غزوة النضير
اخرجوا من بلدي فلا تُساكِنوني بها … وقد أجَّلتكم عشرًا فمن رُئِي بعد ذلك ضربت
عنقه.
رسالة النبي إلى بني النضير
مرة أخرى نعود إلى خبر ذلك العهد الغامض والمُلتبِس بكتبنا الإخبارية، والذي عُقِد
بين النبي
ﷺ وبين بني عامر، ورغم المكيدة التي راح ضحيتها ما بين الخمسين
والسبعين من خيار المسلمين في بئر معونة، والتي دُبِّرت بشكل غير واضح في مأثورنا، وقاد
المذبحة الزعيم العامري «عامر بن الطفيل»، فإن أمية الضمري عندما قتل عامريَّين في طريق
عودته، وجد النبي غير راضٍ عما فعل، بل أعلن أن عليه تأدية الدية في العامريَّين
القتيلَين؛ لأن بينهما عهدًا، وهو العهد الذي لم يعلم به الصحابة، وهو ما يُوضِّحه عدم
علم ابن الضمري الذي قتل العامريَّين.
والأكثر التباسًا أن يقول الطبري: «إن عامر بن الطفيل كتب إلى رسول الله
ﷺ:
إنك قتلت رجلَين لهما منك جوار وعهد فابعث بديتهما.»
١
الأمر هنا غير مقبول إطلاقًا؛ فعامر بن الطفيل يكيد للمسلمين، ويقتل بمُعاوَنة قبائل
سليم سبعين مسلمًا، ثم يُرسِل للنبي طالبًا الدية لعامريَّين قتلهما الضمري ثأرًا؟!
ويُصبِح موقف النبي
ﷺ غير مفهوم في إصراره ليس
على الانتقام وإنما في أداء الدية لبني عامر! كما سبق وحدث بغزوته على أهل الرجيع ودار
لحيان انتقامًا لسبعة فقط من رجاله في مؤامرة مثيلة؛ وعليه فما يبدو لنا أن السبب
الواضح في الإصرار على دفع الدية للمُعتدي، كان إيجادًا لسبب هو أعظم وأجل، ألا وهو
إجلاء بني النضير، تلك القبيلة اليهودية الكبرى عن يثرب، وخاصةً أن النضير كانوا حلفاء
الأوس، وكان المنافقون من الأوس كُثُر، وهم من كانوا وراء غليان المدينة بالنفاق بعد
هزيمة أحد، خاصةً أن كتب الأخبار التي أفاضت في أمر دية بني عامر، قد توقَّفت تمامًا
عن
ذكرها بعد غزوة النضير، حتى لا نعلم بعدها هل تم أداء تلك الدية فعلًا أم لا؟ كما لو
كان أصحاب السير والأخبار يعلمون بدورهم أن دية بني عامر إنما كانت المدخل لإعلان الحرب
على النضير؛ لتطهير يثرب، وتقليم أظافر المنافقين بإبعاد حلفائهم الأقوياء، ثم — من
جانب آخر — تقوية الروح المعنوية للمسلمين بنصر وغنائم تُعوِّضهم عن هزيمة أحد.
ويتضح دور دية بني عامر والإصرار عليه فيما أدَّت إليه من نتائج باهرة، تُوضِّحها
رواية الطبري عن النبي
ﷺ عندما ذهب إلى بني النضير، يستعين بهم في أداء دية
العامريَّين، بما أصبح بينهم وبين الرسول من تحالُف في صحيفة المعاقل، فتقول الرواية:
فانطلق رسول الله
ﷺ إلى قباء، ثم مال إلى بني النضير مُستعينًا بهم في
ديتهما، ومع نفر من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر وعلي وأسيد بن حضير.
فلما أتاهم رسول الله
ﷺ يستعينهم في دية ذلك القتيلَين، قالوا: نعم
يا أبا القاسم، نُعينك على ما أحببت، مما استعنت بنا عليه.
