نهاية الكون
في البدء، لم يكن هناك أي شيء؛ بمعنى أنه لم تكن هناك أي مادة ملموسة، لكن كانت هناك إمكانية تكوُّن أي شيء، وكل شيء. تعبير «لا شيء» فيه تقليل كبير من شأن هذه الإمكانية الوافرة.
هو ليس مكانًا؛ لأنه لا يوجد أعلى أو أسفل، ولا داخل أو خارج. هو ليس زمانًا؛ لأنه لا يوجد بدايات أو نهايات. يعبر الفراغ جيدًا عن فكرة غياب الأشياء على نحو كافٍ، لكن الكلمة لا تعبر عن ثراء حالات الطاقة في موقف يعني فيه عدم اليقين الكمي أن القوانين يمكن خرقها، وحتى الخرق البسيط العابر قد تكون له نتائج مهولة.
في هذه الرغوة الكمومية المهتاجة، تتكون فقاعات الزمكان وتختفي. معظمها سريع الزوال، لكن القليل منها يستمد طاقة كافية من الفضاء ليتضخم ويستمر فترات طويلة. هذه الفقاعات متنوعة؛ فمنها التي تستمر جزءًا من الثانية، ومنها التي تستمر دهورًا طويلة، بعضها أملس وعديم الشكل وبعضها الآخر يتسم بالفوضى كما الثقوب السوداء، البعض يخضع لسيطرة الضوء والبعض الآخر يخضع لسيطرة المادة، البعض يحتوي على زمان والبعض الآخر عديم الزمان، البعض لا يتعدى مثقال ذرة والبعض الآخر غير متناهٍ في حجمه. هذا هو ما يُطلق عليه الكون المتعدد.
في أحد الأكوان التي تشكلت داخل فقاعات، تتسم الظروف بأنها «ملائمة بالضبط»، ومن ثم نبحر عبر قصة ذات طابع «ملائم بالضبط» يحكيها راوٍ ذو عينين وامضتين بالبريق وابتسامة تنم عن معرفته العميقة بها. في هذا الكون الفريد الذي لا تتسم الظروف فيه بالتطرف، يتسبب انحراف صغير في قوانين الطبيعة في وجود مادة كافية لتشكيل ١٠ آلاف مليار مليار نجم، فضلًا عن الوقت الكافي لأن تُشكل تلك النجوم عناصر ثقيلة وتئوي داخلها أشكالًا معقدة، لكن هشة تنشأ حين تتحد تلك العناصر معًا. هل يتسم الكون الذي يحوي الوعي بالذات بأنه واعٍ؟
تعد الأشكال الهشة جزءًا من الكون، لكنها منفصلة عنه. هي تحمل قيمة ومعنى وغرضًا وهدفًا، هي تشعر بأنها عارضة وزائلة مثلها مثل الفقاعات التي تسببت في وجود كل ما يحيط بها.
إن الأمر لا يتعلق بها، ولم يتعلق بها قط. لقد تحول الكون من الحرارة عديمة الملامح التي لا يمكن تخيلها إلى التعقيد، وبعد مرور ما يكفي من الوقت، سيتحول إلى برودة عديمة الملامح لا يمكن تخيلها أيضًا. هذا زمانها، وهذا زماننا.
***
(١) نشأة الكون من العدم
(١-١) الكون المتمدد
ننتقل أخيرًا للحديث عن أكبر المسارح قاطبة. يُعرَّف الكون بأنه كل ما هو موجود، بما في ذلك المكان والزمان والمادة والطاقة والقوانين الفيزيائية التي تحكم سلوك كل هذه العناصر. وربما يعد التوصل إلى نظرية تنبئية تفصيلية عن الكون أعظم تحدٍّ فكري يواجهه بنو البشر على الإطلاق.
منذ مائة عام، ذهبت وجهة النظر التقليدية إلى أن مجرة درب التبانة كانت هي الكون، لكن لم تكن تقديرات حجمها موثوقًا بها بسبب الغبار المعتم المتناثر بين النجوم، لذا تراوحت التقديرات بين ١٠ آلاف إلى ١٠٠ ألف سنة ضوئية. وفي الخرائط النجمية، أعد ويليام هيرشل دليلًا لمئات الأجسام الضبابية المسماة بالسدم، وأصبحت هذه الأجسام مثارًا للجدل. ظن معظم علماء الفلك أنها مناطق قريبة لتشكل النجوم في مجرة درب التبانة، لكن آخرين أحيوا فكرة متطرفة نادى بها الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط ذهبت إلى أن السدم هي نظم نجمية بعيدة مثل مجرة درب التبانة، أو «جُزر كونية»، كانت نجومها الفردية باهتة للغاية أو شديدة القرب بعضها من بعض لدرجة يصعب معها رؤيتها بواسطة التليسكوب.
