المقعد السادس
كانت هي جادَّة ومُخلِصة، ولم يكن هو كذلك. وفي ظل هذا الوضع القائم، يُمكن أن يحدث أيُّ شيء. ربما كان ما حدث اعتياديًّا، أو هزليًّا، أو مأساويًّا، يتوقَّف ذلك على طباع المرأة وخبراتها. وفي هذه الحالة، لم يكن ما حدث سوى لقاء بينهما، التزم كلٌّ منهما بحضوره.
جاءَ هيكتور ماكلين إلى باريس بقرار عصامي، ونظرية في الألوان، ومبلغ صغير من المال. وقد دمَّرت باريس كل ذلك. كان هيكتور خاطبًا فتاةً لطيفة في موطنه، وكانت تلك الفتاة تعتقد أن قدره أن يصبح رسَّامًا عظيمًا؛ وكان هذا وهمًا يشاركها هيكتور فيه.
دلفَ هيكتور إلى حياة طالب الفن الباريسي برُوح معنوية عالية، لكن بطريقة ما لم تتساوَ خبرته بما كان لديه من توقُّعات. إنَّ ما قرأه في الكتب — الشعري منها والنثري — كان قد صنعَ هالة حول الحي اللاتيني؛ ومن ثمَّ كان يشعر بخيبة الأمل حين افتقدَ وجود تلك الهالة. كانت الهالة الرومانسية تتَّسم بالأنانية والجشع، وبعد أشهر قليلة من انغماسِه فيها صارَ يتُوق إلى شيءٍ أفضل.
يُمكنك أن تحصل على كل شيء تقريبًا في باريس، عدا ذلك الشيء الأفضل. ومثلُ هذا الشيء موجود بالطبع، لكنه نادرًا ما يُصادف طلاب الفن المعدِمين عادةً. لكن ما حدثَ هو أن هيكتور وجدَ ذلك الشيء الأفضل حين تخلَّى عن البحث عنه؛ إذ لم يكن الحظ يقف ضد ذلك الشاب.
كانت نظرية ماكلين تُفيد بأنَّ الفن قد أصبح كئيبًا للغاية. كان العالَم بالنسبة إليه يُهرع خلف الأشياء ذات الألوان الخافتة. كان يُريد أن يمتلك القدرة على رسم الأشياء كما هي في الواقع، ولم تكن عزيمته تنثني إذا أُطلقَت صفة البهرجة على رسوماته. وقد حصلَ ماكلين على الإذن لأن يضع حامِل الرسم الخاص به في كنيسة نوتردام، وفي ظلِّ الضوء الخافت هناك، حاول أن ينقل على قماش الألوان الخاص به شيئًا من زهاء الألوان التي كانت تتسلَّل عبر النافذة الضخمة التي كانت تعلُوه بمسافة كبيرة وتتخذ شكل الوردة. شعرَ ماكلين بالإحباط حين رأى كيف أن الألوان على قماش الرسم كانت مُعتِمة مقارنةً بتدرُّجات الألوان الشفافة المنبعثة من النافذة الكبيرة. وبينما كان يتَّكئ بظهره إلى الخلف مطلقًا تنهيدة تنمُّ عن انهزامه، وقعت عيناه الحائرتان للحظة واحدة على شيء أكثر جمالًا من الزجاج المُعشَّق، وذلك حيث إنَّ صنع الرب ينبغي أن يكون دومًا أجمل من صنع الإنسان. كانت اللمحة العابرة لعينَيْن رقيقتَيْن داكنتَيْن واضحتَيْن، حين التقتا بعينيه احتجَبَتا على الفور، ثم أطالَ ماكلين النظر في الوجه المليح الذي تَنتميان إليه. كان من الواضح أن الفتاة الشابة تكنُّ إعجابًا بعمله، وكان هذا أكثر مما يأمُل الشاب في الحصول عليه من البروفيسور في مزاد جوليان.
