التجربة الجمالية
(١) التجربة الجمالية في الزمان
سنقوم الآن باختبار التجربة الجمالية ككل. وتلك هي التجربة التي نمر بها حين نظل محتفظين بالموقف الجمالي أو الإستطيقي. ذلك لأننا قد اقتصرنا حتى الآن على الكلام عن الموقف الذي نقبل به على الموضوع. وفي هذا الفصل والفصول التالية، سنبحث حالات الاستجابة، الانفعالية والتخيلية والعقلية، التي تدخل في التجربة الكاملة، وطبيعة الموضوع الجمالي.
وهناك فارق هائل، كما أوضحنا في الفصل الافتتاحي، بين ممارسة تجربة والتفكير فيها. فعندما نحاول فهم التجربة، يتعين علينا أن نحللها. ومعنى ذلك أن من الواجب عرض سمات التجربة مجزأة، كلمةً كلمة وجملةً جملة، وهي السمات التي تكون كلها متجمعة سويًّا عندما تُمارس التجربة بالفعل. وبعبارة أخرى، فليس في استطاعة المرء أن يقول كل شيء دفعة واحدة، عندما يتحدث عن التجربة الجمالية أو أية تجربة أخرى. وعلى ذلك فمن الواجب أن نكمل، في ناحية هامة، ذلك العرض الذي قدمناه للتجربة الجمالية، في الفصل الثاني. ولو لم نفعل ذلك، لما استطاع تحليلنا أن يقدم صورة صادقة للتجربة الجمالية.
•••
لقد أكدت من قبل أن الفرد، في التجربة الجمالية، لا يتطلع قدمًا إلى أي هدف مقبل؛ فالموقف الجمالي ليس كالإدراك العملي، الذي يخدم غرضًا لم يتحقق بعد، سائرًا في اتجاه المستقبل، بل إن الوعي الجمالي يستقر عند الموضوع. وقد يؤدي ذلك بالقارئ إلى الاعتقاد بأن المشاهد الجمالي لا يهتم إلا بالاستمتاع باللحظة الحاضرة، وأنه لا يعبأ بالمستقبل على الإطلاق.
وأود الآن أن أنبه إلى أن هذا الرأي على خطأ، وأن التجربة الجمالية تحدث في الزمان وخلال الزمان، مهما كان نوع الموضوع الفني المراد تذوقه، بل إن هذا الطابع «الزماني» للتذوق الفني واحد من أهم صفاته. فلو لم تكن التجربة الجمالية زمانية، لافتقرت إلى كثير من الحيوية والإثارة التي تتصف بها فعلًا.
•••
ولنبدأ فنقول إن كل تجربة تحدث في زمان، وهذا يصدق على كل ضروب التجارب على الإطلاق. وهذا يعني أنه أثناء حدوث الأشياء المختلفة، نشعر أولًا بهذا ثم ذاك، بحيث يحدث في وعينا تعاقب لا يمكن الرجوع فيه. وهكذا نتحدث عن «قبل» و«بعد»، ونحسب علاقاتهما بعضهما ببعض بوسائل كالساعات؛ فالمرء يذهب أولًا إلى الحلاق، ثم إلى مكتب البريد، ثم يتناول طعام الغداء، وبعد ذلك يقرأ الجريدة. وبالمثل يمر وقت خلال الإدراك الجمالي، يمكن قياسه بدوره بالساعة.
غير أن هذا أمر ليست له أهمية كبيرة، بل إن التجربة الجمالية زمنية بمعنًى أهم بكثير؛ فالتجربة العملية هي في معظم الأحوال عارضة عشوائية؛ إذ يحدث شيء ثم يحدث شيء آخر، بطريقة عرضية تفتقر إلى الإحكام. وما الحياة، كما يقول الناس عادة، إلا لحظة تليها لحظة أخرى — فاليوم يبدأ مثلًا بشراء الجريدة، ثم التوجه إلى العمل … إلخ. وعلى الرغم من أننا نشعر. عن وعي بتعاقب الحوادث، فإنا لا نبدي اهتمامًا خاصًّا، ولا نشعر بإثارة، من جراء هذا الوعي. وفي أي عمل بعينه، مثل ارتداء الملابس أو غسل الأطباق، تتعاقب كل لحظة وراء الأخرى ببساطة حتى يتوقف النشاط. ولا يؤدي هذا النشاط إلى إثارة مزيد من الاهتمام وهو يمضي قدمًا، وحين تأتي اللحظة الأخيرة، لا تكون لها أهمية خاصة، فيما عدا ما قد يكون لها من أهمية من حيث إنها تدل على انتهاء العمل والفراغ منه.
