اللص والكلاب
تبدأ أحداث الرواية بخروج سعيد
مهران من السجن مرَّةً أخرى يتنفس نسمة الحرية، وبذلك فإن
هناك ما لا يقرب من خمس عشرة دقيقةً من بداية الفيلم، لم يأتِ ذكرها في
الرواية إلا عرَضًا؛ حيث شاهدناها بالتفاصيل، أولًا قبل نزول العناوين،
ثُم بعد نزول العناوين، وسعيد مهران جالس في عربة الترحيلات متوجهًا
إلى السجن.
البداية، أن سعيد مهران،
وصبيَّه عليش يستعدان لعملية سرقة
جديدة من سرقات المنازل، يبدو سعيد في المقدِّمة، ثُم يتسلل إلى البيت،
باعتبار أن صبيَّه سوف يحميه، لكن هذا الأخير يذهب إلى أقرب مكان
لتليفون، ويبلغ الشرطة بحادث السرقة، وعليه فإن كل ما رأيناه قبل خروج
سعيد من السجن هو من إضافات كاتب السيناريو صلاح
عز الدين، وذلك ابتداءً من صعود اللصِّ سُلَّم السجن ودخوله
الزنزانة، والشخصيات الموجودة في السجن ابتداءً من زميله صلاح منصور الذي عقد معه صداقة عميقة وودعه
قائلًا: «كلها ٢٨ سنة وأحصلك.» وفي السجن يتعلم سعيد مهران الخياطة،
كما أنه يواصل القراءة بالجلوس في المكتبة، كما أنه ينتظر لحظة
الإفراج، وهو يعُدُّ الأيام والساعات والدقائق مردِّدًا: «كل دقيقة
منهم بتمر بتحرق في دمي.» كما أن هناك علاقة دائمة بين سعيد مهران
والنافذة، وهو أمرٌ سوف يتكرر في منزل نور قبل أن تبدأ المطاردات
الأخيرة، فهو يقف عند نافذة السجن ويتذكر نبوية، وكيف استقبلا معًا،
ذات يومٍ، ظهور الهلال الجديد «هلَّ هلالك شهر مبارك»، وفي السجن تأتي
العاهرة نور لتسأل عنه، وتخبره أن عليش ونبوية قد خانا العهد معه،
وأنها تزوجته؛ مما يسبِّب له الصدمة، وينتظر لحظة الإفراج كما
أشرنا.
هذه الأحداث وغيرها بالتفصيل لم يأتِ ذكرها في بداية الرواية، وهكذا
فإن كاتب السيناريو اختار بدايته، أمَّا محفوظ الذي استوحى أحداث
روايته من حياة محمود أمين سليمان
السفاح، فإنه بدأ روايته منذ لحظة الخروج من السجن، صحيحٌ أننا عرفنا
ما فعلته زوجته به، وأن صبيَّه عليش قد وشى به وأدخله السجن، ثُم تزوج
من امرأته وعاش في شقته، ومعهما ابنته الوحيدة سناء التي ستظل تؤرِّقه بوجودها مع مَن قاما
بخيانته.
لذا فإن الفيلم لم يشأ أن يلجأ إلى الفلاش باك، إلا من خلال تذكر
سعيد لماضيه مع نبوية التي تزوجها، وأنجبت منه، وبدا عليش كأنه
ظلُّهما. وفي الرواية نفهم أنه قضى في السجن أربعة أعوام، وأنه سيقف
عما قريب أمام الجميع متحدِّيًا.
من الأحداث الأولى أيضًا قبل خروج سعيد من السجن تذكُّره لوظيفته
السابقة في المدينة الجامعية، وصداقته للطالب رءوف علوان الذي علَّمه كيف يقرأ، وكيف يدافع عن حقِّه،
وأن العبرة بالخواتيم، فدافع عنه وهو يسرق.
