فلما كانت الليلة ٧٠١
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن العجوز قالت لحسن ابن التاجر محسن: قم اتبعني وأنا أريها لك عريانة. فقام معها وأخذ معه ألف دينار، وقال في نفسه: ربما نحتاج إلى شيء فنشتريه، ونحطُّ معلوم عقد العقد. ثم قالت له العجوز: كن ماشيًا بعيدًا عنها على قدر ما تنظرها بالعين. وقالت العجوز في نفسها: أين تروحين بابن التاجر وقد قفل دكانه، فتعرِّيه هو والصبية؟ ثم مشت والصبية تابعة العجوز، وابن التاجر تابع الصبية، إلى أن أقبلتْ على مصبغة كان فيها واحد معلوم يُسمَّى الحاج محمد، وكان مثل سكين القلاقسي يقطع الذكر والأنثى، يحب أكل التين والرمان، فسمع الخلخال يرن فرفع عينه، فرأى الصبية والغلام، وإذا بالعجوز قعدت عنده وسلَّمَتْ عليه وقالت له: أنت الحاج محمد الصباغ؟ فقال لها: نعم أنا الحاج محمد، أي شيء تطلبين؟ فقالت له: أنا دلَّني عليك أهل الخير، فانظر هذه الصبية المليحة بنتي، وهذا الشاب الأمرد المليح ابني، وأنا ربَّيْتُهما وصرفت عليهما أموالًا كثيرة، واعلم أن لي بيتًا كبيرًا خَسِعًا وصلبته على خشب، وقال لي المهندس: اسكني في مطرح غيره ربما يقع عليك حتى تعمريه، وبعد ذلك ارجعي إليه واسكني فيه. فطلعت أفتِّش لي على مكان فدلَّني عليك أهل الخير، ومرادي أن أسكن عندك بنتي وابني. فقال الصباغ في نفسه: قد جاءتك زبدة على فطيرة. فقال لها: صحيح أن لي بيتًا وقاعة وطبقة، ولكن أنا ما أستغني عن مكان منها للضيوف والفلاحين أصحاب النيلة. فقالت له: يا ابني، معظمه شهر أو شهران حتى نعمر البيت، ونحن ناس غرباء، فاجعل مكان الضيوف مشتركًا بيننا وبينك، وحياتك يا ابني إن طلبت أن ضيوفك تكون ضيوفنا، فمرحبًا بهم، نأكل معهم وننام معهم. فأعطاها المفاتيح واحدًا كبيرًا وآخَر صغيرًا، ومفتاحًا أعوج. وقال لها: المفتاح الكبير للبيت، والأعوج للقاعة، والصغير للطبقة.
فأخذت المفاتيح وتبعتها الصبية ووراءها ابن التاجر، إلى أن أقبلت على زقاق فرأت الباب ففتحته، ودخلت ودخلت الصبية، وقالت لها: يا بنتي، هذا بيت الشيخ أبي الحملات — وأشارت لها إلى القاعة — ولكن اطلعي الطبقة وحلي إزارك حتى أجيء إليك. فدخلتِ الصبية في الطبقة وقعدت، فأقبل ابن التاجر فاستقبلته العجوز وقالت له: اقعد في القاعة حتى أجيء إليك ببنتي لتنظرها. فدخل وقعد في القاعة، ودخلت العجوز على الصبية فقالت لها الصبية: أنا مرادي أن أزور أبا الحملات قبل أن يجيء الناس. فقالت لها: يا بنتي، يخشى عليك. فقالت لها: من أي شيء؟ فقالت لها: هناك ولدي أهبل لا يعرف صيفًا من شتاء دائمًا عريان، وهو نقيب الشيخ، فإن دخلتْ بنت مثلك لتزور الشيخ يأخذ حلقها ويشرم أذنها ويقطع ثيابها الحرير، فأنت تقلعين صيغتك وثيابك لأحفظها لك حتى تزوري. فقلعت الصبية الصيغة والثياب، وأعطت العجوز إياها وقالت لها: إني أضعها لك على ستر الشيخ فتحصل لك البركة. ثم أخذتها العجوز وطلعت وخلتها بالقميص واللباس، وخبأتها في محل في السلالم، ثم دخلت على ابن التاجر فوجدته في انتظار الصبية، فقال لها: أين بنتك حتى أنظرها؟ فلطمت على صدرها، فقال لها: ما لك؟ فقالت له: لا عاش جار السوء، ولا كان جيران يحسدون لأنهم رأَوْك داخلًا معي، فسألوني عنك فقلت: أنا خطبت لبنتي هذا العريس. فحسدوني عليك، فقالوا لبنتي: هل أمك تعبت من مؤنتك حتى تزوِّجك لواحد مبتل؟ فحلفت لها أني ما أخليها تنظرك إلا وأنت عريان. فقال: أعوذ بالله من الحاسدين. وكشف عن ذراعيه فرأتهما مثل الفضة، فقالت له: لا تخشَ من شيء، فإني أدعك تنظرها عريانة مثل ما تنظرك عريان. فقال لها: خليها تجيء لتنظرني. وقلع الفروة السمور والحياصة والسكين، وجميع الثياب حتى صار بالقميص واللباس، وحط الألف دينار في الحوائج، فقالت له: هات حوائجك حتى أحفظها لك. وأخذتها ووضعتها على حوائج الصبية، وحملت جميع ذلك وخرجت به من الباب وقفلته عليهما، وراحت إلى حال سبيلها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.