فلما كانت الليلة ٦١٤
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن المغربي قال لجودر: ادخل الباب الرابع واطرقه يفتح لك ويخرج لك سَبْعٌ عظيمُ الخلقة، ويهجم عليك ويفتح فمه يريك أنه يقصد أكلك، فلا تَخَفْ ولا تهرب منه، فإذا وصل إليك فأعْطِه يدك، فمتى عضَّ على يدك فإنه يقع في الحال ولا يصيبك شيء؛ ثم ادخل الباب الخامس يخرج لك عبد أسود ويقول لك: مَن أنت؟ فقل له: أنا جودر. فيقول لك: إن كنتَ ذلك الرجل فافتح الباب السادس. فتقدَّمْ إلى الباب وقل: يا عيسى قُلْ لموسى يفتح الباب. فيُفتَح الباب، فادخل تجد ثعبانين؛ أحدهما على الشمال، والآخَر على اليمين، كلُّ واحد منهما يفتح فاه ويهجمان عليك في الحال، فمدَّ إليهما يديك فيعضُّ كلُّ واحد منهما في يدٍ، وإن خالفتَ قتلاك. ثم ادخل إلى الباب السابع واطرقه تخرج لك أمك، وتقول لك: مرحبًا يا بني، تقدَّمْ حتى أسلِّم عليك. فقل لها: خليكِ بعيدًا عني واخلعي ثيابك. فتقول لك: يا بني، أنا أمك، ولي عليك حق الرضاعة والتربية كيف تعرِّيني؟ فقل لها: إن لم تخلعي ثيابك قتلتُكِ. وانظر جهة يمينك تجد سيفًا معلَّقًا في الحائط فخذه، واسحبه عليها وقل لها: اخلعي. فتصير تخادعك، وتتواضع إليك، فلا تشفق عليها، فكلما تخلع لك شيئًا قل لها: اخلعي الباقي. ولم تزل تهدِّدها بالقتل حتى تخلع لك جميع ما عليها وتسقط، وحينئذٍ قد حللت الرموز، وأبطلت الأرصاد، وقد أمنتَ على نفسك، فادخل تجد الذهب كيمانًا داخل الكنز، فلا تعتنِ بشيء منه، وإنما ترى مقصورة في صدر الكنز وعليها ستارة، فاكشف الستارة فإنك ترى الكهين الشمردل راقدًا على سرير من الذهب، وعلى رأسه شيء مدور يلمع مثل القمر، فهو دائرة الفلك، وهو مقلد بالسيف، وفي إصبعه خاتم، وفي رقبته سلسلة فيها مكحلة، فهاتِ الأربع ذخائر، وإياك أن تنسى شيئًا مما أخبرتُكَ به، ولا تخالِف فتندم ويُخشَى عليك.
ثم كرَّرَ عليه الوصية ثانيًا وثالثًا ورابعًا حتى قال: حفظتُ، لكنْ مَن يستطيع أن يواجه هذه الأرصاد التي ذكرتها ويصبر على هذه الأهوال العظيمة؟ فقال له: يا جودر، لا تَخَفْ، إنهم أشباح من غير أرواح. وصار يطمئنه، فقال جودر: توكلتُ على الله. ثم إن المغربي عبد الصمد ألقى البخور، وصار يعزم مدة وإذا بالماء قد ذهب، وبانت أرض النهر، وظهر باب الكنز، فنزل إلى الباب وطرقه، فسمع قائلًا يقول: مَن يطرق أبواب الكنوز، ولم يعرف أن يحل الرموز؟ فقال: أنا جودر بن عمر. فانفتح الباب وخرج له الشخص وجرَّدَ السيف، وقال له: مدَّ عنقك. فمدَّ عنقه وضربه، ثم وقع، وكذلك الثاني إلى أن أبطل أرصاد السبعة أبواب، وخرجت أمه وقالت له: سلامات يا ولدي. فقال لها: أنت أي شيء؟ قالت: أنا أمك ولي عليك حق الرضاعة والتربية، وحملتك تسعة أشهر يا ولدي. فقال لها: اخلعي ثيابك. فقالت: أنت ولدي وكيف تعرِّيني؟ قال لها: اخلعي ثيابك وإلا أرمي رأسك بهذا السيف. ومدَّ يده فأخذ السيف وشهره عليها، وقال لها: إن لم تخلعي قتلتك. وطال بينها وبينه العلاج، ثم إنه لما أكثر عليها التهديد خلعت شيئًا، فقال: اخلعي الباقي. وعالجها كثيرًا حتى خلعت شيئًا آخَر، وما زال على هذه الحالة وهي تقول له: يا ولدي خابت فيك التربية. حتى لم يبقَ عليها شيء غير اللباس، فقالت: يا ولدي هل قلبك حجر فتفضحني بكشف العورة؟ يا ولدي، أَمَا هذا حرام؟ فقال: صدقتِ فلا تخلعي اللباس. فلما نطق بهذه الكلمة صاحت وقالت: قد غلط فاضربوه. فنزل عليه ضرب مثل قطر المطر، واجتمعت عليه خدام الكنز، فضربوه علقة لم ينسها في عمره، ودفعوه فرموه خارج باب الكنز، وانغلقت أبواب الكنز كما كانت، فلما رموه خارج الباب أخذه المغربي في الحال، وجرت المياه كما كانت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.