٢
إن أي قارئ كان لا بد أن يتوقع من بني النضير تسويفًا أو مُماطَلة أو رفضًا، لكن
يبدو
أن يهود نضير قد قدَّروا الأمر تقديرًا عميقًا، فما زال خروج يهود قينقاع المهين مائلًا
في الأذهان، وهناك صحيفة معاقل تضمن لهم قدرًا من السلام لا يرجون غيره، مع مسلسل
الاغتيالات الذي نال رجالهم المُقدَّمين، ناهيك عن معرفتهم أن المسلمين قد صاروا
مُقتدِرين ماليًّا على أداء مثل تلك الديات بعدما حصَّلوه من مال نتيجة غزوة بدر
الكبرى؛ ومن ثَم كانت الحكمة تقتضي إجابة مثالية واضحة، لا تُعطي أية فرصة لنقض صحيفة
المعاقل ولما يمضِ عليها من الشهور سوى ستة، فقالوا: نعم يا أبا القاسم، نُعينك على ما
أحببت مما استعنت بنا عليه. رغم ما في ذلك من نكاية بعهدهم مع بني عامر وحلفهم معهم.
وهو ما يُعلِمنا به ابن اسحاق، الذي أكَّد أن النضير مثلما كانت قبل الهجرة على حلف
تآخٍ مع أوس يثرب، كانت على ذات الحلف مع بني عامر
٣ ومعنى أن يدفعوا الدية عن مسلمين، أنهم اتخذوا جوارهم وفكوا حلفهم مع
العامريِّين.
ويُتابِع الطبري روايته فيقول إن يهود النضير عندما أجابوا النبي
ﷺ إلى ما طلب:
قام وقال لأصحابه: لا تبرحوا حتى آتيكم، وخرج راجعًا إلى المدينة. فلما
استلبث رسول الله
ﷺ أصحابه، قاموا في طلبه، فلقوا رجلًا مُقبِلًا من
المدينة، فسألوه عنه، فقال: رأيته داخلًا المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله
ﷺ حتى انتهوا إليه، فقالوا: يا رسول الله، انتظرناك ومضيت. فقال: يهود
همَّت بقتلي وأخبرنيه الله عز وجل.
٤
أما كيف همَّت نضير بقتل النبي
ﷺ وهو جالس وسط رجاله، وكيف علم النبي وحده
بتلك المؤامرة؟ فهو ما تُخبِرنا به رواية ابن إسحاق وهو يقول: «فأتى رسولَ الله الخبرُ
من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج عائدًا إلى المدينة.»
٥ وقد أخبرته السماء عبر وسيطها جبريل أن يهود نضير قد خلا بعضهم ببعض
فقالوا: «إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذا، ورسول الله
ﷺ إلى جنب جدار من
بيوتهم قاعدًا، فمن رجل يعلو على هذا البيت فيُلقي عليه صخرة ويُريحنا منه.»
٦
ومن ثَم لم يكن هناك سوى رد واحد على خبر السماء الصادق بخيانة بني نضير الواضحة،
وهو
الجلاء عن يثرب. وزيادةً في النكاية بهم أرسل النبي لهم واحدًا من الأوس هو محمد بن
مسلمة، يحمل إليهم رسالة النبي
ﷺ تُنذِر وتقول بلا لبس:
اخرجوا من بلدي فلا تساكنوني بها، وقد هممتم بما هممتم به من الغدر، وقد
أجَّلتكم عشرًا، فمن رُئِي بعد ذلك، ضُربت عنقه.
٧
لقد كانت نضير تظن عبر تاريخها الطويل أن يثرب بلدها هي، لكن ها هي الرسالة واضحة
مُفصِحة تُؤكِّد أنها قد أصبحت بلد الرسول، وأنه سيدها، وأن عليهم مُغادَرتها فورًا
وخلال أيام عشرة، أو يكونوا في خسر، تُقطَع بعدها منهم الرقاب إن ظلوا قائمين. ويقول
البيهقي إن النضير لما رأت أن محمد بن مسلمة الأوسي يحمل لها تلك الرسالة القاسية، وهو
كشخص بحد ذاته يُعَد رسالة أخرى من النبي لهم بخذلان الأوس لهم، تساءلت عن حلفها مع
الأوس وعقدها قائلة لابن مسلمة: «يا محمد، ما كنا نرى أن يأتي بهذا رجل من الأوس.» فقال
محمد بن مسلمة: «تغيَّرت القلوب.»
