فلما كانت الليلة ٦٦٦
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك غريبًا لما قال لعسكر رعد شاه: امضوا إلى قومكم واعرضوا عليهم دين الإسلام، فمَن أسلم فأبقوه ومَن أَبَى فاقتلوه، فمضوا وجمعوا رجالهم الذين تحت أيديهم ويحكمون عليهم وأعلموهم بما كان، ثم عرضوا عليهم الإسلام فأسلموا إلا قليلًا فقتلوهم وأخبروا غريبًا بذلك، فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: الحمد لله الذي هوَّنَ علينا من غير قتال. وأقام غريب في كشمير الهند أربعين يومًا حتى مهَّدَ البلاد، وأخرب بيوت النار وأماكنها، وبنى في مواضعها مساجدَ وجوامعَ، وقد حزم رعد شاه من الهدايا والتحف شيئًا كثيرًا لا يُوصَف وأرسله في المراكب، ثم ركب غريب على ظهر الكيلجان، وركب سعدان الجمرقان على ظهر القورجان بعد أن ودَّعوا بعضهم، وساروا إلى آخِر الليل، فما لاح الفجر إلا وهم في مدينة عمان، فتلقَّاهم قومهم وسلَّموا عليهم وفرحوا بهم، فلما وصل غريب إلى باب الكوفة أمر بإحضار أخيه عجيب، فأحضروه وأمر بصلبه، فأحضر له سهيم كلاليب من حديد، وجعلها في عراقيبه وعلَّقوه على باب الكوفة، ثم أمر برميه بالنبال، فرموه بها حتى صار كالقنفذ، ثم دخل الكوفة ودخل قصره وجلس على تخت ملكه، فحكم ذلك اليوم حتى فرغ النهار، ثم دخل على حريمه فقامت له كوكب الصباح واعتنقته وكذلك الجواري يهنِّئْنَه بالسلامة، ثم أقام عند كوكب الصباح ذلك اليوم وتلك الليلة. فلما أصبح الصباح قام واغتسل وصلَّى صلاة الصبح، وجلس على سرير ملكه وشرع في عرس مهدية، فذبح ثلاثة آلاف رأس من الغنم، وألفين من البقر، وألفًا من المعز، وخمسمائة من الجمال، وأربعة آلاف من الدجاج، ومن الأرز كثيرًا، ومن الخيل خمسمائة، وكان هذا العُرْس لم يُعمَل مثله في الإسلام في ذلك الزمان. ثم دخل غريب على مهدية وأزال بكارتها، وقعد في الكوفة عشرة أيام، ثم وصَّى عمه بالعدل في الرعية، وسار بحريمه وأبطاله حتى وصل إلى مراكب الهدايا والتحف، فغرِّقها بجميع ما فيها، واستغنت الأبطال بالأموال، ولم يزالوا في سيرهم حتى وصلوا إلى مدينة بابل، فخلع على أخيه سهيم الليل وجعله فيها سلطانًا. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.