الاحتفال بمئوية مولد جيمس جويس، ١٩٨٢
في يوم ١٦ يونيو احتفلت الأوساط الأدبية والفنية بنيويورك بما أصبح يُدعى «يوم بلوم»، وهو أصلًا يوم ١٦ يونيو عام ١٩٠٤، الذي تدور فيه أحداث — أو لا أحداث — رواية جيمس جويس الملحمية «عوليس». وقد تم تدشين الاحتفال باسم «يوم بلوم في برودواي»، وبرودواي هو اسم المنطقة الشهيرة التي تقع فيها دور المسارح والسينما والفن في المنطقة الغربية من نيويورك.
أما آل بلوم فهم ليوم بلوم بطل الرواية وزوجته ماريون «موللي» بلوم، ثم الشاب ستيفن ديدالوس الذي يصبح في نهاية القصة الابن الروحي لبلوم. وشمل يوم الاحتفال عدة قراءات قام بها ممثلون مشهورون لأجزاء من الرواية العظيمة، وبعض المسرحة لمقاطع منها، وبعضًا آخر مصحوبًا بالموسيقى والغناء، كما أذاعَت إحدى محطات الراديو تسجيلًا لقراءة من الرواية بدأ من الساعة الثامنة صباحًا واستمر ١٧ ساعة حيث انتهى في الواحدة والنصف من صباح اليوم التالي من انتهاء المونولوج الداخلي لموللي بلوم. وعشية ذلك اليوم، أشهر يوم أدبي في التاريخ القصي، أذاعت المحطة رقم ١٣ للتليفزيون في نيويورك، التي تهتم بالبرامج الثقافية والفنية غير التجارية، برنامجًا عن «عالم جيمس جويس»، احتوى على لمحات من حياة الكاتب ومؤلفاته. وكان المعلق على هذا البرنامج السمعي المرئي الممثل الأيرلندي المعروف «بيتر أوتول»، وتقصَّى البرنامج حياة جويس، وذكريات طفولته التي بثَّها بعد ذلك في جميع أعماله، وركَّز على نهاية روايته الأولى شبه الذاتية «صورة للفنان في شبابه»؛ إذ هو يرحل عن وطنه أيرلندا إلى أوروبا كيما «أقابل حقيقة التجربة، ولكي أضع في مصهر روحي الضمير الذي لم يُخلق لبني جنسي»، مستعينًا «بالصمت، والنفي، والدهاء»، وداعيًا «أيها الأب القديم، أيها الصانع القديم، فلتعضدني الآن وإلى الأبد بروح من عندك.» وعرض البرنامج التلفزيوني تجوالات جويس وأسرته في «تريستا» و«زيورخ» و«باريس»، وظروف كتابة ونشر أعماله المعروفة، مركِّزًا على «عوليس» ثم روايته الأخيرة الأشد تعقيدًا «يقظة فينيجان»، كما ركز على المشاكل التي صادفها مع ناشريه الأيرلنديِّين، حتى إنه خصص إحدى قصائده للسخرية من الناشرين والطابعين وهي المعروفة بعنوان «غاز موقد». وكان من الإسهامات النادرة لهذا البرنامج تقديم صورة صوتية لجويس يتلو مقاطع من «عوليس» ومن «يقظة فينيجان»، وكذلك لمحات خاطفة من شريط سينمائي حي، يصور جويس وزوجته في زيوريخ وباريس، كما شاهدنا على شاشة التليفزيون جولة للكاميرا في بعض الطرقات والأماكن الشهيرة من مطاعم ومكتبات وتماثيل ظهرت في «عوليس» أثناء تجوالات ليون بلوم وستيفن ديدالوس في «دبلن» آنذاك. كما تعرفنا على «سيلفيا بيتش» صاحبة المكتبة المشهورة «شكسبير وشركاه» في باريس في فترة ما بين الحربين، والتي دعَّمت وشجَّعت جويس وغيره من الأدباء العالميِّين المشهورين، والتي نشرَت «عوليس» بعد أن آمنت بعبقرية جويس اللغوية والقصصية، كما أنها هي التي أشرفت في عام ١٩٢٤ على إجراء تسجيل بصوت جويس لبعض مقاطع روايتَيه، وهو من أوائل التسجيلات الفنية النادرة الموجودة لأصوات الشخصيات المعروفة، وهو نفس التسجيل الذي قدَّم البرنامج التلفزيوني أجزاءً منه، وظهرت أيضًا بالبرنامج تسجيلات نادرة لهارييت ويفر، وابنة عمة جويس، وشقيقته، وابنه، وحفيده ستيفن.
