فلما كانت الليلة ٦٦٤
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك غريبًا لما قال للمقدمين: كل ما قاله لكم هذا المعلم فأطيعوه. قالوا: سمعًا وطاعةً. فاختار ذلك الرجل عشرة مقدمين وقال: ما تحت أيديكم من الأبطال؟ فقالوا: عشرة آلاف بطل. فأخذهم ودخل دار السلاح فأعطى خمسة آلاف منهم بندقيات وعلَّمَهم كيفية الرمي بها، فلما لاح الفجر جهَّزَ الكفار أرواحهم وقدَّموا الفِيَلة والزرافات، ورجالهم حاملون السلاح الكامل، وقدموا الوحوش وأبطالهم قدام العسكر، وركب غريب وأبطاله واصطفوا صفوفًا، ودقت الكاسات وقدمت السادات، وتقدَّمَ الوحوش والفِيَلة، فصاح الرجل على الرماة، فاشتغلوا بالسهام والبندقيات، فخرج النبل والرصاص فدخلت في أضلاع الوحوش، فصاحت الوحوش وانقلبت على الأبطال والرجال وداستهم بأرجلها، ثم هجم المسلمون على الكفار وأحاطوا بهم من الشمال إلى اليمين، وداستهم الفِيَلة وشتَّتَهم في البراري والقفار، وسار المسلمون في أقفيتهم بالسيوف المهندة، فما سلم من الفِيَلة والزرافات إلا القليل، ورجع الملك غريب وقومه فَرِحين بالنصر، فلما أصبحوا فرَّقوا الغنائم وقعدوا خمسة أيام.
ثم بعد ذلك جلس الملك غريب على كرسي المملكة، وطلب أخاه عجيبًا وقال له: يا كلب، ما لك تحشد علينا الملوك، والقادر على كل شيء ينصرني عليك؟ فاسلم تسلم وأترك لك ثأر أبي وأمي من أجل ذلك، وأجعلك ملكًا كما كنتَ وأكون أنا من تحت يدك. فلما سمع عجيب كلام غريب قال له: ما أفارق ديني. فجعله في قيد حديد ووكَّلَ به مائة عبد شديد، والتفت إلى رعد شاه وقال له: ما تقول في دين الإسلام؟ فقال: يا مولاي، أنا أدخل في دينكم، ولولا أنه دين صحيح مليح ما غلبتونا، امدد يدك وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن الخليل إبراهيم رسول الله. ففرح غريب بإسلامه وقال له: هل ثبتت في قلبك حلاوة الإيمان؟ قال: نعم يا مولاي. ثم قال له غريب: يا رعد شاه، هل تمضي إلى بلادك وملكك؟ فقال: يا ملك، يقتلني أبي لأني خرجت من دينه. فقال غريب: أنا أسير معك وأملكك الأرض حتى تطيعك البلاد والعباد بعون الله الكريم الجواد. فقبَّلَ يده ورجله، ثم أنعم على صاحب الرأي الذي هو سبب انهزام العدو وأعطاه أموالًا كثيرة، والتفت إلى الكيلجان والقورجان وقال لهما: يا أرهاط الجن. قالا: لبيك. قال: مرادي أن تحملاني إلى بلاد الهند. فقَالَا: سمعًا وطاعةً. فأخذ معه الجمرقان وسعدان وحملهما القورجان، وحمل الكيلجان غريبًا ورعد شاه، وقصَدَا أرض الهند. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح، فقالت لها أختها: ما أحسن حديثك وأطيبه وأحلاه وأعذبه! فقالت: وأين هذا ممَّا أحدِّثكم به الليلة القابلة إنْ عشتُ وأبقاني الملك؟ فقال الملك في نفسه: والله لا أقتلها حتى أسمع بقية حديثها.