إن مجموع الأرقام لا يساوي شيئًا
تحدَّثت «إلهام» قائلةً: هل ما زالت الحوادث على محلَّاتكم تحدُث يوميًّا؟
جوك: ليس يوميًّا … وقد اضطررنا لإغلاق بعض المحلات التي لم يعد يتردد عليها زبائن، فهي تُسبب لنا خسائرَ فادحة.
أحمد: ما هو أكثر فرع تعرَّض للاعتداء؟
جوك: إنه فرع «مانهاتن».
أحمد: أرجوك أن تفتح هذا الفرع غدًا …
جوك: هذا مستحيل! إنَّ قوَّة «بازوليني» الرئيسية موجودة في «مانهاتن» … وفتح الفرع هناك معناه تحدٍّ صارخ للعصابة، وقد يُغيرون عليه في نفس الليلة.
أحمد: هذا ما نريده بالضبط …
جوك: ولكن ليس هناك عُمَّال يقبلون العمل عندنا، إنهم جميعًا يخافون من سطوة «بازوليني».
أحمد: هل يكفي أربعةُ عمال لإدارة المحل؟
جوك: طبعًا.
أحمد: إذن فنحن أربعة … أنا وهؤلاء الزملاء.
جوك: لقد سمعت من مستر «فرانك» عن كفاءتكم القتالية، ولكنكم لم تجرِّبوا رجال «بازوليني».
أحمد: دع هذا علينا.
أخذ «جوك» يُفكِّر … ولكن «أحمد» لم يدع له مجالًا للتفكير، فقد قال على الفور: نفِّذ ما قلناه لك … ودع الباقي علينا.
جوك: أوكي …
أحمد: وسنأتي معك الآن … نريد أن نرى مكان عملكم، ومكان فرع «مانهاتن».
ونزل الشياطين الأربعة مع «جوك»، وأخذت سيارته تقطع بهم طرقات مدينة نيويورك الصاخبة، وسرعان ما اجتازوا كوبري «مانهاتن» الضخم، ووصلوا إلى عمارةٍ متوسِّطة الحجم، كانت الأنوار تلمع على واجهتها، وبينها اسم «فانسي» باللون الأحمر، وهو اسم سلسلة المطاعم التي يملكها «فرانك»، و«نانسي».
لم يكن في المكتب أحدٌ في هذه الساعة، ونظر إليهم الحارس الواقف بجوار الباب نظرةً مريبةً … وصعدوا في المصعد من الجراج إلى المكاتب. وفتح «جوك» الباب، وكان جرس التليفون يدقُّ … وأسرع إليه ورفع «جوك» السماعة، بينما وقف الشياطين ينظرون حولهم … كان كلُّ شيءٍ أنيقًا ولامعًا، وأحسُّوا بالخَسارة التي أصابت «فرانك» من عصابةِ «بازوليني» التي تحاول هدمه …
أشار «جوك» إلى «أحمد» أن يقترب منه … ثم قال وهو يضع يده على السماعة: إن «فرانك» يتحدث، ارفع السماعة الثانية …
وأشار «جوك» إلى جهاز تليفون … وأسرع «أحمد» يرفع السماعة، وسمع صوت «فرانك» … كان صوتًا خشنًا ضعيفًا يعكس حالة «فرانك» النفسية وهو يقول ﻟ «جوك»: كما قلت لك، بِع كلَّ شيء … لقد اصطادوا «نانسي» أيضًا، إنها في أيديهم الآن يا «جوك» … فلا تتردد، قال «جوك» بصوتٍ هامس: إن أصدقاءك وصلوا.
فرانك: العرب؟
جوك: نعم … إنهم أربعة.
وقال «أحمد»: «فرانك» … تحمَّل قليلًا …
فرانك: إنهم وحوش.
أحمد: أعطِنا فرصة … بضعةَ أيام فقط.
فرانك: ولكن … «نانسي» …
أحمد: لا تخشَ شيئًا … إنهم لن يستفيدوا بقتلها …
فرانك: إنَّ أحدهم يقترب … سأتحدث إلى «جوك» فقط …
وسمع «أحمد» «فرانك» يقول ﻟ «جوك»: بِع كلَّ شيء كما قلتُ لك … إنهم على استعداد لقَبول ثلاثة ملايين مؤقَّتًا.
جوك: حسنًا أيها الرئيس، سوف أبدأ في إجراءات البيع … ولكن أنت تعلم أنها تستغرق بعض الوقت …
فرانك: كم يومًا؟
أخذ «جوك» ينظر إلى «أحمد»، فأشار «أحمد» بأصابعه الخمسة، فقال «جوك»: أعتقد بعد خمسة أيامٍ …
وسمع «أحمد» صوتًا آخر يقول: اسمع أيها القرد … ابدأ غدًا في البيع … وإلا فسوف يحدث ما لا تُحمد عُقباه …
ووُضعَت السماعة على الطرف الآخر، وقال «جوك»: إنهم جادُّون.
أحمد: ونحن جادُّون أيضًا … افتح فرع «مانهاتن» غدًا … وتعالَ لنراه الآن …
وخرجوا مرَّةً أخرى إلى الشارع، وعلى بعد نحو ثلاثة كيلومترات، شاهدوا فرع «مانهاتن» … كان يشغل الدور الأرضيَّ من عمارةٍ ضخمة، وقد أحاطت به المحلَّات من كلِّ جانب …
وأوقف «جوك» السيارة، ونزل الشياطين معه، وفتح الباب ودخلوا.
