العاشق
«في السيارة الليموزين، يجلس رجلٌ بالغُ الأناقة. ينظُر إليَّ. إنَّه ليس أبيضَ البشرة. يرتدي ملابسه على الطريقة الأوروبية؛ بدلة من الحرير الهندي الفاتح أشبه ببِدَل موظَّفي بنك سايجون. ينظُر إليَّ. اعتدتُ على نظرات الناس لي، مثلما ينظرون إلى نساء المستعمَرة من البِيض.»
بعد بلوغها سنَّ السبعين، تعود الروائية الفرنسية «مارجريت دوراس» بذاكرتها إلى فترة صِباها، لتروي لنا في هذه الرواية جانبًا من سِيرتها الذاتية أثناء إقامتها في مدينة سايجون، عندما كانت فيتنام مستعمَرةً فرنسية؛ فتَحكي عن أُسرتها المكوَّنة من أمِّها التي تعمل مدرِّسة، وأخيها الأكبر الذي أضمرَت له الكراهية من فرطِ حُب أمِّها له حتى تمنَّت قتْلَه؛ وأخيها الأصغر الذي أحبَّته بشدَّة لكن الموت سلَبه منها أثناء الاحتلال الياباني. لكنَّ أبرز أشخاص حكايتها هو ذلك الشاب الصيني الثَّري، الذي رأَته أولَ مرة على متن عبَّارة، في سيارته الليموزين؛ إذ عاشت معه قِصةَ حُب عابرة، لكنَّها كانت بالغةَ العُمق لدرجةِ أنها تتذكَّر كلَّ تفاصيلها بدِقَّة بعد مرور أكثر من خمسين عامًا؛ فتروي لنا تفاصيلَ ذلك العِشق الذي أنضَجها إلى الحدِّ الذي جعلها ترفض الانصياع لرغبة أمِّها وتقرِّر السفر إلى باريس.