أيْ إن سعيد مهران الذي خرج من السجن كي ينتقم ممَّن خانوه ليس لصًّا
عاديًّا؛ إنه إنسان مثقف، يعي الدنيا، وهو كما سيردِّد في الفيلم أن
لكل إنسان مهنته التي يرتزق منها، لذا فإن السرقة هنا «عمل». ويعطيه
الفيلم الحقَّ فيما يفعله، طالما أنه يتسلل إلى فيلات الأثرياء، مثلما
حدث قبل القبض عليه، ومثلما سيفعل مع رءوف علوان بعد أن أعطاه الجنيهات
العشر.
هذا هو سعيد مهران، الذي سيردد في الفيلم حوارات مليئة بالفلسفة
والرؤى الحياتية حول العدالة الإنسانية والحياة والموت، وهي عبارات،
كما سنرى، غير موجودة بنفس الكثافة في الرواية.
رواية «اللص والكلاب» هي أول رواية
يكتبها محفوظ في مرحلة التحول التي سار فيها على نهج كُتَّاب الرواية
الأمريكيين الذين سبقوه، وخاصة جيمس
كان، وأرنست هيمنجواي؛
حيث يعتمد على الحوار أكثر من اعتماده على الوصف، ورغم ذلك فإنه لم
يتخلص من أسلوبه القديم عند أول كتابة، فهذا هو سعيد مهران حين يخرج من
السجن، يحاور نفسه حوارًا طويلًا عن أحواله، وهو أطول حوار من نوعه في
الرواية، فهو في طريقه إلى منزله القديم يتحدث إلى سناء في أعماقه
والشوارع تدفع به إلى هدفه المنشود، حتى إذا وصل استقبله المعلم بياظة، وهنا فقط تبدأ الرواية والفيلم
في التطابق، فهو مشهد مؤثر للغاية لرجل يخرج من السجن، يبحث عن ابنته،
ويعود إلى بيته ليجد صبيَّه وقد احتله كله؛ الزوجة السابقة، والابنة
التي لا تتعرَّف عليه، والسخرية التي قوبِل بها من المخبر حسب الله، وأيضًا بقايا الكتب التي يخرج
بها، ويردِّد عليش أن سناء قد بدَّدت الكتب، أيْ إنه لم يخرج بشيءٍ سوى
الحسرة، أمَّا الخائنان فهما ينعمان بالمكان، والابنة وبما
فعلاه.
تم تحويل كل هذا الفصل الأول إلى الفيلم، كأننا أمام سيناريو جاهز،
فعليش قد استولى على ثروة سعيد التي كوَّنها من السرقة وأنكر وجودها في
المحكمة، وينتهي المشهد والفصل بخروج اللصِّ منكسرًا، لم يحصل على شيءٍ
سوى عبارة مليئة بالسخرية: «أكنت تسرق فيما تسرق الكتب؟»
أول شخص ذهب إليه سعيد مهران، هو الشيخ علي
الجنيدي الذي يعيش في حوش كبير غير مسقوف، مَسكن بسيط
كالمساكن في عهد آدم، وهو صديق قديم لأبيه؛ مما يعكس الخلفية الدينية
التي تربَّى عليها سعيد. وفي الفيلم جملة حوارية رائعة، لم ترِد
بالرواية: «لقد خرجت من السجن الصغير إلى السجن الكبير.» وإن كان الشيخ
ردَّد كلماتٍ صوفيَّة لها أكثر من معنى في الرواية مثل: «أنت لم تخرج
من السجن.» وهنا يطلب سعيد الإقامة في الحوش، فيرفض الشيخ، ويكون رد
الشيخ في الفيلم والرواية: «توضَّأ واقرأ.» يقصد المصحف، وهو يكرِّر
هذه الجملة خمس مرات، وفي السطور الأخيرة من الفصل الثاني يتذكر كيف
رأى نبوية ذات يومٍ وهو عائد من بيت الطلبة، وتفهَّم أنه كان ينام
أحيانًا في هذا الحوش.
