سكرتيرة … أم مكيدة؟
فهد: إذن فمهمتنا الآن أصبحت أكثر تعقيدًا، مطلوب العثور على الكابتن «جاك» … و«جونز» وبسرعة … هذا إذا ما كان الاثنان على قيد الحياة.
أحمد: ولماذا لا تكون وجهتنا الآن سواحل النرويج؟
تطلَّع إليه «بو عمير» و«فهد» و«لورانس» وساد الصمت فترة … ثم قال «لورانس»: فكرة جيدة … وأستطيع أن أُدَبِّر لكم وسيلة الانتقال إلى هناك … إنَّ لشركتنا امتيازات عديدة في هذه المنطقة، عليكم فقط تجهيز أوراقكم من جوازات سفر، وباقي المهمة لن تكون صعبة …
وصل الرِّفاق الثلاثة إلى الفندق، وتم استعدادهم للمرحلة القادمة، واختبر «أحمد» أجهزة الغوص التي اشتراها من متجر مجاور للفندق … وعندما اجتمع الأربعة على مائدة الإفطار، قال «أحمد» فجأة: ولكن لماذا نضع البيض كله في سلة واحدة؟
عثمان: إنني لا أرى أمامي بيضًا!
أحمد: أقصد لماذا نُسافر جميعًا معًا؟
بو عمير: ماذا نقترح؟
«أحمد»: فكرت أن تسافر أنت و«عثمان» بطريق البحر … وأستقل أنا و«فهد» طائرة «لورانس» الهليكوبتر!
عثمان: وهل سيمكننا حجز تذاكر من هلسنكي، وبالسرعة المطلوبة؟
أحمد: ستسافران عن طريق شركة أعالي البحار «الفنلندية»!
فهد: والرجل الأصلع ذو المعطف؟
لم يُجِب «أحمد» … إنما ابتسم ابتسامة صغيرة وساد الصمت برهة …
هَزَّ «فهد» رأسه وصاح: لقد طال بنا الوقت هنا، ولم نتوصل بعدُ لنتيجة حاسمة.
أحمد: لذلك لا بد من الوصول مُبَاشرة إلى أفراد العصابة، حيث يختبئون في أي مكان …
وسرعان ما انتهوا من إفطارهم، فاتصل «أحمد» تليفونيًّا، فردت عليه سيدة فعرف على الفور أنها السكرتيرة ذات المعطف الأصفر للشركة البحرية. لم تتذكره تمامًا إلا عندما ذكرها بأنه مندوب الشركة الصناعية، وأنها أخلفت موعدها معه على الغداء …
صاحت السكرتيرة على الجانب الآخر من التليفون: آسفة … لقد هُوجمت من لص وسرق معطفي.
قال «أحمد» بأسف: كيف يا صديقتي؟ لا بد أن أعوضكِ عنه بالتأكيد … لي صديقان محققان في شركة تأمين يودان السفر إلى ساحل النرويج. هناك باخرة قد غرقت منذ شهر تقريبًا، ولكي يتم صرف التأمين لا بد من بعض الإجراءات الروتينية، فهل يمكنك حجز تذاكر لهما؟
السكرتيرة: آسفة … فليس لدينا بواخر لنقل الركاب، لدينا بواخر شحن فقط.
أحمد: لقد اتصلا فعلًا ببعض الشركات هنا، ولكنهما لم يجدا أي مكان.
السكرتيرة: نعم … فالموسم السياحي لم يبدأ بعد.
أحمد: وما الحل … سوف تتعطل مهمتهما!
السكرتيرة (بعد تردد): سوف أحاول … سأحاول حجز أي مكان لهما … إذا كان معهما سيارة؛ فربما أمكنني ذلك!
أحمد: سأبلغهما ذلك …
السكرتيرة: وهل ستدعوني على الغداء اليوم؟
أحمد: سأدعوك على العشاء … فلدي عمل كثير اليوم … سأخبرك عن مكان اللقاء بعد ساعة من الآن … شكرًا، وإلى اللقاء.
أعاد «أحمد» السماعة … ثم قال: «بو عمير» … لا بد من صيد السمك بطعم مناسب!
بو عمير (ضاحكًا): المهم ألا أكون أنا السمكة.
