أرفع قيثارتي هذه إلى روح والدي
يا أبي
لقد فتكَت بك يدٌ أثيمة في بلاد الغربة بعيدًا عن زوجك وصغارك، فخلَّفتَ اليأس في صدر أمي والألمَ في قلبي!
كنتُ في العاشرة من عمري يومَ توارى وجهك اللطيف إلى الأبد، وكنتُ لا أزال أدفأ بين جناحَيْك، وها أنا اليوم في الثانية والعشرين، في عهد الشباب، في عهد الجهاد والألم!
أُفتِّش في بلادي فلا أجدُ لي نصيرًا، ولا أجد من يُدركُ مبادئ نفسي وما طُبعَت عليه، إلَّا فئة قليلة هي مثلي في آلامها وبلاياها!
يا أبي، لقد توالت الأيامُ العديدة وهي أشدُّ سوادًا من ظلمة قبرك، وأنا ثابتٌ في مبادئي كالأَرْزة في وجه العاصفة، أَودُّ شكاةً فلا أجدُ من يُصغي إليَّ غير روحك المرفرفة فوق رأسي!
ما هذه الجراحاتُ التي أرفعُهَا إليك الآن، سوى أفواه الألم صارخةً من عمق أعماق نفسي!
هذه هي «القِيثارَة» التي وقَّعتُ عليها — في طريقي الوعرة — أناشيدَ قلبي! فعلى كلِّ وترٍ من أوتارها آثارُ دماء، وعلى كلِّ قطعةٍ من أخشابها جفاف دموع!
فإذا رأيتَ دمائي زكيَّةً ودموعي طاهرةً، فأبقِ قيثارتي في عالم الخلود، وإلَّا فحطِّمْهَا على رأسي وغلِّل بأوتارها نفسي!