جاء حل هذه القضية على يد إدوين هابل، الشاب الذي يتسم بالثقة الشديدة بالنفس، تلك الثقة التي تتوقعها من أي شاب حصل على منحة روديس التعليمية، فضلًا عن أنه كان ملاكمًا ورياضيًّا وعمل أيضًا بالمحاماة قبل أن ينتقل إلى دراسة علم الفلك. في عشرينيات القرن العشرين، وفي مرصد جبل ويلسون بالقرب من لوس أنجلوس، استخدم هابل التليسكوب الذي شيد حديثًا، الذي يبلغ عرض مرآته ٢٫٥ متر، لإثبات أن النجوم المتغيرة خافتة الإضاءة في مجرة المرأة المسلسلة تنتهج على نحو مطابق تمامًا السلوك نفسه الذي تنتهجه النجوم المتغيرة المماثلة في مجرة درب التبانة. وقد أنبأه السطوع النسبي للنجوم المتغيرة في كل من مجرتي المرأة المسلسلة ودرب التبانة بأن مجرة المرأة المسلسلة تبعد مسافة قدرها مليون سنة ضوئية؛ أي تقع بعيدًا للغاية عن حافة مجرتنا. وسرعان ما رصد هابل العديد من المجرات وصل عددها إلى اثنتي عشرة مجرة، ولاحظ أن أبعدها عن مجرتنا كانت تقع على بعد ٤٠ أو ٥٠ مليون سنة ضوئية.
هذه المعلومات الجديدة تثير العديد من الأسئلة، ولم يحاول هابل الذي ركز تفكيره على الرصد الإجابة عنها. ما الذي يتمدد؟ وما سبب تمدده؟ ما الذي سيئول إليه تمدده؟ ولو أن كل شيء يبتعد عنا، ألا يضعنا ذلك مرة أخرى في مركز الكون مما يفسد فكرة كوبرنيكوس العظيمة؟
قدم ألبرت أينشتاين الأساس النظري لتفسير البيانات التي توصل إليها هابل، وذلك قبل عقد من ذلك الوقت. تعد نظرية النسبية العامة هي أشهر نظرياته عن الجاذبية، لكن الأساس المفاهيمي الذي تقوم عليه يختلف تمامًا عن مفهوم إسحاق نيوتن الخطي للزمان والمكان. في نظرية أينشتاين، يقترن الزمان بالمكان، وهناك علاقة رياضية تربط بين انحناء الزمكان وقدر الطاقة والكتلة. ينطبق ذلك على المقاييس الصغيرة كالثقوب السوداء وعلى المقاييس الأكبر كالكون. وتتسم العمليات الرياضية المبنية عليها نظرية النسبية العامة بأنها غاية في الصعوبة لكنها متميزة وممتعة لممارسيها. مع ذلك، فهي تتنبأ بظواهر قد ترهق الخيال والبديهة.
قد لا تكون إجابات الأسئلة الأخرى مُرضية بصورة كافية لأنها تتطرق إلى الجوانب الغريبة لنظرية النسبية العامة، فالمجرات ليست كالشظايا التي تتناثر عقب حدوث انفجار ما، لكنها تتحرك بعيدًا عنا بسبب تمدد الزمكان. إن الزمكان مفهوم لا يمكن وصفه إلا من خلال علم الرياضيات، ولا يعني تمدد الزمكان أنه يتمدد بالضرورة «داخل» أي شيء، ومن ثم فإن الكون مُحْتَوٍ لذاته وليس بحاجة إلى أي حاوية خارجية. وفيما يتعلق بالسبب، فإننا نتعلم الكثير من الأمور عندما نرجع بعقارب الساعة ونتتبع ظاهرة التمدد رجوعًا إلى وقت كان فيه الكون مختلفًا تمام الاختلاف عن الحاضر.
(١-٢) يوم بلا أمس
لو أن المجرات يبتعد بعضها عن بعض كل يوم، يمكن تتبع التمدد الخطي رجوعًا في الزمن إلى الوراء حتى زمن افتراضي كانت فيه كل الأشياء موجودة بعضها فوق بعض، هذا الزمن هو عمر الكون. والتجسيد الخطي لقانون هابل مع الرجوع في الزمن إلى الوراء يغالي في تقدير هذا العمر؛ لأن الجاذبية تعمل على مقاومة التمدد، ومن ثمَّ فإن معدل التمدد كان أسرع في الماضي.