لم يكن هناك مَنْ يَعتبِر — حتى ولو كان أعزَّ أصدقائه — أنَّ انعدام الأمان وافتقاد الطمأنينة من بين إخفاقات ماكلين. نهضَ ماكلين عن كرسيِّ الرسم، وانحنى وسألَ الفتاة إنْ كانت تمانع الجلوس لدقيقة؛ بحيث يتسنَّى لها أن ترى اللوحة على نحو أفضل بكثير. لم تجبه الفتاة، لكنها رمقته بنظرة خوف وهربت تحت جناح وصيفتِها الراكعة، التي لم تكن قد انتهت من صلاتها بعد. لا شك أنَّ صلاة الفتاة كانت أقصر من صلاة الوصيفة المُسنَّة التي كانت تقوم على رعاية الفتاة. فالصلاة تقصُر كلما اشتدت الضائقة. وحظيَ ماكلين بلمحة عابرة أخرى على تلكما العينَيْن الداكنتَيْن بينما كان يمسك بالباب المتأرجح مفتوحًا لهما. ثم غادرت المرأة الكنيسة دون إدراك منها لما دار ومعها الفتاة التي عاشت كلَّ ما جرى.
وهكذا كانت البداية.
كانت لوحة النافذة الملوَّنة لكنيسة نوتردام تشغل كلَّ الوقت المتاح لدى هيكتور ماكلين. وما من عمل عظيم يمكن إنجازه من دون التحلي بمثابرة لا تفتر. وكان من اللافت للنظر أن تلك الحقيقة تجلَّت إليه بمجرد أن قرر أن يهجر العمل على تلك المهمَّة. وقبل أن يسمح للباب المتأرجِح أن يَنغلِق، كان قد قرَّر أن يستكمل دراسته للألوان. ومن ثمَّ فقد تصادف أن رأى الفتاة الشابة مرة أخرى، في الساعة نفسها دائمًا، ومع المرأة نفسها التي تصطحبها. وذات مرة نجح — من دون أن تَلحظه المرأة المسنَّة — أن يدسَّ رسالة صغيرة في يد الفتاة، وقد شعرَ بالسعادة والإطراء حين رأى الفتاة تحتفظ برسالته وتخفيها. وذات يوم آخر حظيَ بمُتعة التهامس معها بعدة كلمات في ظلِّ أحد الأعمدة العملاقة. وبعد ذلك، كان إحراز التقدُّم سهلًا نسبيًّا.
عَلِمَ ماكلين أنَّ اسمَها إيفيت، وتعجَّب كثيرًا حين عرفَ أنَّ مخلوقة بريئة مثلها استطاعت بمهارة الخبراء أن تُراوغ يقظة المرأة المسنَّة المسئولة عنها. وعادةً ما كانت اللقاءات المُختلَسة بينهما تدور في الحديقة الصغيرة التي تقع خلف نوتردام. كانا يَجلِسان في تلك الحديقة في مواجهة النافُورة، أو كانا يسيران جيئةً وذهابًا على الحَصى المتهشِّم تحت الأشجار. وفي الظهيرة كانا يسيران في الجزء المنعزل من الحديقة، تحت ظل الكنيسة الكبيرة. وكان من عادتها أن تُرسل إليه رسائل صغيرة وأنيقة تُخبرُه فيها متى ستذهب إلى الحديقة وتُعطيه رقم المقعد؛ ذلك أنها لم يكن باستطاعتها أن تُراوِغ وصيفتها في بعض الأحيان، فكانت حينها تجلس إلى جانب إيفيت. وفي تلك المرات، كان على ماكلين أن يرضى بمجرد النظر إليها من بعيد.
