لَيْلَةٌ فِي الْمَسْرَحِ
إِلَى قَاعَةِ التَّمْثِيلِ جَاذَبَنِي قَلْبِي
دُجًى وَقِنَاعُ
اللَّيْلِ أَسْتَرُ لِلصَّبِّ
فَسِرْتُ كَأَنِّي رَاكِبٌ فِي سَفِينَةٍ
مِنَ الشَّوْقِ
يُجْرِيهَا بُخَارُ لَظَى الْقَلْبِ
فَآنَسَ طَرْفِي مُذْ دَخَلْتُ أَوَانِسًا
تَحَجَّبْنَ إِلَّا
عَنْ عُيُونِ ذَوِي اللُّبِّ
نَظَرْنَ إِلَى الْفِتْيَانِ فِتْيَانِ عَصْرِنَا
وَقَدْ
أَسْكَرَتْهُمْ فِي الْهَوَى خَمْرَةُ الْحُبِّ
فَنَابُوا عَنِ الْجُوقِ الْمُمَثِّلِ إِنَّمَا
رِوَايَاتُهُمْ
مَا سُطِّرَتْ قَطُّ فِي كُتْبِ
عَلَى أَنَّهَا قَدْ سُطِّرَتْ فِي صَحِيفَةٍ
مِنَ الْجَهْلِ
يَغْشَاهَا مِدَادٌ مِنَ الْعَتْبِ
وَأَوْحَى بِهَا لِلْقَلْبِ لَحْظُ أَخِي النُّهَى
وَلَمْ
يَمْحُهَا إِلَا بِمَدْمَعِهِ الصَّبِّ
مَدَامِعُ يُجْرِيهَا الْأَسَى فَوْقَ وَجْنَةٍ
كَوَرْدَةِ
رَوْضٍ كَلَّلَتْهَا يَدُ السُّحْبِ
وَقَدْ صَوَّبُوا الْمِنْظَارَ كَالْعَسْكَرِ الَّذِي
يُحَاوِلُ
تَصْوِيبَ الْبَنَادِقِ فِي الْحَرْبِ
وَأَرَسَلَ كُلٌّ سَهْمَ لَحْظَيْهِ رَائِدًا
رِيَاضَ خُدُودِ
الْآنِسَاتِ مِنَ الْحُجْبِ
أَوَانِسُ إِلَّا أَنَّهُنَّ نَوَافِرٌ
إِذَا مَا الْتَقَى
يَوْمَ اللِّقَا الْهُدْبُ بِالْهُدْبِ
نَوَاعِسُ حَتَّى يُصْبِحَ الطَّرْفُ لِلْكَرَى
قِرًى وَيُنَاغِي
الطَّيْرَ فِي الْغُصُنِ الرَّطْب
•••
فَكَانُوا وَمَا مِنْ سَامِعٍ لِمُمَثِّلٍ
وَلَا نَاظِرٍ مَا
كَانَ فِي مَسْرَحِ اللِّعْبِ
إِذَا مَا شَدَا شَادٍ فَرَاقَ نَشِيدُهُ
سَمِعْتَ صَدَى مَصِّ
الشِّفَاهِ مِنَ الْعَجْبِ
وَإِنْ رَاقَهُمْ مِنْهُ التَّفَنُّنُ قَاطَعُوا
بِتَصْفِيقِهِمْ
ذَاكَ التَّفَنُّنَ وَالضَّرْبِ
وَإِنْ هُوَ أَوْمَا بِالْبَنَانِ لِغَادَةٍ
وَكَانَتْ
وَإِيَّاهُ تُمَثِّلُ مَا يُصْبِي
رَنَوْا وَانْثَنَوْا لَا لِارْتِيَاحٍ وَإِنَّمَا
لِرَاحٍ
تُحَاكِي رِيقَ مَبْسِمِهَا الْعَذْبِ
وَأَعْجَبُ مِنْهُ ضِحْكُهُمْ سَاعَةَ الْبُكَا
وَيَقْبُحُ
ضِحْكُ الْمَرْءِ فِي مَشْهَدِ النَّدْبِ
وَلَوْ رُمْتَ تَعْدَادَ الْبَوَاقِي لَمَا بَقِي
مِدَادٌ
بِأَطْرَافِ الْيَرَاعِ فَمَا ذَنْبِي
عَلَى أَنَّنِي اسْتَبْقَيْتُ آخِرَ قَطْرَةٍ
كَتَبْتُ بِهَا ذَا
الْبَيْتَ مُسْتَغْفِرًا رَبِّي
وَرَأَى غَادَةً تَقْرَأُ فِي كِتَابٍ، فَقَالَ مُرْتَجِلًا:
يَا لَيْتَنِي كُنْتُ سَطْرَا
تَحْتَ اللِّحَاظِ
فَأُقْرَا
أَوْ كُنْتُ ضَيْفًا لَدَيْهَا
مِنَ الْجَمَالِ
فَأُقْرَى