وفقًا لقانون هابل، لم يكن الكون دومًا فارغًا وكبير الحجم كما نراه اليوم، ففي يوم ما كان الكون أصغر حجمًا وأكثر كثافةً — مثل أي غاز عند ضغطه — فضلًا عن أنه كان أشد حرارة. بحلول أربعينيات القرن العشرين، خمن علماء الفيزياء أن الحالة الأولية للكون كانت تتسم بكثافة ودرجة حرارة لانهائية؛ إذ كان الكون نقطة ضئيلة من الزمكان شديد الانحناء ذات كتلة وطاقة مضغوطتين. أطلق عليه جورج لوميتر، المنظر البلجيكي والكاهن القبطي، اسم «يوم بلا أمس»، وقدَّر اللاجئ الروسي جورج جاموف أنه يتعين وجود توهج باهت متخلف عن نشأة الكون وموجود في جميع أنحاء الفضاء. لم يتبقَّ سوى وضع اسم جذاب للنظرية، وقد اختاره بالفعل عالم الكونيات فريد هويل الذي فضَّل تبني نظرية منافسة؛ لقد أطلق على النظرية اسم «الانفجار العظيم» محاولًا بذلك التقليل من شأن تلك النظرية، لكن ذلك عاد بنتيجة عكسية؛ لأن التسمية التي أطلقها علقت بالأذهان.
ونحن نتتبع الانفجار العظيم حتى نشأته، نصل إلى أقصى حدود معرفة نظريات المادة. لقد اخْتُبِرَت المبادئ الفيزيائية لنظرية الانفجار العظيم جيدًا حتى عمر مايكروثانية للكون، حين أدى عدم تناظر القوى إلى تفوق المادة على المادة المضادة. قبل كل ذلك، لا يمكن لأي معالج جسيمات على الأرض أن يحاكي ما حدث عند الانفجار العظيم. كانت قوى الطبيعة الأربع مندمجة بعضها مع بعض في قوة واحدة عظمى. إن النظريات الحالية غير كافية لفهم أصل هذا الانفجار؛ لأنها لا تتمكن من توحيد قوة الجاذبية واسعة النطاق مع القوى الأخرى صغيرة النطاق التي تتحكم في السلوك الكمومي.
ثمة رمز شهير لثعبان يلتهم ذيله، يعرف باسم الأوروبوروس، وهو من أقدم الرموز في الثقافة الإنسانية. يعد الأوروبوروس تشبيهًا مثاليًّا للقوى شديدة الكِبَر والقوى شديدة الصغر التي ينبئنا بها الانفجار العظيم. ويحافظ البشر على مكانهم في نقطة وسطى بين هذه النطاقات المتباينة. ونحن هنا نسعى في جرأة لتأمل أقصى طرفي الوجود.
(١-٣) فراغ شاسع وقديم الأزل
مر قرن من التقدم المبهر منذ أن عرَّفنا هابل على الكون البالغ من العمر حوالي ١٣٫٧ مليار عام، وهو يتكون في معظمه من فضاء شاسع يحتوي على قرابة ٥٠ مليار مجرة. لقد اتسع الكون المحدود القديم — الذي امتد لمساحة مليون ميل فحسب وفقًا للنظرة الإغريقية القديمة — ليصل إلى حجم يستحيل تخيله.
يبدأ استيعاب حجم الكون بمشكلة مفاهيمية كانت معروفة جيدًا في عهد الإغريق وهي: لو افترضنا أن للكون حافة وحجمًا متناهيًا، فماذا يوجد وراء هذه الحافة؟ ولو افترضنا أنه ليس هناك حافة للكون، فكيف يتأتى لنا تخيل شيء غير متناهي الحجم؟ هناك أيضًا المشكلة العملية المتمثلة في قياس الفضاء الذي لا يمكن رؤيته، فنحن نرى أجرامًا موجودةً في الفضاء، لكن الأجرام البعيدة خافتة للغاية، وقد تقع خارج نطاق قدرة تليسكوباتنا.
تزداد القياسات تعقيدًا بسبب التمدد الكوني والسرعة المتناهية للضوء. وعندما نتساءل عن حجم الكون، فنحن نقصد بذلك حجمه «الآن». لكن الضوء لا ينتقل على الفور عبر الكون؛ مما يعني أننا نرى المناطق البعيدة على ما «كانت» عليه وليس على ما هي عليه «الآن». وعليه، عندما نرصد مناطق بعيدة، فنحن ننظر إلى حقبة ماضية حين كان الكون أصغر حجمًا؛ لذا يتعين علينا استنتاج حجم الكون وعمره بواسطة نموذج للتمدد الكوني منذ حدوث الانفجار العظيم، ولحسن الحظ، معامِلات هذا النموذج محددة جيدًا.
(١-٤) شكل الفضاء
إن استيعاب وتحديد شكل الكون أيسر كثيرًا من استيعاب وقياس حجمه. تفيد نظرية النسبية العامة أن للكون انحناءً كرويًّا يحدده متوسط كثافة المادة فيه. ووفقًا لمقدار الكتلة التي يحويها، قد يكون الكون منبسطًا أو ذا انحناء موجب، كالشكل ثلاثي الأبعاد لسطح المنطاد، أو ذا انحناء سالب، كالشكل ثلاثي الأبعاد لسرج الحصان.
