نتيجة النتائج
ونتيجة النتائج من مقدماتها جميعًا: أنَّ حوادث الدنيا وحوادث الجزيرة وحوادث الأسرة قد مهدت سبلًا شتى للرسالة المحمدية، ولكنها مهدتها لتأتي الرسالة بعدها فتثور عليها، وتنكث غزلها، وتعيدها على العالم الإنساني في نسج جديد.
يتيم في غير ذلة.
عزيز في غير قسوة.
يرث الكعبة ولكنه يهدم أربابها، ويرث الأريحية من يقين بني هاشم، ولكنه يغير مجراها، ويرث العصبية في أقواها وأمنعها، ولكنه يقودها إلى عصبية واحدة تضم إليها العرب والعجم، وتؤمن برب واحد هو رب العالمين.
وجائز أن يكون صاحب الرسالة قد عرف في صباه كل دين من أديان الجزيرة العربية، ولكنه ليس بالجائز أن تُعلِّمه كيف يُنكر أخطاءها، ويُقوِّم التواءها، ويرتقي بها من أوشاب الشرك إلى صفاء التوحيد.
مهدت له الدنيا طريقًا، ولكنه هداها إلى غير تلك الطريق.
فهما تمهيدان يتلاقيان ويفترقان: تمهيد من قوانين الكون، وتمهيد من العناية الأزلية، وحيث ينهض رجل واحد بما يأباه قومه، ويأباه معهم أقوام زمانه، فليست هي بإرادة إنسان، ولكنها إرادة الله، وما هي بقدرة أحد أو آحاد، ولكنها قدرة الخالق فيما خلق، يوليها من يشاء حيث شاء.