مطاردة في الفجر!
كان «أحمد» متضايقًا مما حدث؛ فهو لا يريد متاعب جانبية قد تعطلهم عن عملهم الأصلي … ورغم أن الحاضرين صفقوا طويلًا لما حدث، وكان واضحًا أنهم جميعًا متضايقون من «سانجيني» إلا أن «أحمد» تمنى أن تنتهي القصة عند هذا الحد.
الشيء الوحيد الذي أسعد «أحمد» هو الحصول على المسدس الذي أخذه من زميل «سانجيني»، وهكذا عندما دخلوا غرفهم قال «أحمد»: ناموا جيدًا … وسوف أتولى الحراسة حتى الفجر!
استغرقوا جميعًا في النوم … وتمدَّد «أحمد» في فراشه والنوم يهاجمه بشدة؛ فبعد طيران استمرَّ نحو عشر ساعات، وبعد قيادةٍ استمرت نحو خمس ساعات كان جسده يضجُّ بالتعب … ولكنه كان يتوقع متاعب من نوعٍ ما؛ فمن المؤكد أن «سانجيني» لن يسكت على ما لحقه من إهانة، وقد يعود في أي وقت ومعه بعض البلطجية من أمثاله.
ولكن مضت ساعة دون أن يحدث شيء … واستسلم «أحمد» للنوم بملابسه الكاملة، والمسدس في يده … وعندما استيقظ بعد نحو ثلاث ساعات من النوم … كان ما أيقظه إحساسٌ داخلي بأن هناك حركةً ما خارج غرفته … وقفز على الفور من مكانه … وكانت الساعات الثلاث كافيةً ليسترد نشاطه …
وقف في وسط الغرفة وأخذ يستمع … كانت ثمة ريحٌ قوية تهبُّ في الخارج، وكان تنفس «جيني» المنتظم هو الصوت الوحيد الذي يسمعه بالإضافة إلى صوت الريح … ولكن إحساسه بالخطر كان واضحًا … وقد صدق هذا الإحساس … فقد سمع صوتًا قريبًا من النافذة …
واقترب بسرعة منها … وأزاح الستار جانبًا في حذر ونظر خارجًا … لم يكن هناك إلا ضوء الفجر يتسلَّل من بعيد فقد أشرفت الساعة على الخامسة صباحًا … وسمع صوت كلبٍ ينبح … ثم سمع الكلب يعوي … وهذا يعني أن شخصًا ما قد ضربه …
ارتكز على ركبته وأخذ يحدِّق في الظلام الذي أخذ يخفُّ تدريجيًّا مع ضوء الفجر البازغ …
وفجأة أنزل الستار فقد شاهد جسد رجلٍ يسدُّ الزجاج … وجلس «أحمد» على الأرض وقد رفع مسدسه في اتجاه النافذة … وسمع صوت محاولة فتح النافذة … مدَّ يده يهزُّ «جيني» الذي استيقظ مذعورًا!
وقال «أحمد»: اهدأ يا «جيني» … أعتقد أن «سانجيني» قد عاد!
قام «جيني» سريعًا إلى ملابسه … وعاد «أحمد» يقول: اذهب فورًا … وأيقظ بقية الزملاء!
تسلل «جيني» خارجًا … وسمع «أحمد» صوت النافذة يفتح … ولا شك أن مَن فتحها مدرَّب على هذا العمل … فقد فتحها بسرعة دون أن يحدث صوتًا … إلا تكةً خفيفة … وامتدت يدٌ إلى الداخل تكمل فتح النافذة … ثم ظهر وجه الرجل …
كان «أحمد» يجلس على الأرض في الظلام الدامس للغرفة حيث لا يستطيع أحد رؤيته … تم للرجل فتح النافذة تمامًا … ثم مدَّ قدمه الأولى ليدخل … ولم يرغب «أحمد» في إطلاق النار … بل ضرب الرجل ضربة قوية وسمع على أثرها صيحة ألم عالية … ثم انكفأ الرجل على ظهره خارج الغرفة … وسُمع صوت دمدمة في الخارج … وأصوات أقدامٍ مرتبكة … فأعاد إغلاق النافذة سريعًا، ثم سحب الفراش الذي كان متمدِّدًا عليه ووضعه خلف النافذة، وقفز إلى الدهليز.