ذلك هو المفهوم النظري، لكن ماذا عن المشكلة العملية المتمثلة في قياس شكل شيء لا يمكنك رؤيته؟ حاول علماء الفلك قياس شكل الفضاء على مدار عقود باستخدام المجرات وحتى النجوم الزائفة، لكن باءت محاولاتهم بالفشل. جاءت الإجابة من خلال الملاحظات المتأنية لإشعاع الخلفية الميكروني، الذي يحتوي على عدد هائل من الفوتونات منخفضة الطاقة المتخلفة عن الانفجار العظيم. إننا نشهد اختلافات طفيفة في درجة الحرارة أو ما يشبه «البقع» في تلك الإشعاعات الميكرونية عبر فجوات زمنية ومكانية؛ نظرًا لأن ذلك الإشعاع انبعث من الكون عندما كان عمره ٣٨٠ ألف عام فقط.
فكِّر في الكون وكأنه تجربة بصرية هائلة. لو افترضنا أن للفضاء انحناءً سالبًا أو موجبًا، فقد تكون البقع مكبَّرة أو مصغَّرة مقارنة بما يكون عليه الحال لو أن الفضاء منبسط. في حقيقة الأمر، نحن نرى البقع بالحجم نفسه الذي كانت ستظهر به لو أن الفضاء منبسط دون أي تكبير أو تصغير، ومن ثم، ليس هناك أي انحناء للكون في أغلب الظن. تتسم القياسات الحديثة التي يلتقطها «مسبار ويلكينسون لقياس اختلاف الموجات الراديوية» بالدقة الشديدة، وقد قدَّر هذا المسبار أن نسبة الانحراف عن الانبساط تقل عن ٢٪.
مع ذلك، فحقيقة أن الكون المرئي هو جزء بسيط من حيز الزمكان الأكبر حجمًا تطرح أمامنا العديد من الاحتمالات المثيرة. بلغة نظرية النسبية العامة، يعد شكلنا الهندسي المحلي مسطحًا (هذا إن أمكننا أن نطلق اسم الشكل المحلي على كون تبلغ مساحته ٩٢ مليار سنة ضوئية)، أما الشكل الهندسي الشامل فلا يمكن قياسه بسهولة. قد يكون الشكل الهندسي الشامل استمرارًا للشكل الهندسي المحلي؛ بحيث يتمدد الفضاء المنبسط على نحو لانهائي في جميع الاتجاهات. وقد يكون ذلك الشكل أكثر إثارةً وغرابة؛ مجموعة من الأشكال الهندسية ذات الانحناءات السالبة والموجبة. في واقع الأمر، يجب أن نميز بين الهندسة اللاكمية للفضاء (الطوبولوجيا) وانحنائه؛ إذ تتضمن الهندسة اللاكمية أفكارًا رياضية أخرى مثل الترابط؛ بمعنى ما إذا كان يمكنك فعلًا الانتقال من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، أو ما إذا كان يمكنك بعد الانتقال من (أ) إلى (ب) أن تعود من (ب) إلى (أ)!
أفضل ما ينبئنا بالشكل الهندسي الشامل هو إشعاع الخلفية الميكروني الكوني، غير أن الآثار المتخلفة عن الإشعاع طفيفة للغاية، لذا نشب الخلاف ولم يتحقق إجماع بالموافقة على أي من الادعاءات التي تزعم وجود انحراف عن الفضاء المنبسط. في السنوات الخمس أو الست الماضية زعمت مجموعات مختلفة من الأشخاص رؤية دليل على الشكل الهندسي الشامل في شكل أسطوانة ونتوء مستدير وكرة قدم وبوق. تذكر أن هذه الأجسام المألوفة منحنية في بعدين، أما فيما يتعلق بالكون فينبغي أن تتخيل هذا الانحناء في ثلاثة أبعاد. نعم هذا أمر صعب، وعلى الممارسين التخلي عن الخيال والانغماس في بعض المفاهيم الرياضية المعقدة لفهم انحناء الفضاء.
(١-٥) مستقبل بنية الكون
من الصعب أن نتخيل أن الكون سينتهي يومًا ما؛ لأنه يبدو أبديًّا ولا يتغير. إن تمدد الكون أمر غير مدرك بالمقاييس الزمنية البشرية. وقد جمَّع علماء الفلك قصة تكوُّن بنية الكون واستطاعوا التوصل إلى تنبؤات بشأن المستقبل. ومن أكثر سمات الكون المثيرة للاهتمام تكتله، فدون تلك الصفة، ما كانت النجوم أو المجرات لتوجد؛ من ثمَّ لما وُجِدَت الكواكب أو البشر أنفسهم!
