ظهور رجل غامض
فجأة، شعر «أحمد» بدفء جهاز الاستقبال في جيبه، فعرف أنها رسالة. قال في نفسه: هل هي من رقم «صفر»، أو إنها من أحد العملاء؟
كان لا يزال يهبط سلم الطائرة، وكان الشياطين قد هبطوا جميعًا. نظرت له «إلهام» فرأت علامات التفكير على وجهه … اقتربَت منه وهمسَت: هل هناك شيء؟ همس يرُدُّ: يبدو أن هناك رسالة!
سألَت: من أين؟
أجاب: لا أدري بعدُ.
اتجهوا خارجين من أرض المطار إلى حيث صالة الخروج، وعندما دخلوها لفت نظر «أحمد» علامةٌ تردَّدتْ في الهواء ثم اختفت. نظر في اتجاهها. ظَهرتِ العلامة مرةً أخرى، كانت تبدو وكأنها فراشةٌ تطير في الهواء ثم تختفي. غير أنه لم يفهم. مرةً ثالثة ظهرت العلامة فعرف. كانت ترسم رقم «١٣»، فعرف أنها رسالة من أحد العملاء. نظر إلى الشياطين ثم همس: هيا بنا مباشرة إلى باب الخروج!
اتجه الشياطين خارجين، وعند الباب تقدَّم رجلٌ يحمل مجموعة من الجرائد وينادي معلنًا عن بضاعته، ولما اقترب من «أحمد» همس: الحوت، سوف يصل بعد قليل!
ظَهرتِ الدهشة على وجه «أحمد» أسرع يضع يده في جيبه، ويُعيد شريط التسجيل، ثم بدأ يقرأ الرسالة الشفرية التي سجَّلها جهاز الاستقبال. كانت الرسالة تقول: «إن «بوريجا» سوف يرحل إلى «روما» بعد ساعة» … فكَّر في الكلمات التي قالها بائع الجرائد، وعرف أن المقصود بالحوت هو «بوريجا». نظر إلى الشياطين الذين كانوا يراقبونه، ونقل إليهم آخر الأخبار، كان «أحمد» يتحدَّث بلغة الشياطين.
فقال «عثمان»: من يدري، قد يكون أحدٌ آخر غير «بوريجا» هو الذي سوف يسافر!
نظر له «أحمد» لحظة، كان يفكِّر بسرعة، فأضاف «رشيد»: نحن نعرف أن «بوريجا» يمكن أن يتخفَّى في أي شخصية، وقد يرسل مكانه من يسافر، وقد يتقمَّص شخصيته!
فكر «أحمد»: إن الشياطين يحتاجون إلى اجتماعٍ سريع الآن لمناقشة هذه الاحتمالات الجديدة.
… انتظر لحظة ثم قال: إذن، لقد وصل «بوريجا» إلى نيويورك، وسوف يرحل منها حالًا.
توقف لحظة، ثم قال: يبدو أن «عثمان» على حق في تفكيره، فهل يمكن أن يصل «بوريجا» إلى نيويورك، ثم يرحل مباشرة؟
قال «قيس»: إنه يمكن أن يتصرَّف أي تصرُّف!
وقال «بو عمير»: إنني مع «أحمد» و«عثمان».
فجأةً صاح بائع الجرائد: جريمة اليوم، الحوت الذي ابتلع السفينة!
ثم أخذ يُكرِّر كلماته، في نفس اللحظة كانت أعين الشياطين تمسح الصالة الواسعة، وهمس «أحمد»: ينبغي أن نتفرق، وأن يقف اثنان عند باب الدخول!
بسرعة تفرَّق الشياطين. فجأةً ظهرت الدهشة على وجه «أحمد»؛ فقد كان رجلٌ غريب يعبر باب صالة المطار، كان وحيدًا، يلبس ملابس رعاة البقر، ويضع على عينَيه نظارة شمسٍ سوداء وفي يده عصًا. قال في نفسه: هل يمكن أن يكون هذا الرجل هو «بوريجا»؟
كانت أعين الشياطين جميعًا قد اتجهت نحو الرجل. فكَّر «أحمد»: هل يمشي «بوريجا» بلا حرس؟ … أو إن حُرَّاسه يندسُّون وسط الناس، فلا يعرفهم أحد، حتى لا يلفتوا الأنظار؟
ظل «أحمد» يتبعه وهو يأخذ طريقه إلى باب الدخول إلى المطار. كان يفكِّر بسرعة: إلى أين يتجه الرجل الآن؟ وهل سيركب طائرةً عادية؟ أو إن له طائرةً خاصة؟ وإذا ركب طائرةً خاصة فهل يتبعه الشياطين جميعًا أو تقوم إحدى المجموعات بمتابعته؟ تجاوز الرجل الباب، ثم اختفى … أسرع «عثمان» إلى «أحمد» وقال: يبدو أنه «بوريجا» فعلًا، أقترح أن تتبعه المجموعة «أ».