كانت الفتاة جادة ومخلصة للغاية حتى إن الشعور بالقلق والاضطراب قد سيطر على ضمير ماكلين. فكَّرَ ماكلين في الفتاة اللطيفة في موطنِه، وتمنَّى بصدق ألا يصل إلى مسامِعِها أي شيء عمَّا يحدث. وبصرف النظر عن مدى الحَذر الذي قد يتَّسم به المرء، فإن الصدفة غالبًا ما تلعب حيلًا دنيئة. تذكَّر ماكلين بعضَ اللحظات بينهما وشعرَ بالحزن لصغَر هذا العالم. وفي بعض الأحيان كان جسد ماكلين يرتجف حين يصيح أحد المارة على الرصيف في الخارج لأحد معارفه بداخل الحديقة من خلال القضبان الحديدية. وطلاب الفن يَعتادُون عادة غير مُريحة وهي التجوُّل في كل مكان، وكانوا صاخِبين حين ينادون على أحدٍ يَعرفُونه. بالإضافة إلى ذلك، كان طلاب الفن يتحدَّثون كثيرًا، وخافَ ماكلين من أن تتحوَّل علاقته بالفتاة إلى أُضحوكة المدرسة. وفي أي لحظة، قد يذهب أحد طلاب الفن غير المرغوب فيهم إلى الحديقة ليَرسم النافُورة أو المُمرِّضات والأطفال أو مؤخِّرة الكاتدرائية في أحد أطراف الحديقة أو حتى واجهة المشرحة المخيفة والكئيبة في الطرف الآخر لها.
كان ماكلين شابًّا ليِّن العريكة، يكره المشكلات، وربما لأنه كان يعرف أنَّ يوم الحساب المحتوم سيأتي لا محالة كان ضميره يَستيقظ مُتأخرًا نوعًا ما.
وفكَّر في بعض الأحيان أنه قد يكون من الأفضل أن يُغادر باريس من دون أي تفسير، لكنه تذكَّر أن الفتاة تعرف عنوانه في باريس — ذلك أنها كثيرًا ما راسلته — وأنها بذَهابها إلى المدرسة ستعرف عنوانه في موطنه بكل سهولة. ولذلك، إذا كان من المحتَّم أن تَنفجِر غضبًا وتثُور ثائرتها، فمن الأفضل كثيرًا أن تكون في باريس، وليس في مكان سكناها.
وكثيرًا ما شجَّع ماكلين نفسه ليُقدِّم للفتاة تفسيره ويُنهي تلك العلاقة، لكنه كان يؤجِّل الأمر كلما أتَت اللحظة المنتظرة. لكن المحتوم يقع في النهاية. واجَه ماكلين صعوبة في البداية في محاولة أن يجعلها تفهم الموقف بوضوح، لكنه حين نجح في ذلك في النهاية لم يكن هناك اعتراضٌ من جانبها. ولم يكن منها سوى أنها ثبَّتت عينيها على الحصى وسحبت يدها في هدوء من يده. ولدهشته لم تبكِ الفتاة، ولم تُجِبه حتى، لكنها راحت تسير في صمت جيئة وذهابًا وعينها مُثبَّتة على ظلِّ الكنيسة. قال ماكلين بأن أحدًا لن يحتلَّ المكانة التي احتلَّتها هيَ في قلبه. كان خاطبًا للفتاة الأخرى، لكنه لم يعرف معنى الحب حتى التقى بإيفيت. وكان مُرتبطًا بالفتاة الأخرى بخيوط لا يستطيع هو أن يقطعها — وكان هذا صحيحًا — لأنَّ الفتاة اللطيفة كانت ابنة رجل غني. ثم رسمَ لها صورة بائسة عن الحياة الخالية من الحب التي سوف يحياها في المُستقبَل، فخالجَه شعورٌ غامر بالشفَقة على الذات حتى اهتزَّ صوتُه أثناء حديثه. وشعرَ ماكلين بالاستياء حين رضيَت الفتاة بالافتراق بتلك الطريقة غير العاطفية. فحين يحصل المرء على مُنتهى مُبتغاه يظل شعورٌ بعدم الرضا يُلازمه. كانت تلك بالضبط هي الطريقة التي أملَ أن تَتقبَّل بها الأمر.
ولكل شيءٍ نهاية، حتى التبريرات.
قال ماكلين وهو يمدُّ يدَه: «إذن، الوداع يا إيفيت.» تردَّدت هي لحظة، ثم من دون أن ترفع نظرها، وضعت كفَّها الصغير في كفِّه.