ولكن هناك حالات معينة للتجربة العملية يكون لدينا فيها إحساس أقوى بكثير بالزمان. وأنا لا أعي بذلك إحساسًا بالضيق أو الملل، عندما يكون كل ما نريده هو أن تنقضي فترة زمنية معينة، وإنما أعني تجربة يكون فيها اهتمامنا مشدودًا في كل لحظة، بل تؤدي فيها كل لحظة إلى خلق اهتمام متطلع إلى المستقبل باللحظة التالية، ويربط بين كل اللحظات معًا اهتمام يتزايد على الدوام «بذروة» التجربة، فعندئذٍ نشعر بأن كل لحظة مرتبطة باللحظة التالية ارتباطًا لا ينفصم، ويبدو كأن كل واحدة تقتضي التالية لها وتشير إليها، وهو ما لا يحدث حين تكون التجربة عشوائية مفككة. ولا تكون نهاية التجربة الوثيقة الإحكام مجرد نقطة ختامية في الزمان، بل تكون لها دلالة غير عادية؛ إذ إنها هي قمة الاهتمام الذي ظل ينمو طوال التجربة، وهي تُرضي التوقعات التي ظلت تتراكم خلال اللحظات السابقة. وهكذا فإنها تلخص كل ما حدث من قبل، وتوحد التجربة وتختمها.
والأرجح أن الطالب سيفهم هذه المسألة على نحو أفضل لو ضربت له بعض الأمثلة؛ فمباراة الشطرنج التي يجيد فيها المرء اللعب، والتي تؤلف كل نقلة فيها نسيجًا محكمًا يرمي إلى دفع الخصم إلى مركز لا يمكن الدفاع عنه، وتُبنى فيها كل نقلة عن الأخرى، وتتزايد النقلات اقترابًا من النجاح كلما أدت كل نقلة إلى تضييق المجال الذي يستطيع فيه الخصم أن يتحرك بحرية، تؤدي آخر الأمر إلى النقلة الأخيرة التي تحسم المباراة. والطبيب، الذي يعالج مرضًا خطيرًا، ويتعين عليه أن يجابه أية مضاعفات في المرض، أو أي ضعف أو حالة يأس تنتاب المريض، يعمل في الوقت ذاته على تقديم وسائل للشفاء، بحيث يؤدي ذلك كله إلى إعداد المريض للحظة الحرجة. وعندما تمر هذه اللحظة الحرجة بنجاح تكون تتويجًا لكل جهود الطبيب وتوقعاته.
•••
غير أن أفضل الأمثلة هي تلك التي تتجلى في تذوقنا للفنون؛ ذلك لأن لحظات التجربة تترابط في الاستمتاع الجمالي ترابطًا أحكم مما يحدث لها في أي نوع آخر من التجربة. وما ندركه في اللحظة «الحاضرة» يكون مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بما سبقه، ويثير توقعًا لما سيتلوه.
ففي «بداية» التراجيديا يُقدَّم أبطال المسرحية وتُعرض شخصية كل منهم ويتبين أن لهم رغبات وأماني معينة، وكذلك سمات كالعناد والشجاعة. ونتيجة لشخصيتهم هذه، فإنهم يؤدون أفعالًا معينة لها نتائج تهددهم هم أنفسهم والآخرين بالخطر، وينمو إحساس بالخطر الداهم، ببطء في البداية، ثم يزداد سرعة فيما بعد. وتصبح سعادتهم، بل حياتهم ذاتها، مهددة. وعبثًا يحاول البطل التراجيدي أن يتجنب الكارثة؛ فالملك أوديب، الذي انتشر الوباء في بلده، يسعى إلى تحرير رعاياه من اللعنة التي حلت عليهم. غير أن سلسلة الحوادث التي صنعت بإحكام لا يمكن أن تنكسر، وهكذا فإن أفعاله تؤدي بطريقة لا رجعة فيها إلى مصيره المحتوم، وتحدث الذروة «بحتمية تراجيدية»، فتصل بانفعالات كل من يعنيهم الأمر وأقدارهم إلى قمتها، وتقرر مصائرهم.
فعندما نشاهد مسرحية كهذه أو نقرؤها، يكون الطابع الزمني لتجربتنا واضحًا كل الوضوح؛ ففي خلال الجزء «الأوسط» من المسرحية، نشعر شعورًا واضحًا بالحوادث التي أدت إلى هذه النقطة، ونتطلع قدمًا إلى أحداث الذروة، ونحس بتوتر. وبرغم أن المسألة ما زالت مشكوكًا فيها، فإنها تشير مقدمًا إلى اللحظة الحاسمة. وأخيرًا تؤدي الذروة إلى جذب كل انتباهنا وتوقعنا، وتعمل «الخاتمة» على توحيد المسرحية إذ تتيح لنا فهم دلالة كل ما سبقها. كذلك فإن توترنا الانفعالي يخف. ولهذين السببين معًا، كان هناك إحساس بتكامل التجربة بأسرها وتحقيقها هدفها.
