الدِّثار الأحمر
كانت امرأة الثلج العجوز، بعيدة، بعيدةً جدًّا. بأذنَيها المدبَّبتَين مثل أذنَي قطة وشعرها الرمادي المُلتف، كانت بعيدة، بعيدةً جدًّا فيما وراء الغيوم المتلألئة المتناثرة فوق الجبال الغربية.
كان هناك طفلٌ ملتفٌّ بدِثارٍ أحمر، وعقلُه مشغولٌ بأفكار عن الحَلوى المنزلية، يُسرِع في مشيه، مستعجلًا العودة إلى منزله الواقع خلف سفح تلٍّ صغير مغطًّى بالثلوج، على شكل رأسِ فيلٍ كبير.
قال مُحدِّثًا نفسه: «سوف أصنع مخروطًا من ورق الجرائد، وسوف أنفُخ وأنفُخ حتى يحترق الفحم ويُصبِح مُتوهجًا وأزرق. ثم سأضع حَفنة من السكر البني في مقلاة الحَلوى وحَفنةً من سُكَّر النبات. ثم سأضِيف بعض الماء، ثم كلُّ ما سيكون عليَّ فِعلُه بعد ذلك هو غَليُ الخليط جيدًا. …»
لم يكن يُفكِّر حقًّا في أي شيء سوى الحَلوى المنزلية وهو يُسارِع في سيره.
في تلك الأثناء، بأعلى في المناطق الباردة الصافية من السماء، كانت الشمس مشغولة بتأجيج نيرانها البيضاء الباهرة. سطع الضوء بانتظام في كل الاتجاهات؛ بعضُه سقط على الأرض فجعل الثلج الذي يُغطي النجود الصامتة أشبه بالطبقة السكرية البيضاء اللامعة التي تُغطِّي الكعك.
بالقُرب من قمة التل الصغير الشبيه برأس الفيل، كان اثنان من الذئاب الثلجية يسيران، وكان لسانهما ذوا اللون الأحمر الفاتح يتدليان للخارج. إن الذئاب الثلجية تكون غير مرئية للبشر، لكن بمجرد أن تُثيرها الريح فإنها تقفز من على الثلج على حافة النجود، وتندفع هنا وهناك عَبْر السماء، وتطأ فوق الغيوم الثلجية المُلتفَّة.
جاء صوتٌ من خلف الذئبَين الثلجيَّين: «لا تَبعُدا! ألَم أخبركما ألا تبتعدا كثيرًا؟»
لقد كان هذا صبيَّ الثلج، الذي كان يتقدم ببطء، بقبَّعته المدبَّبة المصنوعة من فِراء الدُّب القطبي، والتي كانت تنسدل على مؤخرة رأسه ووجهه المشرق المتورِّد كالتفاحة.
هزَّ الذئبان الثلجيان رأسَيها واستدارا بسرعة، ثم انطلقا مرةً أخرى وهما يلهثان ولسانهما الأحمران يتدلَّيان من فمَهما. حدَّق فتى الثلج لأعلى في السماء الزرقاء الصافية، وحيَّا النجوم المَخفيَّة فيما وراءها. كان الضوء الأزرق يُومِض في موجاتٍ منتظمة، وكان الذئبان على مسافةٍ بعيدة بالفعل، ولسانهما الأحمران كانا يرتعشان كاللهب.
صرَخ فتى الثلج مرةً أخرى في الذئبَين: «لا تَبعُدا، قلتُ! لا تَبعُدا!» وهو يقفز بغضب حتى تحوَّل ظله، الذي كان واضحًا وأسوَدَ على الثلج، إلى بريقٍ باهت. وعاد الذئبان مُسرعَين في خطٍّ مستقيم وقد انتصبَت آذانهما.
بسرعة الريح، صَعِد فتى الثلج إلى قمة التل الذي كان يبدو كرأس فيل. كان الثلج فوق التل قد تَراكَم على شكل كُتل تشبه الأصداف البحرية بفعل الريح، وعلى قمته كانت تُوجد شجرة كستناء كبيرة عليها كُتلة من الدبق تحمل ثمارًا ذهبية كروية جميلة.
