مُحَاوَرَةُ عَاشِقَيْنِ
لَعَمْرُ الْهَوَى لَوْلَا الْعُيُونُ الذَّوَابِلُ
وَهُدْبُ
لِحَاظٍ فِي فُؤَادِي ذَوَابِلُ١
لَمَا صَرَعَتْ أُخْتُ الْمَهَا مُهْجَتِي وَلَا
سِلَاحٌ سِوَى
الْعَيْنَيْنِ حِينَ تُقَاتِلُ
رَأَتْنِي لَدَيْهَا نَاحِلَ الْجِسْمِ فَانْثَنَتْ
إِلَيَّ
وَقَالَتْ مَا لِجِسْمِكَ نَاحِلُ
فَقُلْتُ وَهَلْ يَحْيَا غُصَيْنٌ بِلَا نَدًى
فَقَالَتْ فَفِي
كَفَّيْكَ مَا أَنْتَ سَائِلُ
فَقُلْتُ وَلَكِنْ قَدْ ذَوَى مِنْ لَظَى الْهَوَى
فَقَالَتْ
وَهَلْ يَذْوِي وَدَمْعُكَ وَابِلُ
فَقُلْتُ لَعَلَّ الشَّمْسَ عَنْهُ تَحَجَّبَتْ
فَقَالَتْ فَفِي
خَدَّيَّ شَمْسٌ تُمَاثِلُ
فَقُلْتُ أَتَبْدُو الشَّمْسُ وَالْبَدْرُ طَالِعٌ
لَعَمْرُكِ
قَدْ قَلَّتْ لَدَيَّ الْوَسَائِلُ
فَقَالَتْ عَجِيبٌ مَا ذَكَرْتَ وَإِنَّنِي
وَإِيَّاكَ دَوْمًا
نُورُنَا مُتَكَامِلُ
•••
وَمِلْتُ بِهَا نَحْوَ الرِّيَاضِ فَآنَسَتْ
أَزَاهِرَ وَرْدٍ
غُصْنُهَا يَتَمَايَلُ
فَقَالَتْ أَرَى غُصْنًا يَمِيلُ وَلَا هَوَا
أَبَيْنَ هَوَانَا
وَالْهَوَاءِ تَبَادُلُ
فَقُلْتُ وَلَا بِدْعٌ فَإِنَّ شُمُولَهُ
سَرَتْ فَحَكَتْهَا
مِنْكِ تِلْكَ الشَّمَائِلُ
وَإِنَّ احْمِرَارَ الْوَرْدِ بَيْنَ غُصُونِهِ
كَخَدَّيْكِ
لَمَّا دَاهَمَتْنَا الْعَوَاذِلُ
فَلَوْلَا الْحَيَا مَا رَاقَ وَرْدٌ لِنَاظِرٍ
وَلَا حُبِّبَتْ
لِلْوَارِدِينَ الْخَمَائِلُ
وَلَوْلَا الْهَوَى مَا مَاسَ غُصْنٌ بِلَا هَوَا
وَلَا
أَحْدَقَتْ بِالْقَلْبِ تِلْكَ السَّلَاسِلُ
فَأَنْتِ مَنَحْتِ الْوَرْدَ نُورَ مَلَاحَةٍ
وَنَارَ الْتِيَاعٍ
فَهْوَ زَاهٍ وَذَابِلُ
وَعَلَّمْتِنِي وَصْفَ الْجَمَالِ وَلَمْ أَكُنْ
جَهِلْتُ
وَلَكِنْ كَانَ لِي عَنْهُ شَاغِلُ
إِلَى أَنْ تَرَاءَى لِي هَوَاكِ وَإِنَّهُ
وَعَيْنَيْكِ ذَا
سِحْرٌ وَهَذِي قَنَابِلُ
فَأَشْغَلَنِي إِلَّا عَنِ الْغَزَلِ الَّذِي
يُحَبِّبُ لِي
مَرْآكِ مَا غَابَ عَاذِلُ
وَإِنْ غِبْتُ نَاجَى الْبَدْرُ عَنِّي فَإِنَّنِي
إِذَا لَمْ
أَسَلْهُ عَنْكِ فَالطَّرْفُ سَائِلُ
وَقَالَ:
للهِ مَوْقِفُ عُشَّاقِ الْجَمَالِ إِذَا
أُوتُوا الْعَفَافَ
فَمَاتُوا مِنْ ظُبَى الْحَدَقِ