•••
لقد ذكرت في الفصل الثاني أن الموقف الجمالي، على خلاف الموقف العملي، لا يستبق التحقيق المقبل لغرض ما. فهل يعد ذلك متناقضًا مع ما قلته الآن؟ من الواضح أنه ليس ثمة تناقض؛ ففي خلال التجربة الجمالية يستبق المدرك بالفعل ما سيأتي فيما بعد، أي ذروة الدراما، بل إن توقعه، كما رأينا، يكون أشد إلحاحًا وحيوية مما يحدث في معظم التجارب غير الجمالية. ومع ذلك فإن المسألة الحاسمة هي أن «المستقبل» الذي يتوقعه إنما هو جزء من التجربة التي تمارس الشيء إلا لأجل الممارسة فحسب؛ فهو ليس شيئًا سيتحقق نتيجة للتجربة. فالمرء يتطلع قدمًا إلى تلك اللحظة الواقعة في داخل التجربة الجمالية، والتي ستكتمل بها تجربته وتتحقق. واهتمامه بالموضوع يظل منزهًا عن الغرض في كل الأحوال فبداية الموضوع ونهايته تضعان حدودًا للتجربة الجمالية. وفي داخل هذه الحدود يكون هناك تذكر وتوقع. ولا يكون استباق المستقبل غير جمالي إلا عندما يتجاوز الحدود الزمنية التي يحددها العمل الفني، كما يحدث عندما نفكر أثناء عزف الموسيقى في العمل الذي سنقوم به غدًا، أو في مدى طرافة الحديث الذي سنشترك فيه حين نقول إننا حضرنا هذا الحفل الموسيقي واستمعنا إلى هذا العازف المنفرد المشهور.
وإذن فوعينا بما هو قبل وما هو بعد يكون جزءًا لا يتجزأ من تذوقنا للعمل الفني كما يتكشف خلال الزمان. ولولا هذا الوعي لكانت تجربتنا مضطربة مفككة، ولما أمكننا أبدًا أن نرى كيف ترتبط الأجزاء المتعددة للموضوع الفني بعضها مع البعض. فبفضل الذاكرة والخيال يتوحد العمل في تجربتنا، ويصبح له معنى، وبذلك يجتذب اهتمامنا. ولما كان التذكر والتوقع المتطلع إلى المستقبل يحدثان خلال الوقت الذي يدوم فيه الموقف الجمالي، بل هما أساسيان للإبقاء على هذا الموقف، فإنهما يكونان جماليَّين بمعنى الكلمة.
غير أن الأمثلة التي عرضناها حتى الآن كانت كلها مستمدة من مجال الأدب. فهل يمكننا القول إن التصوير والنحت والعمارة فنون «زمنية» بدورها؟ لقد أشرت من قبل إلى أن القول بأنها ليست فنونًا زمنية هو رأي يتردد كثيرًا في التفكير الجمالي. وفضلًا عن ذلك فان هذا الاعتقاد قد تغلغل في التفكير الشعبي، وبالتالي أصبح يؤثر في الطريقة التي ينظر بها الناس فعلًا إلى اللوحات وأعمال النحت. وقد أجرى مدير قاعة أمريكية كبرى للعرض الفني دراسة لكمية الوقت التي يقضيها الزوار في التطلع إلى اللوحات، فكان متوسطها ثلاث ثوان للوحة، ولكن هؤلاء الناس أنفسهم يقضون دون شك ساعات لسماع عمل موسيقي أو قراءة عمل أدبي واحد.
والواقع أننا لو لم نتخذ الموقف الجمالي من صورة أو لوحة، لما وجدنا فيها شيئًا يدل على طابعها الزمني. فما هي إلا مجموعة من الألوان أو شكل ذو ثلاثة أبعاد يشغل حيزًا من المكان، وقد يؤدي بنا ذلك إلى الاعتقاد بأن من الممكن إدراكها «فوريًّا». وفي مقابل ذلك تدل السمات الخارجية لقطعة موسيقية أو أدبية على الامتداد خلال الزمان، كما في الترقيم المتعاقب للحركات أو الفصول وتتابع الأنغام أو الكلمات، ولكن ما الذي يحدث حين ننظر إلى لوحة أو تمثال بطريقة جمالية؟
كذلك يساعد الوعي بالإيقاع على توحيد تجربتنا والربط بينها؛ فنحن إذ نتذكر ما حدث من قبل، نستطيع أن نتعرف على التكرار في مجالات متعددة للعمل، ولو لم نفعل ذلك، لبدا كل شيء جديدًا تمامًا، بلا رابطة تجمع بين أجزائه. وعندئذٍ يكون انتباهنا حائرًا مشتتًا.
غير أن الإيقاع ليس هو السمة الزمانية الوحيدة في الفنون البصرية، بل إن التعاقب المنظم إيقاعيًّا للعناصر المتماثلة قد يكون أقل حدوثًا في هذه الفنون منه في الموسيقى والشعر. ومن سوء الحظ أن الكُتاب عن التصوير والنحت كثيرًا ما يستخدمون لفظ «الإيقاع» بطريقة تفتقر إلى الدقة والوضوح. صحيح أن كتابتهم على هذا النحو تفيد في إيضاح الطابع الزماني لهذه الفنون، غير أن من الواجب ألا يُعرض معنى «الإيقاع» بطريقة تبلغ من الاتساع حدًّا يفقد اللفظ معه دلالته. وعندما يستخدم هؤلاء الكتاب هذا اللفظ بمعنى أوسع، يقصدون به عادة أن هناك حركة داخل العمل. ولهذا الجانب في التصوير والنحت أهميته العظمى. ومع ذلك فالأفضل أن يقتصر الكلام عن «الإيقاع» على الحالات التي يتردد فيها طوال معظم العمل أو كله نمط من التأكيد والتوقف، يشتمل على عناصر متماثلة أو قريبة الشبه.