تكفير عن ذنب أدبي
وربما كان هذا الحشد الكبير في نيويورك للاحتفال بذكرى عملٍ روائي عظيم لكاتب عظيم، تكفيرًا عن ذنبٍ سبقَ أن ارتكبَته نيويورك بالذات في حق جويس. فقد كان ميناء نيويورك هو المكان الذي صادر فيه رجال الجمارك النُّسخ التي وصلَت إليه من «عوليس» للتوزيع في الولايات المتحدة وأحرقوها، وذلك بدعوى أنه من الكتب الخارجة على التقاليد. والواقع أن الأمر قد تطلَّب بعد ذلك اثنتَى عشرة سنة لنشر «عوليس» أخيرًا في الولايات المتحدة. وقد واجه جويس صعوباتٍ جمةً لنشرِ أيٍّ من أعماله؛ فقد رفض جميع الناشرين في أيرلندا نشرَ مجموعته القصصية «أناس من دبلن»؛ لما كانت تحويه من إشارات صريحة ضد شخصيات معروفة فيها، وتعريضات بالملكة فكتوريا وزوجها. وحتى حينما طبعها جويس بمعونة بعض أصدقائه، قام بعض المحافظين بشراء جميع النسخ وإحراقها خفية، كما أن نشر روايته الأولى «صورة للفنان في شبابه» لم يُصبح ممكنًا إلا بعد تدخُّل راعية جويس الآنسة هارييت ويفر في الأمر واضطرارها إلى إنشاء دار نشر خصيصًا ليصدر عنها هذا الكتاب. وبعد ذلك، توسَّط «عزرا باوند» لدى صاحبتَي المجلة النيويوركية الأدبية «ليتل ريفيو» لنشر «عوليس» على حلقات فيها، الأمر الذي رحبتَا به بحرارة. وظهرت في المجلة ثلاث عشرة حلقة من مجموع الحلقات الثماني عشرة التي تتكوَّن منها «عوليس»، وذلك في الفترة من مارس ١٩١٨ حتى ديسمبر ١٩١٩. وبعدها تفجرت فضيحة أدبية هائلة تمثَّلت في قيام إحدى جمعيات المحافظة على الأخلاق في نيويورك آنذاك بمقاضاة صاحبتَي المجلة لسماحهما بنشر محتويات «عوليس»، وكانت النتيجة أن مُنعت المجلة من نشر بقية الكتاب، وتمت مصادرة ما هو موجود منها، بل وأُدرجت السيدتان «مارجريت أندرسون»، «جين هيب»، صاحبتَا المجلة، في عداد أصحاب السوابق! وقد أعاق ذلك بالطبع أية إمكانية لنشر الكتاب في الولايات المتحدة.
وتروي سيلفيا بيتش مدى الحزن الذي سيطر على جويس حين انتهى تمامًا من الكتاب بعد ثماني سنوات طوال من العمل الدءوب فيه وانتقل إلى باريس للعمل على نشره من هناك، ثم فشله التام في العثور على ناشر له. وحين رأت «بيتش» مدى حزنه ويأسه، فاتحَته في أن تقوم هي بنشر الكتاب بالإنجليزية عن المكتبة التي تمتلكها في باريس، وقبل جويس على الفور. وجرى العمل المحموم في جمع سطور الكتاب للانتهاء من طبعه وإخراجه في تاريخ يوافق عيد ميلاد جويس الأربعين، وفعلًا تسلَّم جويس في يوم ٢ فبراير ١٩٢٢ أول نسختين صدرتَا عن المطبعة، فأهدى واحدة إلى زوجته، وأعطى الأخرى لسيلفيا بيتش فعرضتها في واجهة مكتبتها ليراها مَن يريد من محبِّي الكاتب ومريديه. وقد بلغ من نجاح الرواية في باريس أن قامت بيتش بإصدار إحدى عشرة طبعة منها بعد ذلك. وقد طُبع من أول إصدار للرواية ألف نسخة مرقمة، أهديت النسخة رقم ١ منها إلى راعية جويس الآنسة «هارييت ويفر»، وقد وصل سعر النسخة من هذه الطبعة المرقمة. الآن «١٩٨٢»، إلى ما يقرب من أربعة آلاف دولار!
