الْهَوَى الْعُذْرِيُّ
أَهْوَى الظِّبَا وَيَحُولُ دُونَ مَرَامِي
شَرَفٌ صَبَوْتُ
إِلَيْهِ مُنْذُ فِطَامِي
وَيَشُوقُنِي ذِكْرُ الْحَبِيبِ فَلَا أَرَى
لِيَ مُؤْنِسًا
غَيْرَ الْفُؤَادِ الدَّامِي
قَلْبٌ إِذَا هَاجَ الْغَرَامُ كُلُومَهُ
عَكَسَ اللَّظَى
عَنْهَا كَلِيمُ غَرَامِي
فَيَلُوحُ لِي أَنَّ الْحَبِيبَ مُجَالِسِي
وَهْمًا وَلَيْسَ
سِوَى الْخَيَالِ أَمَامِي
يَبْدُو الْخَيَالُ كَأَنَّهُ بِي شَافِعٌ
عِنْدَ الْحَبِيبِ
فَتَشْتَفِي آلَامِي
غَلَبَ الصَّفَاءُ جَفَاءَهُ فَغَدَا وَقَدْ
رُسِمَتْ
مَحَاسِنُهُ بِطَرْفِي الْهَامِي
آيَاتُ دَمْعٍ مَا تَلَوْتُ سُطُورَهَا
إِلَّا انْجَلَى وَجْدِي
وَخَفَّ سِقَامِي
فَأَبِيتُ لَا أَشْكُو لِقَاءَ جَمِيلِهِ
وَيَبِيتُ يُشْجِينِي
نُحُولُ قَوَامِي
وَقَالَ:
تَرَاءَتْ وَرَاءَ السِّتْرِ مَكْشَوفَةَ السِّتْرِ
فَشَقَّتْ
بِلَحْظَيْهَا الْحِجَابَ عَنِ السِّرِّ
وَسَارَتْ فَصَارَ الْعَاشِقُونَ لِحُسْنِهَا
أُسَارَى وَأَضْحَى
الْحُرُّ يَرْحَبُ بِالْأَسْرِ
وَمَا خَطَرَتْ إِلَّا لِكَسْرِ خَوَاطِرٍ
وَنَشْرِ خُزَامَى
حُبِّهَا فِي الْهَوَى الْعُذْرِي
وَدَارَتْ أَحَادِيثُ الْقُلُوبِ عَنِ الَّتِي
بِهَا قَدْ صَبَتْ
شَوْقًا إِلَيْهَا وَلَمْ تَدْرِ
فَمَا سَمِعَتْ إِلَّا صَدَاهَا وَمَا رَأَتْ
سِوَاهَا فَهَامَتْ
فِي الْمَهَامِهِ وَالْقَفْرِ
وَنَادَتْ وَمَا مِنْ مُسْتَجِيبٍ لِسُؤْلِهَا
سِوَى طَلَلٍ
حَطَّتْ عَلَيْهِ يَدُ الدَّهْرِ
فَجَادَتْ بِدَمْعٍ هَاجَهُ الشَّوْقُ وَالْأَسَى
وَلَمْ تَدْرِ
أَنَّ الْحُبَّ يَذْهَبُ بِالْعُمْرِ
فَحَنَّتْ لِشَكْوَاهَا الْحَمَامُ وَسَاءَلَتْ
بِتَغْرِيدِهَا
تِلْكَ الْقُلُوبَ عَنِ الْأَمْرِ
فَقَالَتْ أَلَا تَدْرِينَ أَنَّ مَسَاكِنًا
أَقَمْنَا بِهَا
مِنْ قَبْلُ صَارَتْ إِلَى الْقَبْرِ
أُنَاسٌ رَأَوْا نَبْلَ اللِّحَاظِ فَرَاعَهُمْ
ظُبَاهَا وَلَمْ
يَخْشَوْا مِنَ الْبِيضِ وَالسُّمْرِ
أَلَا فَانْدُبِي يَا طَيْرُ قَوْمًا تَوَلَّهُوا
فَمَاتُوا
وَقَلْبًا ذَابَ مِنْ عِلَّةِ الْهَجْرِ
وَقَالَ:
ضَمَمْتُهَا وَدُمُوعِي فَوْقَ وَجْنَتِهَا
تَنَاثَرَتْ
كَاللَّآلِي ذُبْنَ مِنْ وَهَجِ
كَفَى بِرِقَّةِ قَلْبِي شَافِعًا وَبِمَا
أَرَاقَ طَرْفِي وَمَا
