هجوم القراصنة
طلب «أحمد» إطفاء أنوار اليخت تمامًا رغم خطورة ذلك على الإبحار وسط البحر الهائج والجو المُكفهر … ولكن في ذهنه كانت قد اختمرت فكرة الاستيلاء على اليخت الكبير، والقبض على «مايكل ديلون» … فقد أصبح على يقينٍ من أنَّ «مايكل» هذا ليس إلا الرجل الخطير في عصابة الخمسة.
كان اليخت «مودي» يسير بسرعةٍ معقولة، فاستطاع يخت الشَّياطين أن يقترب على مسافةٍ معقولة منه بحيث لا يراه من في اليخت الكبير، وقال «أحمد» للشياطين: سنَنتظِر حتى هبوط الظلام.
هبط الظلام سريعًا في ذلك الشتاء البارد العاصف، وكان بين يخت الشَّياطين واليخت «مودي» نحو خمسة كيلومترات، عندما طلب «أحمد» الاقتراب من اليخت وقال: سأَصعد أنا و«بو عمير» و«خالد» و«رشيد»، وسيَبقى «باسم» و«ريما» في اليخت … وليكونا على ظهر اليخت طول الوقت ليتدخَّلا إذا احتجْنا إليهما …
وقاد «بو عمير» اليخت الصغير بمهارةٍ حتى أصبحوا على بُعد كيلومتر واحد فقط، من اليخت «مودي»، ثم ارتدى الجميع ملابس البحر … وحملوا أسلحتَهم في أكياسٍ من البلاستيك لمنع تسرَّب المياه إليها … ثمَّ ألقوا بأنفسهم في مياه البحر.
اتَّجهوا إلى اليخت مُتستِّرين بالظلام، وعندما اقتربوا منه انطلق شعاعٌ في الظلام من فوق ظهر اليخت يَمسح وجه المياه … وغاصُوا جميعًا تحت سطح الماء حتى لا يكشف اليَخت وجودهم … كان واضحًا أنَّ العصابة على قدرٍ كبير من الحذر والمهارة، وأن التغلب عليها سيَحتاج إلى دهاءٍ أكثر … وعلى عنصرِ المُفاجأة.
لذا أشار «أحمد» بيده ليَسبحوا بجوار الشاطئ رغم الصخور؛ وذلك ليتمكنوا من الاختفاء عن العيون … وظلوا يسبحون في هدوءٍ، وسرعة حتى أصبحوا بجوار القارب دون أن يكشفهم الضوء الذي كان يدور فوق سطح البحر.
تقدم «بو عمير» من خلف اليخت، وأخرج حبلًا قويًّا ربَطَه في عامود الدفة، وأمسك به بقية الشَّياطين … وظلُّوا دقائق على هذا الوضع … ثم ألقى «أحمد» بهلبٍ مُغطًّى بالمطاط حتى لا يُحدث صوتًا … وألقاه على ظهر اليخت، فاشتبك به، وشد «أحمد» الحبل المربوط بالهلب وتأكد من قوته، ثم أخذ يتسلقه حتى وصل إلى حافة اليخت.
لم يكن هناك أحد … فهز «أحمد» الحبل حتى يصعد بقية الشَّياطين، وقفز هو إلى السطح وفتح الكيس البلاستيك، ثم أخرج مسدسًا أمسكه بيده، ومدفعًا رشاشًا صغيرًا علقه في حزامه، وبعد لحظاتٍ ظهر «بو عمير» ثم «خالد» و«رشيد»، وأعد كل منهم أسلحته … ثم أخذوا يزحفون على سطح اليخت حتى وصلوا إلى كابينة القيادة، ونظر «أحمد» داخل الكابينة كان ثمة بحَّار شرس المنظر يقود اليخت … وقد وضع أمامه مسدَّسًا ضخمًا، اقترب «أحمد» بهدوء … وكانت ضجة البحر وصوت الرياح يغطيان على تقدمه … وبسرعةٍ فتح باب الكابينة ووضع المسدس عند صدغ الرجل وقال له: لا تتحرك.
لم يكن أمام البحَّار الشرس فرصة، وقال له «أحمد»: اخرج من الكابينة.