ثمة أربعة مكونات رئيسية تتحكم في تاريخ الكون المتمدد ومستقبله؛ ألا وهي الفوتونات والمادة العادية والمادة المظلمة والطاقة المظلمة. هناك مليارا فوتون مقابل كل جسيم، وفي المرحلة الأولى التي كان فيها الكون كرة نارية كان الكون يتألف من حساء متجانس تمامًا من الفوتونات عالية الطاقة والجسيمات التي تتحرك بسرعة مقاربة لسرعة الضوء. بعد الانفجار العظيم بحوالي ٥٥ ألف عام، كانت كثافة المادة وكثافة الإشعاع متساويتين، لكن مع تمدد الكون، انخفضت كثافة المادة نظرًا لزيادة الحجم، بيد أن كثافة الطاقة انخفضت بدرجة أسرع بسبب تمدد جميع الفوتونات أو انزياحها إلى اللون الأحمر متجهة إلى مستويات الطاقات الأقل بفعل التمدد. لم يكن الإشعاع مؤثرًا منذ مولد الكون.
مع انحسار قوة الإشعاع، صارت الهيمنة للجاذبية، وبدأت في تكوين بنية الكون، وبعد مرور ما يقرب من ٣٨٠ ألف عام على الانفجار العظيم، كانت درجة الحرارة ٢٧٣٠ درجة مئوية (٤٩٥٠ درجة فهرنهايت)، وقد ساعدت تلك الحرارة المنخفضة بما يكفي على تشكل الذرات المستقرة، لكن لم يكن هناك أضواء في الكون إلا بعد مرور ١٠٠ مليون عام بعد أن تكونت النجوم الأولى. ونظرًا لأنه لم يوجد أي أثر للكربون في تلك الآونة، يمكننا الجزم بأنه لم يوجد أي شخص يمكنه مشاهدة هذا العرض الضوئي الجميل.
أما تشكل المجرات فخضع لسيطرة ما يسمى بالمادة المظلمة؛ التي تفوق المادة العادية حجمًا بنسبة ٦ إلى ١. على مدار العقود الثلاثة الماضية، جمَّع علماء الفلك العديد من الأدلة غير المباشرة التي تبرهن على وجود مادة لا ينبعث منها إشعاع من أي نوع، لا يمكن أن تكون تلك المادة ثقوبًا سوداء أو نجومًا ميتة أو كواكب تسبح في الفضاء بحرية أو صخورًا أو جسيمات غبار متناثرة في الفضاء؛ الأمر الذي لا يترك سوى جسيمات أصغر من حجم الذرة تتفاعل بصورة ضعيفة مع المادة العادية. وتقدم النظريات الفيزيائية معلومات إرشادية عما يمكن أن تكون عليه هوية جسيمات المادة المظلمة، وهناك تجارب عديدة قيد التنفيذ الآن من أجل استكشاف هذا المكون الأساسي للكون بصورة مباشرة.
شكلت الجاذبية تركيزات صغيرة من المادة المظلمة أولًا، وبعد ذلك تكونت بنى أكبر حجمًا نتيجة لاندماج البنى الأصغر لتشكل هيكلًا هرميًّا يمتد من الأسفل إلى الأعلى. وسقطت المادة العادية في قلب «ينابيع» المادة المظلمة هذه. تكوَّنت المجرات الأولى بعد وقوع الانفجار العظيم بحوالي ٣٠٠ مليون عام؛ إذ تكونت المجرات الصغيرة في بادئ الأمر ثم اندمج بعضها مع بعض لتشكل مجرات أكبر حجمًا، وفي النهاية تكونت عناقيد مجرية عملاقة يقترب بعضها من بعض الآن لأول مرة بفعل الجاذبية. إننا نرى آثارًا من عمليات الاندماج هذه في مجرتنا الكبيرة نسبيًّا التي التهمت العديد من المجرات الصغيرة القزمة حتى تصل إلى حجمها الحالي، وتظهر هذه الآثار في شكل خيوط نجمية في الهالة.
على نحو منافٍ للمنطق، تشكلت النجوم داخل أكبر المجرات حجمًا أولًا، وذلك بعد حدوث الانفجار العظيم بحوالي ٣ إلى ٤ مليارات عام، ثم تشكلت النجوم في أصغر المجرات حجمًا بعد مرور من ٧ إلى ٨ مليارات عام. وقد انتهى عصر تشكل المجرات والنجوم الآن تقريبًا. وفي الثلاثة أرباع الأولى من تاريخ نشأة الكون، كان سطوع تلك الأجسام يفوق سطوعها الحالي بعشرة أضعاف. وقد ساعد تمدد الكون في إخماد تكون بنى جديدة، فضلًا عن أن الغاز الذي ربما كان متوافرًا لتكوين نجوم جديدة تشتت في الفضاء الموجود بين المجرات.