قال فتى الثلج بلهجةٍ آمرة بينما كان يصعد التل: «أحضِرا إليَّ جزءًا منها!» مع أول بريق لأسنان سيده البيضاء الصغيرة، كان قد قفز أحد الذئبَين كالكرة على الشجرة وأخذ يقضم غصنًا صغيرًا يحمل توتًا ذهبي اللون. وقد سقط ظل الذئب، برأسه الذي كان يميل بانشغال إلى جانبٍ واحد، على نطاقٍ واسع فوق الثلج. في الحال انفصل اللحاء الأخضر عن اللب الأصفر للفرع بحيث سقط الأخير عند قدمَي فتى الثلج فور وصوله إلى قمة التل.
قال فتى الثلج: «شكرًا لك.» عندما التقَطَه، مسَح ببصره المكان وصولًا إلى البلدة الجميلة القابعة بعيدًا على السهل الأبيض والنيلي. كان النهر يتلألأ بينما يتصاعد دخانٌ أبيضُ من جهة محطة السكك الحديدية. ثم ألقى ببصره إلى سفح التل. وعلى طول الطريق الضيق عَبْر الثلج الذي يحيط به، كان الطفل ذو الدثار الأحمر يُسرِع بلهفة نحو منزله في التلال.
قال فتى الثلج في نفسه: «هذا هو الطفل الذي كان يدفع حِملًا من الفحم على زلَّاجةٍ البارحة. لقد اشترى لنفسه بعض السكر وها هو يعود بمفرده.»
ضحك وقذفَ غصن الدبق الذي كان يحملُه في يده باتجاه الطفل. طار الغصن على نحوٍ مستقيم كالسهم، وسقط أمام عينَي الطفل.
شَعَر الطفل بالذهول. والتقَط الغُصن، ونظر حوله باندهاش. ضحك فتى الثلج وضرَب بسوطه. فإذا بالثلج الأبيض، من جميع أنحاء السماء الشديدة الزُّرقة الصافية اللامعة، قد بدأ يتساقط كريشِ طائر مالك الحزين الثلجي؛ مما جعل ذلك الأحدَ الهادئ والجميل، الذي يتساقط فيه الثلج على السهل أدناه، حيث أشجار السَّرو ذات اللون الكهرماني الفاتح والبني، أجملَ من أي وقتٍ مضى. بدأ الطفل في المشي بأسرعِ ما يُمكِن وهو لا يزال ممسكًا بغصن الدبق بيده.
بعد ذلك، وبمجرد توقُّف ذلك الثلج اللطيف عن التساقُط، بدَت الشمس وكأنها تتحرَّك بعيدًا في السماء إلى المكان الذي تُغذي فيه نيرانها البيضاء. هبَّ نسيمٌ خفيفٌ قادم من جهة الشمال الغربي. وأصبح الهواء قارص البرودة. من بعيد إلى الشرق باتجاه البحر، وصل صوتٌ ضئيل وكأن مشكلةً ما قد حدثَت في تروس السماء، وبدا أن أشكالًا صغيرة كانت تمُر بسرعةٍ كبيرة أمام قرص الشمس، الذي تحوَّل فيما بعدُ لمرآةٍ بيضاءَ كبيرة.
وضعَ فتى الثلج سَوطه الجلدي تحت ذراعه، وطوى ذراعَيه بإحكام، ثم زمَّ شفتَيه وحدَّق بثبات في الاتجاه التي كانت تهُب منه الريح. مد الذئبان عنقهما على نحوٍ مستقيم، وحدَّقا بإمعان في الاتجاه نفسه.
كانت الريح تشتد بانتظام، وكان الثلج عند أقدامهم يُحدِث حفيفًا وهم يتجاوزونه. فجأةً، ظهر ما كان يشبه عمودًا من الدخان الأبيض على قِمم سلسلة الجبال البعيدة، وعلى الفور أصبحَت الجهة الغربية رمادية ومظلمة بالكامل.