وليس من الممكن، ولا من الضروري، أن نعرض بالتفصيل تلك الأمثلة الهائلة التنوع للحركة في الفنون البصرية. فهذا أمر لا يمكن القيام به إلا عن طريق تحليل تجريبي لأعمال محددة كثيرة في هذه المجالات الفنية. ويكفينا، بالنسبة إلى زمانية بصورة واضحة. فإذا كان هذا صحيحًا، كما أعتقد بالفعل، فمن الممكن أن يُتخذ مبدأً موجهًا في التحليل النقدي والإدراك الجمالي؛ إذ إن كلًّا من هذين الأخيرين لن يكون مثمرًا لو نظرنا إلى الفنون البصرية على أنها لا زمانية.
(٢) أهمية الألفة الفنية
لما كان كل فن زمانيًّا عندما ينظر إليه من الوجهة الجمالية، فإنه يقتضي من المُشاهد جهودًا كبيرة؛ ذلك لأن الاستمتاع بلون منعزل أو رائحة عابرة لا يتطلب من المدرك إلا القليل، ويكفي أن يكون لديه وعي وقتي، متعاطف متنبه؛ ففي هذه الحالة تكون «حدة» التجربة أولية تمامًا، ويكون الموضوع الجمالي بسيطًا غاية البساطة، وتكون تجربتنا مفتقرة إلى التمايز طوال حياتها القصيرة. غير أن الأعمال الفنية ليست على هذا النحو؛ فلها بناء معقد لأنها، من حيث هي موضوعات جمالية، تشتمل على «بداية ووسط ونهاية»، ولما كانت تسري خلال زمان، فلا بد للمدرك من بذل جهود جادة. فلا بد أن يكون قادرًا على رؤية الطريقة التي ترتبط بها «البداية والوسط والنهاية» ارتباطًا متبادلًا في العمل الفني. ولا بد أن يدرك، في أية لحظة معينة في العمل، كيف تتلو هذه اللحظة مما حدث من قبل، ويشعر باندفاعها نحو ما سيحدث فيما بعد. وعلى ذلك فإن تذكُّر الماضي والاستباق الخيالي للمستقبل أمران لا غناء عنهما. ولولا ذلك لكان العمل مجرد تعاقب من العناصر المفككة المتلاصقة، ولما أدركنا أبدًا وحدته أو أحسسنا بطعم قيم مثل «الترقب» في دراما أو رواية، و«التوتر» في تمثال.
وبعبارة أخرى، فلا بد لنا من أن نجمع أطراف العمل سويًّا أو نجعل منها مركبًا، إذا شئنا أن نستمتع بقيمته. غير أن الكلام عن هذا الأمر أسهل بكثير من تنفيذه. فعندما يكون العمل منتقدًا، قد لا نتمكن من إدراك الطريقة التي ترتبط بها جميع الأجزاء المكونة له بعضها ببعض. وعندما يكون العمل طويلًا جدًّا، قد يتجاوز نطاق قدراتنا على الانتباه والتذكر، وكثيرًا ما يعجز الشخص ذو الخبرة القليلة، حين يستمع إلى سيمفونية ضخمة، عن تمييز الألحان الرئيسية بعضها عن البعض. وحتى لو ميزها، فقد لا يتمكن من «الاحتفاظ بها في ذاكرته» بعد أن تكون قد عُرضت عليه. وهذا يؤدي إلى تهديد تجربته بالخطر على أنحاء متعددة؛ فهو لا يسمع اللحن المتردد الذي يساعد على توحيد العمل. ومن هنا تبدو الموسيقى جديدة كل الجدة طوال الوقت. ولهذا السبب تبدو طويلة أكثر مما ينبغي، ومفككة، ويقل تأثيرها وقوتها. أما بالنسبة إلى السامع الأدق حسًّا، والذي تستغرق تجربته نفس الوقت الذي استغرقته تجربة المستمع السابق إذا قيست بحساب الساعة، فإن الموسيقى تبدو متماسكة محكمة الترابط. أليس من الصحيح أن الموسيقى التي لا نعرفها جيدًا تبدو لنا «سائرة على غير هدى»، وكأنها لا تعرف وجهتها؟ وفضلًا عن ذلك فإن عدم القدرة على تذكر اللحن الرئيسي يحول بين المستمع وبين الاستمتاع بالطرق التي «يطوَّر» بها هذا اللحن. فقد يتغير هذا اللحن هارمونيًّا أو إيقاعيًّا، أو قد يتبدل التوزيع الأركسترالي، أو قد يربط بألحان جديدة مختلفة، فيتخذ بذلك طابعًا متغيرًا. والواقع أن ما يفعله المؤلف الموسيقي بألحانه الرئيسية كثيرًا ما يكون أكثر الأمور إثارة في الموسيقى، ولكنا لا نستطيع الاستمتاع بالتنوع ما لم نستطع أن نتذكر ما سمعناه في البدء، وما يجرى عليه التنوع الآن.
•••
والآن، فما هو بالضبط ذلك الذي يكسبنا إياه ازدياد إلفنا بالعمل الفني؟
إننا أولًا نزداد معرفة بالتنظيم أو البناء الشكلي للعمل. ومعنى ذلك أننا نتوصل إلى معرفة الطريقة التي ترتبط بها الأجزاء المكونة للعمل فيما بينها، فنرى كيف أن عنصرًا حدث من قبل يمهِّد الطريق لما سيأتي بعده ويؤدي إليه، ونقدر الطريقة التي يُلقى بها كل من الأجزاء أو القطاعات المتباينة في العمل الضوء على كل جزء آخر. وبالتعوُّد تزداد فاعلية التذكر والتوقع.