(٢) نهاية كل شيء
(٢-١) الطاقة المظلمة
إلا أن فريقًا آخر بقيادة بريان شميت وآدم رايس في جامعة هارفارد توصل إلى النتائج نفسها. وفي عام ١٩٩٨، نشرت المجموعتان البيانات التي توصلتا إليها، وهو ما تسبب في تغير مشهد علم الكونيات نهائيًّا. كانت المجموعتان تتبعان نهج هابل القائم على استخدام أجرام ذات درجة سطوع معروفة لتتبع تاريخ تمدد الكون. على الرغم من ذلك، فإن النجوم المتغيرة التي استخدمها هابل يمكن رؤيتها فقط من مسافة ٣ مليارات سنة ضوئية، ومن ثم كانت هناك حاجة إلى وسيلة جديدة يمكن بها حساب تمدد الكون فيما وراء ذلك؛ لذا، فضَّل الفريقان نوع انفجارات المستعرات العظمى الذي يحدث في نظام نجمي ثنائي؛ نظرًا لأن كل انفجار له درجة ثابتة من السطوع، فضلًا عن أن سطوع المستعر الأعظم يفوق سطوع المجرة التي تحتويه، ومن ثمَّ يمكن رؤية تلك الأنواع من الانفجارات من مسافات كبيرة للغاية.
ما الذي رأوه؟ تنبأ النموذج القياسي للتمدد متباطئ السرعة بدرجة العتامة التي ينبغي أن تكون عليها انفجارات المستعرات العظمى من مسافة تبلغ ٥ إلى ٦ مليارات سنة ضوئية، وقد لاحظ كلا الفريقين أن انفجارات المستعرات العظمى كانت أعتم مما ينبغي أن تكون عليه بنسبة ٣٠٪ في المتوسط. سبب ذلك هو إما أن النجوم المتفجرة كانت غريبة ومعتمة في حد ذاتها لسبب ما، أو أنها موجودة على مسافة أبعد من مكانها الطبيعي بنسبة ١٥٪، وتفسير ذلك هو أن الفضاء تمدد بذلك المقدار الإضافي نسبةً إلى الكون الخاضع لسيطرة المادة، وهذا «الشيء» الإضافي كان يتسبب في زيادة سرعة تمدد الكون.
لأكثر من عشر سنوات تالية، ظللنا على جهلنا بماهية ذلك الشيء، وعلى غرار «المادة المظلمة» فإن مصطلح «الطاقة المظلمة» ما هو إلا تعبير عن جهلنا، وليس وصفًا ماديًّا. كل ما نعرفه حقًّا هو أن ثمة قوة تعمل عمل الجاذبية المضادة أو الغازات ذات الضغط السالب، وأنها بدأت في السيطرة على سلوك الكون منذ حوالي ٥ مليارات عام. نخلص مما سبق إلى أن للكون قوة تعمل على إبطاء تمدده وأخرى تزيد من سرعة هذا التمدد. تتمثل القوة الأولى التي تعمل على إبطاء تمدد الكون في المادة المظلمة، وهي صارت ذات تأثير أضعف مع تمدد الكون وانخفاض كثافته. أما القوة التي تعمل على تسارع التمدد فتتمثل في الطاقة المظلمة، التي كانت موجودة دومًا ويهيمن تأثيرها بوضوح الآن. لذا يمكن أن نقول إننا نعيش في كون سريع التقلب.
كان سول بيرلموتر سينزعج حقًّا لو أنه عرف مقدار القلق الذي قد تثيره الطاقة المظلمة في مجتمع الفيزياء. في بداية عشرينيات القرن العشرين، وقبل الاكتشافات العظيمة التي توصل إليها هابل، كان علماء الفلك يخبرون أينشتاين أن الكون ساكن، لكن نظريته أظهرت أن الكون ديناميكي. وقد «جمَّل» أينشتاين معادلاته بإضافة ثابت كوني كي يواجه ميلهم للتنبؤ بانهيار الكون على ذاته.
بصرف النظر عن الحيرة النظرية التي تراودنا، تظل الملاحظة هي العامل الحاسم، فمن الملاحظ أن الكون يتمدد بمعدل متزايد، ولو استمر هذا الأمر، فإن هذا ينذر حتمًا بنهاية تهيمن عليها الوحدة الشديدة، لكن خصائص الطاقة المظلمة غير محددة تمامًا من واقع الملاحظة أو النظريات، لذا يجب أن نضع في اعتبارنا نسبة قليلة من المادة العادية غير السوداء عند التنبؤ بالنتائج طويلة الأمد.
(٢-٢) الآفاق غير المرئية
مع أن الكون دائم التمدد، فليس كل ما فيه يتمدد؛ فجسدك وسيارتك ومنزلك كلها أشياء لا تتمدد؛ لأنها متماسكة بعضها مع بعض بفعل القوى الذرية. أيضًا نفس الحال مع المجموعة الشمسية التي لا تتمدد؛ لأن جميع مكوناتها متماسكة بعضها مع بعض بفعل الشمس، هذا بالإضافة إلى المجرات، بما فيها مجرة درب التبانة، التي لا تتمدد بفعل مدارات النجوم التي يحيط بها ينبوع المادة المظلمة الشامل.