توهَّجَت عينا صبي الثلج بشدة. وتحوَّل لون السماء إلى اللون الأبيض، وعصَفَت الريح بشدة، وكانت ندف الثلج تصل إلى الأرض جافَّة وهشَّة. بعد ذلك، كان الهواء محمَّلًا بالثلج الشاحب، لدرجة أنه كان من الصعب تمييز ما إذا كان ثلجًا حقًّا أم غيومًا.
فجأةً، بدأ صوتٌ يصل من قِمم التلال، وكان نوعًا من الصَّرير والحَفيف. اختفى الأفق والبلدة خلف البخار الداكن ولم يَبقَ سوى الخيال الأبيض الباهت لفتى الثلج وهو يقف منتصبًا وسط العاصفة.
بعد ذلك ووسط هبوب الرياح العاتية وعويلها، وصل صوتٌ آخرُ أكثر غرابة.
«ويييو! لماذا تُبطئ؟ هيا، أيها الثلج! ويييو! ويييو! تعالَ أيها الثلج! هيا، هُب! لماذا تتلكأ هكذا؟ ألا يُوجد ما تفعله؟ ويييو! ويييو! انظر، لقد أحضرتُ ثلاثةً معي من هناك! هيا أيها الثلج! ويييو!»
قفز فتى الثلج كما لو أنه قد صُعق بالكهرباء؛ لقد وصلَت امرأة الثلج العجوز.
ضرب فتى الثلج بسوطه، وتَقدَّم الذئبان إلى الأمام. أصبح وجهه شاحبًا، وأطبق شفتَيه وطارت قبَّعتُه مع الريح.
«ويييو! ويييو! هيا إلى العمل، هيا إلى العمل! لا للتكاسل، الآن! ويييو! هيا إلى العمل! هيا إلى العمل! ويييو!»
كانت خصلات الشعر البيضاء لامرأة الثلج العجوز تتطاير وسط الثلج والريح، وكان يمكن رؤية أذنَيها المدبَّبتَين وعينَيها الذهبيتَين اللامعتَين من بين الغيوم الداكنة العاتية. في ذلك الحين كان فتيان الثلج الثلاثة الذين قد أحضرَتْهم معها من السهل الغربي يركضون هنا وهناك؛ وكانت وجوههم شاحبةً بشدة، وشفاههم مزمومة بإحكام، وكانوا مشغولين للغاية، ولم يسعهم حتى تبادل التحيات معًا. وسرعان ما أصبح من الصعب التمييز بين كلٍّ من التلال والثلوج المتساقطة بقوة والسماء؛ كل ما كان بالإمكان تمييزه هو صرخاتُ امرأة الثلج العجوز وهي تتحرك هنا وهناك، وصوت ضربات سياط صبيان الثلج، ولهاث الذئاب الثلجية التسعة وهي تندفع للأمام فوق الثلج المتساقط حديثًا.
في خِضَم كل ذلك، سمع فتى الثلج صوت بكاء طفل. لمعَت عيناه بضوءٍ غريب. وتوقف للحظة وأخذ يفكِّر. ثم بضربةٍ من سَوطه انطلَق يبحث عن الطفل الباكي.
لكن لا بد أنه قد أخطأ الاتجاه؛ فقد وجد نفسه أمام تلٍّ أسودَ مُغطًّى بأشجار الصنَوبَر في أقصى الجنوب. فما كان منه سوى أن طوى السَّوط تحت ذراعه وأصغى السمع.
جاء صوتُ امرأة الثلج العجوز يقول: «ويييو! ويييو! لا للتكاسل! هيا، أيها الثلج! هيا! ويييو! ويييو-ويييو! ويييو!»
مرةً أخرى، وسط هبوب الرياح وسقوط الثلج، سُمع صوتٌ رفيع يسهل تمييزه لطفل يبكي. على الفور، ركض فتى الثلج باتجاه الصوت وكان شَعرُ امرأة الثلج العجوز الجامح يلتفُّ حول وجهه بنحوٍ مزعج وهو يسير. هناك على الممر فوق التلال، وجد الطفل ذا الدثار الأحمر، وحيدًا في العاصفة وقد انقلَب وعلقَت قدماه في الثلج بقوة. كان الطفل يبكي ويدفع بإحدى يدَيه في الثلج في محاولة لتخليص نفسه.