ظلَّ الرجل في وضعه لحظات … كان يفكر خلالها ولكن ضغطة أشد من ماسورة المسدس على صدغه، جعلته يخرج امتثالًا لأمر «أحمد» الذي دفعه جانبًا فتلقَّاه «بو عمير»، ودون كلمة واحدة حملاه بسرعة، ثم ألقيا به إلى المياه.
ثم تولى «خالد» قيادة اليخت … بينما تسلَّل الشَّياطين لمعرفة ماذا يحدث داخل اليخت … وعندما وصلوا إلى السلم الداخلي النازل إلى قلب اليخت، طلب «أحمد» من «رشيد» أن يقف بجواره ويراقب ما يدور …
نزل «أحمد» و«بو عمير» السلم … وفي نفس اللحظة كان ثمة رجلٌ يصعد … فعادا مسرعين إلى السطح وانتظرا … وشاهدا الرجل يصعد وبيده مدفعٌ رشاش … توقف قليلًا ثم خطا خطوةً إلى الأمام، ونزلت يد «بو عمير» بضربةٍ قاسية بمسدَّسه على الرجل الذي ترنَّح، فتلقاه «أحمد» بين ذراعيه، ثم حمله إلى طرف اليخت وألقى به إلى المياه.
كانت خطة «أحمد» التخلُّص من أكبر عدد ممكن من الحرس والبحارة، حتى يُمكِن للشياطين الأربعة السيطرة على اليخت وتسْييره إلى «أبو زنيمة» أو «أبو رديس»، وتسليم «مايكل ديلون» إلى السلطات بأيَّة تهمةٍ حتى تتضح حقائق الموقف.
عاد «أحمد» إلى كابينة القيادة وطلب من «خالد» الاتجاه نحو أقرب ميناء على الخريطة … ثم عاد إلى حيث كان «بو عمير» يقف على رأس السلم.
همس «أحمد»: من الأفضل أن نبقى على السطح، ولو صعد أيُّ واحدٍ منهم ألقينا به في المياه … إن يختًا بهذا الحجم يحتاج إلى عشرة أو اثنَي عشر رجلًا لتسْييره.
بو عمير: إنها خطةٌ صائبة.
ووقف الصديقان، وفجأةً سمعا حوارًا بين شخصين يصعدان السلم … كان أحدهما يقول للآخر: ما زال أمامنا وقتٌ طويل للوصول إلى الميناء … ومن الأفضل أن نستخدم «الهليوكوبتر»، فالجو لا يسمح بسرعةٍ أكثر من هذا!
ردَّ الآخر: والطائرة أيضًا معرَّضة للسقوط في هذا الجو الشنيع!
الأول: إذن لماذا لا نعود إلى السويس؟!
الثاني: لا أدري لماذا أحسُّ أن المنظمة التي تسعى خلفنا، وقد عثرت على أثري في القاهرة!
الأول: إذن من الأفضل أن نتَّصل بالميناء ونشرح لهم الظروف!
وبدلًا من أن يصعد الشخصان إلى السطح عادا إلى النزول، وأدرك «أحمد» أنه كان على حقٍ عندما شك في أن «جون كروزويل» رئيس مجلس إدارة «فلاينج تايجر» ليس إلا المُجرِم الوحيد «مايكل ديلون» أو الرجل الخامس في عصابة الخمسة.
اشتدَّت العاصفة، وبدا واضحًا أن اليخت لن يستطيع إكمال طريقه إلى «أبو زنيمة»، وأن تطوراتٍ خطيرة قد تحدث بعد قليل!
كان «أحمد» يفكر بسرعةٍ في الاحتمالات القادمة، ولم يكن هناك حلٌّ إلا السيطرة الكاملة على اليخت، وهكذا.
قال «بو عمير»: هيا بنا ننزل، لقد خطرت لي فكرة أخرى.
أحمد: ما هي؟
بو عمير: يجب أن نتأكَّد من السيطرة على الطائرة «الهليوكوبتر»؛ فقد يتمكَّن «مايكل» من الوصول إليها، والفرار من بين أيدينا.
أحمد: فكرةٌ جيدة، سأذهب لإحضار مفتاح التشغيل منها، ثم بعد ذلك نبدأ الهجوم.
بو عمير: لا تتأخَّر؛ فنحن ثلاثةٌ فقط، الموجودون هنا على الأقل عشرة أشخاص.