٨ أو بنص الطبري: «تغيَّرت القلوب ومحا الإسلام العهود.»
٩
وهنا يُعلِمنا ابن سعد عبر طبقاته أن عبد الله بن أبي بن سلول أرسل لهم يقول:
«لا تخرجوا من دياركم وأقيموا في حصونكم؛ فإن معي ألفَين من قومي وغيرهم من العرب،
يدخلون معكم حصنكم، فيموتون عن آخرهم، وتمدكم قريظة، وحلفاؤكم من غطفان.» ومن ثَم كانت
إجابة زعيم النضير، الذي لقَّبته العرب سيد الحاضر والبادي، حيي بن أخطب: «إنا لا نخرج
من ديارنا فاصنع ما بدا لك.»
١٠
وهو أيضًا ما أكَّده ابن كثير وهو يروي: «فبعث لهم أهل النفاق يُثبِّتونهم
ويُحرِّضونهم على المُقام، ويعدونهم بالنصر، فقويت عند ذلك نفوسهم، وحمي حيي بن أخطب،
وبعثوا إلى رسول الله
ﷺ أنهم لا يخرجون، ونابذوه بنقض العهود.»
١١
وهنا تسترسل آيات الوحي تُنذِر وتتوعد وتقول:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ
لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ
لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ
لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ *
لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا
يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا
يُنْصَرُونَ (الحشر: ١١-١٢).
وكان الإنذار واضحًا لا يحمل أي لبس، وهو ما كان كفيلًا بتراجع المنافقين وحساب
مواقفهم بدقة، بحيث لا نرى عند حصار المسلمين للنضير أي تحرُّك من جانب الأوس، ولا من
جانب ابن سلول وأشياعه. أما قريظة فقد فهمت الرسالة؛ ومن ثَم التزمت صحيفة المعاقل، وهو
ما يقوله ابن سعد في تقريره:
واعتزلتهم قريظة فلم تُعِنهم، وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان، فأيسوا من نصرهم.
١٢
أما الطبري فقد أفصح عن موقف قريظة في إعلان زعيمها كعب بن أسد:
لا ينقض العهد رجل من بني قريظة وأنا حي.
١٣
ويُحكى أن سلام بن مشكم قال لرفيقه حيي بن أخطب: «يا حيي، اقبل هذا الذي قال محمد،
وإنما شرفنا على قومنا بأموالنا، قبل أن تقبل ما هو شر منه.» قال: «وما هو شر منه؟»
قال: «أخذ الأموال، وسبي الذرية، وقتل المُقاتِلة.» فأبى حيي، وأرسل حيي إلى رسول الله
ﷺ: «إنا لا نريم دارنا فاصنع ما بدا لك.» فكبَّر رسول الله
ﷺ وكبَّر
المسلمون معه وقال: «حاربت يهود.»
١٤
ويقول ابن كثير إن النضير لما «نابذوه بنقض العهود، عند ذلك أمر الناس بالخروج إليهم
… فحاصرهم ست ليالٍ …»
١٥ لكن يهود لم تستسلم، وهنا أمر النبي بهدم مساكنهم المنتشرة حول حصونهم، كما
أمر بالمعاول وتقطيع النخل والأشجار وحرق المزروعات، فنادوه:
يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال تقطيع النخل وتحريقها؟!