وقفا على هذه الحال برهة تحت الأشجار، بينما راحَت النافورة بجانبهما تقطر وتهدر بصوتٍ موسيقي. وكان ظل الكنيسة يَزحف نحوهما في بطءٍ على الحصى. وكانت الحديقة مهجورةً إلا من وجودهما. حاولَت الفتاة أن تسحب يدها من يده برقَّة، لكنَّه ظلَّ مُمسكًا بها.
سألها ماكلين وفي صوته نبرةٌ من العتاب: «أليس لديكِ ما تقولينه لي يا إيفيت؟»
لم تجِبْه. أمسك بأصابعها وكانت تنسلُّ من قبضته، ولامسَ الظل قَدمَيها.
«إيفيت، هَلا قَبَّلتِني قبلة الوداع على الأقل؟»
سحبت يدها سريعًا من يده، وهزَّت رأسها واستدارَت مبتعدة.
راحَ يرقُبُها حتى ابتعدت عن الأنظار، ثم سارَ ببطءٍ نحو منزله في بوليفارد سان جيرمان. لم يكن في أفكاره ما يُواسيه. كان قد خابَ أملُه في إيفيت. كانت الفتاة ماهرةً للغاية وذكية، وكان يتوقع أنها ستقول شيئًا جارحًا وهو يعرف أنه يستحق ذلك. لكن لم تكن لديه أدنى فكرة أنها قد تكون متحجرة القلب على هذا النحو. ثم تحوَّلت أفكاره نحو الفتاة اللطيفة في موطنه. كانت تلك الفتاة أيضًا تمتلك صفاتٍ في شخصيتها تُذهل شابًّا صادقًا مثله. وكانت خطاباتها ولفترة طويلة غير منتظمة وغير مُرضية. لم يكن من الممكن أن يكون قد تناهى إلى سمعها أي شيء. لكن، ليس هناك شيءٌ أسهل من الإنكار التام، وسينظر هو في هذا الأمر حين يصل إلى وطنه.
وكان هناك تفسيرٌ لذلك ينتظره في حجرته في بوليفارد. كان هناك طابعٌ أجنبي على مظروف الخطاب، وكان الخطاب من الفتاة اللطيفة. كتبَتْ إليه أنه كان هناك خطأ ما، لكنها سعيدة باكتشافه سريعًا قبل فوات الأوان. وأخذت تلوم نفسها في مرارةٍ على مدى ثلاث صفحات، وفي الصفحة الرابعة فهِمَ أنها ستكون قد تزوَّجت بحلول الوقت الذي سيصله فيه الخطاب. بدا أنه ليس هناك شكٌّ في أن الفتاة اللطيفة أدركَتْ تمامًا كيف أنها عاملت بدناءة شابًّا موهوبًا كادًّا في عمله وطموحًا وواثقًا في نفسه، لكن إدراك ذلك لم يؤجِّل أجراسَ الزفاف ولو لثانية واحدة.
جعَّدَ ماكلين الشابُّ الخطابَ في يدِه وتلفَّظ بكلماتٍ بذيئة، وكان في ذلك مُحقًّا. وأطلقَ ضحكة جادة عالية على ما تتمتع به المرأة من شيم الغَدْر. ثم تحوَّلت أفكاره نحو إيفيت. لم تكن الفتاة ثريةً يا للأسف! لقد أدركَ ماكلين مثلُ الكثير من الرجال النبلاء الموهوبين أنه لا يستطيع أن يَتزوَّج امرأةً فقيرة. ثم فكَّر في أن إيفيت يمكن ألَّا تكون فقيرة. وكلَّما أطال التفكير في الأمر ازداد ذهوله لكونه قد أخذ فقرها كشيءٍ مُسلَّم به. كانت الفتاة ترتدي ملابسها كالأثرياء، وتلك الملابس تُكلِّف الكثير من المال في باريس. وتذكَّر أنها كانت ترتدي ساعةً مُرصَّعةً بالجواهر في تلك المرة التي رآها فيها للحظة واحدة. تمنَّى ماكلين لو أنه أجَّل تبريره لها يومًا واحدًا، لكن ذلك شيء يُمكن علاجه بسهولة. سيقول لها إنه تخلَّى عن الفتاة الأخرى لأجلها. وآلمَه فجأةً أنه تذكَّر أنه لا يعرف عنوانها ولا حتى اسم عائلتها. لكن كان من المؤكَّد أنها ستأتي إلى الحديقة مرةً أخرى، وأنه سيمكث في تلك الحديقة حتى تأتي. كما أن مكوثَه في الحديقة سيزيد من مصداقية حُبِّه المتفاني. على أيِّ حال، لا شيءَ يمكن أن يفعله هذه الليلة.
