فلما كانت الليلة ٦١٠
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن جودرًا لما سأل المغربي، وقال له: أخبرني عن اللذين غرقَا أولًا. قال له: يا جودر، اعلم أن اللذين غرقَا أولًا أخواي؛ أحدهما اسمه عبد السلام، والثاني اسمه عبد الأحد، وأنا اسمي عبد الصمد، واليهودي أخونا اسمه عبد الرحيم، وما هو يهودي إنما هو مسلم مالكي المذهب، وكان والدنا علَّمَنا حلَّ الرموز، وفتْحَ الكنوز والسحرَ، وصرنا نعالج حتى خدمتنا مَرَدة الجن والعفاريت، ونحن أربعة إخوة، ووالدنا اسمه عبد الودود، ومات أبونا وخلف لنا شيئًا كثيرًا، فقسمنا الذخائر والأموال والأرصاد حتى وصلنا إلى الكتب فقسمناها، فوقع بيننا اختلاف في كتاب اسمه أساطير الأولين، ليس له مثيل ولا يقدر له أحد على ثمن، ولا يُعادل بجواهر؛ لأنه مذكور فيه سائر الكنوز، وحل الرموز، وكان أبونا يعمل به ونحن نحفظ منه شيئًا قليلًا، وكلٌّ منَّا غرضه أن يملكه حتى يطَّلِع على ما فيه، فلما وقع الخلاف بيننا، حضر مجلسنا شيخ أبينا الذي كان ربَّاه وعلَّمه السحرَ والكهانةَ، وكان اسمه الكهين الأبطن، فقال لنا: هاتوا الكتاب. فأعطيناه الكتاب فقال: أنتم أولاد ولدي، ولا يمكن أن أظلم منكم أحدًا، فليذهب مَن أراد أن يأخذ هذا الكتاب إلى معالجة فتح كنز الشمردل، ويأتيني بدائرة الفلك والمكحلة والخاتم والسيف؛ فإن الخاتم له مارد يخدمه اسمه الرعد القاصف، ومَن ملك هذا الخاتم لا يقدر عليه ملك ولا سلطان، وإن أراد أن يملك به الأرض بالطول والعرض يقدر على ذلك؛ وأما السيف فإنه لو جُرِّد على جيش وهَزَّه حاملُه لَهزَمَ الجيش، وإن قال له وقتَ هزِّه: اقتل هذا الجيش. فإنه يخرج من ذلك السيف برق من نار، فيقتل جميع الجيش؛ وأما دائرة الفلك، فإن الذي يملكها إن شاء أن ينظر جميع البلاد من المشرق إلى المغرب، فإنه ينظرها ويتفرَّج عليها وهو جالس، فأي جهة أرادها يوجهه الدائرة إليها، وينظر في الدائرة، فإنه يرى تلك الجهة وأهلها كأنَّ الجميع بين يديه، وإذا غضب على مدينة ووجَّهَ الدائرة إلى قرص الشمس، وأراد احتراق تلك المدينة فإنها تحترق؛ وأما المكحلة فإن كل مَن اكتحل منها يرى كنوزَ الأرض. ولكن لي عليكم شرط، وهو أن كل مَن عجز عن فتح هذا الكنز، ليس له في الكتاب استحقاق، ومَن فتح هذا الكنز وأتاني بهذه الذخائر الأربعة، فإنه يستحق أن يأخذ هذا الكتاب.
فرضينا بالشرط، فقال لنا: يا أولادي، اعلموا أن كنز الشمردل تحت حكم أولاد الملك الأحمر، وأبوكم أخبرني أنه كان عالَجَ فتح ذلك الكنز، فلم يقدر ولكن هرب منه أولاد الملك الأحمر إلى بركة في أرض مصر تُسمَّى بركة قارون، وعصوا في البركة، فلحقهم إلى مصر ولم يقدر عليهم بسبب انسيابهم في تلك البركة؛ لأنها مرصودة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.