نهر العذارى
يا نهر، لولا مُنْحَنَا
كَ وما يُشابكُ من فروعِ
ما كانت البسمات في
عينيَّ تُطفأ بالدموعِ
•••
حجَّبْتَ، بالشأوِ البعيـ
ـدِ تسدُّ بابَيه الظلالُ
وجهًا تلاقَى في مُحيَّـ
ـاهُ الوداعةُ والجمالُ
مرآتُكَ الخضراءُ منْـ
ـذُ جَلَوْتَها تحتَ السماءِ
ما لاحَ فيها مثل ذا
كَ الوجه في ذاك الصفاءِ
•••
إن أوقدَ الليلُ العميـ
ـقُ نجومه في جانبَيكِ
لمَّاحةَ الأضواءِ تغْـ
ـمُر بالأشعة ضفتَيكِ
•••
ناشدتَ ألحاظَ الكَوَا
كِبِ وهْي تخترقُ الظلامْ
ألَّا ينَمْنَ — وإن تشهَّـ
ـيْنَ الكَرَى — حتى تنام
•••
«أنتُنَّ أسعد ما أظلَّ
الكونُ يا زهرَ النجومِ
أنتُنَّ أبصرتُنَّ ذا
كَ الوجهَ في الليلِ البهيم!»
•••
حتى إذا ما رنَّح النَّـ
ـجْمَ الأخيرَ سنا الصباحِ
فانقَضَّ تحتَ القُبَّةِ الزَّ
رْقاءِ مقصوصَ الجناحِ
•••
أصبحتُ فوق المعبر الْـ
ـمَهْجُورِ أرقبُ مُنحَناكِ
فأبوحُ بالشكوى وتَسْـ
ـكُتُ عن شكاتي ضفَّتاكِ
•••
الفتنةُ السمراءُ تسْـ
ـرِقُها مياهُكِ بعد حين
الشَّعرَ، والعينَين والثَّـ
ـغْر المُنضَّرَ والجبين
•••
فإذا الهجيرة أطلقتْـ
ـها زُرقةُ الأفق البعيدِ
فالظلُّ مقصوصُ الجَنَا
حِ يفرُّ من عُودٍ لعودِ
•••
سارَتْ إليكَ بطيئة الْـ
ـخطواتِ ذابلة الشِّفاه
جاءَتْكَ ظَمأى بالبنا
نِ الرَّخْص تغترفُ المياه
•••
كم عُدْتُ مخمورَ الفؤا
دِ بموعدِ المدِّ القريبِ
جذلانَ أقتحمُ الظهيـ
ـرةَ بالتطلُّعِ والوثوبِ
•••
التوتُ فوق الشاطئ الْـ
ـغَربي، والسَّعَفُ الصَّموت
لا يجهلان تنهُّدا
تِي، وهي بينهما تموت
•••
والغاب ساعتيَ الحبيـ
ـبةُ من ظِلالٍ عَقرباها
كم أنبآني أن طرْ
فِي بعد حينٍ قد يَرَاها
•••
واليومَ يسقي مدُّكَ الْـ
ـعَاتي أواخرَ كل جَزْرِ
لا ذاك يجلوها، ولا
هذا بما أرجوه يجرِي
•••
واليومَ إن سكِر الخريـ
ـرُ وعاد يحتضنُ الجِرارا!
لم أَلقَ عَذْرائي فكيْـ
ـفَ الصَّبرُ يا نهرَ العَذارَى؟!
٢٨ / ٤ / ١٩٤٦