«استهلال»
(دبلن. الساحة أمام كاتدرائية سانت باتريك. الناقوس يدقُّ لحن الحداد.
مجموعة من المواطنين واقفون مُطرِقي الرءوس، وقد رفع الرجال قبعاتهم.)
(شاب بثياب السفر يطلُّ برأسه من عربة. إنه الطبيب سيمسون.)
الطبيب
:
مرحبًا يا سادة، ما الذي حدث؟ لمَن يُدقُّ الناقوس بهذا الأسى؟ مَن مات؟
مواطن أول
:
سويفت.
الطبيب
:
مَن؟
مواطن ثانٍ
:
الدكتور سويفت. عميد كاتدرائية سانت باتريك.
مواطن أول
(بحزنٍ)
:
نصيرنا. الصديق الطيب للفقراء والبؤساء والمعذَّبين.
الطبيب
:
يا للأسف … متى مات؟
مواطن أول
:
اليوم، في الساعة الخامسة، كالعادة يا سيدي.
الطبيب
(بدهشةٍ)
:
كالعادة؟ ما الذي تعنيه؟
مواطنة
:
آهٍ يا سيدي، لا بدَّ أنك غريب! ومن المؤكَّد أنك لا تعرف عميدَنا الطيب؛ فهو صارم
وحريص تمامًا في عاداته، يحب النظامَ في كل أمر، مهما يكن. وسيرحل إلى العالم الآخر
في الخامسة، وفي الخامسة على وجه الدِّقة.
الطبيب
:
هو حيٌّ إذن؟
مواطن أول
:
مَن؟
الطبيب
:
العميد.
مواطن ثانٍ
:
وكيف يمكن أن يكون حيًّا؟ قلنا لك إنه مات.
مواطنة
:
كل الصحف تناقلت الأخبار، وناقوس الجنَّاز ظلَّ يدق ساعةً أو أكثر …
مواطن أول
:
انظر! ها هو قادم بنفسه.
الطبيب
:
مَن؟!
مواطن أول
:
سويفت. من الأفضل أن تسأله مباشرةً.
(سويفت يسير صامتًا. لابسًا الغفارة السوداء والياقة البيضاء التي
يرتديها عضو الكنيسة الأنجليكانية.)
الطبيب
:
عفوًا، دكتور سويفت!
(يتوقف سويفت.)
أنا الطبيب سيمسون. جئت من لندن لمساعدتك في التخلص من اعتلال الدماغ …
وعلى حين غرة أخبرني هؤلاء أنك ميت.
(يومئ سويفت برأسه صامتًا.)
كم هو مضحك هذا! ولكن لو سمحت لي يا سيدي، فإن الأمر كله ليس إلا وهمًا
أو هاجسًا يمكن مداواته بلمح البصر، فقط لو خضعتَ للعلاج … هل تسمع ما
أقول؟
(يسير سويفت مبتعدًا دون أن يرد.)
أجبني يا سيدي! كلمة واحدة وحسب! أرجوك!
(يخرج سويفت.)
مواطن أول
(بابتسامة ساخرة)
:
حسنًا أيها الطبيب، أنت «توما الشَّكُوك».
مواطنة
:
كل الصحف تناقلت الأخبار، ناقوس الجناز ظلَّ يدق ساعة أو أكثر، … وها أنت الآن
ترغب في التحدُّث مع الراحل …
الطبيب
(بنفاد صبر)
:
انظروا، مَن أنتم مِن بين بني البشر؟
مواطن أول
:
مَن نحن؟!
مواطن ثانٍ
:
ضيوف الدكتور سويفت!
مواطنة
:
تكرَّمَ علينا بالدعوة إلى بيته لنسهر على جثة عميدنا الجليل قبل دفنها.
الطبيب
(ساخرًا)
:
آه، هكذا إذن؟ لا بد أنكم مجانين أيضًا؟
مواطنة
:
بالطبع، نحن كذلك يا سيدي، ألستَ مجنونًا أنت؟!
(يحدقون في الطبيب بفضول.)
الطبيب
(متراجعًا)
:
ابتعدوا (يقفز إلى العربة).
(تنطلق العربة. يلاحقها المواطنون بنظرات الدهشة.)
مواطن أول
:
يا له من طبيب مضحك!
(يضحك الجميع. الناقوس يدقُّ بصوتٍ أعلى.)