انتظر «أحمد» لحظة ثم أرسل رسالةً سريعة إلى الكابتن «صقر»، يطلب منه مراقبة رجل الكاوبوي. في نفس اللحظة نظر في اتجاه الشياطين يدعوهم إلى اجتماعٍ سريع، في أحد أركان الصالة الواسعة، التي كانت مزدحمة تمامًا.
اجتمع الشياطين بسرعة، فقالت «إلهام»: أخشى أن نفقد أثَره.
وقالت «ريما»: إن علينا أن نتبعه!
فجأة، سجَّل جهاز الاستقبال رسالة، عرف أنها من الكابتن «صقر».
ظل يتابع الرسالة، وعرف معناها، قال للشياطين: إن الكاوبوي ركب طائرةً صغيرة، ويبدو أنه سوف ينتقَّل إلى داخل أمريكا وليس خارجها!
قال «رشيد» بسرعة: إذن تتبعه مجموعةٌ بطائرة الشياطين، وتكون على اتصال بنا.
في النهاية اتفقوا على ذلك. وقال «أحمد»: على المجموعة «ب» أن تقوم بالمهمة.
وبسرعةٍ تحرَّك «مصباح» و«هدى» و«فهد» و«خالد» و«قيس» في طريقهم إلى أرض المطار حيث تنتظر طائرة الشياطين.
أما المجموعة الأولى التي يرأسها «أحمد»، والمجموعة «ج» التي تقوم بالتنسيق، فقد اتجهوا مباشرة خارج المطار. كانت هناك سيارتان في الانتظار. ركبت المجموعة الأولى سيارة، أما الأخرى وهي تضم «باسم» و«ريما» و«زبيدة» فقد استقلَّت السيارة الأخرى. ما إن أغلق «أحمد» باب السيارة، حتى جاء صوتُ عميل رقم «صفر» يرحِّب بالشياطين، ويقول: إن الفندق اسمه «ريجنس» وسوف تنزل فيه مجموعة، أما المجموعة الأخرى فسوف تنزل في شقة في شارع ۹۰۸، وسوف يتم الاتصال بها.
تحدَّث «أحمد» إليه وأخبره أن الحوت قد انتقل إلى مدينةٍ أخرى، ليست معروفة الآن، وأنه لم يغادر أمريكا، فجأةً انقطع الاتصال بين «أحمد» والعميل. ظَهرتِ الدهشة على وجه «أحمد» حتى إن «إلهام» قالت: ماذا حدث؟
أخبرهم «أحمد»، فقال «عثمان»: هل يكون رجال «بوريجا» يراقبون اتصالنا؟
ردَّ «أحمد»: لا أظن!
قال «بو عمير»: هل يكون شيء قد وقع للعميل؟
همس «أحمد»: لا أدري.
صمت لحظة ثم قال: سوف أعاود الاتصال به!
بدأ اتصاله، لكن خط الاتصال لم يكن يُسجِّل شيئًا. همس: لا بد أن العميل قد وقع له حادث!
لكن فجأةً رن جرس التليفون في سيارة الشياطين … ضغط «أحمد» زرًّا في التليفون، دون أن يرفع السماعة، فجاء صوت العميل يقول: معذرة، فقد انقطعَت المكالمة، هناك أخبارٌ جديدة، سوف تصل إليكم في محطة الوصول!
فَهِم الشياطين الذين كانوا يتابعون المكالمة أن نقطة الوصول هي فندق «ريجنس»، فقال «أحمد»: إلى اللقاء … إذن.
كان «رشيد» هو الذي يقود السيارة التي كانت تقترب من مدينة نيويورك. قالت «إلهام»: لا بد أنها أخبارٌ هامة، ما دام العميل لم يذكرها في التليفون.
ردَّ «بو عمير»: هذا صحيح، وأتوقع أن تكون خاصة بهذا الرجل الغامض «بوريجا»، وربما يكون «الكاوبوي» ليس هو «بوريجا» الحقيقي وإنما هي خدعة فقط.
وصلَت السيارة إلى فندق «ريجنس» فغادرها الشياطين مباشرة، وعندما كانوا يقتربون من باب الدخول ظهَرتْ فتاةٌ رقيقة جميلة، واقتربَت من «إلهام»، ثم فجأة مدت يدها بالتحية وهي تهمس: إنني أحمل الأخبار الهامة، دعينا نتحدَّث قليلًا حتى لا نلفت نظر أحد.
نظرت «إلهام» إلى الشياطين، ففهم «أحمد» ماذا تريد، فاتجه هو وبقية المجموعة إلى الفندق، في حين وقفَت «إلهام» مع الفتاة تتحدثان. غير أن «أحمد» لم يدخل الفندق مباشرة؛ فقد ظل يقف خارجه، في حين دخل الشياطين، كان يخشى أن تكون الفتاة خدعةً جديدة، إلا أنه لم يقف طويلًا؛ فقد رأى الفتاة وهي تُقدِّم ﻟ «إلهام» مظروفًا، وضَعَته «إلهام» في حقيبتها مباشرةً ثم تبادلتا بعض الكلمات، وكان «أحمد» قد دخل الفندق في انتظار وصول «إلهام». وكان يفكِّر: تُرى! ما هي هذه الأخبار الهامة؟