ومن المهام الرئيسية للقالب أنه يؤكد عناصر معينة في العمل ويجعل لعناصر أخرى مكانة ثانوية. وعلى ذلك فإننا عندما نزداد معرفة بالقالب، نتوصل إلى إدراك أهم العناصر، أي ما ينبغي تأكيده في قراءتنا أو رؤيتنا. أما حين نرى عملًا غريبًا للمرة الأولى، فإن كل شيء يبدو متساوي الأهمية، ومن هنا لا يكون لدينا إحساس بالتفاعل الدرامي بين التأكيد والتخفيف في داخل العمل. وبالتعود نستطيع أن نتذوق الطريقة التي يتراكم بها تأثير العمل حتى يصل إلى ذروة، وبذلك نستمتع بالاستباق وبالذروة نفسها. أما حين لا يكون العمل مألوفًا، فإنه كله يبدو مسطحًا بلا تعاريج أو تضاريس.
فلنتأمل قراءتنا لتراجيديا سوفوكليس «أوديب الملك»، بعد أن نكون قد عرفنا أسطورة أوديب. إننا نقرأ عندئذٍ محاولات الملاك كشف القاتل الذي حل بسببه الوباء على طيبة، ولكنا نعرف ما لا يعرفه أوديب، وهو أنه هو نفسه ذلك الآثم التراجيدي. وهكذا تكون «لنهاية» المسرحية دلالة كبرى ونحن نقرأ الأجزاء السابقة؛ فهي تضفي معنًى أقوى وأعمق على كل المسرحية قبل النقطة التي اكتشف فيها أوديب سره الخاص. ونشعر نحن بالمفارقة القاسية في جهوده التي تحبط نفسها بنفسها. مثال ذلك أننا نشعر بالسخرية المريرة من المنظر الذي يستدعي فيه أوديب العراف الضرير ترسياس، ثم يستشيط غضبًا عندما توحي كلمات ترسياس «المظلمة» بأن أوديب نفسه قد يكون موصومًا بالخطيئة والإثم، ونشعر ونحن متألمون بجهل أوديب المطبق عندما يقول لتر سياس — وهو في الواقع أكثر عمًى منه — «إن رحيلك يعني رحيل متاعبنا معك.» وفضلًا عن ذلك فإنا نستطيع أن ندرك كيف أن حوادث مثل مقابلة ترسياس وسؤال أوديب لجوكاستا تؤدَّى ببطء، ولكن مع شعور متزايد بالترقب، إلى الذروة المخيفة. وعندئذٍ يشيع في تجربتنا توقع حيوي مُلِح.
فهاهنا إذن تلزم الألفة. وأنه لمن التجارب الشائعة أننا، بعد أن نلتقي بالعمل مرة ثانية أو ثالثة أو عاشرة، نبدأ في أن نرى ما «يقوله». وهذا يتيح لنا أن نصبح أكثر تعاطفًا وأدق حسًّا في نظرتنا إلى العمل، فعندئذٍ ندرك ما هو الاستعداد الذهني اللازم لتذوق العمل، وكيف ينبغي أن نعد أنفسنا للاستجابة له. وفي الوقت ذاته نعمل على كبت تلك الاستجابات الغريبة عن «روح» العمل ودلالته. وفضلًا عن ذلك فإننا نصبح الآن قادرين على معرفة ما «نبحث عنه» في العمل. ونستطيع الآن أن ندرك كيف تسهم مختلف عناصر العمل في التأثير الكامل.
إن هناك ارتباطًا وثيقًا بين إحساسنا بالدلالة الكاملة للعمل وإدراكنا لشكله أو قالبه، بل إن هذا الأخير يتوقف على الأول؛ فحين يحاول الموسيقيُّ أو قائد الأوركسترا أن يحدد ماذا ينبغي أن تكون مواضع التأكيد في أدائه للعمل، وكيف يجب أن توضع أوزان مختلف الأجزاء بعضها في مقابل البعض، وما إلى ذلك، فإنه لا يستطيع البت في هذه المسائل ما لم يستقر على رأي بشأن الدلالة الكاملة للعمل. فأي تأثير يود تحقيقه؟ أهو «يقرأ» العمل على أنه عميق رزين، أم أنه يعده أساسًا نمطًا متأنقًا خلابًا من الأصوات؟ إن من واجبنا جميعًا أن نتخذ قرارات مماثلة عند مشاهدتنا للوحة أو تمثال. فما الذي سننظر إليه أولًا في اللوحة، وما المسار الذي ستتبعه العين؟ هذه بدورها أمور لا يمكن البت فيها إلا بعد أن يكون لدينا إحساس معين بالتأثير المقصود للعمل الكلي. ولحرية التفسير في مجال الموسيقى والأدب والرقص مجال أقل إلى حد ما مما لها في الفنون البصرية؛ إذ إن للأعمال في الفنون الأولى نقطة بداية محددة، هي مثلًا «الفصل الأول»، كما أنها تسير في تعاقب ثابت. غير أن من الواجب ألا نبالغ في هذا الاختلاف؛ ذلك لأن من الممكن، كما بينت في الفصل السابق، أن تكون هناك تفسيرات متعددة لقطعة موسيقية أو أدبية، وفي كل حالة يقوم المدرك ببناء العمل على نحو مخالف.
