اطَّلَعَ بعض أصدقائنا الأفاضل من الشعراء الأدباء على بعض ملازم هذه الرواية عند
مباشرة
طبعها، فأَبَتْ مكارم أخلاقهم وحُسن آدابهم إلا التكرم علينا بتقريظها ولم يَلْبَثُو
أن
بعثوا إلينا بقصائد التقريظ الجميلة فلم نَرَ بُدًّا مِنْ نشرها؛ لأنها لا تخلو من الفكاهة
والفائدة، وذلك اعترافًا بفضلهم وقيامًا بواجب الشكر لحضراتهم. قال حضرة الشاعر اللبيب
والكاتب الأديب أحمد أفندي محرم:
هاتِ الحديثَ عن المكارم هاتِ
لا عن غزالٍ أغيد ومهاةِ
لسْتُ الذي تُصْبِى العيونُ فؤاده
أو تزدهيه فواتِرُ اللحظاتِ
هذي الشبيبة حَوَّلَتْهَا حكمتي
شيبًا نَسِيتُ له عهود لذاتِي
دَعْ ذِكْر سلمى قد تَوَلَّتْ صبوتي
وصحا فؤادي وانْجَلَتْ عمراتي
لم أَدَّكِرْ عَبَرَات عيني في الهوى
إلا سفحت سواكِبَ العبراتِ
لا أبتغي غير الفضائل مَطْلَبًا
طُولَ الحياة وإنها لَحَيَاتِي
كم رُحْتُ فيها واغْتَدَيْتُ فما عدت
ما رُمْتُ روحاتي ولا غَدَوَاتِي
كل الفضائل حَازَها توفيقنا
بعزيمةٍ مأثورة وثَباتِ
فطن إذا أجرى اليراعَ بكَفِّه
وقفت جياد القول محْتَبَسَاتِ
يا مَنْ يَظُنُّ السحر أَصْبَح باطلًا
حَقِّقْ فهذا ساحر النفثاتِ
هذي «الرواية» أسْفَرَتْ عن فَضْلِه
لما بَدَتْ كالدُّرِّ في اللباتِ
نفحت فقلنا المسك فاح أريجه
بل أين ذا من هذه النفحاتِ
ما قُلْتُ هذي نسمة سحرية
إلا علت طيبًا على النسماتِ
هذي شمول أصبحت ألبَابُنَا
سَكْرَى لرشف كئوسها ثمِلاتِ
رَقَّتْ ورَاقَتْ لا كعهدك بالطِّلَا
أمسى يطوف بها أخو عبناتِ
فأَدِرْ على الشرب الكرامَ كئوسها
فالحظُّ مُوفٍ والزمان مُوَاتِ
ولك الثناء كما تشاء جميعه
ما بين ماضٍ في الزمان وآتِ
لولا محاسن صُنْعِكَ اللاتي بَدَتْ
لم يأتِ هذا الدهر بالحسناتِ
فبقيت للآداب ترفع شأنها
بفضائلٍ في الناس مُشْتَهِرَاتِ
ماذا الذي يُهْدِي إليك أولو النُّهَى
غير الثناء وصالح الدعوات
ونَظَمَ حضرة الأستاذ الفاضل الأديب الشيخ محمد البشير ظافر الأزهري قصيدة بديعة في
هذا
المعنى قال فيها بعد التخلص من الغزل:
فهِمْ في مثلها لا تخش لَوْمًا
وجاهِرْ بالمحبة في الحسانِ
لكي تحظى بما تَهْوَى وتقضي
لأوطارٍ لدى قاصٍ ودانِ
ورَوِّ بالعلا ظمَّاء تُرْوَ
رواية من غدا شمس الزمانِ
سمير الفضل توفيق المُفَدَّى
ومن دانت له كل المعانِ
لدى الإنشاء والأشعار فرْد
أتى بالبِكْر منها والعَوَانِ
فدونك إن أَرَدْتَ بديع مَعْنًى
روايته تَنَلْ كل الأماني
ففيها قد أَتَى ببديع لَفْظٍ
كعقد الدر في جيد الغوانِ
تخال السامعين بها نُشَاوَى
بلا خَمْرٍ ولا عَزْفِ القيانِ
فمِنْ فرحي بها قد قُلْتُ أَرِّخْ
عقودًا قد تَحَلَّتْ بالمعاني
(وقال حضرة الأديب البارع ميخائيل أفندي عبد الملك من موظفي مصلحة السكة الحديد
المصرية):
نعم بالنهى لا بالقواضب والسمرِ
تدين لنا الدنيا ونعتز بالنصرِ
وننشر أعلام الهداية جملةً
ونمحق آثار الجهالة والنكرِ
وما المجد إلا دَوْلَة نحن أهلها
وما العزم إلا من عزائِمِنَا الغُرِّ
هو العلم لو حَقَّقْتَ ملك عبيده
ملوك سَمَوْا في دولة الفهم بالفكرِ
لهم عزمات لا تفل سيوفها
تفوق القنا الخطى في الكَرِّ والفَرِّ
يصيغون من در الحديث قلائدا
وحقك تزري بالجواهر في النَّحْرِ
بروحي أُفَدِّي سادةً لو صَحِبْتَهُمْ
لخِلْتَ بحارَ الفضل مِنْ فَضْلِهِمْ تَجْرِي
فهم شَيَّدُوا ربع العلى بعد ما ذَوَتْ
معالمه واعتاده عَسَفُ الدَّهْرِ
وهم أخرجوا من كل معنًى دَقِيقَهُ
بسحرِ بيانٍ لا يَقِلُّ عن السحرِ
وهذا كتاب جَلَّ في النفس مَوْقِعًا
يفوح له ند البلاغة كالعطر
يسوق لكَ المعنى الجليلَ مُسَلْسَلًا
بلفظ شَهِيٍّ لا يُمَلُّ مع الذكرِ
ويَبْسُط أحوالَ الزواجِ صحيحةً
ويُنْجِيك من شر المصائب لو تَدْرِي
وإن لم يَكُنْ في النفس حُبٌّ لزوجةٍ
فخير من العيش التستر في القبْرِ
أتانا به خدن ذَكِيٌّ أخو حُجًى
خبير بحال القوم في السِّرِّ والجَهْرِ
بليغ له عزم جليل وفكرةٌ
تُبَدِّدُ شَمْل الجهل فورًا على الأثرِ
أتى بدواء الداء والخطب مُشْكِلٌ
فمِنَّا له شُكْرٌ يَفِيضُ على شُكْرِ
ولا زال بالعيش الرغيد مُمَتَّعًا
ولا زال عنوانَ المحامد والفخرِ
يفيد الورى بالعلم ما قُلْتُ مُنْشِدًا
نعم بالنهى لا بالقواضب والسمرِ