَّحا
بَةِ في خيالي ثُم ماتْ!
٥
أنا سوف أمضي، سوف أنْـ
ـأَى، سوف يُصبحُ كالجمادْ
قلبٌ قضيتِ الليلَ با
حِثةً، على الضوء الضئيلْ
عن ظِلِّه في مُقْلتَيَّ
فما رأيتِ سوى رمادْ!
أنا سوف أمضي، رُبما
أنسى، إذا سال الأصيلْ
بالصمتِ، أنكِ في انتظا
رِي تَرقُبين وتَرقُبينْ
أو ربما طافت بِيَ الذِّ
كْرَى فلم تُذكِ الحنينْ
٦
الزورقُ النائي وأنَّـ
ـاتُ المجاديفِ الطِّوالْ
تدنو على مهلٍ وتدْ
نو في انخفاضٍ وارتفاعْ
حتى إذا امتدت يَدَا
كِ إليَّ في شبهِ ابتهالْ
وهمستِ: «ها هو ذا يعو
د!» رَجعتِ فارغةَ الذِّراعْ!
وأفقتِ في الظلماءِ حَيْـ
ـرَى، لا تَرينَ سِوى النجومْ
تَرنُو إليكِ من النوا
فِذِ في وُجومٍ، في وجومْ!
٧
قد لا أَءوبُ إليكِ إلَّـ
ا في الخيال، وقد أَءُوبْ
لا أمسِ في قلبي، ولا
في مُقلتَيَّ هوًى قديمْ
كفَّان ترتجفان حَوْ
لَ الموقِد الخابي وكُوبْ
تتراقصُ الأشباحُ فيـ
ـهِ وتنظُرِين إلى النجومْ
حَذرَ البُكاءِ و«كيف أنْـ
ـتِ؟» تهزُّ قلبَكِ في ارتخاءْ
— «عاد الشتاء …» — فتهمِسِيـ
ـنَ: «وسوف يرجع في الشتاء!»
٨ / ١٠ / ١٩٤٨