وفي مقابل النجاح الذي لاقَته الرواية في باريس، كان الأمر مختلفًا بالنسبة للولايات المتحدة وإنجلترا، فقد صادرت الجمارك في «فولكستون» كلَّ النسخ المرسَلة إلى إنجلترا، وصادرت جمارك نيويورك النسخ المرسَلة للتوزيع في الولايات المتحدة، ولم تكن هذه هي الضربة الوحيدة التي تلقاها جويس من نيويورك، بل إن ما زاد الطين بلة أن عمد بعض لصوص النشر هناك إلى طبع نسخ مزورة مما يعرف بطبعات القرصنة وبيعها سرًّا، مما أضاع على جويس حقوقه في النشر، بالإضافة إلى صدور تلك النسخ المزورة مليئة بالأخطاء نتيجة لظروف طبعها، وقد عمل أصدقاء جويس على إصدار وثيقة احتجاج ضد هذه السرقة الأدبية المهينة، وقَّع عليها عددٌ من أبرز أدباء وعلماء وفناني العالم، منهم: أندريه جيد، وت. س. إليوت وأينشتاين ود. ﻫ. لورنس وبيرانديللو وﻫ.ج. ويلز وأوامونو وفيرجينيا وولف وهمنجواي، بل وصل الأمر بجويس أن رفع قضية في إحدى محاكم نيويورك ضد أحد هؤلاء الناشرين، ورغم صدور الحكم بإيقاف ذلك الناشر عن مواصلة هذا العمل غير المشروع، فإن ذلك لم يمنعْه أو يُعِق غيرَه من المضيِّ في هذا التزييف المربح، بكل ما يعنيه لجويس من ضياع حقوقه الأدبية والمادية. وقد استمر هذا الوضع المؤلم حتى ١٩٣٣، حين أقدمَت إحدى كبريات دور النشر بنيويورك — وهي «راندوم هاوس» — على مجابهة هذا الأمر وعلاجه بأن كلَّفَت محاميَها بالتقدم إلى محكمة نيويورك الفيدرالية بطلب بالتصريح لها بنشرِ «عوليس» في الولايات المتحدة. وتابع الجميع إجراءات القضية بشغف وقلق، وقدَّم المحامي آراءً عديدةً من الأدباء والصحفيِّين والمعلِّمين وعلماء النفس والتربية فيما يتعلق بالرواية، وتولَّى قاضٍ يُدعى جون وولزلي الفصلَ في القضية بعد أن قرأ بإمعان، وفحص جميعَ وثائقها، وأصدر في النهاية حكمة الموثق المشهور في ٦ ديسمبر ١٩٣٣ بالسماح بنشر «عوليس» في الولايات المتحدة. وكان نص الحكم وثيقة تاريخية هامة في سِجل حرية التعبير الأدبي والفني، نجح فيها ذلك القاضي المستنير في إدراك قيمة «عوليس» الأدبية ومدى أهميتها في إطارِ فنِّ الرواية الحديثة. كان مما ذكره في حيثيات الحكم «أن جويس قد سعى في كتابته «عوليس» أن يقوم بتجربة جادة في نوعٍ أدبيٍّ جديدٍ … لقد حاول جويس، بنجاح مدهش، أن يُبيِّن كيف يحمل تيار الشعور، بكل ما يحويه من انطباعات متغيرة دومًا، ليس فقط ما في بؤرة ملاحظة المرء للأشياء المحيطة به، بل وأيضًا مخلفات انطباعات سابقة، حديثة وقديمة، تطفو عن طريق تداعي الخواطر من مملكة اللاشعور، وهو