•••
وهكذا فإن الاستمتاع الجمالي بعمل فني ليس شيئًا يتم كله دفعة واحدة، وإنما هو عملية نامية، متدرجة، خلاقة. ولو واجهنا تحدي العمل، لكانت مكافأتنا وعلى ذلك هي القيمة التي نشعر بها لتجربتنا عندما نتمكن من تذوقه. وفي حالة بعض الأعمال الفنية، ولا سيما تلك التي نسميها أعمالًا «عظيمة» لا تنتهي عملية ازدياد التعرف أبدًا؛ ففي هذه الأعمال نرى على الدوام شيئًا جديدًا، ونجد علاقات شكلية جديدة، وندرك معنًى جديدًا. وبطبيعة الحال فإن في استطاعتنا، لو شئنا، أن نظل ننعم بالراحة مكتفين بأعمال تفتقر إلى التعقد والعمق. غير أن هذا موقف يؤدي إلى الجمود والركود. فلو عزلنا أنفسنا على هذا النحو، ولم نجرؤ أبدًا على مواجهة أعمال جديدة غير مألوفة، لأصبنا تجربتنا بالهزال، وحرمنا أنفسنا الرضا والمتعة.
(٣) «أنماط» المدركين الجماليين
تحدثنا من قبل من النشاط شبه الخلاق الذي ينبغي أن يسهم به المدرك في التجربة الجمالية. فلا يمكن أن يكون سلبيًّا تمامًا ويتوقع التمتع بقيمة الموضوع الجمالي، بل إن عليه أن يفسر العمل بطريقة أو بأخرى، وأن يكون يقظًا للتفاصيل والتفريعات التي لا تكون واضحة تمامًا، وعليه أن يقوم ببناء العمل في وعيه، بحيث يمكنه إدراكه موحدًا. ومن الواضح أن الناس المختلفين يجدون قيمة مختلفة في الفن، أو يستمتعون به لأسباب مختلفة. والسبب الأكبر في ذلك هو أنهم يقبلون على الفن وقد تفاوتت درجات الفهم بالعمل، وتباينت قدراتهم على الانتباه والحساسية الانفعالية، وما إلى ذلك.
ولم يقتصر «بلو» على تعداد نتائج تجاربه، بل إنه «رتب» الأنماط تبعًا لازدياد أو نقصان طابعها الجمالي، أي لمقدار «التعاطف والتنزه عن الغرض» في تجربة كل منها. وقد بيَّن، كما سنرى فيما بعد، أن بعض الناس، الذين يُظَن عادة أن لديهم تجربة جمالية عميقة، لا تكاد تكون لديهم تجربة جمالية على الإطلاق.
•••
أما النمط الموضوعي، فإنه يصدر نوعًا مضادًّا تمامًا من الأحكام. فأمثال هؤلاء المدركين لا يشيرون إلى ردود أفعالهم الشخصية، وإنما يتحدثون فقط عن طبيعة الموضوع. وهم يحللون خصائصه، أي «نقاء» الألوان أو بريقها، ثم يقدرونه على أساس معيار أو مقياس معين يضعونه لهذا النوع من الألوان (ص٤٥٠-٤٥١)، ومن هنا تراهم يعيبون على أحد الألوان، مثلًا، كونه «مائعًا» أو «غير نقي».
وهناك من يتشككون في استجابات نمط «الشخصية»؛ فهم يرون أن أمثال هذه الأحكام مجرد خيال رومانتيكي، يدل على عجز المدرك عن إدراك الموضوع بحساسية وتبصر. ولا شك في أن أولئك الذين يصدرون أحكامًا تنتمي إلى «نمط الشخصية» «يتكلمون أحيانًا بطريقة فضفاضة». وفي بعض الأحيان يتضح لنا، إذا أجرينا مزيدًا من التحليل لتجربتهم، أنها كانت تجربة ترابط «غير مندمج». وبالتالي لم تكن جمالية إلا إلى مدى محدود. ومع ذلك فقد وجد «بلو» أن المدركين من نمط «الشخصية» كانوا، في عمومهم، يظلون محتفظين بموقف جمالي أصيل طوال تجربتهم. وهو يتحدث عن تفتحهم المتعاطف بوجه خاص؛ فهناك قدر كبير من المشاركة الانفعالية من جانب المشاهد في الصفات الخاصة للون الواحد، واستعداد للتعاطف معه، والنتيجة هي تذوق … شديد الحيوية (ص٤٣٤). وبفضل موقف «التفتيح المتعاطف» هذا، يقبل المدرك الموضوع بشروطه الخاصة، ويهيئ نفسه لتلقي طابعه وقيمته المميزة في تجربته. وهذا، كما رأينا من قبل، شرط لا غناء عنه للتجربة الجمالية. وفضلًا عن ذلك فإن انتباه المدرك يكون «مركزًا حول الموضوع» بدرجة تبلغ من الاكتمال حدًّا يجعل الاستجابات التي يثيرها الموضوع تعجز عن توجيه انتباهه نحو جسمه وذهنه الخاص. وهذا ما يميز نمط «الشخصية» من النمط «الفسيولوجي»؛ فالموضوع يظل يحتل مكانة مركزية في الوعي، ولا يتحول الانتباه نحو عمليات المشاهد العضوية والانفعالية، وعلى ذلك فإن نمط الشخصية يجمع بين الموضوعية الشخصية، والمشاركة الشخصية العميقة (ص٤٥٨). وفي هذا النوع من التجربة، يكون الانتباه الجمالي أكمل ما يكون، والموضوع «مستحوذًا» إلى أبعد حد؛ ذلك لأن المدرك يفقد عندئذٍ «كل إحساس بالذات». وكما أننا نتحدث عن «إفناء أنفسنا» في مهمة شاقة، فكذلك «يُفني المدرك ذاته» في الموضوع الجمالي، و«يعيش حياة» الموضوع. وهذه بطبيعة الحال طريقة مجازية في الكلام، ومع ذلك أعتقد أنها تعبر بصدق عن طابع تجربتنا كما نشعر به عندما تكون جمالية بأكمل صورة. فلتفكر في لحظة كنت فيها مستغرقًا في قصة أو قطعة موسيقية، لترى إن كنت توافق على هذا الوصف.