كان الشياطين الثلاثة ومعهم «جيني» يقفون في الدهليز … أشار لهم «أحمد» بالخروج سريعًا … ثم تقدَّمهم وهو يحمل المسدس … ووصلوا إلى صالة «الموتيل» … أخرجت «زبيدة» كمية من الدولارات … ووضعتها عند ماكينة النقود، ثم اتجهوا جميعًا إلى الباب …
فتح «أحمد» الباب محاذرًا وأطلَّ خارجًا … لم يكن هناك أي مخلوق … أشار إلى زملائه … وانطلقوا إلى السيارتَين وقفزوا فيهما … ودار المحركان وانطلقت السيارتان، وسمعوا أصواتًا من خلف الموتيل … وعندما اجتازوا البوابة شاهدوا سيارةً ضخمة من طراز «لينكولن» تدور خلف الموتيل لتتبعهم …
كان «جيني» يقود السيارة بينما جلس «أحمد» في المقعد الخلفي ومعه المسدس … أطلق «جيني» للسيارة العنان … وطلب منه «أحمد» أن يفسح الطريق لسيارة «عثمان» كي تسبقهم … وانطلقت سيارة «عثمان» إلى الأمام … ثم السيارة التي يقودها «جيني» خلفها وظهرت من بعيد السيارة «اللينكولن» الزرقاء وبدأت المطاردة …
وقد كانت دهشة «أحمد» بالغةً عندما رأى كيف يقود «جيني» السيارة … لقد كان يقودها ببراعةٍ مذهلة وبسرعة …
وقال «جيني»: إن هوايتي الأولى كانت قيادة السيارات قبل أن أتجه إلى الكمبيوتر!
أحمد: إنك تقود السيارة ببراعة!
جيني: كم عدد المطارِدين؟
أحمد: أربعة!
أخذت عقارب عداد السرعة تقترب من المائة وخمسين كيلومترًا وكانت الطرق الواسعة تساعد على السرعة … ثم بدأت منطقة الغابات تعود … وأدرك «أحمد» أن السيارة «اللينكولن» يمكنها أن تلحق بهم سريعًا … فهي أقوى، وقدرتها على السرعة أعلى؛ فهي من أكبر السيارات في العالم على الإطلاق …
وأدرك أيضًا أن المطارِدين ينتظرون منطقة الغابات للهجوم … حيث سيضيع صوت المعركة في الغابات الكثيفة … كان عليه أن يتصرف لأنه الوحيد الذي كان يحمل سلاحًا … وهو سلاحٌ بسيط أمام تسليح الأربعة الذي توقَّع «أحمد» أن يكون من المدافع الرشاشة، والبنادق البعيدة المدى …
وهكذا أخذ ينظر حوله باحثًا عن حل … حتى وجد أنهم يقتربون من بحيرةٍ صغيرة: وقال ﻟ «جيني»: اسمع يا «جيني» … إننا الآن بعيدون عن المراقبة، أريدك أن تتوقف عند المنحنى القادم … سأنزل بسرعة … بينما واصلْ أنت السير ثم توقفْ في مكانٍ نستطيع أن نخفي السيارة فيه … ستسمع طلقات رصاص … انتظرْ فترة … ثم عُدْ مرةً أخرى إلى نفس المكان الذي نزلتُ فيه!
جيني: هل ستنزل وحدك؟
أحمد: نعم … ليس هناك حلٌّ آخر … إنني المسلح الوحيد بينكم!
صمت «جيني» ودار بالسيارة حول البحيرة، وهدَّأ السرعة ثم توقف، ونزل «أحمد» مسرعًا، وعادت السيارة إلى الانطلاق!
أسرع «أحمد» إلى مجموعةٍ كثيفة من الأشجار تطلُّ على الطريق وتوقَّف خلفها … وانتظر بضع دقائق، وظهرت «اللينكولن» الزرقاء في أول الطريق … وأخذت تقترب من «أحمد» الذي أعدَّ مسدسه للإطلاق … وعندما تجاوزته قفز خارجًا ثم أطلق مجموعة من الطلقات على الإطارين الخلفيين للسيارة التي انحرفت بشدة، ثم اصطدمت بشجرة وتوقفت.
وشاهد «أحمد» الرجال الأربعة ينزلون بسرعة … وقد شهروا أسلحتهم … عاد مسرعًا إلى خلف الأشجار … وانطلقت كمية هائلة من الطلقات في اتجاهه … ووقف مكانه جامدًا … وأخذ الأربعة ينتشرون حوله في شكل مروحة وهم يتقدمون لحصاره … وأدرك «أحمد» أنه في موقفٍ خطير … فلم يعد معه إلا رصاصةٌ واحدة … أمام أربعة مدافع … رشاشة …