ستعمل الطاقة المظلمة على سحب الكثير من المجرات بعيدًا بعضها عن بعض، لكنها لن تُخل بالتكامل البنيوي لمجموعات أو عناقيد المجرات، على المدى القصير على الأقل. قد يبث الكون ذو التمدد المتباطئ شعورًا بالراحة؛ لأنه يطرح احتمال رؤية المزيد من أبعاده، فأقصى حدود رؤيتنا في دراسة الكون هو الأفق، مثل حدود رؤيتنا لأي مكان على كوكب الأرض. ويتمدد الأفق في الكون ذي التمدد المتباطئ بمرور الوقت؛ لأن الضوء يمكن أن يصل إلينا من مناطق أكثر بعدًا فضلًا عن المناطق التي كانت تبتعد بعضها عن بعض بسرعة أكبر من سرعة الضوء في السابق، ومن ثم يتيح التمدد المتباطئ للضوء «اللحاق بنا». ونخلص من ذلك إلى أن الكون القابل للرصد يصبح أكبر حجمًا كل يوم عن ذي قبل.
الكون ذو التمدد المتسارع يسبب ابتعاد المناطق النائية بعيدًا عنا بصورة أسرع وأسرع، وأي شيء لا تتحكم فيه الجاذبية سينجرف بعيدًا بحيث يتعذر علينا رؤيته. يمكن تشبيه الموقف في الكون ذي التمدد المتباطئ بالصياد الذي لديه العديد من صنارات الصيد والأسماك العالقة في أطراف الصنارات، هذا الصياد يترك السمك يلهو ويلعب؛ لأنه يعرف أنه سيصيبه الإعياء في وقت ما وستقل سرعته، ومن ثمَّ سيسحبه ويستمتع بوجبة شهية. أما في حالة الكون ذي التمدد المتسارع فينتاب الصياد الهلع وهو يرى جميع الأسماك تهرب من أمامه بصورة أسرع وأسرع، بحيث لا تتسنى له الفرصة لاصطيادها، وهكذا يظل الصياد جائعًا.
لا تستطيع الجاذبية تكوين بنى جديدة في مواجهة تسارع تمدد الكون، فضلًا عن أن البنى الموجودة بالفعل ستكون أكثر انعزالًا، وتصبح مجموعات وعناقيد المجرات رقعًا متناهية الصغر في الزمكان متزايد الحجم بسرعة، بحيث تشكل كل مجموعة منها «جزيرة كونية» مصغرة لا تتصل بغيرها من مجموعات أو عناقيد المجرات بأي شكل من الأشكال. وتكون الكتلة في هذه البنى المنعزلة أصغر من الطاقة المظلمة الموجودة داخل الأفق بتريليونات المرات. ستصبح المادة منعزلة وعديمة الأهمية.
(٢-٣) الانفصام العظيم
عادةً ما كانت السيناريوهات المحتملة لنهاية الكون سهلة الوصف والفهم نسبيًّا. كان هناك احتمالان لنهاية الكون؛ التحول إلى كرة ثلجية أو كرة نارية. وعندما ألف الشاعر روبرت فروست قصيدته عن مصير الكون، وضع احتمالين لذلك المصير: الاحتمال الأول هو عدم احتواء الكون على مادة كافية للتغلب على التمدد الكوني مما سيجعل الكون أكبر حجمًا وأبرد وأكثر تعقيدًا. أما الاحتمال الثاني فهو أن التأثير التراكمي لجذب جميع مكونات الكون بعضها إلى بعض سيتسبب في أن يصل حجم الكون إلى حد معين، ثم التنهد (بمعنى استعاري)، ثم ينهار على ذاته في تسلسل زمني عكسي للأحداث منذ وقوع الانفجار العظيم. وفي أواخر سبعينيات القرن العشرين، امتلك علماء الفلك معلومات إحصائية كافية جيدة عن حجم المادة المظلمة استنتجوا منها أن تلك المادة ليست متوافرة بكميات كافية للتغلب على التمدد؛ مما يعني أن الكون سيستمر في تمدده إلى الأبد.
لا تزال النتيجة واحدة؛ فلن يحدث «انسحاق عظيم»، والصورة الشعرية الرائعة عن الموت من فرط الحرارة أو البرودة موضع نقاش، لكن الطاقة المظلمة وحش جديد وغير مألوف يغير كل شيء، ونحن لا نعرف عنها سوى القليل، حتى إن المنظرين يطلقون العنان لخيالاتهم الخصبة.
