الصراع يشتد!
بدأت دائرة الحصار تضيق حول «أحمد» … وظهرت سيارة «جيني» حسب الاتفاق تتقدم من المكان … وبسرعة أطلق أحد الأربعة دفعةً من مدفعه الرشاش أصابت السيارة وأدرك «أحمد» أنهم سيخسرون المعركة … وقرر إطلاق الرصاصة الوحيدة الباقية معه … أحكم إمساك المسدس، واختار أقرب الرجال إليه، ثم أطلق الرصاصة وأصابت الرجل الذي صاح متألمًا، ثم سقط على الأرض … ولدهشة «أحمد» شاهد رجلًا ثانيًا يترنح ثم يسقط … وظهر «عثمان» خلف إحدى الأشجار …
أخذ الرجلان الآخران يطلقان النار في كل اتجاه … وكان أحدهما «سانجيني»، وأخذ «أحمد» يزحف على الأرض حتى اقترب من الرجل الذي أصابه … وفي نفس الوقت كان «عثمان» يزحف ناحية الرجل الآخر … ووصلا في نفس الوقت تقريبًا، ثم انقضَّ كلٌّ منهما على المدفع الرشاش … وأصبح في يد كلٍّ منهما سلاحٌ قوي …
ولكن «سانجيني» والرجل الآخر اختفيا في الغابة الكثيفة وأشار «أحمد» ﻟ «عثمان» أن يتجه إلى سيارته … وأسرع هو إلى سيارة «جيني» حيث وجده ما زال جالسًا في مكانه، وقد أصابته شظية زجاج في كتفه والدماء تسيل منها …
صاح «أحمد»: «جيني»!
قال «جيني» بهدوء: لا تخف … إصابةٌ بسيطة!
ساعده «أحمد» على النزول وأسرعا إلى سيارة «عثمان» الذي كان في انتظارهما، وقال «أحمد» ضاحكًا: لقد تدخلت في الوقت المناسب!
عثمان: كانت «إلهام» تتابع ما يحدث من النافذة الخلفية … وقد أخطرتني بنزولك من السيارة، وأدركتُ أنك ستحاول إيقاف السيارة «اللينكولن» لأنها أسرع منا، ويمكن أن تلحق بنا في أي وقت!
ركب «أحمد» و«جيني» وانطلقت السيارة، وقال «عثمان»: لماذا لم تنتظر … لقد كان في إمكاننا القضاء عليهما!
أحمد: إن ما حدث هو أفضل ما يمكن أن يحدث … هذه معركةٌ جانبية يجب ألَّا نضيع فيها وقتًا كثيرًا!
وانطلقت السيارة، تجاوزت منطقة الغابات، وأشرقت الشمس من خلف سحابٍ كثيف، ينذر بالمطر، وعند الظهيرة توقفوا لإعادة ملء خزان السيارة بالبنزين وتناول وجبةٍ خفيفة …
استمروا في السير، وتجاوزوا حدود ولاية «نيويورك» واتجهوا شمالًا إلى منطقة بحيرة «جورج» حيث قرر «أحمد» أن يستقروا هناك.
وصلوا إلى البحيرة قرب المساء … وظهرت الموتيلات وقد أضاءت أنوارها …
دار «عثمان» دورةً واسعة حتى اختار «أحمد» موتيلًا معزولًا عن حافة البحيرة … كان مقامًا، ككل الموتيلات تقريبًا، من الخشب … ومكونًا من دورٍ واحد على شكل نصف دائرة … وكان اسمه موتيل «جورج» نسبة إلى اسم البحيرة … وعندما دخل الشياطين إلى المكان طلبوا على الفور إسعافًا ﻟ «جيني» الذي كانت «زبيدة» قد ربطت له مكان الجرح لمنع النزيف.
وقد دُهش الشياطين أن الموتيل ليس به من النزلاء إلا ثلاثة … وكان الثلاثة يستعدون للرحيل في الصباح، وقال أحدهم: إن النشرة الجوية تؤكد هبوب عاصفة بعد ساعات … والعاصفة هنا تدمِّر كل شيء … ولسنا على استعداد للمغامرة …
وكان صاحب الموتيل وزوجته العجوز سعيدَين جدًّا بوصول الزبائن الخمسة … فلو لم يصلوا لأغلقا أبواب الموتيل ورحلا.
