غرام «مي» بالرافعي
كان الدكتور زكي مبارك قد صرح لأحد الأدباء في بغداد أن لا صحة البتة لما زعمه الأستاذ محمد سعيد العريان من غرام الرافعي بمي، وكان من المنتظر أن يؤيد الدكتور مبارك تصريحه هذا بوقائع صريحة تنفي هذا الغرام الذي شككنا فيه منذ اللحظة الأولى لأسباب لا مجال للتبسط فيها الآن.
ولكن الدكتور مبارك آثر البقاء على الحياد في هذه المعركة، مع أنه اعتاد خوض معارك أقل شأنًا من هذه، وكم كان خروجه عن هذا الحياد مفيدًا لو عرف.
إلا أننا قرأنا في عدد «الرسالة» الأخير كلمة الدكتور مبارك حول ما ينشره الأستاذ العريان عن خصومات الرافعي استطرد فيها الكاتب إلى ذكر «فلانة» — أي مي — فقال: «وقد آذاني ما كتبه (والضمير عائد إلى الأستاذ العريان) عن «فلانة» التي جلست معي جنبًا إلى جنب أربع سنين في الجامعة المصرية، وعرفت من شؤونها ما لا يعرف».
ووقف الدكتور مبارك عند هذا الحد من كلامه عن «مي» وعلاقة الرافعي الغرامية بها، فهل يعني ذلك أن الأستاذ العريان تخيل هذه العلاقة، أم يعني أن هذه العلاقة قامت بين الرافعي ومي على غير الشكل الذي يصفها فيه الأستاذ العريان؟
أما الأوساط الأدبية التي تتبعت فصول الأستاذ العريان فتطالب الدكتور مبارك بإفصاح عن فكره، لأن ما كتبه حول هذه المسألة غامض، ولا يفيد شيئًا، ولعله يغتنم هذه الفرصة لبسط ما يعرفه من شؤون «مي» فيلقي نورًا جديدًا على هذه الناحية الطريفة في شخصيتها الأدبية.
حضرة الأستاذ محرر المكشوف
أقدم إليك أصدق الشوق إلى لقائك، فإن اللحظات التي قضيتها عندك لم تكن كافية للتعرف إلى أدبك ولطفك، وأعتذر عن الجواب الذي يفصّل ما أجملته في الكلمة التي نشرتها بمجلة «الرسالة» عن غرام مي بالرافعي، وهو الغرام الذي تخيله أو ادعاه حضرة الأستاذ سعيد العريان.
وأنت تعرف أني لا أبالي المعارك القلمية، ولكن موقفي في هذه المسألة دقيق، لأني قد أتهم الرافعي — رحمه الله — بالتزيد وسوء الأدب، إن صحت رواية العريان، وكان للرافعي أن يحب من يشاء، ولكن القول بأن مي أحبته وأغرمت به وتهافتت عليه، كلام لا يقول به إلا إنسان مخبول.
بقى الكلام عن سرائر مي وكانت لها سرائر من الحب الدفين، فهل ترى من الذوق، يا سيد فؤاد، أن نفصح عن هذه السرائر تلبية لما سميته أنت رغبة الأوساط الأدبية؟
لقد حدثتمونا أن مي لا تزال صحيحة، فلتعرف في صحتها المنشودة أن في الدنيا أصدقاء نبلاء يبغضون اللغو والفضول.
اعذرني أيها الصديق، إذا طويت ما أعرف من شؤون الآنسة مي، وقد صحبتها أربع سنين في الجامعة المصرية يوم كانت أطيب من العطر، وأرق من الأملود المطلول.
وغضبة الله على الأدب والأدباء إذا استطاعت الألسنة أن تمضغ ذلك العرض النبيل!
أيها الزميل
أرجو أن تذكر أن الذي كتب ذلك الكلام هو أديب عريان، وبعض أهل العري لا يستحون!
هذا، ولا يفوتني أن أشكر من أنطقوني بما لم أقل يوم مررت على بيروت، وكان اختراعهم فرصة لمناوشة الأقلام على صفحات «المكشوف» فقديمًا قيل:
جعل الله بلادكم من حصون اللغة العربية أبد الآبدين، وتقبل تحية المشتاق إليك وإلى إخوانك المحررين في مجلة «المكشوف».