أَلْقَاهُ مِنْ حَرَجِ
يَا زَهْرَةً صَادَهَا مَرُّ النَّسِيمِ ضُحًى
فَغَادَرَتْ
بَعْدَهَا الْأَغْصَانَ فِي عِوَجِ
مُنِّي عَلَيْنَا بِنَشْرٍ مِنْ شَذَاكِ عَسَى
يُحْيِي
الْفُؤَادَ فَيَرْضَى مِنْكِ بِالْأَرَجِ
وَسَائِلِي السُّحْبَ عَنْ دَمْعِي وَعَنْ كَبِدِي
سَلِي
غُصَيْنَ الرُّبَى بِاللهِ إِنْ تَعُجِي
يُجِيبُ عَنِّي بِأَنِّي وَالْهَوَا شِرَعٌ
مِنَ الْهَوَى غَيْرُ
رَاجٍ مِنْحَةَ الْفَرَجِ
وَإِنْ يَدُمْ أَبَدًا هَذَا الْفِرَاقُ لَنَا
فَمَا عَلَى
الرُّوحِ بَعْدَ الصَّدِّ مِنْ حَرَجِ
وَقَالَ:
فِدَاءُ عَيْنَيْكِ قَلْبُ الْعَاشِقِ الْبَاكِي
عَلَى زَمَانٍ
تَقَضَّى بَيْنَ نُعْمَاكِ
وَحَقُّ عَهْدِ الْهَوَى مَا جُدْتُ مُفْتَدِيًا
بِالْقَلْبِ
إِلَّا لِأَنَّ الْقَلْبَ يَهْوَاكِ
نَأَيْتِ تِيهًا فَتَاهَ الْعَقْلُ وَا أَسَفِي
وَاشْتَدَّ
مِنِّي الْهَوَى شَوْقًا لِمَرْآكِ
رِفْقًا بِحَالِ فَتًى فَاضَتْ مَدَامِعُهُ
فَمَا أَهَاجَ
لَظَاهَا قَلْبُ سَفَّاكِ
سَأَلْتُ عَنْ عِلَّتِي آسِي الْغَرَامِ ضُحًى
فَقَالَ إِنَّ
شِفَائِي مِنْ لَمَيَّاكِ
نَعَمْ فَمَا كَانَ أَحْلَى مَا أَشَارَ بِهِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ
مُجْتَنِيهِ ثَغْرَ فَتَّاكِ
فَكَمْ بِلَحْظَيْكِ ذَاتَ الْحُسْنِ قَدْ زُهِقَتْ
فِي الْحُبِّ
نَفْسٌ وَكَمْ رَاقَتْ حُمَيَّاكِ
كَفَى بِرَبِّكِ كُفِّي عَنْ قَتِيلِ جَوًى
يَكْفِيهِ مَا
فَعَلَتْ بِالْقَلْبِ عَيْنَاكِ
إِنْ شِئْتِ صَفْحًا فَقَلْبِي قَدْ صَفَا طَرَبًا
أَوْ رُمْتِ
قَتْلِي فَعَبْدٌ مِنْ رَعَايَاكِ
وَقَالَ:
سَلِي لَاعِجَ الْأَشْوَاقِ عَنْ هَائِجِ الْوَجْدِ
وَعَنْ
مَدْمَعِي الْهَامِي سَلِي طَلْعَةَ الْوَرْدِ
يُجِيبُ فُؤَادِي عَنْهُمَا إِنَّ مَا هَمَى
مِنَ الطَّرْفِ
بَعْدَ الْبُعْدِ بَعْضُ الَّذِي عِنْدِي
نَأَيْتُ وَقَلْبِي لَا يَزَالُ مِنَ الْهَوَى
كَلِيمًا فَلَمْ
يَقْوَى عَلَى أَلَمِ الْبُعْدِ
كَأَنَّ فُؤَادِي فَوْقَ نَارٍ مِنَ الْهَوَى
يَزِيدُ لَظَاهَا
كُلَّمَا زِيدَ مِنْ وَجْدِي
كَفَاكِ سُلَيْمَى مَا تُرِيقِينَ مِنْ دَمِي
دَوَامًا وَمِنْ
دَمْعِي السَّخِينِ عَلَى خَدِّي
أَيَجْمُلُ فِي شَرْعِ الصَّبَابَةِ أَنَّهُ
يُجَازَى أَسِيرُ
الْوُدِّ بِالنَّأْيِ وَالصَّدِّ