يتمثل الخيار الأبسط في ثابت أينشتاين الكوني؛ تلك الطاقة المظلمة التي لا تختلف في أي مكان في الكون ولا تتطور بمرور الوقت. لقد واجهنا بالفعل مشكلة تتعلق بذلك الأمر وهي حقيقة أن الطاقة المظلمة أصغر بمقدار ١٢٠ قيمة أسية من القيمة التي عادةً ما تحددها النظريات الحالية لفيزياء الجسيمات. كان هذا هو الدافع وراء اكتشاف مجال الكوينتيسينس الذي يعزو تسارع تمدد الكون إلى تأثيرات جسيم جوهري افتراضي ضخم الحجم. ومن الممكن اعتبار أن الطاقة المظلمة كانت قيمتها الطبيعية كبيرة في الكون المبكر، ثم تطورت بعد ذلك إلى القيمة الصغيرة للغاية التي هي عليها في الوقت الحالي.
يشبه الانفصام العظيم الانفجار العظيم بدرجة كافية لجعله غير مُرضٍ، لكن يمكن القول إنه مروع بدرجة كافية لأن يكون إثبات عدم حدوثه أمرًا رائعًا. وربما لن يجري الاتفاق بشأنه إلى أن يعود القمر الصناعي «بلانك» بقدر كبير من البيانات، لكن عمليات الرصد الأخيرة تفيد أن الطاقة المظلمة تتوافق مع ثابت أينشتاين الكوني. وبقدر من الارتياح قد يمكننا أن نزيل الانفصام العظيم من قائمة المخاوف التي تؤرقنا.
(٢-٤) الزوال البطيء
كتب ويليام بتلر ييتس في بداية قصيدته بعنوان «العودة الثانية» يقول: «تبتعد الأشياء بعضها عن بعض ولا يستطيع المركز التماسك، ولا يوجد سوى الفوضوية التي تعم العالم بأكمله.» بعد موت النجوم واندماج المجرات وتمدد الفضاء إلى أن يصبح متلألئًا بالطاقة المظلمة وغيرها القليل، يصبح الحاجز الدفاعي الأخير للكون هو المادة. إننا نسلم بالاستمرارية العنيدة للمادة، بيد أن النظريات المفضلة للجسيمات الأساسية تتنبأ بأن المادة العادية ستتحلل يومًا ما.
مرة أخرى نستعين بفريد آدامز كمرشد لنا لمعرفة المزيد فيما يتعلق بهذا الأمر، وهو الفيزيائي الفلكي المتعمق في دراسة الأرض الذي أفنى حياته في دراسة المادة العادية وانتظار تحللها. في المستقبل البعيد للكون، ستتحول معظم الأجرام إلى جمرات تنخفض درجة حرارتها ببطء؛ أي أقزام بيضاء. ستتحلل البروتونات إلى بوزيترونات وبيونات، ثم تفنى البوزيترونات مع الإلكترونات لتُنتج أشعة جاما، وستتحلل البيونات أيضًا إلى أشعة جاما. سينتشر هذا التدفق الضعيف من الفوتونات في جميع أرجاء القزم الأبيض مضيفًا بذلك ما قيمته ٤٠٠ واط إلى الإشعاعات المنبعثة منه. مع ذلك، لن تكون تلك الأقزام البيضاء التي تماثل في حجمها حجم كوكب الأرض وتعادل قوة إضاءتها ثلاثة مصابيح كهربائية وتبلغ درجة حرارتها عُشر الدرجة فوق الصفر المطلق بمنزلة منارات مضيئة. وجميع الأقزام البيضاء التي ستوجد في مجرة ميلكوميدا لن تساوي قوة الشمس في أوجها.
في هذه المرحلة الأخيرة من التطور، ستعود النجوم إلى بداياتها من جديد؛ لأن تلاشي البروتونات يؤدي إلى انخفاض العدد الذري للنوى في الأقزام البيضاء بالإضافة إلى خفض كتلتها الكلية. سيفقد النجم ٩٠٪ من كتلته ويتحول غاز الكربون الموجود به إلى الهيليوم وبعدها إلى الهيدروجين، مما يعيده إلى بساطة المادة التي بدأ بها.
عند هذه النقطة، لن يصيب الإرهاق فريد آدامز وحده، بل سيصيبنا نحن أيضًا — الكاتب والقراء — وكأننا انخرطنا في مشروع يستغرق الليل كله. لقد تحللت رقعتنا من الكون المتمدد المتسارع في ظل ستار من الظلام لتتحول إلى خليط متجانس من الجسيمات والفوتونات. إن تجميع النجوم والمجرات وتفكيكها أمر ممتع، لكنه جهد لا طائل من ورائه، وستكون الإنتروبيا؛ السمة المميزة للقانون الثاني للديناميكا الحرارية، هي الفائز الوحيد. ولسوء الحظ، تعد الفوضى المنتظمة عدوًّا للحياة والإبداع، لكن المشهد كان ممتعًا وقت حدوثه.