اختار «أحمد» ثلاث غرف في الطرف الشمالي للموتيل لنزولهم وقد أحسَّ بالاطمئنان بعد أن حصلوا على الأسلحة.
وعندما غادر النزلاء الثلاثة الموتيل، لم يبقَ فيه سوى الشياطين … وكان صاحب الموتيل قد أعدَّ وجبة غداء شهيةً على شاطئ البحيرة من الأسماك الطازجة … وقد سعد الشياطين بهذه الوجبة كثيرًا … وأخذوا في اكتشاف المنطقة قبل أن يتصل «أحمد» بعميل رقم «صفر» في نيويورك … وقد أثار دهشته أن يعلم من عميل رقم «صفر» أن مغامرتهم في موتيل «العصفور الأزرق» قد وصلت إلى نيويورك …
قال عميل رقم «صفر»: إنك لا تعرف «سانجيني» … إنه من الشخصيات الهامة في المافيا رغم صغر سنه … فهو مشهود له بالقوة البدنية والقسوة والشراسة ويتبع أسرة «مانسيني» … وهي من أقوى أُسَر المافيا، ولها نشاطٌ كبير في مجالات البنوك والاستثمارات!
أحمد: وماذا تتوقع بعد ذلك؟
العميل: سيطاردونكم إلى أقصى الأرض … وقد أخبرني أحد عملائي في الأوساط السفلى لعالم الجريمة أنكم جعلتم من «سانجيني» أضحوكة في «فيلادلفيا» وضواحيها … ومعنى ذلك أنه لا بد من استعادة هذه الكرامة، وهذا لا يتم إلا بالقضاء عليكم!
روى «أحمد» لعميل رقم «صفر» ما تم في الغابة هذا الصباح؛ وأصيب الرجل بالرعب قائلًا: إنكم تطلقون خلفكم قوى الشر كلها!
أحمد: المهم الآن، نريد الإعلان عن وجود «جيني» حسب الخطة الموضوعة!
العميل: إنكم لستم في حاجة إلى أي إعلان … فقد عرفت عصابات نيويورك كلها بوجود «جيني»؛ وسوف أنصحكم بشيءٍ هام … ليذهب أحدكم بالسيارة إلى نيويورك الآن … ثم اتركوها بجوار فندق «شيراتون روكفلر» … إنها تصبح بذلك الدليل الوحيد على مكانكم. وهذه منطقةٌ مزدحمة جدًّا … وستختفي آثاركم بعد ذلك عن أعين العصابات فترة … وفي هذه الفترة يمكن الإعلان عن «جيني»!
أحمد: أوافق على هذه الخطة!
العميل: وأين أنتم الآن؟
أحمد: في موتيل «جورج» … على طرف بحيرة «جورج» شمال مدينة نيويورك!
العميل: أعرف هذه المنطقة جيدًا … فقد قضيتُ بها بعض إجازاتي!
أحمد: سوف أبعث ﻟ «عثمان» بالسيارة ولكننا نحتاج إلى سيارةٍ أخرى!
العميل: ستكون هناك سيارةٌ جاهزة … لونها أسود من طراز «كاديلاك فليت وود» فحدد لي موعد وصول من سيأتي بالسيارة!
أحمد: بعد ساعة بالضبط من الآن … إنها الثانية بعد الظهر … فلنقل الثالثة بجوار «شيراتون روكلفر سنتر» …
العميل: اتفقنا!
أحمد: هل جهزت الأسلحة؟
العميل: طبعًا ستكون بالسيارة!
أحمد: سأعاود الاتصال بك في المساء لنعيد تقدير الموقف!
العميل: في انتظار حديثك.
أغلق «أحمد» السماعة … ثم أسرع يطلب من «عثمان» أن يأخذ السيارة ويذهب إلى الموعد المتفق عليه.