القصص القصيرة

«كان منزلًا صغيرًا، من طابق واحد وثلاث نوافذ، يُشبِه إلى حدٍّ كبير عجوزًا حَدْباء صغيرة بقَلنسُوة. كان مَطليًّا بالجير الأبيض، بسطحٍ قرميدي ومدخنة متساقطة الطلاء، وكان غارقًا كله في خُضرة أشجار التوت والأكاسيا والحور التي غرسها أسلافُ وأجداد أصحابه الحاليين.»

يتميَّز الإنتاج القصصي ﻟ «تشيخوف» بالتكثيف الشديد؛ إذ يستطيع بمهارة فائقة أن يقدِّم لك فكرة عميقة في قصةٍ قصيرة لا تتجاوز بضعَ صفحات؛ قصةٍ تضج بالمشاعر والمواقف الإنسانية المُعبِّرة عن جوهر الحياة والوجود، والمدهش أنه يقدِّم لك ذلك ببساطته المعهودة التي لا تخطِئها عين، فتجعل الفكرةَ تَنفذ إلى أعماقك وتَتملَّكك ولا تَتركك إلا بعد أن تترك أثرَها في نفسك. سعى «تشيخوف» في قصصه التي يضمها هذا الكتابُ إلى التعبير عن الإنسان المعذَّب الذي يعاني في هذا العالَم الذي يحكمه الأقوياء والأغنياء، فيسلِّط الضوء على جنة الفقراء داخل أرواحهم، ساخرًا من رفاهية الأغنياء وسلطة الأقوياء، جاعلًا من المشاعر الإنسانية زادَ الحياة، ومن الإنسان أسمى ما في الوجود لكونِه إنسانًا؛ وهذا ما تَلمسه بعمق في هذه المجموعة القصصية التي خطَّها بقلم الألم على صفحة الإنسانية الخالدة منتبِهًا لأدقِّ تفاصيل الحياة.


هذه النسخة من الكتاب صادرة ومتاحة مجانًا بموجب اتفاق قانوني بين مؤسسة هنداوي وأسرة السيد الدكتور أبو بكر يوسف.

تحميل كتاب القصص القصيرة مجانا

تاريخ إصدارات هذا الكتاب‎‎

  • صدر أصل هذا الكتاب باللغة الروسية في تواريخ متعددة.
  • صدرت هذه الترجمة عام ١٩٨١.
  • صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢٣.

عن المؤلف

أنطون تشيخوف: طبيبٌ وأحدُ أبرز كُتَّاب الأدب الروسي. صُنِّف ضِمن أفضل الكُتَّاب في زمنه، وخاصةً في كتابة القصة القصيرة والمسرحيات، وذلك في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

وُلد «أنطون بافلوفيتش تشيخوف» عام ١٨٦٠م، وكان ابنًا لتاجر بسيط. عاش حياةً صعبة مع عائلته في أولى سنوات حياته؛ حيث عانوا كثيرًا من ضِيق معيشتهم. أنهى دراسته الثانوية في عام ١٨٧٩م، ثم سافر إلى موسكو ليلتحق بكلية الطب بجامعتها التي تخرَّج فيها عام ١٨٨٤م، وامتهنَ الطبَّ فورَ تخرُّجه ولكن لمدةٍ قصيرة. ظل مقيمًا في موسكو حتى عام ١٨٩٨م، ثم انتقل للعيش في شِبه جزيرة القرم بعد تدهوُر حالته الصحية.

بدأت موهبته الأدبية تتبلور منذ بداية دراسته بكلية الطب؛ حيث بدأ كتابة القصص القصيرة والمشاهد المُضحِكة ونشرها في عددٍ من الصحف والمجلات التي كنت تَصدر أسبوعيًّا، ولكنها كانت تُنشَر بأسماءٍ مستعارة أشهرها «أنطوشا تشيخونتي». في تلك الأثناء، كانت روسيا تعاني من تدهور أحوالها وكثرة أزماتها، وخاصةً في أوضاعها السياسية، وانتهجت حكومتُها حينَها سياسة القمع تجاهَ الشعب والتصدِّي لأيِّ آراءٍ معارِضة أو كتابات تحوي في مضامينها نقدًا لسياسة الحكم؛ فتركَت هذه الأزمة أثرًا كبيرًا على كتابات «تشيخوف»، ومنذ تلك اللحظة بدأ مسيرتَه الإبداعية في كتابة القصص القصيرة الساخرة الناقدة لأوضاع البلاد، ورسَم خلالها بقلمٍ أدبي مميَّز لوحةً إنسانية لمختلِف النماذج البشرية من جميع الطبقات الاجتماعية وأظهَر معاناتَهم، فجمعت كتاباته بين الكوميديا الساخرة والتراجيديا، وهو ما ميَّز أعماله.

نجح «تشيخوف» خلال مسيرته الأدبية في أن يترك أعمالًا ثقافية عظيمة الأثر في الأدب الروسي، تنوَّعت بين الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات، ومن أعماله الروائية والقصصية: «حكايات ملبومينا»، و«في الغسق»، و«أناس عابثون»، و«رجل مجهول»، و«الراهب الأسود»، و«حياتي»، و«المنزل ذو العلِّية»، و«السيدة صاحبة الكلب»، و«العروس». أمَّا أعمالُه المسرحية، فنذكر منها: «النورس»، و«الخال فانيا»، و«الشقيقات الثلاث»، و«بستان الكرز»، و«غابة الشيطان»، وتُرجِمت أعماله إلى لغاتٍ عديدة، ولاقَت شهرةً واسعة داخل موسكو وخارجها.

تُوفِّي «أنطون تشيخوف» في عام ١٩٠٤م عن عمر يناهز أربعة وأربعين عامًا بعد صراعٍ طويل مع مرض السل.

رشح كتاب "القصص القصيرة" لصديق

Mail Icon

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