أحمد: لقد علمت الآن مهمتك …
بو عمير: مع السكرتيرة؟
أحمد (ضاحكًا): كلا بالطبع … مهمتي ستكون مع السكرتيرة … أما أنت ففي طريقك إلى الشركة، اشترِ أفخر بالطو حريمي وأرسله إلى هنا!
عثمان: وأصفر بالذات!
ضحك الأربعة، وسرعان ما خرج «بو عمير» و«عثمان»، بينما انهمك «أحمد» و«فهد» في تجهيز الأوراق الشخصية باعتبار «بو عمير» و«عثمان» محققين لدى شركة تأمين، وتم تجهيز جهازي لاسلكي، والذي يبدو كل منهما كقلم حبر عادي … وكذلك أجهزة دقيقة للتصنت.
وعندما حضر «لورانس» أخبره «أحمد» أنَّ ثمة تغييرًا طفيفًا في الخطة … حيث سيستقل «أحمد» و«فهد» فقط الطائرة الهليكوبتر معه …
بعد ساعة تمامًا اتصل «أحمد» تليفونيًّا بالسكرتيرة، التي أخبرته أنها نجحت في حجز مكان لشحن سيارة، ومكان متواضع لنوم صديقيه، فشكرها «أحمد»، وأخبرها أنه لن يتمكن من الخروج الليلة لوعكة، ودعاها للعشاء بالفندق … وعندما لبت الدَّعوة فوجئت «بأحمد» يُقدم لها بالطو فاخرًا …
جلس «أحمد» والسكرتيرة، وتجاذبا أطراف الحديث عن الجو والانزلاق على الجليد وغيرها من مواضيع عادية … ثم عن عمله التجاري بفنلندا …
قال «أحمد»: عملي هنا مؤقت، مجرد صفقة تجارية وأعود إلى بلدي … ولكني صادفت هنا حكاية غريبة!
السكرتيرة: ما هي؟
أحمد: حكاية الطبق الطائر.
السكرتيرة: آه …
لاذت السكرتيرة بالصمت ولم ترد.
أحمد: ولكني لا أصدق ذلك.
هَزَّت كتفيها، ولم تجب …
أحمد: لقد فات موعد عودتي بسبب هذه الحكاية اللعينة!
السكرتيرة: كيف؟
أحمد: أرسل لي صديق يعمل في التأليف السينمائي يُطالبني بمعلومات عن هذه الخرافة … ولكنني لم أرَ شيئًا هنا، ولا أحد يتكلم عنها حديثًا يُصَدِّقه عاقل!
السكرتيرة: الحكايات هنا كثيرة!
أحمد، إنني مستعدٌّ لدفع ثمن أي معلومات من أجل صديقي!
رمقته السكرتيرة بنظرة سريعة، وسكتت بُرهة قبل أن تقول: هل تدفع لي إذا أفدتك بمعلومات؟
– نعم بالتأكيد.
– في الشركة بعض الناس يهتمون أيضًا بهذه الحكاية …
– في التأليف السينمائي؟
– لا أعرف تمامًا … ولكنهم يبحثون أيضًا …
– هل ترامَى إلى سمعك شيئًا عن رجل يدعى «جونز» … «جونز بيكلي»؟
نظرت إليه بحدة مفاجئة … وسكتت … ثم قالت بعد فترة: تسأل عن «جونز» … يبدو أنك ستدفع كثيرًا! ضحك أحمد، وقال: إذا كانت المعلومات مقنعة.
– سأتصل بك غدًا.
– غدًا سأكون خارج العاصمة … رُبَّما ليوم أو أكثر.
فكرت السكرتيرة لحظة ثم قالت: إذن هل يمكنني الاتصال بصديقيك؟
– نعم …
وانتهى اللقاء … ولكن بقي تساؤل دفع «أحمد» إلى الاستغراق في التفكير: ما حكاية هذه السكرتيرة؟ … هل تعلم حقيقة مُهِمَّته؟ … وهل سَتَصْدُق في وعدها … أم أنها مكلفة بمهمة من العصابة المجهولة التي تُريد الحصول على الأجهزة الخاصَّة بالطبق الطائر.