كل الرواية إذَن تدور بعد خروج سعيد من السجن، وفي الفصل «٣» يذهب
اللصُّ إلى «جريدة الزهرة» حيث يعمل
رءوف علوان، وبه من الأمل أنه أهمُّ ما لديَّ في هذه الحياة التي لا
أمان لها، بعد أن نعرف أنه بات ليلته في الحوش، ويعرف أن رءوف لن يكون
بالجريدة قبل ساعات: «هل يفكر في مثلك يا سناء؟» ويصف الكاتبُ الصحفيَّ
على أنه كان في شبابه صوتًا مدوِّيًا للحرية، هو الصديق والأستاذ وسيف
الحرية المسلول، و«سيظل كذلك». وانتظره أمام بيته، وهنا تشابهٌ ملحوظ
بين الفيلم والرواية؛ طريقة الاستقبال، وكيف قام بتوديعه بعد أن حاول
سعيد سرقة المنزل، عقب لقاء بارد منحه إياه عشرة جنيهات.
في هذا القلق تبدو المسافة طويلة بين الأستاذ والتلميذ. كيف تغير
علوان الذي رفض أن يجد له وظيفة في الجريدة، وقد خصَّص المؤلف لهذا
اللقاء العاصف فصلين كاملين، قبل أن يخرج اللصُّ إلى عالمه منكسرًا
مثلما انكسر عقب لقائه بكلٍّ من عليش ونبوية.
أعطى هذان اللقاءان للصِّ التبرير أن يفعل ما يجده الأفضل فيما بعد؛
أن يطلق النيران على عليش وزوجته، ثُم على رءوف علوان، وفي كل مرَّة
سيقتل شخصًا بريئًا لا جناية له فيما ارتكب الأوغاد.
يلجأ إلى المعلم طرزان، وهنا يبدو
الفيلم، كأنه يسير موازيًا للرواية، يطلب منه مسدسًا، ثُم ستأتي
نور لتَظهر في حياته مرَّةً أخرى،
وتمنحه مسكنها للإقامة والمعاشرة، وهو الذي سوف يستخدمها كأداة
لأهدافه، كأنْ تدبِّر له المسكن، وهو العاطل الذي لا يعمل، واتخاذه من
المسكن مقرًّا لعملياته، وأيضًا لسرقة سيارة تركبها مع أحد الزبائن،
ولتدبير قطعة قماش كي يطرِّز منها بزَّة ضابط.
في هذه السنوات التي كتب فيها محفوظ هذه الروايات كان قد أصبح خبيرًا
بكتابة السيناريو، ووضع أمام عينيه أنه يكتب روايات أقرب إلى
السيناريوهات، مثل تلك التي سبق أن كتبها، وقد اتضح هذا في أسلوب كتابة
وصياغة رواية «أولاد حارتنا»، ومَن
يريد دليلًا على ذلك، فليقرأ الفصل «٥» من رواية «اللصُّ والكلاب»؛ حيث بدا أن النصَّ بالغ
السهولة لأيِّ كاتب سيناريو، ومن حسن الحظ أن الكثير من هذه
السيناريوهات وقعت بين أيدي كُتَّاب موهوبين، استفادوا كثيرًا من
النصوص، وأفادوها سينمائيًّا.
في الفصل «٧» وضع الكاتب بطله أمام هدفه الرئيسي؛ أن يقتل نبوية
وعليش، وأن يصفِّي الحساب مع رءوف علوان. وقد اختصر، أو ألغى تمامًا،
السيناريو الفصل الثامن الذي يدور فيه حوار بين اللصِّ والشيخ
المتصوِّف، حيث اقتصر الفيلم على لقاءين فقط بين الرجلين. وفي الفصل
التاسع، بعد أن انتقل سعيد للإقامة في بيت نور، فإن الحوار السينمائيَّ
لم يستطع أن يفلت مما كتبه المؤلِّف بالنَّص؛ مما يعكس أن الكثير من
كُتَّاب السيناريو للأفلام الأولى لمحفوظ كانوا أقرب إلى التقديس
بالنسبة للنَّص، مثلما قالت نور: «أحطك في عيني وأكحل عليك».