يُظهر كيف تؤثر كلُّ هذه الانطباعات على حياة الشخصية التي يَصِفها وعلى سلوكها.» وقال الحكم أيضًا: «ولما كان جويس مخلصًا للأسلوب الفني الذي اتبعه، وحاول جهده أن يقصَّ على نحوٍ كامل ما تفكِّر فيه شخوصُه، فقد تعرَّض لهجوم شديد، وكثيرًا ما أُسيءَ فَهْمُ مقصده؛ ذلك أن سعيَه إلى تحقيق هدفه قد تطلَّب منه — بصورة عرضية — استخدام بعض الكلمات التي تعتبر غير لائقة بصورة عامة … وهذه الكلمات محل الانتقاد ما هي إلا كلمات سكسونية قديمة، معروفة لكل إنسان، وهي كلمات تستخدمها عادةً الشخصيات التي يسعى جويس إلى وصفِها»، وقال في النهاية: «… إن كتابًا مثل «عوليس» ما هو إلا محاولة مخلصة وجادة لخلق وسيلة أدبية جديدة لملاحظة البشر ووصفهم … وبناء على هذا، يمكن السماح بدخول «عوليس» إلى الولايات المتحدة.»
وبعد أن أُذيعَ الحكم بدقائق، أبلغ إلى المسئولين في دار نشر «راندوم هاوس» بالهاتف، وعلى الفور بدأ عُمَّال المطبعة في صفِّ حروف الكتاب تمهيدًا لإصداره. وأخيرًا خرجَت أول طبعة من الرواية في نيويورك في أول عام ١٩٣٤، ولاقَت نجاحًا منقطعَ النظير، وأُعيد طبعها مرات عديدة، ويُعاد طبعها كلَّ حين إلى يومنا هذا، وهكذا أصلحت نيويورك خطأها في حقِّ الكاتب العظيم آخر الأمر، بل إن ذلك قد تم قبل السماح بطبع الرواية في إنجلترا عام ١٩٣٦.
ومن جانب آخر، فإننا إذا نظرنا إلى جويس وأعماله في اللغة العربية، لوجدنا أن أولَ كاتب عربي تنبَّه إلى أعمال هذا الروائي كان مفكِّرَنا وأديبَنا المتجدد دومًا توفيق الحكيم. ففي كتابه «زهرة العمر» — وهو ترجمة ذاتية من خلال رسائل متبادلة بينه وبين صديق له في فرنسا — نجده، وهو المغرم بكل جديد غريب، يحكي قصةَ اكتشافه لعوليس جيمس جويس إبَّان دراسته للدكتوراه في باريس، ويخصُّه بأربع صفحات كاملة في إحدى رسائله، وهو يصفه بأنه كتاب عجيب، يعتبر مَن قرأه آنذاك ذوَّاقًا لا تخفَى عليه خافية، ويشرح فكرة جويس الرئيسية من ورائه، ثم يتخذه ذريعةً للمقارنة بين الروائيِّين الإنجليز والروائيِّين الروس. ورغم أن الحكيم لم يكن متحمسًا جدًّا للكتاب، إلا أنه يعترف بأنه مدرك للقيمة الأدبية التي تكمن في هذا العمل.
أما مَن قدَّم للقارئ العربي «جويس» في مجمله وفي تفصيله بعبارة مشرقة خلَّابة، فهو الدكتور لويس عوض في مقالاته التي جمعها بعد ذلك في كتابه «في الأدب الإنجليزي الحديث». وكان أول مَن ترجم بعض فقرات من الكتاب، جاءت — على قلَّتها — مثالًا رائعًا ونموذجًا يُحتذَى في ترجمة لغة هذه الرواية الصعبة.