وَإِنْ قَضَوْا فِي الْهَوَى صَرْعَى فَشَافِعُهُمْ
لَدَى
الْمُهَيْمِنِ مَا عَانَوْا مِنَ الْأَرَقِ
وَمِنْ قَصِيدَةٍ له فِي الْغَزَلِ:
مَا ذُقْتُ كَأْسَ الْهَوَى حَتَّى ذَوَى جَسَدِي
يَا لَيْتَنِي
لَمْ أَذُقْ كَأْسَ الْهَوَى بِيَدِي
لَقَدْ جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي وَقَدْ جَهِلَتْ
أَنَّ الْهَوَى
بِمقَامِ الرُّوحِ مِنْ جَسَدِي
ذُقْتُ الْعَذَابَ وَقَدْ كَفَّرْتُ عَنْ خَطَئِي
فَاخْلَعْ
أَخَا الْغِيدِ ثَوْبَ النَّأْيِ وَالْحَرَدِ
وَارْحَمْ حَلِيفَ سِقَامٍ سَاقَهُ قَدَرٌ
إِلَى الْهَوَى
فَهَوَى عَمْدًا وَلَمْ يَعُدِ
رَامَ الْغَرَامَ وَلَمْ يَعْلَمْ عَوَاقِبَهُ
فَهَامَ تِيهًا
وَمَا فِي النَّفْسِ مِنْ جَلَدِ
عَنِ الْمَلَاحَةِ قَدْ زَاحَ اللِّثَامَ فَمَا
لَاحَتْ
لِعَيْنَيْهِ حَتَّى صَاحَ وَا كَبِدِي
تِلْكَ السِّهَامُ سِهَامُ اللَّحْظِ لَوْ نُشِبَتْ
فِي قَلْبِ
أُسْدٍ لَمَا أَبْقَتْ عَلَى أَسَدِ
فَكَيْفَ فِيمَنْ غَدَا مِنْ نَارِ لَوْعَتِهِ
تَرَاهُ وَهْوَ
قَرِيبٌ مِثْلَ مُبْتَعِدِ
وَهَكَذَا الْحُبُّ لَا تَحْيَى مَعَالِمُهُ
حَتَّى يُمِيتَ
فَلَا يُبْقِي عَلَى أَحَدِ
وَقَالَ عَنْ لِسَانِ عَاشِقٍ يُخَاطِبُ طَيْرًا:
مَهْلًا فَقَلْبِيَ لَا يَقْوَى عَلَى الْكَمَدِ
طَيْرَ
الْأَرَاكِ كَفَى مَا هِجْتَ مِنْ كَبِدِي
يَحِنُّ قَلْبِي إِلَى نَجْوَاكَ مَا سَمِعَتْ
أُذْنِي صَدَى
شَدْوِكَ الْمُشْجِي فَلَا تَزِدِ
أَرَاكَ تَبْكِي عَلَى إِلْفٍ فَيُوحِشُنِي
ذِكْرُ الْحَبِيبِ
بِلَيْلٍ زَائِدِ السُّهْدِ
تَبْكِي فَأَبْكِي كَأَنَّا فِي الْهَوَى شِرَعٌ
وَيَهْجُمُ
الدَّمْعُ فَوْقَ الْخَدِّ مِنْ حَسَدِ
هُوَ الْغَرَامُ بِقَلْبِي لَا يَزَالُ وَهَلْ
يَنْأَى الْهَوَى
مِنْ فُؤَادِ الشَّيِّقِ الْكَمِدِ
وَقَالَ:
إِلَى كَمْ أُدَاوِي الْقَلْبَ مِنْ أَلَمِ الْبَلْوَى
وَأَشْكُو
لِدَهْرٍ لَا يَرِقُّ لِذِي شَكْوَى
وَمَنْ كَانَ ذَا قَلْبٍ يُصَارِعُهُ الْهَوَى
فَأَنَّى لَهُ
أَنْ يَتَّقِي مَضَضَ الْبَلْوَى
فَرِفْقًا بِهِ بِاللهِ مِمَّا أَصَابَهُ
وَمَنْ زَادَ مِنْهُ
الْيَأْسُ يَقْنَعُ بِالنَّجْوَى
١
ذوابل: رماح.