أجمل ما في النصِّ السينمائي والأدبي هو ذلك الدفء في العلاقة بين
سعيد مهران ونور؛ لذا فإن أغلب الشخصيات الأخرى ثانوية، بمَن فيهم رءوف
علوان رغم حضوره، ولهذا السبب تم اختيار شادية لأداء الدور؛ فالمرأة تحبُّه، وتريده إلى جوارها،
وهو شارد في حُلمه الكابوسي. ففي الفصل العاشر عاد سعيد إلى الوراء،
وهو في بيت نور، يتذكر أيام الحُبِّ الأولى مع نبوية، وعندما تعود
العاهرة من عملها يردِّد: أنتِ امرأة ولا كل النساء، ثُم «رقة قلبك لا
يمكن أن تقاوم»، ورغم ذلك فإنه لم يحبَّها حُبَّه لنبوية، إنه فاتر
نحوها.
في الرواية يبدو سعيد مهران أقرب إلى الروبوت المبرمَج للانتقام،
أمَّا في الفيلم فقد تحوَّل إلى صاحب رؤية، فهو يقف عند النافذة يراقب
المقابر القريبة، ويردِّد: «اللي يشوف المنظر ده يقول: إن اللي بيموتوا
أكتر من اللي بيتولدوا. الدنيا ما بتهمدش أبدًا. هنا يتقابل القاتل
والمقتول، العسكري والحرامي.»
ومثل هذا الحوار غير موجود في الرواية؛ حيث حرص محفوظ على العثور عن
جذور بطله؛ عم مهران الكهل الطيب، بواب عمارة الطلبة، وعلاقته بالشيخ
علي الجنيدي. وهناك في الفصل «١١» يتصوَّر سعيد مهران مشهدًا لمحاكمته،
ويتأخر ظهور هذا المشهد في الفيلم بعد أن يكون قد قام اللصُّ بقتل
اثنين من الأبرياء، فيبدو لنا الجانب الفكري له وتبريره، حين يردِّد
متخيِّلًا أمام القضاء: «يا حضرات المستشارين، أنا ح ادافع عن نفسي،
رءوف علوان هو اللي علمني ضرب النار، البواب اتقتل عشان كان خدام رءوف
علوان. ح افضل وراه لحد ما اخده معايا في تربتي.» ويقول أيضًا: «أنا
الدموع اللي بتفضح صاحبها. لو تدوروا، تلاقوا كل اللي عندهم قلب
مجانين.»
أراد كاتب السيناريو أن يُكسب بطله رؤًى في كل حواراته، رغم أنه
لصٌّ، وأنه يعيش في بيت عاهرة لا تعرف هذا النوع من الفكر «في السجن
كان عليَّ سجان، دلوقتي بقوا ألف سجان.»
وكما أشرنا، فإن هناك تطابقًا ملحوظًا بين الفيلم والرواية، لكن بطل
الفيلم أعمق في رؤيته للحياة، كما أن الحركة بالفيلم أكثر بروزًا،
فهناك أكثر من مطاردة، مثل محاولة سعيد مهران قتل خصمه الصحفي،
والمطاردات التي انتهت بمقتل سعيد في الفيلم، وأن يسلم نفسه للشرطة في
الرواية.
كشفت الرواية السبب في إصرار سعيد على قتل رءوف، فقد سكتت جميع
الجرائد أو كادت، إلا جريدة «الزهرة»، والطريف أن نور في الرواية هي التي تردِّد عبارات
أقرب إلى الأقوال المأثورة أو الرؤى: «الانتظار في الظلام
عذاب.»
في الرواية، قام سعيد بتصفية حساباته مع المخبر الذي سخر منه وهو في
بيت عليش عقب الإفراج عنه، فسلب منه المال ولطمه وعرف أن عليش سافر مع
أسرته إلى وجهة مجهولة، وفي الليلة نفسها ارتدى بزَّة الضابط وأطلق
الرصاص على الصحفي، ثُم عاد إلى نور مصابًا في ساقه، وقالت له: أنت لا
تدري النافع من الضار. (ملحوظة: تغيرت بعض أسماء بعض الشخصيات الثانوية
في الفيلم.)
