رقم «صفر» يثير مشكلة
كان الشياطين يجلسون في حالة صمتٍ تام؛ فقد كانت شخصية «بوريجا» الغريبة، تجعلهم في حالة تفكيرٍ دائم. فجأةً قالت «إلهام»: برغم أن «بوريجا» شخصيةٌ غريبة، إلا أنه شخصيةٌ مثيرة أيضًا!
أضاف «عثمان»: إن عملية اختفائه الدائم تجعل مطاردته مسألةً صعبة، لكنها شائعة في نفس الوقت.
علَّقتْ «ريما»: إذا كانت المسألة هي القبض على «بوريجا»، فلماذا لا يتم القبض عليه بطريقةٍ رسمية؟ إن الشرطة الدولية، يمكن أن تقبض عليه.
أجاب «أحمد»: الشرطة لا تستطيع القبض عليه بدون دليلٍ يمكن إثباته؛ فأعوانه هم الذين يُنفِّذون أوامره ويظل هو بعيدًا، وبذلك لا يُوجد دليل ضده؛ فهو لا يتاجر في المخدرات بنفسه، بجوار أن المعلومات التي لدينا معلوماتٌ خاصة لم يتوصل إليها أحد قبلنا!
فجأةً جاء صوت رقم «صفر» يقول: «لقد غادر «بوريجا» جزيرة «بهاما» منذ نصف ساعة، في طريقه إلى «بورتريكو».»
نظر الشياطين إلى بعضهم البعض، وقال «بو عمير»: يبدو أنه يُغيِّر خطَطَه بسرعة حتى لا يستطيع أحد أن يتعرف عليه.
فقال «عثمان»: إنه يُغيِّر خط سيره كما يغير شكله!
أخذَت خطوات رقم «صفر» تقترب، فانتظر الشياطين، بعد لحظة جاء صوته يقول: «ها أنتم قد عرفتم أنه قد غيَّر طريقه من «بهاما» إلى «بورتريكو». وأظن أنه سوف يُغيِّر مكانه كثيرًا.»
انتظَر لحظةً ثم قال: «إن هذه مغامرةٌ شاقة، وهي تحتاج منكم إلى سرعة الحركة، بجوار الملاحظة الدائمة … فهو يمكن أن يتخفَّى داخل أية شخصية.»
مرَّت دقيقة، دون كلمة من رقم «صفر»، وأخيرًا قال: «الآن يمكن أن تبدءوا مغامرتكم، وسوف يكون الاتصال بيننا مستمرًّا.»
ثم أخذَت خطواته تبتعد بسرعة. انتظر الشياطين بعض الوقت، ثم قال «أحمد»: علينا أن نتحرك بسرعة، إن «بوريجا» لا يعرف أحدٌ مكانه لكثرة تغيُّر قراراته؛ ولذلك فعلينا أن نكون بنفس المقدرة على الحركة والتغيير!
أخذ الشياطين طريقهم إلى حجراتهم حتى يستعدوا. في نفس الوقت، تكون مجموعة المغامرة قد تحدَّدت … عندما دخل «أحمد» حجرته وجد رسالة على السرير … وقف يبتسم.
قال لنفسه: إن رقم «صفر» يكشف لي لغز قصاصة الجريدة، ولو أني قد عرفتُ من خلال حديثه في الاجتماع» … أسرع بفض الرسالة التي كانت تقول: «لقد أردتُ أن أستثير خيالك فقط!»
ابتسم مرةً أخرى، وأسرع يُجهِّز الحقيبة السحرية. فجأةً رن جرس التليفون، فضغط زرًّا فيه وجاء صوت «ريما»: هل انتهيت؟
ردَّ: «أحمد»: نعم، وأنا في الطريق إلى السيارة!
صمتَت «ريما»، ثم قالت: من هي مجموعة المغامرة؟
لفت نظره أن رقم «صفر» لم يُحدِّد مجموعة المغامرة فعلًا، قال في نفسه: هل يقصد الزعيم أن يخرج الشياطين جميعًا في هذه المغامرة؟
قطع تفكيره صوت «ريما» يقول: هل عرفت المجموعة؟
قال «أحمد»: ليس بعد!
تساءلَت: كيف سنخرج للمغامرة ونحن لم نعرف؟
فجأةً رن جرسٌ آخر في التليفون، فضغط زرًّا مختلفًا، وجاء صوت «عثمان»: إن رقم «صفر» لم يحدد مجموعة المغامرة!
ردَّ «أحمد»: نعم.
تساءل «عثمان»: ما هو المقصود؟
لم يَدرِ «أحمد» ماذا يقول، لكنه ردَّ بعد لحظة: سوف أتحدث إلى الزعيم حالًا!
في نفس الوقت كانت «ريما» قد سمعت ردَّ «أحمد»، فقالت: ينبغي أن يحدث ذلك بسرعة، حتى لا نتأخر!
ضغط «أحمد» الزرَّين، فانقطع الاتصال بينه وبين «عثمان» و«ريما». فكَّر لحظة، ثم ضغط زرًّا في جهاز التليفون، فجاء صوت رقم «صفر» يقول: «أعرف أنكم في انتظار تحديد المجموعة، لكني هذه المرة سوف أترك لكم حرية التصرف.»