أما النمط «الموضوعي» فأمره مختلف كل الاختلاف؛ فأحكام الأفراد المنتمين إلى هذا النمط تبدو ناشئة عن تجربة جمالية حقة؛ إذ إنهم يتحدثون عن الموضوع لا عن المشاهد. وحين يشيرون إلى خصائص للون كبريقه أو صبغته، يبدو أن حكمهم أوضح وأوثق من الأوصاف الخيالية التي يأتي بها أصحاب نمط «الشخصية» حين يتحدثون عن اللون على أنه «صريح» أو «تأملي». غير أن «بلو» لا يضع النمط الموضوعي» في مكانة عالية. والواقع أن النتائج التي يصل إليها بشأن هذا النمط من أطرف النتائج التي أسفرت عنها تجاربه.
ولنختم هذا الجزء بعرض الترتيب الذي وضعه «بلو» للأنماط الإدراكية (ص٤٦١–٤٦٣)، بادئًا بالأدنى وسائرًا إلى الأعلى من حيث القيمة الجمالية: «النمط الفسيولوجي» — وهو الأدنى لأن الانتباه يتحول إلى «الأحاسيس» الجسمية للمدرك، ثم «الترابطي غير المندمج» — وهنا أيضًا لا يكون الموضوع في بؤرة الوعي؛ ثم «الموضوعي» — ويدل على عجز عن تحقيق اتصال متعاطف مع الموضوع (ومن الممكن القول إن أفراد هذه الفئة لا تكاد تكون لهم، في بعض الحالات، تجربة جمالية على الإطلاق)، ثم «الترابطي المندمج»، ونمط «الشخصية»، وهو أكثر الجميع جمالية، للأسباب التي ذكرت من قبل.
ومن الجائز أن يختلف القارئ مع «بلو» في تقديره لهذه الأنماط، وفي هذه الحالة ينبغي عليه أن يتساءل: ما أسباب اختلافه هذا؟ كذلك قد يود القارئ أن يعرف الفئة التي يندرج ضمنها هو ذاته، على أن من الواجب أن نذكر أن الشخص الواحد يمكن، في الأوقات المختلفة، أن يمثل أنماطًا مختلفة من الإدراك. وذلك يتوقف على متغيرات كالنوع الفني الخاص الذي يدركه، وإلفه بالعمل الفني، وكون العمل واضحًا مباشرًا أو موحيًا بصورة غامضة، كالموسيقى «الانطباعية»، وما إلى ذلك.
(٤) التجربة الجمالية ونظرية الفن
درسنا حتى الآن الموقف الجمالي، والنطاق الواسع للتجربة الجمالية، التي يمكن أن تشمل أي موضوع على الإطلاق، والطابع الزماني للتجربة الجمالية، وأهمية الإلف بالموضوع الفني، ولكن ما الذي يحدث عينيًّا خلال التجربة الفنية؟ وما الذي يشعر به المدرك إزاء الموضوع الفني؟ هل التجربة الجمالية انفعالية دائمًا؟ هذه أسئلة ما زال أمامنا أن نجيب عنها.
وسوف نبحث في هذه المسائل في الباب الثاني من هذا الكتاب؛ ففيه سندرس بالتفصيل بعض النظريات الرئيسية في طبيعة التجربة الجمالية وقيمتها.
وهناك صلة وثيقة بين نظرية الفن وبين نظرية التجربة الجمالية عند كثير من المفكرين الذين سندرسهم. هذه الصلة تنحصر في أن ما يعتقدونه بشأن التجربة الجمالية مبني على نظرتهم إلى الفن الجميل. والاستدلال الذي يقومون به يمضي عادة على النحو الآتي: هناك سمة معينة (أو عدد من السمات) تُعد أساسية بالنسبة إلى الفن الجميل، أي أنها تميز أعمال الفن الجميل عن كل الموضوعات الأخرى. ولتكن هذه السمة مثلًا هي «التعبير عن الانفعال». ثم يستدل من ذلك على أن هذه السمة أساسية أيضًا بالنسبة إلى التجربة الجمالية. أي أنه يستدل على أن كل تجربة جمالية ينبغي أن تكون انفعالية، ما دام المدرك يشارك في الانفعال الذي يعبر عنه الفنان.