وإذا كان الفيلم لم يتوقف عند انتقام سعيد من المُخبر، فإنه أضاف
مشهدًا إضافيًّا عندما أصاب المرضُ نور، فنزل ليشتري لها الدواء ومعه
الروشتة، وتعرَّف عليه الصيدلي فهدَّده بالسلاح، ونسي الروشتة عنده قبل
أن يذهب لتكون بداية الدليل على مكانه.
في الفصول الأخيرة من الرواية اختفت نور دون أن تَظهر مرَّةً أخرى،
وقد دلَّ الفيلم أنه تم القبض عليها؛ لأنها انتظرت زبائنها على الرصيف
لوقتٍ أطول، ورأيناها في زنزانة القسم تقابل إحدى زميلاتها التي تحكي
لها أن السفَّاح قاربت مدَّة حريته على النهاية، ومن بعدُ سوف نرى نور
طليقة السراح، وتحضر المطاردة الأخيرة له، وتشهد مصرعه، وكل هذا ليس في
الرواية، كما أن التفصيلات الأخيرة كلها من صنع السيناريو، أنْ تردِّد
نور أنها ذاهبة إلى الشارع «أنا ليا غيره!» ثُم يتعانقان بشدة كأنه
الوداع، ثُم هناك المشهد الذي تأتي فيه صاحبة البيت مع ساكنٍ جديد، وهو
هنا مختلف التفاصيل؛ مما يدفع بسعيد إلى الهروب قبل أن يأوي إلى الشيخ
علي الجنيدي، ثُم إلى الجبل، حيث سيموت داخل مسجدٍ أثري.
أمَّا في الرواية فإن اللصَّ غادر البيت عقب منتصف الليل دون أن يسمع
همسَ حذائه أحد، واتجه نحو قهوة طرزان، وفي الليلة التالية غادر البيت
متسللًا عند منتصف الليل. تشابه الحوار الذي دار بين سعيد والشيخ عندما
لجأ إليه للمرَّة الأخيرة «طوبى للدنيا إذا اقتصر أوغادها على ثلاثة.»
والحوار في الفيلم مكثف عن الرواية، لكن هناك دائمًا أصواتًا في
الخلفية، إلى أن يسمع سعيد أصوات كلام المطاردات فيهرب من الحوش، أمَّا
الحوار فإنه يستمرُّ بين مأزوم ومطمئن.
في الرواية حاول سعيد مهران أن يقضي ليلته الأخيرة في مقهى المعلم
طرزان، لكنه عاد إلى شقة نور باحثًا عن بدلة الضابط؛ حيث فوجئ بأن هناك
مَن يسكنها، فعاد مرَّةً أخرى إلى الشيخ، وبدأت المطاردة الأخيرة قصيرة
«سأقاتل حتى الموت»، ووسط القبور، مثلما سيحدث مع صابر الرحيمي في
«الطريق»، تبدأ المواجهة الأخيرة
«سَلِّم، وأعدك بأنك ستعامَل بإنسانية.» وهو في الرواية استسلم بلا
مبالاة، أمَّا في الفيلم فقد أصرَّ أن يُطلق من مسدَّسه العديد من
الرصاصات وهو يردِّد: «إيمان بمين؟ رءوف علوان، نبوية، وعليش، والا
باللي حواليكي؟» ليبدو الحوار هنا، لأول مرَّة، غير منطقي، ثُم يحاول
القفز من السور الجانبي، ولكن الرصاصة تُرديه.
السينما لا تغفر للذين قاموا بالقتل، أمَّا الرواية فرغم أن الأبرياء
يموتون في نهايات روايات نجيب محفوظ، مثل رشدي
عاكف وعباس الحلو، فإن القتلة قد يبقون على قيد الحياة حتى
ولو من وراء الزنازين، مثلما حدث لسعيد مهران وصابر الرحيمي حتى وإن
كان محمود أمين سليمان البطل الحقيقي للرواية، قد مات على يدَي الشرطة
فيم يشبه الضحية.