قال فتى الثلج بصوتٍ عالٍ مخاطبًا الطفل بينما كان يتوجَّه نحوه: «استلقِ على وجهكَ واسحَب الدثار فوقك! استلقِ وغطِّ نفسك. ويييو!»
لكن الطفل لم يسمع سوى صوت عصف الريح، ولم يرَ شيئًا.
صاح فتى الثلج وهو يتجاوَزه: «انزِل على جبهتك. ويييو! يجب ألا تتحرك. كل شيء سيكون على ما يُرام قريبًا؛ فقط استلقِ وضع الدثار فوقك!»
لكن الطفل كان لا يزال يصارع من أجل النهوض.
صرخ صبي الثلج وهو يسير مسرعًا مرةً أخرى: «استلقِ! ويييو! كن هادئًا واستلقِ على وجهك. لن تتجمَّد؛ فالطقس اليوم ليس باردًا جدًّا.»
حاول الطفل النهوض مرةً أخرى وهو يبكي طوال الوقت، وكان فمه ملتويًا ويرتجف من الخوف.
«استلقِ! … أوه، لا فائدة!» عندها لطم فتى الثلج الطفل عمدًا لطمةً قوية، فسقط أرضًا.
«ويييو!» اقتربَت امرأة الثلج العجوز. «اعمل، اعمل بجدٍّ أكثر، الآن! هيا، هيا! ويييو!» استطاع فتى الثلج رؤية الشق الأرجواني لفَمها وأسنانها المدبَّبة تلُوح في الأفق عَبْر العاصفة. تابعَت امرأة الثلج العجوز: «آها! انظر، يا له من طفلٍ صغيرٍ جميل! رائع! … سنأخذه. عجبًا، في مثل هذا الوقت من السنة لنا الحق بأخذ واحدٍ أو اثنَين على الأقل.»
قال فتى الثلج: «طبعًا لنا الحق! انظري، هذا سيقضي عليه!» وتصنَّع لطم الطفل مرةً أخرى. لكنه همس له بهدوء قائلًا: «حافظ على هدوئك. عليكَ ألا تتحرك، هل تسمعني؟»
كانت الذئاب الثلجية لا تزال تجري في المكان بجنون وكفوفُها السوداء تظهَر للعيان ثم تختفي وسط دوامات الثلج.
صاحت امرأة الثلج العجوز وهي تطير مرةً أخرى: «أحسنتَ! هذا جيد! هيا، أيها الثلج! استمِر في عملك! ويييو!»
حاوَل الطفل مرةً أخرى النهوض. وجَّه فتى الثلج إليه لطمةً أخرى وهو يضحك. أصبح كل شيء فجأةً مُعتمًا وضبابيًّا، وبالرغم من أن الساعة لم تكن قد بلغَت بعدُ الثالثة بعد الظهر، فإنه كان يبدو كما لو أن الشمس قد غابت بالفعل. خارت قُوى الطفل، فمد فتى الثلج بابتسامةٍ يده وسحب الدثار الأحمر فوقه.
«اخلُد إلى النوم الآن. سأُغطِّيك بكثير من الأغطية كي لا تتجمد. الآن احلُم بالحلوى المنزلية حتى الصباح.»
كرَّر فتى الثلج تلك الكلمات وهو يُراكِم طبقاتٍ من الثلج فوق الطفل. وسرعان ما اختفى الدِّثار الأحمر تمامًا، وكان الثلج فوقه ناعمًا تمامًا.
تمتَم فتى الثلج في نفسه وقد بدا حزينًا للحظة: «لا يزال يحتفظ بالغصن الذي أعطيتُه له.»
جاء صوت امرأة الثلج العجوز عَبْر الريح القادمة من بعيد: «هيا إلى العمل، هيا إلى العمل! لا راحة لنا حتى الصباح الباكر. لا راحة لنا اليوم! هيا أيها الثلج! ويييو! ويييو-ويييو! ويييو!»
في النهاية، وسط الرياح والثلج والغيوم الرمادية المشتتة، غابت الشمس حقًّا. وطَوال الليل استمَر الثلج في السقوط. ثم مع اقتراب بزوغ الفجر هرولَت امرأة الثلج العجوز للمرة الأخيرة من الجنوب إلى الشمال.