والواقع أن من واجبنا أن نلزم جانب الحذر كلما صادفنا استدلالًا كهذا؛ لأنه حتى لو كانت نظرة الفيلسوف إلى الفن الجميل صحيحة، فإن وصفه للتذوق الجمالي قد يكون ناقصًا أو معيبًا؛ فالفن شيء، والتجربة الجمالية شيء آخر ينبغي أن يدرس في ذاته. وهذا أمر يمكن أن يظهر بكل وضوح؛ فالإدراك الجمالي لا يقتصر على الأعمال الفنية وحدها، بل إن موضوعات الطبيعة وحوادثها، كالتكوينات السحابية، يمكن أن تُدرك بدورها جماليًّا، كما أوضحنا من قبل. على أن ما يصدُق على تذوق الفن لا يتعين أن يصدق على الاستمتاع بالطبيعة؛ ففي المثال الذي قدمناه، يجوز أن الأعمال الفنية «تعبر عن انفعال»، ولكن الموضوعات الطبيعية لا تعبر عن مثل هذا الانفعال؛ فالموضوعات الفنية لا تؤلف إلا جزءًا من فئة الموضوعات الجمالية. ومن هنا كان من الواجب أن نتأكد من أن أية نظرية في التجربة الجمالية تصدق على جميع حالات الإدراك الجمالي، لا على بعضها فحسب.
وسوف تكون المسألتان الرئيسيتان اللتان سنتحدث عنهما في الجزء التالي هما: (١) ما الفن الجميل؟ (٢) ما التجربة التي تمارسها أثناء الإدراك الجمالي؟ فلننتقل إذن إلى بحث الطريقة التي يمكن بها الإجابة عن هذين السؤالين.
المراجع٢٦
تشاندلر: الجمال والطبيعة والبشرية، ص٩٧–١٠٣، ٢٣٠–٢٣٦.
ديوي: الفن بوصفه تجربة. الفصول ٢-٣، ٨.
فوستر، أ. م. «الأساس المبرر للنقد في الفنون».
لسنج، جوتهولت: لاوكون.
موريس، برترام: العملية الجمالية. الفصول ١–٤.
بيبر، ستيفن: السمة الجمالية. الفصل الأول.
بيبر: أساس النقد في الفنون (البحث التكميلي).
سوريو، إتيين: «الزمان في الفنون التشكيلية».
ستولنيتر، جيروم: «الألفة الفنية والقيمة الجمالية».
فالنتين: مدخل إلى الدراسة النفسية التجريبية للجمال. الفصول ٣، ٧، ٨.
أسئلة
-
(١)
اقرأ الفصول المذكورة في قائمة المراجع من كتاب ديوي «الفن بوصفه تجربة»، ثم اذكر: ما العلاقة بين التجربة الجمالية وبين «ممارسة تجربة ما» في رأي ديوي؟ أهُمَا شيء واحد؟ وهل يُعَد فهم ديوي للتجربة الجمالية مماثلًا لذلك الذي قدمناه في الفصل السابق؟
-
(٢)
ماهي في نظرك الفوارق البارزة، إن وُجِدت، بين تذوق الفنون «الزمانية» وتذوق الفنون «المكانية»؟ استعن في الإجابة عن هذا السؤال بقراءة مقال سوريو، المذكور في قائمة المراجع.
-
(٣)
كثيرًا ما يتحدث النقاد عن «الإيقاع» به في التصوير، وعن «الدراما» في العمارة، وعن «التوازن» في الرواية. أتعتقد أن لهذه الألفاظ نفس المعنى عندما تطبق على الفنون «المكانية» و«الزمانية» معًا؟ وإن لم يكن، فلماذا؟ أهذه الألفاظ تستخدم بطريقة مجازية؟
-
(٤)
ذهبنا في هذا الفصل إلى أن الإلف بالعمل شرط لا غناء عنه للتذوق الجمالي، ولكن الإلف كثيرًا ما يقضي على طرافة العمل الفني في نظرنا. ففي أي الظروف تعتقد أن هذا يحدث؟
-
(٥)
هل توافق على طريقة ترتيب «بلو» للأنماط الجمالية؟ وإن لم تكن توافق، فأي التغيرات تقترح؟
Rubolf Arnheim, Art and Visual Perception (University of California Press, 1954) p. 347.
Bernard Berenson, Aesthetics and History (Garden City, Doubleday, 1954), p. 78.
Stephen C. Pepper, The Basis of Criticism in the Arts (Harvard U.P., 1946) p. 148.
E. Bullough, “The Perceptive Problem in the Aesthetic Appreciation of Simple Colour Combinations,” British Journal of Psychology, III (1910), pp. 406–447.
Charles S. Myers, “Individual Differences in Listening to Music,” British Journal of Psychology, XIII (1922), P. 52–71.
L. Feasey, “Some Experiments on Aesthetics,” Br. J. of Ps., XII (1921), pp. 253–272.