وفي الصباح كان مسرورًا للغاية حين تسلَّم خطابًا من إيفيت، وكان مَسرورًا أكثر حين قرأ ما تحويه. كانت في خطابها تطلب أن تقابله للمرة الأخيرة خلف الكنيسة.
لم أستطع اليوم أن أُعبِّر لك عن كل ما شعرت به. ستعرف بذلك غدًا، إذا ما قابلتني. لا تخشَ أن ألومك. ستتلقَّى هذا الخطاب في الصباح. وبحُلول الثانية عشرة سأكون بانتظارك على المقعد السادس في الصف الواقع جنوبي النافورة … المقعد السادس … وهو الأبعد عن الكنيسة.
ابتهجَ ماكلين كثيرًا وغمره شعورٌ بالسعادة لحظِّه الحَسن. وشعرَ بأنه لا يستحق حُسنَ حظه هذا. ذهبَ ماكلين إلى المكان مبكرًا، وجلسَ على آخر مقعد في الصف المواجه للنافورة. لم تكن إيفيت قد وصلت بعد، لكن كانت لا تزال هناك نصف ساعة قبل حلول موعد اللقاء. قرأَ ماكلين جريدة الصباح وجلسَ ينتظر. وفي النهاية، دقَّت جميع الأجراس حوله معلنةً عن تمام الساعة الثانية عشرة. لكنها لم تصل. كان هذا غريبًا، لكنه كان محتمَلًا. ربما لم تفلح في التملص من وصيفتها. مرَّت رُبع ساعة ثم نصف ساعة قبل أن يدرك ماكلين أنه كان ضحية مزحة سيئة. صرفَ عن باله تلك الفكرة؛ فمثلُ هذا الأمر ليس من شيَمِها أبدًا. راحَ يسير في أرجاء الحديقة الصغيرة، آملًا أن يكون قد أخطأ في صف المقاعد. لكنها لم تكن قد أتَت. قرأ ماكلين الخطابَ مرة أخرى. كان واضِحًا بما يكفي أنه المقعد السادس. راحَ يعدُّ المقاعد وبدأ بأقربها إلى الكنيسة. واحد … اثنان … ثلاثة … أربعة … خمسة. كان هناك خمسة مقاعد في الصف.
وبينما كان يُحدِّق في المقعد في بلاهة قال له رجل بجانبه: «هذا هو المقعد يا سيدي.»
صاحَ ماكلين وهو يَستدير نحوه وقد تَملَّكَه الذهول من تعليقه: «ماذا تقصد؟»
«عُثِرَ في ذلك المقعد على الفتاة الشابة ميتة هذا الصباح … يقولون إنها ماتت مسمومة.»
حدَّق إليه ماكلين ثم قال بصوتٍ أجش:
«مَنْ … مَنْ هي؟»
«لا أحدَ يعلمُ بعد. لكننا سرعان ما سنعرف، ذلك أنَّ الجميع يذهبون إلى المشرحة كما تعرف. إنها الوحيدة على المقعد اليوم. ومن الأفضل أن أذهب قبل أن يزداد الحشد. لقد دخلتُ مرتَيْن.»
غاصَ ماكلين في مقعده ومسحَ جبهته بيده.
كان يعلم أنها تنتظره في المقعد السادس … الأبعد عن الكنيسة!