نهاية
سأهواك حتى تجفَّ الأدمُع في عينيَّ، وتنهار أضلُعيَ الواهية …
هي
١
أضيئي لغيري فكلُّ الدروب
سواءٌ على المقلة الشاردة،
سأمضي إلى مجهلٍ لا أَءُوب
فإن عادت الجثة الباردة،
فألقِي على الأعيُن الخاويات
طيب السماء.
لعلَّ الرؤى الخابيات
إذا مسَّ أطرافَهن الضياء،
يُخبِّرْنَ عن ذلك المجهلِ:
عن الريح والغاب والجدولِ
أضيئي لها يا نجوم!
٢
«سأهواك حتى …» نداءٌ بعيد
تلاشَتْ على قهقهات الزمان
بقاياه. في ظلمةٍ، في مكان،
وظلَّ الصدى في خيالي يُعيد:
«سأهواك حتى سأهوى» نواح
كما أعولَتْ في الظلام الرياح،
«سأهواك حتى … ﺳ…» يا للصدى
أصيخي إلى الساعة النائية:
«سأهواك حتى …» بقايا رنين
تحدَّينَ دقَّاتها العاتية،
تحدَّينَ حتى الغدا،
«سأهواك» ما أَكذبَ العاشقِين!
«سأهوا…» نعم … تَصدُقِين.
٣
ظلامٌ وتحت الظلام المخيف
ذِراعان تستقبلان الفضاء
أبعد اصفرار الخريف
تُريدين ألَّا يَجيء الشتاء؟
لقاءٌ وأين الهوى يا لقاء؟!
عَويلٌ من القرية النائية،
وشيحٌ ينادى فتاة الغريق،
بهذا الطريق وذاك الطريق،
ويمشي إلى الضفة الخالية
يُسائل عنه المياه،
ويصرخ بالنهر … يدعو فتاه،
ومصباحه الشاحب
يُغني «سُدى» زيته الناضب
«مُحالٌ يراه!»
ويحنو على الصفحة القاتمة
يُحَدِّقُ في لهفةٍ عارمة،
فما صادفت مُقلتاه
سوى وجهه المكفَهرُّ الحزين
تُرجرجه رعشةٌ في المياه
تُغمغم «لا لن تراه.»
٤
أحقًّا نسيتِ اللقاء الأخير
أحقًّا نسيتِ اللقاء …؟
أكان الهوى حُلم صيفٍ قصير
خبا في جليد الشتاء؟
خبا في جليد
وظلَّ الصدى في خيالي يُعيد:
«خبا في جليد … خبا في جليد.»
ويا رُبَّ حُلمٍ يُهيل الزمان
عليه الرؤى والسنين الثقال
فتمضي ويبقى شُحوب الهلال
يلون بالأرجوان
شحوبَ النجوم وصمتَ القمر،
ويُومض في كلِّ حُلم جديد،
شُحوب الهلال وظل الشجر
وطيف الشراع البعيد؟
٢٦ / ٥ / ١٩٤٨