ثم توالَت المقالات عن جويس ورواية تيار الوعي في كثير من المجلات العربية، وجاء تصريح لنجيب محفوظ قال فيه ما معناه إنه قد قرأ وتأثَّر بثلاثة من عمالقة الرواية الحديثة الغربيِّين، هم جويس في روايته «عوليس»، وبروست في «البحث عن الزمن الضائع»، وتوماس مان، وقد دل ذلك القول، الذي ورد في مقابلة أدبية مشهورة مع فؤاد دوارة، شبابَ الأدباء والروائيِّين إلى ضرورة قراءة هؤلاء الشوامخ وآثارهم تلك التي تعتبر علامات على الطريق.
وقد صدرت في الخمسينيات ترجمة عربية لمجموعة القصص «أناس من دبلن» في سلسلة الألف كتاب، وصدرَت ترجمة «صورة للفنان في شبابه» عن دار الآداب ببيروت، وتُرجمت مسرحية جويس الوحيدة «منفيون» مرتين؛ مرة في مجلة «المسرح» القاهرية، ثم صدرَت ككتاب عن وزارة الإعلام في الكويت، كما نشرت مجلة «الشعر» بالقاهرة ترجمةً لعدد من قصائد جيمس جويس، وذلك في منتصف السبعينيات.
وفي عام ١٩٧٥، أصدر الدكتور طه محمود طه، الذي كرَّس جلَّ وقتِه وجهده لدراسة جيمس جويس، السِّفر الفخم العظيم «موسوعة جيمس جويس» عن وكالة المطبوعات بالكويت، التي جاءت، والحق يقال، موسوعة بكل معنى الكلمة لكل ما يتصل بجويس من قريب أو بعيد، وكأنما كانت تلك الموسوعة إرهاصًا بين يدَي عمل عظيم تفخر به اللغة العربية، صدر أخيرًا عام ١٩٨٢، وهو الترجمة العربية التي قام بها الدكتور طه «لعوليس»، وصدرَت في جزأَين أنيقَين عن المركز العربي للبحث والنشر بالقاهرة، في وقت متفق مع الاحتفال في ذلك العام بالذكرى المئوية لمولد جويس. ويكفي ما ذكره المترجم القدير من أنه قام بالترجمة على مدى عشرين عامًا، سافر فيها إلى الأماكن التي عاش فيها جويس ووصفها في روايته، وراجع فيها شروح النص المختلفة مع كبار المتخصصين العالميِّين في أدب جويس، فكانت هذه الترجمة علامةً فارقة على درب ترجمة الذخائر الإنسانية إلى اللغة العربية، والتي يجدر ترشيحها لنَيل جائزة الترجمة، لا التشجيعية فحسب، بل والتقديرية أيضًا. ولا شك أن أثرها سوف يبين على مدى الحقبة القادمة في جيل القصاصين والأدباء العرب القادمين، ممن كان يصدُّهم عنها صعوبة قراءتها في لغتها الأصلية. وكل ما نرجوه هو أن يكتمل هذا العمل بإصدار ترجمات للأعمال النقدية التي تناولت هذه الرواية بالشرح والتفسير؛ كشرح «ستيوارت جلبرت» المشهور عليها، الذي فضَّ مغاليق كل فصل من فصولها، ووازى بينه وبين الفصل أو الحدث المماثل له في «أوديسة» هوميروس المشهورة؛ وذلك أن قراءة «عوليس» — حتى بالعربية — دون شروح من هذا القبيل سيفوِّت على القارئ العربي كثيرًا من نقاطها الهامة، كذلك فإن محبي جويس من أصحاب لغة الضاد لا يزالون يفتقرون إلى ترجمة لآخر أعمال جويس وأشدها غموضًا وتعقيدًا، وهي رواية «يقظة فينيجان». ويكفي للتدليل على مدى صعوبة ترجمتها إلى العربية أن نذكر أن تلك الرواية التي صدرَت عام ١٩٣٩، لم تصدر الترجمة الفرنسية لها إلا عام ١٩٨٢! ولا شك أن صدور ترجمتها العربية أمرٌ ضروري لإكمال آثار هذا الكاتب الأيرلندي العظيم أمام القارئ العربي.