١٦
ما ذنب شجرة وأنتم تزعمون أنكم مُصلِحون؟
١٧
وقال الحلبي في سيرته:
لما قُطِعت العجوة، شق النساء الجيوب، وضربن الخدود، ودعون بالويل. وعند ذلك
نادوه: يا أبا القاسم، ما هذا الفساد؟ يا محمد، زعمت أنك تريد الصلاح، أفمن
الصلاح قطع النخل؟ وهل وجدت فيما زعمت أنه أُنزِل عليك الفساد في الأرض؟ وقالوا
للمؤمنين: إنكم تكرهون الفساد وأنتم تُفسِدون؟!
١٨
قال السهيلي في شروحه:
فوقع في نفوس المسلمين شيء من هذا الكلام.
١٩
هنا لم يكن الأمر مسألة مبادئ تُوجَّه إليها الانتقادات والملامات، أو أفكار تُعاب،
فالمعركة يجب أن تُحسَم، ولن تحسمها سوى القوة العسكرية لا الأخلاقيات التي قعَّدها قوم
مُزارِعون وضعوا لها الأعراف لحماية زروعهم؛ وعليه فقد جاء الرد وحيًا يرفع الملامة عن
النبي وصحبه، يُؤكِّد ألا ملامة في قطع الزرع وحرق النخيل، فكله بأمر الله وحده
وإرادته، ليقول الآي الكريم: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ
تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ
الْفَاسِقِينَ (الحشر: ٥).
واستمر الحصار يومًا وراء آخر حتى بلغ خمسة عشر يومًا، وهنا «صالحوه على أن يحقن
دماءهم وله الأموال والحلقة»،
٢٠ ولهم ما حملت الإبل. ووافق النبي الكريم
ﷺ لكن حتى لا تحمل الإبل
متاعًا، فقد أعطى لكل ثلاثة أفراد بعيرًا واحدًا يركبون عليه ويحملون عليه ما يمكن
حمله.
وجاء وقت توزيع الغنائم، وفي ذلك يقول الحلبي: «كان نخل بني النضير لرسول الله
ﷺ خاصة، أعطاه الله تعالى إياه … وأكثر الروايات، أن أموال بني النضير أي
مواشيهم كالخيل ومزارعهم وعقارهم، حق لرسول الله خاصة له … حبسًا لنوائبه، وكان يُنفِق
على أهله منها، وكانت صدقاته منها.»
٢١ وفي الحديث عن عمر بن الخطاب أنه قال: إن
أموال بني النضير كانت مما أفاء الله على رسوله، مما
لم يُوجِف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، وكانت لرسول الله
ﷺ خالصة.
٢٢ وهو ما جاءت بشأنه الآيات لتحسم أمره، حيث أوضحت أن المسلمين لم يبذلوا في
سبيله ولم يُحارِبوا من أجله؛ ومن ثَم فهو أمر قد حدث بتفاوض بين النبي
ﷺ وبين
بني النضير؛ لذلك فهو من حق النبي وحده، حيث تقول الآيات:
مَا
أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ
وَلَا رِكَابٍ (الحشر: ٦). أما ما حدث
لنضير فهو بأمر الله، حيث تُؤكِّد الآيات
وَلَكِنَّ اللهَ
يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(الحشر: ٦).
وخرجت النضير من ديارها ذليلة مُهانة، يقودها حيي بن أخطب الذي عرفت له العرب فضل
السيادة والشرف فلقَّبته سيد الحاضر والبادي، واتخذ المُرتحِلون طريق الشمال، لكن لينزل
بعض سادة النضير على يهود خيبر مثل سلام بن أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع، وحيي بن أخطب
مع جمهور من يهود النضير، بينما يستمر باقي الركب يقطع الفيافي باتجاه أرض الميعاد
ليستقر هناك في فلسطين.
أما الآيات الكريمة فكانت تختتم الحدث، يتردد صداها بين فيافي الجزيرة ويسري مع
الرياح يُسمِع مضارب القبائل في كل مكان، ورجع الصدى منه يُرجِف قلوب العرب ويصك
أسماعهم، حيث تقول:
سَبَّحَ لِلهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ
يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ
اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا
أُولِي الْأَبْصَارِ * وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ
الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ
* ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ
يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الحشر: ١–٤).