وصرخَت قائلةً: «هيا، سيَحين وقت الراحة قريبًا. يجب أن أذهب إلى البحر مرةً أخرى. ليس عليكم أن تتبعوني. استريحوا قَدْر ما تشاءون كي تستعيدوا نشاطكم من أجل لقائنا القادم. … لقد سارت الأمور على ما يُرام! يومٌ جيد حقًّا!»
كان لعينَيها في الظلام بريقٌ أزرق غريب بينما كانت تتجه نحو الشرق، بينما شعرُها الخَشِن الجاف يتطاير وفمُها مستمرٌّ في الثرثرة.
بدا أن السهول والتلال تميل للهدوء، وكان الثلج يتوهَّج بضوءٍ خافت. كانت السماء قد أصبحَت صافية، وكانت الأبراج المرصَّعة بالنجوم تتلألأ في جميع أنحاء قبة السماء ذات اللون الأزرق الداكن.
جمَع فِتيان الثلج ذئابهم، وحيَّوا بعضهم بعضًا لأول مرة.
«لقد كان يومًا مُروِّعًا، أليس كذلك؟»
«بلى.»
«أتساءل متى سنلتقي مرةً أخرى.»
«وأنا كذلك. لكن ليس أكثر من مرتَين هذه السنة، حسب توقعي.»
«أتُوق إلى أن نعود جميعًا معًا إلى موطننا في الشمال.»
«وأنا كذلك.»
«لقد مات طفلٌ منذ قليل، أليس كذلك؟»
«كلُّ شيء على ما يُرام. إنه نائمٌ فقط. سأترُك علامةً هناك لأتبيَّن مكانَه في الصباح.»
«من الأفضل أن نذهب. علينا أن نكون خلف التلال مع بزوغ الفجر.»
«مع السلامة، إذَن.»
«مع السلامة.»
انطلقَ فِتيان الثلج الثلاثة مع ذئابهم التسعة عائدين إلى موطنهم في الغرب. لم يمضِ وقتٌ طويل حتى بدأت السماء الشرقية بالتوهُّج كوردةٍ صفراء، ثم تألَّقَت كالكهرمان، وأخيرًا التمعَت كلها باللون الذهبي. كان الثلج الجديد يُغطي كل الأنحاء، التلال والسهل على حدٍّ سواء.
كان ذئبا فتى الثلج قد خارت قواهما، فأخذا يسيران بترنُّح وإنهاك. فتى الثلج نفسه جلس وابتسم. كان خدَّاه متورِّدَين كالتفاحتَين، وكانت تفوح من أنفاسه رائحة الزنابق.
أشرقَت الشمس بكل مَجدها، مع مسحةٍ زرقاءَ اليوم جعلَتْها تبدو بديعةً أكثر من أي وقتٍ مضى. وقد غمر ضوءُها العالم كله باللون الوردي. نهض الذئبان وفتحَا فمَهما عن آخرهما فبدا كما لو كانت تخرُج منهما ألسنةٌ من اللهب الأزرق.
قال فتى الثلج: «هيا، جميعًا، اتبعاني. لقد طلع الفجر. وعلينا أن نُوقِظ الطفل.»
ركضَ إلى حيث دُفن الطفل تحت الثلج.
وقال آمرًا: «الآن انفُضا هذا الثلج بعيدًا.»
أزاح الذئبان بأرجلهما الخلفية الثلجَ الذي تناثَر في المكان على الفَور كالرماد.
كان هناك شخصٌ قادم بسرعة من جهة القرية، وكان يرتدي فِراءً وحذاءَ ثلج.
صاح فتى الثلج، وهو يرى طرَف دِثار الطفل الأحمر يظهر من تحت الثلج: «سيَفِي هذا بالغرض.»
صاح وهو يُسرِع الخُطا أعلى التل الصغير في عمودٍ من الثلج الناعم: «إن والدك قادم. استيقظ!»
بدا أن الطفل قد تحرَّك قليلًا. وكان الشخص ذو الفِراء يأتي مسرعًا بكل ما أُوتي من قوة.