كان مطعمًا تقليديًّا مثل كلِّ مطاعم المدينة … صالة واسعة، قُسمت إلى مربعات … كلُّ مربَّع به عدد من المناضد الثابتة … وبين كلِّ مربَّعٍ وآخَر ممرٌّ يؤدِّي إلى المطبخ … وكانت آثار المعارك التي دارت واضحةً في أكثر من مكان.
قال «أحمد»: كم عدد المغيرين في كلِّ مرة؟
جوك: إنهم بين ثلاثةٍ وخمسة … وعادة ما يكونون من الملاكمين السابقين ذوي القبضات الحديدية …
أحمد: هذا يناسبنا جدًّا …
أخذ «عثمان» يلفُّ ويدور بين المناضد وهو يتخيَّل المعركة القادمة … أما «زبيدة»، فقد أخذت تقيس المسافة بين الأماكن … بينما سألت «إلهام» «أحمد»: ما هي خُطَّتك؟
أحمد: إننا نريد أن نضربهم علقة ساخنة … وأن نأسر أحدهم كرهينة …
جوك: هذا صعب جدًّا … إنهم من المقاتلين المتمرِّسين على هذا النوع من المعارك.
أحمد: أظن أننا نستطيع عمَل شيءٍ … هل هناك غُرَف أخرى؟
جوك: نعم … هناك ثلاث غُرف للإدارة والحسابات …
أحمد: أين الطريق إليها؟
وقاده «جوك» إلى الداخل … وبعد جولةٍ أخرى في المحل، غادر الشياطين المكانَ، واتفقوا مع «جوك» أن يتَّصِل بهم في اليوم التالي.
أوصلهم «جوك» إلى الهيلتون مرَّة أخرى … وأخرج «أحمد» ورقةً صغيرةً من جيبٍ سريٍّ في الحقيبة، وقال: سوف أتصل بعميل رقم «صفر» في نيويورك … قد نحتاج إلى مساعدته.
زبيدة: ألا تنتظر حتى نرى ما سنفعل؟
أحمد: سوف أطلب معلومات فقط …
وأدار «أحمد» رقمًا معيَّنًا، ودقَّ جرس التليفون ثلاث مرَّات ثم توقَّف … وعاد «أحمد» يُدير القُرص، ورنَّ الجرس ثلاثَ مرَّات ثم توقَّف … ومرة ثالثة أدار «أحمد» القرص، وفي هذه المرَّة وبعد الرنين الثالث، جاء صوتٌ غامضٌ يقول: إنني أستمع إليك …
أحمد: إن «ثي. ك. سي» قد حدَّدت نقطة «ع» على الخريطة «ثي»، فهل النقطة صحيحة؟
الصوت الغامض: إنها صحيحة …
أحمد: وهل مجموع الأرقام ٤ و٩ و٥ لا يساوي شيئًا؟
الصوت الغامض: إنني أستمع إليك …
أحمد: إن رقم «صفر» يجيبك … ونحن نرجو مساعدتك …
الصوت الغامض: تحيَّاتي إلى رقم «صفر»، وتستطيع أن تناديَني «بلاك».
أحمد: إننا أربعة، وننزل في فندق «هيلتون روكفلر سنتر»، ونريد معلومات عن «بازوليني».
بلاك: سأتصل بك بعد نصف ساعة … ما هو رقم الغرفة؟
أحمد: إنها ١٤–٤٤ …
بلاك: نصف ساعة …
ووضع «أحمد» السماعة، وقال «عثمان»: هل تعتقد أنه سيصل إلى ما نريد؟
أحمد: سنرى مدى كفاءة عملاء رقم «صفر» …
وطلبوا عشاءً فاخرًا، وجلسوا أمام التليفزيون الذي يذيع على ٢٤ محطة، وثلاث قنواتٍ خاصَّةٍ بالفندق … ومرَّت نصف ساعةٍ بالضبط ودقَّ جرس التليفون، كان المتحدِّث هو «بلاك»، وعلى الفور، أخذ يُدلي بتقريرٍ عن «بازوليني»: إنه من صقليَّة … ولد عام ١٩٢٨، فهو الآن في الرابعة والخمسين … كان يعمل في مصنع صغير لعصير العنب، وعُرف منذ صباه بالقوة والدهاء … وقد اتُّهم في عدَّة سرقاتٍ واعتداءٍ مسلَّح، ولكن لم يثبت عليه شيء … وفي السابعة والعشرين، قام بتنظيم عصابةٍ للتهريب، أخذت تكبرُ حتى أصبحت من أكبر عصابات التهريب في البحر المتوسط، وغادروا صقليَّة إلى «نابلي»، واستطاع الجمع بين عصابات التهريب كلِّها التي تعمل في المنطقة … ثم حدث خلافٌ بينهم … وسكت «بلاك» لحظات، ثم قال: أظنُّ أنك تعرف بقيَّة القصَّة …
أحمد: نعم … ولكن ما يهمُّني الآن هو موقفه في أمريكا …
بلاك: لقد دخل البلد باسمٍ مستعارٍ هو أندريا كانفافو.
أحمد: إن البوليس لا يعلم عنه شيئًا …
بلاك: حتى ولو كان يعلم، فلن يستطيع أن يُثبت ضده شيئًا …
أحمد: وبعد؟
بلاك: لقد أعاد تكوين عصابته من بعض أعوانه الذين فرُّوا من المعركة التي اشتركت فيها في «فينسيا»، وبعض عتاة اللصوص والبلطجية، وهم يعملون جميعًا تحت اسم «عصابة فئران نيويورك» …
أحمد: «فئران نيويورك»؟!
بلاك: نعم … وفي الصباح ستكون عندك معلومات أخرى …