ثم انقطَعَت المكالمة. وقف «أحمد» حائرًا، يختار من يكون بين المجموعة. إن الشياطين سوف يغضبون …
قال في نفسه: إنه اختبارٌ جديد يضعنا فيه رقم «صفر»!
انتظر لحظة، ثم همس لنفسه: إن رقم «صفر» يقصد شيئًا بالتأكيد، فلماذا قصاصة الجريدة مرةً ثم هذه المرة لا يُحدِّد مجموعة المغامرة؟
فجأةً دق جرس التليفون … ضغط الزر واستمع: من زملاء المغامرة؟
كان الذي يتحدث هو «قيس» … فقال له أحمد: نحن في حاجة إلى اجتماعٍ سريع في غرفة الشطرنج.
سأل «قيس»: هل هناك سبب؟
ردَّ «أحمد»: نعم، سببٌ خطير!
ثم تحدَّث إلى بقية الشياطين، وأخذ طريقه إلى غرفة الشطرنج، كانت الغرفة تقع في نهاية دائرة تضم غرف الشياطين جميعًا، وكانت غرفة «أحمد» تقع في أبعد نقطة من الدائرة؛ ولذلك فعندما وصل إلى هناك كانوا جميعًا في انتظاره، كان التفكير يظهر على وجهه فابتسمَت «إلهام» قائلة: لغز جديد!
ابتسم «أحمد» وهو يأخذ مكانه بينهم، وقال: نعم، لغزٌ جديد، لكننا لن نبحث عن حله الآن!
سأل «باسم»: ما الحكاية إذن؟
مرَّت لحظة قبل أن يقول «أحمد»: لقد ترك لنا الزعيم حرية اختيار المجموعة!
اندهش الشياطين؛ فهذه أول مرة يفعلها الزعيم. نظروا إلى بعضهم البعض، وقالت «زبيدة»: ما المقصود بذلك؟
ردَّ «أحمد»: لا يهم المقصود الآن، المهم أن نبدأ المغامرة، ثم نفكِّر فيما بعدُ في المقصود! انتظر لحظة وقال: أولًا يجب أن ننصرف بسرعة؛ لأن عامل الوقت ضروري؛ فقد نتأخر، وتكون شحنة المخدرات قد غزت البلاد. يجب أن نُحدِّد وبسرعة، من هم أعضاء المغامرة!
لم يرُدَّ أحد مباشرة، لكن «إلهام» كانت أوَّل من تحدث: نختار المجموعة حسب الحروف الأبجدية. مثلا «أحمد»؛ لأن أسمه يبدأ بحرف الألف … و«إلهام» وهكذا …
ابتسم «أحمد» وقال «عثمان»: نختار أصحاب النسب الكبيرة في تمرين الرماية اليوم!
واقترح «قيس»: نجعلها تجربة، ويشترك الشياطين جميعًا في المغامرة!
اهتم الشياطين لرأي «قيس» فأكمل: إن عندي أسبابًا لذلك، إن «بوريجا» يتحرك في أكثر من مكان … بجوار أنه يغيِّر شكله دائمًا، وهذا يحتاج إلى تغطيةٍ واسعة … فلماذا لا نجعلها تجربة؟
تساءلَت «زبيدة»: وكيف سنتحرك؟
ردَّ «قيس»: نجعل لنا مركزًا، كمقر قيادة ومتابعة، في منطقةٍ متوسطة قريبة من معظم المناطق التي يمكن أن يتحرك فيها «بوريجا».
ثم وقف وقال: إنني سوف أشرح لكم وجهة نظري بطريقةٍ أوضح!
اقترب من أحد جدران الغرفة، ثم ضغط زرًّا، فظهرت خريطة للعالم. قال: إنني أستطيع أن أشرح لكم فكرتي.
وضع إصبعه على مدينة «نيويورك» في أمريكا، ثم قال: هنا، يمكن أن يكون مقر المتابعة، وأنتم تعرفون أن رحلتنا تبدأ بأول نقطة في «روما»، ثم نيويورك، حيث نقطع المسافة بين أوروبا وأمريكا في نيويورك. تأتي النقطة الثالثة وهي «هافانا» في كوبا، ثم جزيرة «هسبانيولا»، وأخيرًا «بورتريكو». لو أننا حددنا أقرب مكان يمكن أن يتحرَّك فيه «بوريجا». فإنه لن يخرج من هذه الدائرة.
توقف لحظة، ثم قال: إن مجموعةً واحدة لن تستطيع أن تُغطِّي هذه الدائرة كلها، وإذا نحن خرجنا بأكثر من مجموعة فإن تغطية الدائرة سوف تكون أسهل وأسرع؛ فبهذه الطريقة لن يخرج «بوريجا» وسيقع في أيدي مجموعة منَّا.
ثم ابتسم قائلًا: أرجو أن أكون قد وضَّحتُ وجهة نظري.
لم يقل أحد من الشياطين رأيه. لكن «أحمد» قال: نأخذ الآراء!
بدأ «أحمد» يعُد الأصوات الموافقة والمعارضة، وكانت الأصوات متساوية، ابتسم قائلًا: ينبغي أن نعرض الرأي على الزعيم.
وما إن انتهى من كلماته حتى جاء صوت الزعيم.